|
منتدى المصطلحات يهتم بالمصطلحـــــــــــات و معانيها |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
نشأة اللغة بين نظرية الاصطلاح وغيرها.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . إخوتنا الكرام زوار منتديات مدينة السوق أهلا بكم من جديد في منتداكم منتدى المصطلحات. لما كان المصطلح هو ما أنشئ هذا المنتدى للحديث عنه , فلا مجال لإغفال الكلام عن بعض القضايا اللغوية ؛ لأن المصطلحات لاانفكاك لأبحاثها عن اللغة بحال ؛ إذ الاصطلاح عبارة عن تعديل ما في الوضع اللغوي الأصلي للكلمة ( الحقيقة اللغوية ) .وأول قضية يتحدث عنها من قضايا اللغوية إذا اتبعنا الترتيب الطبيعي للأشياء على حد قول الأخضري : وقدم الأول عند الوضع لأنه مقدم بالطبع قضية نشوء اللغة نفسها. فكيف نشأت اللغة ؟ . وما هي الأقوال الموجودة في الموضوع ؟. وما هو الراجح منها ؟. هذا ما سيقوم منتدى المصطلحات بمعالجته في هذا الأسبوع . وسنكون مسرورين جدا حينما يتفاعل الأعضاء والزوار بهذ الموضوع , لعلنا نصل فيه إلى ما لم يصل إليه الأولون , ولا مانع من ذلك. فكم ترك الأول للآخر . ولا أحد يجهل ذلك الدور البارز الذي تضطلع به اللغة في حياة البشر , إذ هي الأداة لنقل الفكر , والوسيلة للتعبير عن الأحاسيس والمشاعر , كما تعتبر أيضا عاملا من عوامل البعث القومي , ووعاء لحفظ التراث , وهي فوق ذلك اختزال رمزي للواقع , يمكن الإنسان من التفكير والإبداع بأقل الجهود. وقد حظيت اللغات –في كل مكان-بالعناية البالغة , والدراسة العميقة , سواء من حيث الأصوات أم النحو , أم الصرف . إلا أن طريقة نشوئها ظلت سرا غامضا ولغزا محيرا إلى يومنا هذا. فمن منا يستطيع أن يعرف كيف نطق الإنسان الأول بألفاظ مفهومة؟!.. إن علماءنا قد اختلفوا تجاه هذه القضية من لدن بداية طرحها على طاولة النقاش , وانقسموا حولها على عدة أقوال يمكن إجمالها كالتالي : ( التوقيف , الاصطلاح, التوفيق ,التوقف ) إذن سيكون عنوان الموضوع كالتالي : نشأة اللغة ( بين الاصطلاحيين والتوقيفيين و التوفيقيين والمتوقفين ). وقبل الدخول في تفاصيل الموضوع لا بد لنا من إلقاء الضوء على بعض الخطوط العريضة التي اعتبرت أساسية لاستيعاب الموضوع وفهمه . 1-البحث اللغوي عند القدماء : بوسعنا أن نقول : إن البحث اللغوي والتفكير في نشأة اللغة وكفية نشأتها قد يدعى أنه قديم قدم التفكير الإنساني فهناك محاولات للقدماء في هذا الموضوع نظروا فيها إلى اللغة نظرة, اتسمت بثلاث سمات : القدسية , الأحادية , الشمول. القدسية : وتتمثل القدسية في اعتقاد بعضهم أن اللغة هبة من الله –تعالى-وليس فيها دور لصنعة البشر واختراعهم ,وهذه النظرة ناتجة عن انبهار أصحابها باللغة بما فيها من روعة وجمال ودقة وإعجاز –بهرت هؤلاء وسحرتهم , سحرا دفع بهم إلى هذا الاعتقاد . وقد جاء في القرآن مايشير إلى مذهبهم بكثير من الوضوح والبيان . قال –تعالى-: ( وعلم آدم الأسماء كلها) الأحادية : وهي أيضا تتجلى في ذلك الزعم الذي صرخ به بعضهم واعتقد فيه : أن اللغة –في الأصل-واحدة ولكنها انشعبت فيما بعد إلى لغات عدة . ويستشهدون على هذا بتلك الأسطورة التي نسجوها حول برج بابل , فالبشر –في زعمهم- فزعوا من الموت وهالهم أن تؤول حياتهم إلى الفناء , ففكروا بحيلة تدفع عنهم غائلة الموت , فكانت بناء برج بابل ....الخ كلام طويل آخره أن الرب بلبل ألسنتهم. الشمول: ويقصد به كون الإنسان القديم –على مايبدو-يقول بقدرة جميع المخلوقات على الكلام . فالمصريون القدماء , وأهالي الإنكا بجنوب أمريكا اعتقدوا بوجود لغة الطير , كما أشار الكيميائي فولكانلي إلى أن الاعتقادبلغة الطير كان معروفا عند القدماء : إن أولئك الكتاب القلائل الذين تحدثوا عن لغة الطير يجعلون لها المقام الأول في نشوء اللغة حتى إنهم اعتقدوا أن آدم استعملها –بأمر الله-ليطلق أسماء مناسبة على البشر والمخلوقات. وقد أيدت الدراسات المعاصرة وجود لغات عند الحيوانات والحشرات . وفي القرآن إشارات متعددة إلى قدرة الطيور والحشرات على الكلام . (وورث سليمان داود وقال يأيها الناس علمنا منطق الطير...) ( حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها ...) وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطن مبين فمكث غير بعييد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) 2-نظريات القدماء: نظرية التوقيف. ومما تقدم يظهر أن القدامى اعتقدوا بأن اللغة وحي إلهي , أو هبة سماوية مكنت الإنسان من التفاهم والتواصل . وهذا المفهوم لغة يدعى ب( نظرية التوقيف ). وبها قال الأعاجم هراقليطس ودوبونالد وتوماس الإكويني. وبموجب هذه النظرية تكون العلاقة بين لفظ الكلمة ومدلولها , حتمية واجبة , فالكلمة ليست مجرد صوت وضع للشيء اعتباطا , وإنما هي موجبة به, ودالة عليه بالضرورة. وقد عرض علينا أفلاطون رأي هيرقليطس على لسان قراطيلس :<يوجد بالطبيعة , اسم صحيح لكل كائن في الحياة ؛إذ الكلمة ليست تسمية يطلقها الشخص على الشيء بعد التواطؤ , ولكن ثمة بالطبيعة لليونانيين والبرابرة طريقة صحيحة للتدليل على الأشياء هي ذاتها عند كل الناس>. أما العرب فقد انقسموا فريقين: فريق يقول بالتوقيف , وفريق يقول بالاصطلاح . فالجاحظ كان من القائلين بالتوقيف . إذ ذهب إلى أن الله فتق لسان إسماعيل بالعربية ليكون دليلا على نبوته ,قال الجاحظ : <وقد جعل الله إسماعيل وهو ابن عجميين عربيا لأن الله لما فتق لهاته بالعربية المبينة على غير النشوء والتمرين ...جعل ذلك برهانا على رسالته , ودليلا على نبوته , وصار أحق بذلك النسب وأولى بشرف ذلك الحسب>( أورده عبد الصبور بن شاهين في :"علم اللغة العام"ص:69-70,نقلا عن مخطوطة بعنوان :"مختارات وفصول للجاحظ". كما كان أبو علي الفارسي من المعتقدين بالتوقيف بشهادة تلميذه ابن جني في الخصائص ,قال : <إن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح , لا وحي وتوقيف . إلا أن أبا علي –رحمه الله-قال لي يوما : هي من عند الله . واحتج بقوله –سبحانه وتعالى-(وعلم آدم الأسماء كلها).( الخصائص,1/44). ومن أبرز القائلين بالتوقيف ابن فارس إذ صرح في كتابه "الصاحبي"قائلا :<أقول :إن لغة العرب توقيف ودليل ذلك قوله –جل ثناؤه-lوعلم آدم الأسماء كلها)فكان ابن عباس يقول : علمه الأسماء كلها , وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس من دابة وأرض وسهل وجبل وجمل وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها >.(231). وتنحصر أدلة أصحاب نظرية التوقيف هذه في ثلاثة أمور : 1-أن اللغة-لو كانت اصطلاحا-لاحتاج المصطلحون إلى لغة بها يعبرون قال : <لا بد من التوقيف في أصل اللغة الواحدة لاستحالة وقوع الاصطلاح على أول اللغات من غير معرفة المصطلحين بعين ما اصطلحوا عليه>.(المزهر,1/27). 2-أننا لم نسمع من قبل بقوم اجتمعوا لغرض الاصطلاح . قال ابن فارس :<وخلة أخرى أنه لم يبلغنا أن قوما من العرب في زمان يقارب زماننا أجمعوا على تسمية شيء من الأشياء مصطلحين عليه , فكنا نستدل على اصطلاح قد كان قبلهم>( الصاحبي,231) 3-أنه لو لم تكن العلاقة , بين الاسم ومدلوله , ضرورية لكان تخصيص الأسماء بالمسمى ترجيحا من غير مرجح . قال عباد الصيمري :<إنه لو لم تكن هناك علاقة ضرورية بين اللفظ والمدلول , حملت الواضع على أن يضع هذا الاسم لهذا المسمى , لكان تخصيص الاسم المعين ترجيحا من غير مرجح >.(المزهر47)بتصرف. نظرية الاصطلاح : إلا أن نظرية التوقيف هذه أثارت رد فعل عنيفا عليها من قبل جماعة أخرى قالت بأن اللغة جاءت عن طريق الاصطلاح والتواطؤ . فاللغة –عندهم –ضرب من العقد الاجتماعي اللازم لضرورة العيش . ومن القائلين بالاصطلاح عند الأعاجم ديمقريطس الذي رفض أن تكون الألفاظ لضرورة العيش وأن تكون بالضرورة معبرة عن مدلولاتها. وقد ذهب مذهبه كثير من المفكرين في الغرب , مثل : لوك وكوندياك وآدم سمث , فقرروا أن اللغة ليست هبة من لدن الله , وإنما هي من صنع البشر , حفزهم إليها أسباب وضرورات اجتماعية . وقد شن الاصطلاحيون هجوما عنيفا على أصحاب التوقيف وأبرز آرائهم هي : 1-أن الألفاظ لا تدل بالضرورة على المسمى , وإنما هي اصطلاح :<إن الاسم الذي نطلقه على الشيء هو الاسم الصحيح , فإذا استعضنا عنه أتى الثاني صحيحا كالأول. نغير أسماء ممتلكاتنا دون أن يكون الاسم الجديد أقل حظا -في الدقة-من السابق . لأن الطبيعة لا تأخذ على عاتقها أن تطلق أسماء خاصة , فالتسمية وليدة التكرار والعادة عند الذين زاولوا فعلها >أورده الحاج في فلسفة اللغة ص:18.والقول لهرموجينس يعبر عن رأي ديموقريطس. 2أن تنوع اللغات يشهد على عدم وجود علاقة حتمية بين الاسم والمسمى وقد عبر عن هذه الفكرة كمال يوسف الحاج بقوله:<فلو كانت العلاقة بين اللفظ والشيء حتمية جبرية لتكلم الناس لغة واحدة , ولأثارت الكلمة عينها في أذهان الكل المعنى ذاته>في فلسفة اللغة ص:25بتصرف . 3-ثم إن وجود الأضداد والمترادفات في اللغة يشهد على عدم وجود ارتباط حتمي بين اللفظ ومدلوله . وقد عبر عن هذه الفكرة الجمهور بقوله :<ولوكان بين اللفظ وما يدل عليه علاقة ذاتية موجبة لاهتدى كل إنسان إلى كل لغة ولما صح وضع لفظ للضدين , كالقرء للحيض والطهر , والجون للأبيض والأسود ...ولو كان الأمر كذلك لما كان للشيء الواحد أسماء متعددة >. أما كيفية الاصطلاح فقد تخيلها ابن جني على النحو التالي :<ذلك بأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا , فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات فيضعوا لكل واحد منها لفظا إذا ذكر عرف به مسماه ليمتاز عن غيره , ويغني بذكره عن إحضاره لبلوغ الغرض في إبانة حاله>( الخصائص 1/44)بتصرف. ورجع ابن جني ثانية فشرح لنا كيف يكون التواضع ؟قال :<فكأنهم جاؤوا إلى واحد من بني آدم , فأومؤوا إليه , وقالوا :إنسان ...إنسان...إنسان....فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق , وإن أرادوا به سمة عينه أو يده أشاروا إلى ذلك , فقالوا :يد ,عين ,رأس,قدم ,أو نحو ذلك , فمتى سمعت اللفظة من هذا عرف معنيها وهلم جرا>(مصدر سابق). وسنوافيكم -إن شاء الله في الأسبوع القادم بوجهة نظر القائلين بنظرية التوفيق ونظرية التوقف. وإلى هنا نتوقف ونترك المجال لقرائنا الكرام لعل الله قد خلق بعد ابن جني من يتصف بتلك الصفات التي افترضها فيمن قبلنا , فيرجح لنا وله بين الكفتين وما ذلك على الله بعزيز.
قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).
آخر تعديل م الإدريسي يوم
05-04-2009 في 07:23 PM.
|
05-04-2009, 08:18 PM | #2 | |
مراقب عام القسم الأدبي
|
انح هذا النحو
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد: مقدمة رائعة و تقديم ماتع ورواد الموقع وهواة اللغة العربية ينتظرون ثمار هذا البحث بفارغ الصبر ولك منا وقر بعير من التشجيع . |
|
غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
|
05-04-2009, 11:42 PM | #3 | |
عضو مؤسس
|
وقري زرافة
اقتباس:
|
|
|
05-05-2009, 05:55 PM | #4 | |||||||||
مشرف منتدى الحوار الهادف
|
شيخي الفاضل الإدريسي المغترب
أهنئك على هذه التوطئة لما سيأتي من مصطلحات بهذا المصطلح وهو نشأة اللغة بين نظرية الاصطلاح وغيرها وبهذه المناسبة يسعدني أن أسطر محاولتي والتي لا أرى أنها ترتقي إلى موضوعك الجميل وإنما هي عبارة عن إشعاركم بأنني هنا لكي أستفيد من هذا المبحث الجاد اللغة هي وعاء تتشكل فيه الأصوات بشكل إرادي وتأتلف فيما بينها لكي تتشكل الكلمات و الجمل التي لا بد أن تدل كل واحدة منها على معنى مفيد وهي وسيلة لتوصيل الأفكار والانفعالات والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية من المتكلم |
|||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالله ; 05-05-2009 الساعة 09:51 PM
|
05-05-2009, 06:08 PM | #5 |
عضو مؤسس
|
تابع ل(نشأة اللغة بين الاصطلاحيين وغيرهم).
بسم الله الرحمن الرحيم إن نشوب الخلاف بين أهل التوقيف وأهل الاصطلاح دعا فريقا آخر من الناس لاتخاذ موقف وسط , وهم أصحاب نظرية التوفيق .الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . الإخوة الكرام رواد المنتدى وزواره ,ها نحن قد عدنا لاستكمال الحلقة الثانية من موضوعنا ( نشأة اللغة بين الاصطلاحيين وغيرهم ) ووفق ما وعدنا به فسنتناول في هذه الحلقة النظريتين الباقيتين وهما : ( نظرية التوفيق ونظرية التوقف ) نظرية التوفيق: وهدف هؤلاء الحفاظ على مبدأ النقل ومبدأ العقل معا . وراح أصحاب التوفيق يفسرون كيف نشأت اللغة من طريقين. هما : التوقيف ولاصطلاح . فاخترعوا نظريات لفقوها تلفيقا. ومن هؤلاء أبو إسحاق الإسفرائيني <زعم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع يثبت توقيفا , وما عداذلك يجوز أن يثبت بكل واحد من الطريقين >(المزهر1/20). ورجح ابن حزم في كتابه الإحكام <أن أصل اللغات التوقيف من الله –تعالى-. ولكن أعلن عن مذهبه في التوفيق , فقال : <ولا ننكر اصطلاح الناس على إحداث لغات شتى بعد أن كانت لغة واحدة وقفوا عليها , وبها علموا ماهية الأشياء وكيفياتها وحدودها .ولا ندري أي لغة هي التي وقف بها آدم عليه السلام عليها أولا> الإحكام . والشيء الذي انتهى إليه البحث عند العر ب يمكن تلخيصه في : أن الجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين من المفسرين على أن اللغات كلها توقيف من الله –تعالى – لكن هناك عددا غير قليل من الباحثين أجمعوا على أنه لابد من التوقيف في أصل اللغة ؛ لاستحالة وقوع الاصطلاح من غير معرفة المصطلحين بعين ما اصطلحوا عليه, وإذا حصل التوقيف على لغة واحدة , جاز أن يكون ما بعدها من اللغات اصطلاحا , وأن يكون توقيفا , ولا يقطع بأحدهما إلا بدلالة. وأما المعتزلة فإنهم كانوا يقولون بالاصطلاح والتواضع (مقدمة تاج العروس1/5). واختلفوا في لغة العرب فمنهم من قال : هي أول اللغات , وكل لغة سواها حدثت بعد , إما توقيفا أو اصطلاحا . واستدلوا بأن القرآن كلام الله , وهو عربي , وهو دليل على أن لغة العرب أسبق اللغات وجودا (مقدمة تاج العروس1/5). نظرية التوقف: وقد ظهر فريق رابع هو فريق المتوقفين . وهم الذين لم يقطعوا برأي حاسم . وخير من يمثله ابن جني ,قال :<واعلم –فيما بعد-أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع , فأجد الدواعي والخوالج قوية التجاذب لي , مختلفة جهات التغول على فكري , وذلك أنني تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة , وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقة ما يملك علي جانب الفكر , حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر, فمن ذلك ما نبه عليه أصحابنا –رحمهم الله-ومنه ما حذوته على أمثلتهم فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وآماده –صحة ما وفقوا لتقديمه منه , ولطف ما أسعدوا به , وفرق لهم عنه. وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله –تعالى-فقوي في نفسي اعتقاد كونها توقيفا من الله –تعالى-وأنها وحي . ثم أقول في ضد هذا :<إنه كما وقع لأصحابنا ولنا , وتنبهوا وتنبهنا على تأمل هذه الحكمة الرائعة الباهرة , كذلك لا ننكر أن يكون الله قد خلق من قبلنا وإن بعد مداه عنا من كان ألطف منا أذهانا وأسرع خواطر وأجرأ جنانا فأقف بين الخلتين حسيرا وأكاثرهما فأنكفئ مكثورا , وإن خطر خاطر فيما بعد يعلق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبته قلنا به . وبالله التوفيق .الخصائص (1/47). وإلى هنا نتوقف ونترك المجال لقرائنا الكرام لعل الله قد خلق بعد ابن جني من يتصف بتلك الصفات التي افترضها فيمن قبلنا , فيرجح لنا وله بين الكفتين وما ذلك على الله بعزيز. |
|
05-19-2009, 12:18 PM | #6 | |||||||||
مراقب القسم الإسلامي
|
مرور وتحية
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأستاذ الإدريسي المغترب على موضوعه القيم . ولم يكن قصدي بهذه الكلمات إبداء رأي ، وإنما أن تحس بمروري واستفادتي من الموضوع ، لكن يعجبني رأي التوفيقيين - بتقديم الفاء- ؛ لاستمرار التواضع إلى يوم الناس هذا، مع الإيمان بأن أصل اللغة توقيفي كما تشهد له الآيتان من سورتي البقرة والنمل اللتين ذكرتهما ، وغيرهما من الأدلة، ولكن لم يستوعب فهمي قول الجاحظ عن نبي الله إسماعيل- عليه السلام- أن الله فتق لسانه بالعربية ، وجعله هذا معجزة !!! مع اتفاق المؤرخين على أن إسماعيل -عليه السلام - تعلم العربية من جرهم الذين ساكنوهما هو وأمه، وتزوج منهم مرتين ، كما هو معلوم من قصة بناء البيت الحرام في الصحيحين وجميع كتب السير. وتقبل تحياتي صديقك الحميم أداس السوقي |
|||||||||
l |
05-19-2009, 04:20 PM | #7 | |
عضو مؤسس
|
أحس بك مطلقا.
اقتباس:
أشكرك أيها المخلص ( أداس ) على مرورك الطيب , وأحس بك بدون شروط , وأتقبل مداخلاتك بلا حدود .
أما عن النقطة التي أشرت إليها فإليك ما أطمئن إليه فيها . الذي جاء في صحيح البخاري(3364) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي فألفى ذلك أم إسماعيل , وهي تحب الأنس , فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم , فنزلوا معهم , حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم , وشب الغلام وتعلم العربية منهم , فهذا يدل على أن إسماعيل - عليه السلام - تعلم العربية من جرهم . قال الحافظ ابن حجر في الفتح(6/403) : قوله (وتعلم العربية منهم) فيه إشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا , وفيه تضعيف لقول من روى : أنه أول من تكلم بالعربية . وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم في المستدرك بلفظ " أول من نطق بالعربية إسماعيل " وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن , قال : أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل . وبهذا القيد ( الفتق )يجمع بين الخبرين , فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان , لا الأولية المطلقة , فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم , ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة فنطق بها . ويشهد لهذا ما حكاه ابن هشام عن الشرقي بن قطامي أن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم . ويحتمل أن تكون الأولية في الحديث مقيدة بإسماعيل بالنسبة إلى بقية إخوته من ولد إبراهيم فإسماعيل أول من نطق بالعربية من ولد إبراهيم -عليهم السلام - وقال ابن دريد في كتاب الوشاح : أول من نطق بالعربية يعرب بن قحطان ثم إسماعيل . قلت : وهذا لا يوافق من قال : إن العرب كلها من ولد إسماعيل . وسيأتي الكلام فيه في أوائل السيرة النبوية) انتهى. وقال العيني في عمدة القاري(15/258) قلت : ليس فيه تضعيف ذلك ؛ لأن المعنى : أول من تكلم بالعربية من أولاد إبراهيم إسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - ؛ لأن إبراهيم وأهله كلهم لم يكونوا يتكلمون بالعربية , فالأولية أمر نسبي , فبالنسبة إليهم هو أول من تكلم بالعربية لا بالنسبة إلى جرهم . أما أنا فأميل إلى الجمع بين القولين ب ( الفتق ) فلا يخفى ما في الكلمة من دلالة زائدة على التعلم وقد صح بها الحديث , والله أعلم . |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لا مشاحة في الاصطلاح | م الإدريسي | منتدى المصطلحات | 18 | 06-06-2024 09:40 AM |
نشأة مصطلح الحديث | اليعقوبي | المنتدى الإسلامي | 3 | 11-14-2009 12:55 PM |
اللغة وأعضاء الجسد الإنساني | م الإدريسي | المنتدى الأدبي | 2 | 04-29-2009 04:04 PM |