أغاديس فى القرن التاسع عشر

أغاديس:-
أًسس هذا المركز التجاري سنة 564 م على يد محمد بن أحمد بن عمر الطارقي العربي الأصل، وسيطر الطوارق عليها منذ تأسيسها وتقع أغاديس شمال دولة النيجر وتبعد حولي تسعمائة وخمسه وستين كيلومتر عن عاصمتها نيامي، و أورد احمد بابا وصفاً لهذه المدينة وقال عنها: ((أنها بلدة قريبة من بلاد السودان وهى معمورة من قبائل صنهاجة). ووصفها لايون: ((أنها منطقة واسعة بها مدينة تحمل نفس الاسم تبعد مسيرة ستة وثلاثين يوماً عن مرزق في فصل الصيف أما في الشتاء فتزاد المدة إلى خمسة وأربعين يوماً وهى مدينة أكبر من مرزق يسكنها الطوارق من قبيلة كيلوي)) .
وتعد أغاديس مركزاً مهماً في التجارة الصحراوية وملتقى العديد من الطرق التجارية العابرة للصحراء الكبرى الواصلة بين مصر والسودان الغربي والأوسط، وبسبب هذا الموقع الاستراتيجي الهـام على مسـار وملتقى الطـرق سكنها العديد من التجار الذين صاروا يشكلون غالبية سكانها ولاسيما تجار غدامس وفزان وقد امتلك هؤلاء العديد من المحلات التجارية فيها، ولذلك فان طوارق النيجر مقيمون حالياً في معظم المدن الهامة ويزاولون نشاطات مختلفة منها التجارة والصناعات التقليدية والعمل بدوائر الدولة ولاسيما جهاز الأمن والدفاع الوطني واهم القبائل المتواجدة في أغاديس إهقارن – أفوغاس – كيلوي – كل تدلي – تكبدهوا – ابوقن – إقدالن – كل اقرس المختلفة ولقد أدت أغاديس دوراً فعالاًً في تجارة الذهب فهذا النوع من التجارة أضفي على المدينة مظهراً من الرخاء، فقد كان يصل أغاديس كميات كبيرة من الذهب من مركز جاو ثم يأخذ طريقة إلى طرابلس والقاهرة فقد لقي التجار الطرابلسون اهتماماً كبيراً من حكام بلاد السودان الأوسط وحظوا بكل الترحيب والتسهيلات، ولكن خضوع المنطقة لحكم المغاربة أنهى أمر تجارة الذهب وتراجع مركز أغاديس، ولكن بقى نفوذها السياسي دون أن يناله تبدل يذكر لتمكنها من الاحتفاظ ببعض العائدات عن طريق الاتجار بالملح بين إقليم كاوار والهاوسا.

وقد استطاع أهالي أغاديس الحفاظ على تنظيم تجارة الملح البالغة الأهمية بسبب سيطرتهم على مراعى شاسعة مكنتهم من امتلاك قطعان كبيرة من الإبل كانت هي وسيلة النقل عبر الصحراء لاسيما الأحمال الثقيلة،وقد أدى الطوارق دوراً مهماً في تنظيم القوافل التجارية وتجميع الإبل اللازمة لذلك، حيث كانت تنطلق قافلة الأزدي التي كانت عبارة عن قافلة صحراوية تنظم مرة أو مرتين خلال السنة ولأن الطوارق قد أدو دوراً بارزاً فيها سأحاول إيضاح كيفية تنظيم هذه القافلة وتنقلها عبر الصحراء من أجل جلب الملح وتعد واحة فاشي في إقليم أغرام من أغنى الواحات بمناجم الملح لذلك تزورها مرتين في العام في أكتوبر – وابريل قافلة ضخمة تتجمع في إقليم الآيير أن طوارق الآيير هم أغلب المشاركين في هذه القافلة التي تشارك فيها بعض القبائل الأخرى.
تتجمع قافلة الشتاء في أغاديس ما بين 15 – 20 من أكتوبر وتتكون فرقة حراستها حتى فاشي من فريق من أصحاب المهاري في إقليم الآيير، وتبقى معظم الجمال في فاشي بينما يواصل البعض منها الرحلة حتى بيلما تحت حراسة فريق أصحاب المهاري في إقليم الآيير الذي رافق حتى فاشي أهل الكاوار الذين جاءوا بدورهم لجلب الملح.
أما قافلة الربيع فتتجمع في أغاديس ما بين 10-15 من مارس من كل عام والرحلة قاسية جداً فاجتياز صحراء تينيري يتطلب قضاء 5 أيام بدون ماء لذلك فان قافلة الشتاء تكتسب أهمية أكبر لأنهُ يمكن الحصول على الماء والمرعى فضلاً عن قلة الحرارة، وهذه القوافل كانت تتكون من 700جمل وأكثر في بعض الأحيان ويذكر بوك مارتي أن في عام 1919م تكونت هذه القافلة من 700 جمل وفي عام 1920 م كانت هذه القافلة تتكون من 3600جمل حيث أوراد : ((ومع حلول السلام فأنها ستستعيد أعدادها في الماضي مابين 20 و 25 ألف جمل،هذا وقد احتوت قافلة شتاء 1920م على 30 طناً من الحبوب وكثيراً من القماش وكميات الزبده والسكر والشوكولا وكانت تضم 1400 جمل واصلو الرحلة حتى بيلما وفي طريق العودة رجعت محملة بالملح والتمور...)) .
وأوراد أيضاً: ((قافلة الربيع فلم تتجاوز حتى ألآن الألف جمل (700 في عام 1919م و800 في عام 1920 و770 في عام 1921م)…)). وبالرغم من هاتين القافلتين ألا أن هناك بعض القوافل الأخرى الصغيرة التي تقوم بجلب الملح وعادة ما تتكون من 100إلى 200 جمل،و كانت قوافل الأزلاي تشكل مظاهرة تجارية نادراً ما يوجد نظيرها في أي مكان وذلك حتى عام 1908م إلا أن بعض هذه التجارة تأثرات بالأحوال السياسية التي مرت بها المنطقة.