|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
الاتجاهات الفكرية والعقدية التي سادت في تاريخ الغرب الإسلامي إبان العصور الوسطى
الاتجاهات الفكرية والعقدية التي سادت في تاريخ الغرب الإسلامي إبان العصور الوسطى: يعد المهدي بن تومرت من أبرز دعاة المهدوية في المغرب، لكن قبل الخوض في عقيدته، لا بأس بإطلالة لأهم المدارس الفكرية والعقدية التي ميزت تاريخ المغرب والتي مهدت الأرضية والساحة لمثل هذه الأفكار أن تنبت -بشكل معوج بعيدًا عن أي تفكير سليم- كالفطريات وتتناسل كالفئران.. فمن أهم الدراسات النموذجية التي وقفت عليها في هذا الباب؛ تلك الدراسة التي أنجزها الدكتور علي محمد الصلابي بعنوان: "صفحات من التاريخ الإسلامي في الشمال الإسلامي: دولة الموحدين"، بالإضافة إلى دراسة الأستاذ المغربي عبدالإله لمليح "تاريخ الفتح الإسلامي لبلاد المغرب"، والمؤرخ محمد عبدالله عنان في دراسته القيمة "عصر المرابطين الموحدين في المغرب" الأندلس، الطبعة1964... 1- الاتجاه السني: ويمثله دولتا الأغالبة والمرابطين والدولة الزيرية الصنهاجية في آخر عمرها: أ- دولة الأغالبة: هي دولة امتدت مدة حكمها من سنة 184 إلى سنة 296هـ)؛ كانت في بداية حكمها تابعة للخلافة العباسية (هارون الرشيد رحمه الله).. لكن سرعان ما حصلت على استقلال اسمي شريطة أن تدفع للخلافة إتاوة من المال كل سنة..، وفي أواخر حكمها دب فيها الانقسام والتشرذم مما ساعد الدولة العبيدية على استغلال الفرصة للانقضاض عليها.. يقول (ول ديورانت): "الحضارة نهر ذو ضفتين، يمتلئ النهر أحيانا بالدماء والظلم، ولكننا نجد على الضفتين في الوقت ذاته أناسا يبنون الحضارة، لكن المؤرخون متشائمون؛ لأنهم يتجاهلون الضفاف ويتعلقون بالنهر.."، فبالرغم من هذا الانقسام السياسي عرفت الدولة الأغلبية توطيدًا للسنة ونشرها في المغرب وصقلية.. ب- دولة المرابطين (451-541هـ): ظهرت نواتها وبذرتها الأولى على ضفاف نهر السنغال في جنوب بلاد المغرب الأقصى بزعامة الفقيه عبدالله بن ياسين، والأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي ثم يحيى بن عمر اللمتوني، وتوسعت حتى ضمت المغرب كله والأندلس في عصر القائد الأمير يوسف بن تاشفين، وكانت دولة المرابطين على أسس إسلامية سليمة، إذ نهجت نهج أهل السنة والجماعة، ولم تتأثر بأي نزعة دينية أخرى، وكان من أهم الأسس التي تبنتها "الجهاد في سبيل الله" (تمثل في انتصارهم على النصارى في معركة الزلاقة سنة 479هـ)، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتزام أحكام الدين في فروض الزكاة والأعشار، وكل أمور الدولة (انظر: قيام دولة المرابطين لحسن محمود ص166). جـ- الدولة الزيرية الصنهاجية: قد اتبعت النهج السني في آخر عمرها وذلك حينما أعلن المعز بن باديس (406/453هـ) انفصاله عن الدولة العبيدية في سنة 440هـ إذ خلع طاعتهم، وأخذ بمذهب أهل السنة (انظر: ابن خلدون 6/159)، وبهذا تحول اتجاه هذه الدولة إلى الاتجاه السني، بعد أن كان اتجاهها رافضيا (نفس المصدر السابق).. 2- الاتجاه الخارجي: ويمثله إمارتا المدراريين (140-347هـ)، والرستميين (144-296هـ): أ- إمارة بني مدرار: وقد قامت في سجلماسة جنوب المغرب الأقصى سنة 140هـ، على يد عيسى بن يزيد المكناسي الذي كان يدين بالمذهب الصفري أحد الفرق الكبرى من فرق الخوارج. ب- دولة الرستميين: التي كانت تنهج المذهب الإباضي، فقد أسسها في بلاد المغرب الأوسط عبدالرحمن بن رستم (144/171هـ) سنة 144هـ، حيث اتخذ مدينة تاهرت حاضرة له. (المغرب الكبير 3/583). 3- الاتجاه الرافضي وتمثله دولة العبيديين: وهذا الاتجاه كان آخر المذاهب الفكرية دخولاً لبلاد المغرب إذ إن الدولة العبيدية التي نشرت هذا المذهب هناك لم تقم في بلاد المغرب الأدنى إلا في سنة 296هـ. ومع أن الدولة العبيدية قد تمكنت من القضاء على الأغالبة، والرستميين، والمدراريين، والأدارسة فاستطاعت بذلك -إلى حد ما- أن تبسط سلطانها السياسي على معظم أقاليم بلاد المغرب، إلا أنها لم تتمكن من فرض مذهبها الديني على أهالي تلك الديار، وذلك لأن الناس لم يتقبلوا أفكار العبيديين لما فيها من غلو وشطط لم يألفه سكان تلك الديار، بل إنهم تطلعوا إلى خلافة سنية جديدة قامت في الأندلس هي الخلافة الأموية بالأندلس كما أن أهل السنة قاموا بمقاومة المد الرافضي العبيدي بكل ما يملكون وهذا مما جعل الروافض يرحلون إلى مصر عام 362هـ. فكرة المهدي المنتظر في تاريخ المغرب صنيعة الاتجاهات الفكرية السابقة والظروف السياسية المتعاقبة: 1- الأدارسة: من خلال تصفح مجموعة من المصادر التاريخية التي تناولت الحقبة الإدريسية لا نعثر على إشارة لفكرة المهدي المنتظر.. لكن ما يمكن الإشارة إليه أن إدريس الأول عندما استقبلته قبيلة "أوربة" أحاطته بهالة من التقديس والتشريف؛ وذلك لما راج عن أصله الشريف.. 2- الدولة العبيدية: سلالة شيعية حكمت في تونس، ومصر، والشام وعلى مراحل في الجزائر، والمغرب والجزيرة العربية، سنوات 909/1171م. ويستمد الفاطميون لقبهم -على حد زعمهم- من فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يدعون انتسابهم لأهل البيت عن طريق الإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق، ومنه جاءت الطائفة الإسماعيلية. ويرى أغلب المؤرخين اليوم أن نسبهم كان منحولاً، ويفضل أغلب علماء السنة أن يطلقَ عليهم لقب "العبيديين" نسبة إلى جدهم عبيدالله بن القداح. مؤسس السلالة عبيدالله المهدي (909-934م) اعتمد في دعوته الجديدة على أبي عبدالله الشيعي، الذي كان يدعي أنه المهدي المنتظر، نجح صاحب دعوته في القضاء على دولة الأغالبة وحمله إلى السلطة. استولى العبيديون على تونس، وليبيا وشرقي الجزائر ثم صقلية التي بقيت في حكمهم حتى 1061م. وفي سنة 969م استولى المعز (953-975 م) على مصر وقرر بناء عاصمة جديدة لدولته هي القاهرة. دخل الفاطميون في صراع مع العباسيين للسيطرة على الشام، كما تنازعوا السيطرة على شمال إفريقية مع الأمويين حكام الأندلس، وتمكنوا من إخضاع الحجاز والحرمين ما بين سنتي 965 -1070م. ازدهرت التجارة ونما اقتصاد البلاد ونشطت حركة العمران في أثناء عهد العزيز (965 - 996م)، ثم الحاكم (996 - 1021م) الذي كان متهورًا ومتطرفًا في أفكاره إلى أقصى حد، عرفت البلاد في عهده اضطرابات كثيرة، وبعد مماته انشقت عن الإسماعيلية طائفة من الشيعة عرفت باسم الدروز. وبعد حكم المستنصر (1036 - 1094م) الطويل انشق الإسماعيليون مرة أخرى إلى طائفتي النزارية والمستعلية، وتولى الحكمَ من بعده خلفاء أطفال. ومع حكم الحافظ (1131 - 1149م) تقلصت حدود الدولة إلى مصر فقط. آخر الخلفاء وقع تحت سيطرة القادة العسكريين الأيوبيين، فقام صلاح الدين الأيوبي الذي تولى الوزارة منذ 1169م، بالقضاء على الدولة الفاطمية نهائيا سنة 1171م، وعادت مصر بعدها إلى المذهب السني[23] 3- الدولة المرابطية: إن ما يلفت النظر في المرابطين أنهم لم يحاولوا في أي وقت أن يفرضوا أنفسهم باسم عصبيتهم الصنهاجية -على حد تعبير ابن خلدون- بل جاءوا قبل كل شيء لنشر الإسلام الصحيح بعيدًا عن الخرافات التي روج لها العبيديون الشيعة الإسماعيليون.. ومن ثم تحلوا باسم المرابطين؛ أي المؤمنين المنقطعين للجهاد وتعلم العلم الشرعي البعيد عن كل أشكال البدع الحقيقية والإضافية.. وخاصة هذه الأخيرة التي تجلت في فكرة المهدي المنتظر التي روج لها العبيديون؛ فتم لَيُّ أعناق النصوص الحديثية المتواترة الصحيحة لخدمة أغراضهم السياسية.. بالفعل؛ كانت الدولة السنية التي تركت بصماتها في تاريخ المغرب؛ لكن لم تخل هي أيضًا من فجوة عقدية؛ فالمهدي بتعبير هذه المرحلة يعني عند البرابرة الرجل المناسب الذي يستطيع أن ينجز مشاريع سياسية كبرى. وذلك كان شأن عبدالله بن ياسين مؤسس الدولة المرابطية، فهل تلقب بهذا الاسم في حياته؟ الراجح أنه لم يفعل ذلك، وأن ذلك كان من عمل كتاب الأخبار بعد وفاته لإبراز الأثر الحاسم الذي أداه في جمع صنهاجيي الصحراء وتوحيدهم للاستيلاء على السلطة في المغرب، غير أن ابن ياسين لم يكن يحيط نفسه بأية أسرار، وكان يفضل أن يبدو فقيها مالكي المذهب وحاكما عادلا. 4- الدولة الموحدية: والمشكلة أن كثيرًا من الساسة يحاول ركوب خيل الشرعيات ولي أعناق الآثار والنصوص الدينية المروية؛ يستغلونها من أجل حماية شرعيتهم، والقول بأنهم تجسيد حي لإرادة الله، وأنهم يتصلون بقوة علوية تجعل قدرتهم غير قابلة للمقاومة، فهي من الله مباشرة، ولذلك فإننا نجد أغلب المتصفين بشيء من هذه الصفات الغيبية في السياسة هم أهل بطش ودموية في أثناء الحكم، بل ربما يشعرون براحة ضمير داخلية؛ لأنهم أمناء على إرادة الله. وابن تومرت هو واحد من الذين تبنّوا هذه الفكرة في أوائل القرن الخامس الهجري في بلاد المغرب الأقصى، حيث تمكّن هذا الرجل من إقناع المجتمع البَدَوي بصحّة دعواه عن طريق القيام بثورة تحريضية تمكن بفضلها من إسقاط دولة المرابطين السنية وإنشاء دولة جديدة قامت على أنقاضها سُمّيت دولة الموحّدين.. لقد استخدم ابن تومرت الأسلوب التلفيقي وسيلة مباشرة لإثبات فكره النظري على أرض الواقع، ومع تنوع المصادر والمناهل التي استقى منها ابن تومرت آراءه، ووضوح الطابع الانتقائي -إن لم نقل التلفيقي- الذي يطبع تلك الآراء، إلاّ أنه لم يأت بجديد، ولم يمتلك فلسفة خاصة في نظرته إلى المبادئ التي حاول أن يضع لها حلولاً، فإن مجمل آرائه هي مجموعة منتقاة من فلسفة الفرق الكلامية المختلفة والمتناقضة أحيانا، فتجد بينها آراء اعتزالية وبجانبها أفكار أشعرية تأويلية وشيعية، على أن تنوّع مصادر علمه أعطى لعقيدته الاستهجان المذهبي! فقد وافق ابن تومرت الأشعرية في مسألة تأويل الأسماء والصفات ومسائل أخرى كثيرة دفعت بابن خلدون إلى القول: "وحملهم (أي قوله) على القول بالتأويل، والأخذ بمذهب الأشعرية في كافة العقائد"[25] فليس غريبًا لمن كان هدفه الرياسة أن يسلك مسلكا ممجوجًا إذا خاف البطش وإيقاع الفعل به، فخلّط في كلامه فينسب إلى الجنون. وقد وصفه بعض من ترجم له بأنه: (كان صارماً سفاكاً للدماء؛ يستبيح دم أعدائه ودم أصدقائه إذا لم يصدعوا في الحال بأمره، وكان إذا أراد المبالغة في عتاب أحد أمر بدفنه حياً، وكان يذكي حماسة جنده بما يعدهم به من عظيم الثواب في جنات الخلد التي تنتظرهم إذا استشهدوا في سبيل الدين الصحيح، وكان يلقنهم صلاة صغيرة يتلونها في الحرب في الذهاب والوقوف والقتال اقتصادًا في الوقت، ولكي لا يضطروا إلى الركوع والسجود كما يحدث في الصلوات المعتادة. ويتضح من خلال ذلك أن ابن تومرت كان يحاول استغلال سذاجة المجتمع البربري القائم، وبدائية معارفه العلمية والدينية التي وجد فيها مرتعاً خصباً لتمرير سياسة الإصلاح الديني، مستهدفاً التغيير السياسي لضعضعة دولة المرابطين. المهدي المنتظر.. حجج واهية.. وردود مفحمة للعلماء: أ- عدم ورود ذكره في الصحيحين: للرد على هذه الشبهة يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "إن البخاري ومسلمًا لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث، فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما؛ كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها" ب- تعدد من ادعى المهدوية: في هذا الباب يقول الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله: "من ادعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر، ولم يخرج الدجال في زمانه، فإنه دجال كذاب، وكذلك من ادعى أنه المسيح ابن مريم، ولم يكن الدجال قد خرج قبله، فإنه دجال كاذب، وللمسيح ابن مريم علامتان لا تكونان لغيره من الناس،إحداهما: أنه يقتل الدجال كما تواترت بذلك الأحاديث، والثانية: أنه لا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات...) [إقامة البرهان في الرد على من أنكر المهدي والدجال]. جـ- إنكار المهدي بالكلية: في هذا الباب قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله: "أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية -كما زعم ذلك بعض المتأخرين- فهو قول باطل؛ لأن أحاديث خروجه آخر الزمان.. قد تواترت تواترًا معنويا.. ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانًا هو المهدي، إلا بعد توفر العلامات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الثابتة، وأعظمها وأوضحها: يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا". خاتمة:
ومما يؤكد غموض هوية المهدي المنتظر، حتى عند أهل السنة؛ هو تكرر دعوات المهدوية هنا وهناك.. حتى كانت معظم الروايات التاريخية عن "المهدوية" في القرون الوسطى والمعاصرة، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد، وتلتف حول زعيم من الزعماء، وعادة ما يدعي نسبه لأهل البيت (كما فعل ذلك ابن تومرت في العصر الوسيط، والجيلالي بن إدريس الزرهوني المعروف ببو حمارة إبان الاستعمار الفرنسي للمغرب، وما يفعله الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان المغربية عبدالسلام ياسين الصوفي مع أنه لم يدع المهدية ولكنه يشتغل بالرؤى والمنامات ويعلق عليها آمالا لتحقيق أهدافه السياسية، وأنه تتوفر فيه -على حد زعم مرشدهم- كل الشروط لتولي الخلافة. منقــــــــــــــــــــــــــــــول.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|