154. عَمْنَا بن أحمد الأنصاري التكيراتي السوقي

154. عَمْنَا بن أحمد الأنصاري التكيراتي السوقي :

عَمْنَا بن أحمد بن محمد المصطفى بن محمد إكنن بن محمد سيدي ينتهي نسبه إلى أشلوم اليعقوبي الأنصاري(1) .
ترجم له الشيخ العتيق فقال : كان من المشهور بالمهارة في الفقه أصولا وفروعا ، ومن المشهورين بالصدع بالحق لا يخاف لومة لائم في الله ، وكان يفصل بين الخصوم من غير محاباة ولا مداهة ، يحكى أنه رأه بعض الناس في النوم فقال له قد علمت أن ما أقول للناس في نوازلهم هو الحق فاستبشر الرآئي بذلك ، وكان جيد الخط ومن آثار خطه نسخة من المحلي شرح جمع الجوامع ، سمعت أنها خطها بقصبة واحدة من الثمام ، وسمعت أنه كان في تلك المدة يلزم عماله بحفر بير في مكان لم يسبق حفر البير فيه في أرض تِكِرَتِنْ وكان يغدو كل يوم إلى محل البير ويحمل معه الكتاب الذي يكتبه فيشتغل العمال بالحفر ويشتغل هو بالكتابة وفي اليوم الذي أتم فيه الكتاب وصل الحفار إلى ماء البير ويتعجب الناس من جمعه بين الخدمة في العلم والخدمة في المال والقيام بمؤن الناس واستقبال عظماء الوافدين ، وأوتي شيئا من نفوذ الكلمة في بلده ومن الهيبة ومن تسخير الجبابرة من إمَاجَغَنْ له . يحكى أن بعض أغنياء أفوغَاسْ من إمَاجَغَنْ منع زكاة ماله فطلب منه أدائها ووعظه فلم يتذكر بل استمر على المنع والإباء وأيس الناس من استماعه للناصحين والوعاظ وجاهده الشيخ عَمْنَا بلسانه وفي بعض الأيام نزل عليه ذلك الجبار ومعه امرأة زففها من بعض سادات قبائلهم وسار بها إلى أهله ، فلما أراد الرحيل عنه التفت الشيخ إلى العروس فقال لها يا بنت فلان لا تذهبي مع فلان فإنك مسلمة وهو كافر بمنعه الزكاة فلا يحل لك أن تكوني معه فاغتاظ ذلك الجبار وأمر خدامه أن يجعلوا هودج المرأة على جملها ثم قال لها قومي واركبي فامتنعت من القيام فاشتد غيظه واستكباره ولم يلتفت الشيخ إلى غضبه وحاول الجبار أن تقوم اليه الزوجة وبالغت هي في الإباء حتى يئس صاحبها من أن تقوم إليه فرجع إلى استرضاء الشيخ وألان له جانبه وقال له مر المرأة بأن تخرج وتركب وأرسل معي من يأتيك ببقرك يعني زكاة بقره وكان بقارا فحينئذ قال الشيخ للمرأة اذهبي معه لأنه تاب فرضيت وسارت معه وأرسل معه بعض خدمه ليأتي برؤس الزكاة فلما جاءه أعطاه البقر وقال له قل لمحمد أحمد ما أخرجتها لله إنما أخرجتها لك . ومن تسخير الجبابرة له ما جرى بينه وبين موسى بن بُضال أمير إولّمّدنْ دنّكْ فقد جرى بينهما مثل ما جرى بين جده محمد المصطفى وبين خَتُوتُ سلطان دنّكْ في وقته من طلب الشفاعة في ردّ أموال الضعفاء الذين أغار عليهم جيشه ونهب أموالهم . ويروي أن محمد أحمد المعروف باسم عَمْنَا وشقيقه الميمون لما أغار أهل دنّكْ على بلادهما في زمن موسى بن بُضال الذي دام الحرب بينه وبين سلطان بلادنا النابغ بن كَاوَ حتى قتل النابغ فيها ونهبت أموال أهل البلد قام الشيخان الأخوان عَمْنا والميمون ابنا الشيخ أحمد وسار إلى سلطان دنّكْ موسى بن بُضال ومعهما جماعة من الضعفاء الذين ذهبت أموالهم وأغلبهم من قبيلة دبّاكَرْ فلما وصلا احتجّ على حيلة إرغارتهم على الأموال بأقوال علماء بلده كما كان في زمن خَتُوتُ فقال له ليس لأحد حجة في ظلم المسلمين وأخذ أموالهم فقال لهما لأجمعن بينكما وبين علمائنا حتى يتبين الحق فأرسل إلى علمائه الذين أبواحوا له الغزو ونهب الأموال فلما حضروا قابلهم محمد أحمد وخاصمهم وأبطل حججهم واشتد ذي سطوة وطبع أخيه الرفق ولين الجانب وإلانة القول لكل أحد ، وأما العلم فهما أخوه وأمره بالصبر وكانا عند ذلك السلطان يخاصمان العلماء حتى تبين للسلطان أنهما على الحق فقال لهما أرسلا معكما من الناس ليأخذوا ما عرفوه مما أتى به الجيش ثم بالغ في إكرامهما حتى جمع من معهما من الناس ما لم يتلفه الجيش من أموالهم فسرحهما إلى بلادهما وأعطاهما جوائز من عـ.... ورفرحا عن أهل بلادهما ، وفي تلك المدة كان ذلك السلطان يرسل إليهما الخصوم فيصد .... محمد أحمد بالحق وما يبالي سخط الخصم أم رضي ، وفي بعض الأيام أتاه رجلان يختصمان في جمل قتيل صاحبه فقال لهما أما الجمل فليس لأحد منكما وأما القتيل فعليكما ديته فلما سمع أخوه ذلك الكلام أشـ... وخاف أن يسطو به الظلمة الذين يخاطبهم بكل ما بدا له ، فقال له أما علمت أن هؤلاء أعداء لا يبالون بما صنعـ.. له إني لا أترك الحق لخوف ولم يبلغنا أن أحدا أصابه بمكروه في تلك السفرة بل بلغني أن ذلك السلطان أتاه يوما فصادفه يدعو فقال له ماذا تصنع وما الذي تدعو به فقال له أدعو الله أن يمنعك من غزو بلادنا أبـ... فقال له أعزك الله لا أعجب إلى مما جربته منك من عدم الانصراف عن الحق وعدم المبالاة بمن أنكر عليك(2) .