|
منتدى الحوار الهادف حول القضايا الدينية والتيارات الفكرية والإقتصادية والإجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
الوضع الدستوري لإقليم كردستان
الوضع الدستوري لإقليم كردستان .. إعداد المستشار القانوني المحامي جينه ر علي أحمد
كتبه "أساس التكوين" الحياة الدستورية في العراق مرت بمرحلتين أساسيتين : المرحلة الأولى بدأت بعد صدور القانون الأساسي عام 1925، بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة. والثانية بدأت في ظل الأنظمة الجمهورية حيث توالت الدساتير المتعاقبة بداً بعام 1958و1964و1968 و1970. حيث كان العامل المشترك بينها، الوقتية وأنها كانت نتاج الأنقلابات العسكرية. فلو أمعنا النظروتمعنا في هذه الدساتيرالعراقية، لتوصلنا إلى الحقيقة المرة ، التي تؤكد ان هذه الدساتير لم تستطع حل مشاكل العراق، وبناء دولة المؤسسات، يتمتع المواطن فيها بحقوقه الدستورية. ويعود ذلك لأسباب عديدة ، سياسية واجتماعية، ولكن الأهم من كل ذلك، يكمن في عقلية وإيديولوجية واضعي هذه الدساتير، إذ كان همهم ترسيخ وتعزيز السلطة على حساب مصالح الشعب والوطن. لذا حرم شعب كردستان، كمكون أساسي في الدولة العراقية، أسوة بغيره من المكونات، من ابسط حقوقه، بل على العكس، فقد عانى الشعب الكوردي كثيراً من الظلم والأضطهاد في ظل تلك الأنظمة السياسية المتعاقبة، وحرم من حقوقه وأرتكبت في حقه الجرائم والمجازر الوحشية . عليه كان من الطبيعي أن يناضل كغيره من مكونات العراق وقواه الوطنية ، من أجل الحرية وحقوقه المشروعة، ومنع أنصهاره قومياً وتطهيره وأنفلته وضربه بالأسلحة المحرمة دولياً. لذا وبعد أنتفاضة الشعب العراقي عموماً والشعب الكوردستاني خصوصاً عام 1991، وبعد قرار الحكومة العراقية أنذاك سحب الإدارات والمؤسسات الحكومية من الإقليم، كان من الطبيعي ملء الفراغ وإعادة بناء المؤسسات والإدارات المعنية . لذا وبتاريخ 8/4/1992، صدر القانون رقم (1) " قانون المجلس الوطني الكردستاني" حيث خلق الأرضية القانونية لأنتخاب أول برلمان في الإقليم، وقد تحقق ذلك بتاريخ 19/5/1992 بإجراء الأنتخابات الحرة المباشرة، وتم تأسيس السلطة التشريعية في الإقليم، وأستكمل بناء باقي السلطات. وتشكلت بموجب ذلك بتاريخ 4/7/1992، أول حكومة لإقليم كردستان، وذلك أستناداً إلى القانون رقم (3) لعام 1992. وبموجب القانون رقم (14) لسنة 1992 ، تم تشريع " قانون السلطة القضائية" ، وبموجبه أكتمل بناء السلطات الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية - . وبما أن قانون برلمان إقليم كردستان وفي مادته (56) الفقرة (ثانيا) ينص على منح الصلاحية له في " البت في المسائل المصيرية لشعب إقليم كردستان – العراق وتحديد العلاقة القانونية مع السلطة المركزية، فقد قرر البرلمان بتاريخ 4/10/1992، في جلسته الثامنة والثلاثين مايلي :- أولاً :إقرار بيان الأتحاد الفدرالي المقدم من قبل هيئة رئاسة المجلس الوطني بما يتضمن من معطيات ووقائع تاريخية وسياسية وقانونية وأعتبارها ديباجة لهذا القرار وسنده القانوني. ثانيا: تحديد العلاقة القانونية مع السلطة المركزية، وأختيار المركز السياسي لإقليم كردستان العراق وشعبه إنطلاقاً من حقه المشروع في تقرير مصيره في هذه المرحلة التاريخية على أساس الأتحاد الفدرالي ضمن عراق ديمقراطي برلماني يؤمن بتعدد الأحزاب ويحترم حقوق الإنسان المعترف بها في العهود والمواثيق الدولية. وبعد ذلك، وبالقرارالمرقم (23) في 7/10/1992، أستمرت السلطات المختصة في الإقليم بممارسة صلاحيات السلطات الفدرالية وحل محلها في كل ما له علاقة بشؤون الإقليم إلى حين تشكيل مجلس الحكم في 13/7/2003، وصدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الأنتقالية التي كان دستوراً مؤقتاً أُقر لإدارة شؤون العراق وإعادة بناءه خلال المرحلة الأنتقالية، وكان الأساس لدستور العراق الحالي، وكان قانون إدارة الدولة قد أحدث تغيرات جذرية وجوهرية في الحياة السياسية والدستورية وكان يمثل القانون الأعلى في البلاد وملزماً في كافة أنحائه، فقد كان الأساس لتغيير الشكل القانوني للعراق وتحويله من دولة مركزية موحدة إلى دولة أتحادية فدرالية، وهذا ما نصت عليه المادة (4) منه حيث جاء فيها : " أن نظام الحكم في العراق جمهوري أتحادي (فدرالي) ديمقراطي، تعددي يجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الأتحادية وحكومات الإقاليم والمحافظات والبلديات والأدارات المحلية. ويقوم النظام الأتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل أو العرق أو الأثنية أو القومية أو المذهب". وبذلك فأن قانون إدارة الدولة كان اللبنة الأولى على طريق إعادة الهيكلة القانونية للعراق وبناء المؤسسات فيه وتوزيع الصلاحيات وإيجاد الضمانات الدستورية لحقوق المواطن. والأهم من ذلك كان الأساس لتشريع الدستورالدائم عام 2005، حيث سارع الشعب العراقي بمختلف قومياته وأطيافه لصناديق الإقتراع وبالملايين، في 30 كانون الثاني من عام 2005 في عملية الأستفتاء على الدستور الدائم وبناء دولة القانون ولتعزيز الوحدة الوطنية وإنتهاج سبل التداول السلمي وتبني أسلوب التوزيع العادل للثروات، فعقد الشعب العراقي العزم على بناء مستقبله من خلال نظام جمهوري فدرالي تعددي وبرلماني وعلى أحترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة، وأن الشعب بكل مكوناته وأطيافه قرر وبحريته وأختياره الأتحاد فيما بينه، وأن الألتزام بالدستور يحفظ للعراق أتحاده الحر، شعباً وأرضاً وسيادة، وهذا ما تضمنته ديباجة الدستور، وبذلك أصبح إقليم كردستان وحدة وكيان دستوري ضمن دولة العراق الأتحادية. إقليم كردستان إقليم فدرالي أن الدستور العراقي قد أقر في ديباجته وغيرها من المواد بالفدرالية كشكل قانوني لدولة العراق، ونظم كثيراً من المسائل المتعلقة بها، حيث تنص المادة " الأولى" من الدستور على ما يلي : " جمهورية العراق دولة أتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق". وبما أن نشأة الدولة الأتحادية تكون بطريقتين، أما أن تنضم وتتحد عدة دول مستقلة مع بعضها لغرض تكوين دولة فدرالية واحدة، أو تتحول دولة موحدة بسيطة إلى عدة إقاليم، وكان هذا هو الأقرب إلى العراق، إذ كان في السابق دولة بسيطة وموحدة، وبموجب الدستور الدائم الجديد تحول إلى دولة أتحادية، وهذا ما نصت عليه المادة الأولى من الدستورالأنفة الذكر. أما من حيث التكوين، فأن الدستور العراقي وفق المادة (116) نظم تكوين دولة العراق ووحدته الدستورية حيث جاء فيه : "يتكون النظام الأتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وإقليم ومحافظات لامركزية وإدارات لا محلية". وهنا يمكن أن نقول بأن الفدرالية في العراق هي في خطواتها ومراحلها الأولى، ولم تكتمل كمنظومة دستورية متكاملة، وذلك لعدم وجود إقاليم أخرى غير إقليم كردستان، وتوزيع الوحدات الدستورية بين الإقاليم والمحافظات، بل وحتى الإدارات المحلية مع الأختلافات الجوهرية بين كل مكون من تلك المكونات من حيث الشكل والمضمون القانوني ، فلا يمكن أن نساوي بين " الأقاليم والإدارات المحلية " مثلاً، من حيث التكوين والصلاحيات، لذا كان لابد للدستور من إيجاد وتحديد آليات مرنة ومواعيد ملزمة دستورياً لإنشاء الإقاليم الأخرى، وأنه وبعد إقرار الدستور، وإلى يومنا هذا لم يتشكل إقليم فدرالي آخر في العراق، على الرغم من إقرار الأجراءات التنفيذية لتشكيل الأقاليم، كما ورد في المادة (118) من الدستوروصدور قانون الأجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم من قبل مجلس النواب بتاريخ 18/9/2007، حيث نص القانون على إجراءات معقدة لا يُسهل ولا يُمهد – برأينا القانوني المتواضع – على تشكيل الأقاليم، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فأن المحافظات وما تتمتع بها من صلاحيات، والوضع الدستوري أسوة بالأقاليم ، وصدور قانون المحافظات لا يشجع على تحول المحافظات إلى أقاليم، بالإضافة إلى العامل السياسي وعملية إعادة تقييم الدستور، وإجراء التعديلات عليه وفقا للمادة (142) من الدستور، لذا فلا غرابة من وجود إقليم واحد داخل دولة العراق الأتحادية، ألا وهو إقليم كردستان حيث أن الدستورفي المادة (117) أقر بالأقليم كوحدة دستورية، حيث جاء فيه : " يقرهذا الدستورعند نفاذه إقليم كردستان وسلطاته القائمة، إقليماً أتحادياً". عليه فأن إقرار الدستور بالأقليم يشتمل على ثلاث عناصر أساسية :- أولاً : الأعتراف بالأقليم كمنطقة وكيان جغرافي وتاريخي ذات خصوصية قومية وثقافية، وبالأستناد إلى المادة (الثالثة) من الدستور الذي تنص على (أن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب...ألخ). ثانيا: الأعتراف بسلطاته القائمة وأضفاء الشرعية الدستورية عليها وعلى كافة الأختصاصات والأعمال والتصرفات والقرارات والعقود في الأقليم. ثالثاُ : الأعتراف بالأقليم كوحدة دستورية وإقليم أتحادي. وفيما يتعلق بالقوانين والتصرفات القانونية والعقود التي أُبرمت قبل صدور الدستور وفي مرحلة مابعد عام 1991، أي مرحلة تكوين وإنشاء المؤسسات، فقد أقر الدستور، وأضفى الشرعية والنفاذ على كافة القوانين التي تم تشريعها في الأقليم حيث جاء في المادة (141): "ويستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في إقليم كردستان منذ عام 1992 وتعد القررارت المتخذة من قبل حكومة إقليم كردستان بما فيها قرارات المحاكم والعقود، نافذة المفعول، ويتم تعديلها أو ألغائها حسب قوانين إقليم كردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور". أما فيما يتعلق بالوضع القانوني للغة الكردية، فإن الدستور عالج هذه المسألة وحدد اللغة الكردية كلغة رسمية وفق مبدأ المساواة في عموم العراق، وليس داخل إقليم كردستان فقط، فأصبح بجانب اللغة العربية اللغة الرسمية، وشكلا بذلك اللغتان الرسميتان للعراق وعلى أن يشتملا أيضاً مجالات أخرى منها :- 1- إصدار الجريدة الرسمية باللغتين. 2- التكلم والمخاطبة والتعبير في كالفة المجالات الرسمية، كمجلس النواب ومجلس الوزراء والمحاكم والمؤتمرات الرسمية باي اللغتين. 3- الأعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين وإصدار الوثائق الرسمية بهما. 4- فتح المدارس باللغتين ووفقاً للضوابط التربوية. 5- أية مجالات أخرى يحتمها مبدأ المساواة، مثل الأوراق النقدية، وجوازات السفر، والطوابع البريدية. وهذا ما نصت عليه المادة (4) من الدستور. توزيع الأختصاصات بين الحكومة الإتحادية والإقليم لا يخفى على أحد بأن الفدرالية كشكل من أشكال الدولة القانونية تؤسس وتقوم على أساس دستوري وليس تعاهدي، وهذا يميزه عن باقي الأشكال والأنظمة التي عرفها الفقه الدستوري. وبما أن الدستورهو العامل الأساسي والرابط المشترك بين سلطات الأتحاد وسلطات الإقليم، فأن توزيع الأختصاصات داخل الدولة الأتحادية يتم من خلال الدستور، والدستور الأتحادي بالذات ووفق طرق وآليات ثلاث : اولاً : قد يحدد الدستور الأتحادي ، على سبيل الحصر، أختصاصات لكل من السلطات الأتحادية من ناحية وأختصاصات الإقليم من ناحية أخرى. أن هذا الأسلوب غير ناجح ويشوبه النواقص ويؤدي إلى نشوء تنازع الأختصاص بين الأتحاد والإقليم في المستقبل، ولا سيما في حالة بروز مسائل وأوضاع جديدة لم يتطرق إليها الدستور ولم يعطها لأي من الأختصاصيين. ثانياً : فقد يقوم الدستور الأتحادي بتحديد صلاحيات الإقليم على سبيل الحصر، وإبقاء باقي الصلاحيات منوطة بالأتحاد، كذلك أن هذا السلوب يؤدي إلى تقويض صلاحيات الإقليم وسطوة الأتحاد على الإقليم. ثالثا: أو قد يقوم الدستور الأتحادي بتحديد صلاحيات الأتحاد على سبيل الحصر، وهذا الأسلوب متبع في كثير من الدول الفدرالية وهو الأسلوب الأمثل لأنجاح الفدرالية وخلق المرونة المطلوبة لتحقيق مبدأ المشاركة داخل الدولة الأتحادية مع أعطاء نوع من الحرية والصلاحية للأقليم ومنع تسلط الأتحاد عليهم. أما في العراق فإن الدستور الأتحادي عالج هذه المسألة وقام بتوزيع الأختصاصات (كأختصاصات حصرية – مشتركة – وأختصاصات الأقليم)، فالمادة (110)من الدستور حدد وعلى سبيل الحصر أختصاصات السلطات الأتحادية التي تشمل :- أولاً: رسم السياسة الخارجية والشؤون المتعلقة بها. ثانياً: وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها وإنشاء القوات المسلحة وإدارتها والدفاع عن العراق. ثالثاً: رسم السياسة المالية والكمركية وتنظيم سياسة التجارة الخارجية وامور المقاييس والمكاييل والأوزان، ووضع مشروع الموازنة العامة للأستثمار. رابعاً: تنظيم أمور الجنسية والتجنس والأقامة وحق اللجوء السياسي. خامسا: تنظيم الترددات البثية والبريد والأحصاء والتعداد العام للسكان. سادساً: تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق. وفي المادة (114) أورد الدستور الأتحادي جملة من الصلاحيات المشتركة بين الأتحاد والأقليم ويشتمل على ( إدارة الكمارك ، تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية، رسم السياسة البيئية والتنمية والتخطيط العام والصحة العامة والسياسة التعليمية والتربوية، وكذلك سياسات الموارد المائية الداخلية). أما باقي الأختصاصات فتبقى للأقليم والمحافظات. أما فيما يتعلق بالنفط والغاز، وما يثار حوله من جدل، فبرأينا القانوني المتواضع، فإن ممارسة الأختصاصات في قطاع النفط والغاز، لإنها تدخل ضمن الأختصاصات المشتركة حيث لم يُذكر في المادة (110) كأختصاصات حصرية للأتحاد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فأن المادة (112) من الدستور نص صراحة على أن الحكومة الأتحادية تقوم بإدارة شؤون النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقليم والمحافظات. كذلك تقوم الحكوم الأتحادية وحكومات الأقليم والمحافظات المنتجة ، معاً برسم السياسة الأستراتيجية اللازمة، وأن عبارتي (مع) و(معاً) إنما يدلان صراحة على المشاركة والتشارك في إدارة قطاع النفط والغاز، لذا فأنه يمكن لنا القول بأن النفط والغاز هما من الصلاحيات المشتركة، وأن العدالة تقتضي أشراك الأقليم والمحافظات في عملية الأنتاج والتطوير، ما يؤدي إلى تقوية أواصر العلاقة والتعاون بين الأتحاد والأقليم والمحافظات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فما دامت الواردات النفطية تدخل ضمن الميزانية العامة الأتحادية وتوزع حسب ما نص عليه الدستور،فلا مبررلأدخاله ضمن صلاحيات الأتحاد لأن النفط والغاز ملك للشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات. لذا فإن إقليم كردستان بأعتباره وحدة دستورية أتحادية من حقه الدستوري أن يمارس كافة وجميع الصلاحيات الممنوحة له بموجب الدستور، وخارج عن الأختصاصات الحصرية وكذلك الصلاحيات المشتركة والمنصوص عليها وفق المادة (114) من الدستور، وكذلك المشاركة في إدارة ورسم سياسة النفط والغاز المنصوص عليها في المادة (112) من الدستور. الحقوق الدستورية لإقليم كردستان بالإضافة لممارسة للصلاحيات الممنوحة له وفق الدستور الأتحادي فإن لإقليم كردستان الحق في ممارسة صلاحيات وحقوق أخرى، المنصوص عليها في الدستور بأعتبارها حقوق للإقاليم والمحافظات. ولكي يقوم الإقليم بوضع هياكل دستورية وقانونية لمؤسساته وسلطاته الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وإيجاد الضمانات الدستورية لمواطني الإقليم، فله الحق في وضع دستور إقليمي شريطة أن لا يتعارض مع الدستور الأتحادي، حيث في الدول الفدرالية، فإن الأقاليم تحتفظ بقدر من السيادة الداخلية، لذا يستطيع برلمان إقليم كردستان أن يقوم بتشريع القوانين وإقرار الميزانية العامة ووضع خطط التنمية العامة في الإقليم والقيام بأعمال الرقابة على السلطة التنفيذية ومنح الثقة للحكومة المحلية وغيرها من الأعمال. كما وتقوم الحكومة (السلطة التنفيذية) برسم السياسة العامة للإقليم والأشراف على تنفيذها وإقرار وأعداد مشاريع القوانين وأصدار الأنظمة وإعداد الميزانية العامة للإقليم وتنفيذ وأشراف على المشاريع التنموية وإصدار القرارات الإدارية وتعيين الموظفين وغيرها من أعمال السلطة التنفيذية. ويكون للإقليم أيضاً سلطة قضائية تتكون من مجموعة من المحاكم والمحكمة الدستورية، وهذا ما نصت عليه وأجازته المادة (121) من الدستور، وهذا ما يميز الإقليم الفدرالي عن اللامركزية الإدارية، حيث أن الوحدات اللامركزية ليس لها قدر من السيادة، وفي المقابل فإن الإقليم الفدرالي له كيان سياسي ودستوري ومؤسسات الحكم، وله ممارسة السلطات الثلاث. وبالإستناد إلى المادة (115) من الدستور، فإن لقوانين الإقليم الإعلوية في المسائل الخارجة عن الأختصاصات الحصرية، ولا سيما في الأختصاصات المشتركة، لذا فإن القوانين الأتحادية الخارجة عن الأختصاصات الحصرية لا تنفذ مباشرة في الإقليم إلا بعد إقرارها من قبل البرلمان في إقليم كردستان، حيث جاء في المادة (115) : " كل مالم ينص عليه في الأختصاصات الحصرية للسلطات الأتحادية يكون من صلاحيات الإقليم والمحافظات الغير منتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الأتحادية والإقليم تكون الأولوية فيها لقانون الإقليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما". كذلك تنص المادة (121) الفقرة ( ثانياً ) من الدستور: " يحق لسلطة الأقليم تعديل تطبيق القانون الأتحادي في الأقليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الأتحادي و قانون الأقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الأختصاصات الحصرية للسلطات الأتحادية ". ويكون من حق الأقليم الحصول على حصة عادلة من الواردات الأتحادية لما له من دور أساسي وفاعل في عملية إعادة الأعمار وإعداد مشاريع التنمية والتطور الأقتصادي والأنمائي والمعاشي وتوفير الخدمات لمواطني الأقليم، وهذا ما نصت عليه المادة (121) الفققرة (ثالثاً). أما فيما يتعلق بحق الأقليم في إقامة علاقات وروابط مع العالم الخارجي، فإن للأقليم الحق في تأسيس وفتح مكاتب داخل السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والأجتماعية والأنمائية، على أن لا يتعارض مع صلاحية السلطة الأتحادية في رسم وتنفيذ السياسة الخارجية، لأن مكاتب التمثيل للأقليم تكون داخل السفارات وتكون جزءاً منها، وتشمل على الجوانب الثقافية والإنمائية عليها. وللأقليم الحق في إقامة منضومة أمنية داخلية تكون جزءاً مكملاً للأمن في الأتحاد وتكون عامل مساعد ومكمل للمؤسسات الأتحادية بما يعود بالأستقرار على العراق عموماً، حيث يكون للأقليم الحق بأنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للأقليم كالشرطة والأمن وحرس الأقليم، وينظم أعمالهم بقانون، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، للأقليم الحق في المشاركة في إدارة السلطات الأتحادية ورسم السياسات العامة وحصة عادلة من الواردات المتحصلة أتحادياً. ولضمان حقوق الأقليم تؤسس هيئة عامة لضمان حق الأقليم والمحافظات في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الأتحادية المختلفة والبعثات والزمالات الدراسية والوفود والمؤتمرات الأقليمية والدولية، وهذا ما نصت عليه المادة (105) من الدستور. كذلك تؤسس بقانون، هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الأتحادية بغية التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض، والتحقق الأمثل للموارد المالية الأتحادية وأقتسامها وضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الأموال لحكومات الأقاليم، وهذا ما نصت عليه المادة (106) من الدستور. وفيما يتعلق بإجراء التعديلات الدستورية ولضمان عدم المساس بالحقوق الأساسية الواردة في الدستور، فقد أوجد الدستور في مادته (126) الفقرة (رابعاً) بعدم جواز أي تعديل على مواد الدستورمن شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الأختصاصات الحصرية لسلطات الأتحاد إلا بموافقة سلطة التشريع في الأقليم المعين، وموافقة أغلبية سكانه بأستفتاء عام. الأستنتاجات 1- أن إقليم كردستان، إقليم فدرالي داخل الدولة العراقية، أقر الدستور وضعهُ الدستوري وحقوقه وأختصاصاته ومؤسساته القائمة كوحدة دستورية شرعية ولا يعتبر إقليماً كونفدرالياً، لأن (الكونفدرالية) عبارة عن أتحاد تعاهدي بين عدد من الدول لتأسيس هيئة مشتركة دبلوماسية أو حكومية، أو لأمر وشأن معينين، بينما الفدرالية عبارة عن أتحاد طوعي أختياري بين إقليمين أو أكثر تقوم وتؤسس بموجبه دولة أتحادية ذات شخصية دولية جديدة صاحبة السيادة الخارجية والداخلية، وعلى أن تكون للأقليم الحق في ممارسة جزء من تلك السيادة الداخلية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الفدرالية تنشأ بموجب الدستور، فلا يمكن الأنسحاب منها لأنه بالأصل أتحاد طوعي و أختياري ، بينما (الكونفدرالية) تنشأ من خلال (معاهدة) تجيز للأعضاء الأنسحاب منها متى ما ارادوا ذلك. كذلك في الفدرالية، تكون الشؤون الجنسية والسياسة الخارجية والدفاع والمالية وعقد المعاهدات ، جزء من صلاحيات الحكومة الأتحادية، بينما في الكونفدرالية فإن كل دولة تحتفظ بسيادتها الخارجية والداخلية والشؤون الجنسية، على وجه الأستقلال عن الأتحاد الكونفدرالي. 2- أن الفدرالية هي الشكل القانوني الأمثل لحل مشاكل العراق التاريخية وتراعي تكوينه المتنوع، وأن تطبيق أي نموذج فدرالي مطبق في أية دولة أخرى على العراق يؤدي إلى الفشل، وذلك لخصوصية العراق من التكوين القومي والديني والأجتماعي والجغرافي. 3- أن الأختصاصات والحقوق الممنوحة لإقليم كردستان دستورياً هي نفس الحقوق والأختصاصات التي تمارسها المحافظات الغير منتظمة في إقليم، ويستطيع أي إقليم جديد في العراق ممارستها والتمتع بها. 4- يجب أن تؤدي أية عملية تعديل لدستور العراق إلى تقوية النظام الأتحادي وسد النواقص فيه، وليس بالعودة إلى المركزية في الشكل السابق لدولة العراق وطرح مشاريع اللامركزية الإدارية التي أثبت فشلها في العراق. 5- أخذ واقع العراق بنظرألأعتبار بكل جوانبه، وأخذ العبر من الماضي من المأسي والويلات التي أصابت هذا البلد العريق في حضارته، من أجل تضميد جراحات الماضي ومحو آثار السياسات الخاطئة ولرسم غد مشرق لأبناء شعبه بمختلف مكوناته وأطيافه، لأن العراق الأتحادي القوي المسالم، في صالح الجميع. أما العودة عن الدستوروالفدرالية والتمسك بالمركزية وسياسات الإقصاء، فإنها تساعد على تعظيم المشاكل وعدم الأستقرار في العراق.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قراءات في مفهوم الدستور,, | عبادي السوقي | منتدى الحوار الهادف | 6 | 12-11-2012 12:33 PM |