العودة   منتديات مدينة السوق > القسم التاريخي > المنتدى التاريخي

المنتدى التاريخي منتدى يهتم بتاريخ إقليم أزواد .

Untitled Document
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-03-2012, 06:36 PM
عبادي السوقي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 فترة الأقامة : 5629 يوم
 أخر زيارة : 10-30-2024 (01:36 PM)
 المشاركات : 389 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : عبادي السوقي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أزواد: نظام الحكم



أزواد: نظام الحكم السبت, 15 سبتمبر 2012 23:15
يحيى ولد سيدي أحمد/ باحث في تاريخ وآداب الصحراء الكبرى والسودان الغربيخاص ـ (الحرية): شهدت منطقة أزواد قيام دول عديدة، كانت أشهرها وأوسمها بالعدل في السيرة دولة إسكيا الحاج محمد 1443/1538م، وكان قد حكم 36 سنة و6 أشهر. ورغم أن حكم أبنائه وأحفاده من بعده استمر حتى ما بعد قدوم الرماة سنة 1591م بوتيرة في العدل دون حكم إسكيا الحاج محمد، إلا أن تنظيمهم للدولة كان يعكس تمدنا كبيرا جدا. فكان لديهم وزراء وحكام مناطق ما بين إداريين مدنيين وقادة عسكريين، ولكل مسؤول لقبه الخاص ومسؤولياته الواضحة. كما كانت الإدارة الإقليمية مرتبة ترتيبا محكما. هذا، إضافة إلى استقلالية نظام القضاء حتى عن إسكيا نفسه.
واشتهر من بين باشوات وقادة الرماة رجالٌ معروفون بالعدل، حفظ لنا التاريخ أسماءهم، وكانوا في الغالب من الصدر الأول في دولة الرماة. كما كان للرماة نظام حكم محكم يتدرج من الباشا إلى القائد والكاهية.. يقول الشيخ سيدي المختار الكبير الكنتي:" ما أذهب الرماة إلا تلك السيرة المشؤومة المُحْدَثة بعد صدر الرماة القائمين بالسياسة والعدل، فدولتهم مستقيمة إذ ذاك، وكلمتهم مجتمعة، وشوكتهم قوية، ونكايتهم شديدة، فلم تزل تتدافع بهم أمورهم، وينتقص عدلهم، ويتزايد جَورهم، وينتشر ظلمهم، ويفشو حيفهم وشؤمهم، حتى كان الفتك لهم سيرة معروفة، والظلم طريقة مألوفة، ففتك بعضهم ببعض، فتفرق الكلام، وانفصم النظام، فلم يزل ذلك بهم حتى طوي ملكهم، وانفصم سلكهم". أما دولة التوارق، فإن سِمة البداوة حالت دون قيام نظام حكم على نمط السونغاي والرماة. ويظهر ذلك جليا منذ حكم امقشرن 1433/1469م، حيث أسندوا حكم مدينة تنبكتو إلى أسرة شنقيطية هي آل محمد نض. وفي القرن الثامن عشر الميلادي، يلخص الشيخ الكبير الكنتي وضعية أزواد بقوله:" ونحن في زمن فاسد وبلاد سائبة، والتغلب فيها للتوارق". ويضيف، متحدثا عن نظام حكمهم للأرض:" وليسوا كحال الولاة الحاملين على ما هم فيه". وجريا على عادة امقشرن عرض سلطان إولمدن أُكَدِدَ، على الشيخ الكبير الكنتي رئاسة أرض أزواد، قائلا:" يا شيخ، ألا ترى إلى فساد العامة وعوث الظلمة بالفساد في البلاد، ولا تسمع الكلمة إلا منك، ولا ينفع الدفاع في رد ذلك إلا أن يصدر عنك، فأنت المكلف بتقويم الأمة، وإقامة حدود الملة. وقال بمثل ذلك القاضي الصالح بن محمد البشير السوقي - وسائر إخوان أكدد وأبناء عمه- وإنا جميعا في قبضتك، وتحت حكم سيادتك، نأتمر بأمرك، وننتهي لنهيك؟". فقال الشيخ الكنتي:" إنما أنا رجل من سائر المسلمين، وما قصرت قط في جلب أو دفع أرى أن عائدة نفع تعود منه على الإسلام وأهله، وما طلبت في ذلك صاحبا ولا عونا ولا غاشية، فادفعوا جهدكم، وأنا من ورائكم. وأما أن أترأس أو أتعاطى ما يتعاطى أهل الولاية، فما لا يكون أبدا. وأما أنت، يا أكدد، فإن صحت نيتك وعاقدت الله تعالى على العدل في سيرتك، ضمنت لك على الله تعالى استقامة الدولة، وشدة الصولة، حتى لا يقاومك معاند، ولا ينالك بما يضرك مُكائد". وكذلك عُرضت رئاسة أزواد في نفس الفترة على زعيم قبيلة كل انتصر العربية في صميمها العلامة محمد المختار بن محمد علي بن محمد أملن، فقد كتب له أعيان قومه ومن ينسب إلى العلم من إكلاد كتابا بالمبايعة له برسم الإمارة وأنه أهل لها، وكتب له بذلك أيضا جميع انتصر وإكلاد والرماة والبرابيش وإكودرن. فجاء إلى الشيخ الكبير الكنتي، ونصحه الأخير قائلا:" إن الرماة لو أن لهم قدرة على تولية أحد ولّوا واحدا منهم، فما خرجت الولاية من أيديهم إلا بعدما عجزوا عنها، وأما البرابيش فهم[ في أرض] التوارق، وأما انتصر وإكلاد فـ[ زوايا]، وأما كناتة فلم يدخلوا تحت ولاية سلطان من زمن عقبة المستجاب إلى يومنا هذا، ولا يدخلون تحت ولايته آخر الأبد، وإنما هم زوايا: مَن لم يكن منهم في شغل بطلب العلم كان في شغل بطلب مَعاشه من ركوب الأسفار واقتحام الأخطار، وأما التوارق فمتغلبون، لا ينقادون لذي سلطان. وعلى تقدير تأهلك للخلافة، فأين الأجناد التي تصول بها؟ وأين العدة التي تقوى بها؟ وإذا كان لك جند، فمِن أين لك بيوت الأموال التي تنفق منها على الأجناد وتبذلها في استجلاب الأمداد؟ فإن كنت ذا نية صالحة في طلب الإمرة، وكان الله تعالى قد قدرها لك في سابق تقديره، فاسْعَ في تحصيل شروطها وتهيئة أسبابها بوجه لا ينقض عروة ديانة، ولا يخل بمروءة ولا صيانة، وإن يكن غير ذلك، فإياك والدخول في باطل، والسعي في ما لا تحصل منه على طائل". فلم يزد الرجل على أن مزق المكتوب ودفنه، وتنصل من ذلك وتبرأ منه وهوّنه. هذا، مع إن إولمدن كان لديهم قضاتهم من قبيلة كل السوق العربية في صميمها المشتهرة بالعلم وبتعاطي الشعر أيضا. ورغم أن إولمدن، الذين استمرت دولتهم في أزواد أكثر من قرنين من الزمن، كانوا قد بسطوا نفوذهم على غالب أرض أزواد، إلا أن النزاع القديم الجديد بينهم وبين قبائل تدمكت حال دون بسط نفوذهم على سائر بوادي أزواد، ولو لفترة من الزمن. فقد ثار عليهم الغمير بن أبتيت بن محمد المختار بن عومر بن اللاذ التدمكتي ، حين ثار على خميكا عم أبيه سلطان تدمكت الذي كان تحت وصاية إولمدن، "وخرج عنه في جماعة وافرة من أبناء اللاذ وأكثر قبائل تدمكت، فانحاز خميك إلى إولمدن مستنجدا لهم فأنجدوه، فكانت بينهم وقعة ايرانتكيفت، وكانت الهزيمة فيها على خميكا ومن معه، وقتلت منهم مقتلة عظيمة. ثم خرج إليهم في سائر إكوادرن، فكانت وقعة آركون، فكانت الهزيمة فيها على قوم الغمير، بعد ما نيل من أصحاب خميك وقتل من إولمدن زهاء المائة، وفيهم أبناء أخوات أمّ ومهمد بن أك الشيخ، ولم يبق بيت من بيوتات إولمدن إلا وقتلوا منه قتيلا أو قتيلين أو أكثر، فكانت إولمدن على عداوتهم وحربهم يدا واحدة، فغزوهم بجيش جرار حتى ألحقوهم ببلاد بنبرَ ووغّلوهم فيها، وأغاروا على كثير من أتباعهم وأشياعهم، ثم رجعوا عنهم. ثم ضاقت الأرض على الغمير ورجاله بما رحبت، فبعثوا بالكتب إلى الشيخ سيدي المختار الكنتي يستغيثونه، فركب إليهم في جماعة من طلبته وخاصته، فتلقوه بالكرامة والإكرام، وأهدى إليه الغمير ما لم يهده قبله أحد من آبائه عينا وبقرا وعبيدا وأثاثا. فأمره بالشخوص معه حتى يفد به على جميع قبائل إولمدن في دارهم. فحاص من ذلك جميع أعوانه وإخوانه حيصة حمر الوحش، وقالوا: وروده على إولمدن بحدثان موت أعزائهم في دارهم ما لا يكون ولا يتصور! وسكن هو تحت جريان الأمر، وقال: يا شيخ، لو أقحمتني النار أو جشمتني البحار لاقتحمت جمر النار ولَخُضْت لج البحار، وإني طوع أمرك الرشيد، وتحت كنفك المشيد. فركب به الشيخ ووفد به على جميع أحياء إولمدن، فما منهم إلا من تلقاه بالسهل والرحب، وبسط له كنف الكرامة والحب، حتى نزل به على أبناء أك الشيخ فأكرموه وأعطوه ما لم يعطوه لأحد من آبائه، وقدموه على تدمكت، فتمت له الكلمة فيهم، وجمع الله له بعناية الشيخ وسياسته إلى ولاية أمر تدمكت ولايةَ أمْرِ إولمدن؛ فكانوا يفِدون إليه وفادة الرعية إلى سلطانها، فيعطيهم العطايا الوافرة" .
يحيى ولد سيدي أحمد باحث في تاريخ وآداب الصحراء الكبرى والسودان الغربي

هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] الصالح المعروف بين قبيلته كل السوق باسم سالَهُ:وصفه الشيخ سيدي المختار الكبير وابنه سيدي محمد رحمهما الله بالشيخ القاضي ابن القاضي ووصفاه أيضا بسعة العلم وكثرة الفضائل والعدل في القضاء، ومدحه الشيخ سيدي محمد بن سيدي المختار الكبير الكنتي بقصيدة نونية طويلة مذكورة هنا في الطرائف والتلائد. له فتوى في عدم جواز الخروج على سلاطين إولّمّدن لعدم الكفر البواح. يقول الشيخ العلامة محمد العتيق بن سعد الدين في كتابه الجوهر الثمين عن أسرته:" أن آل البشير السوقيين الأنصار هم الذين نصبوا في هذه الصحراء قضاة ، فقد تولى القضاء منهم محمد المختار المعروف بأمّد من زمن كاردنّ جد إولّمدن، وتسلسل ذلك في أبنائه بعده. وقيـل : إنه لما تمكن بسبب قضائه ولاية الصحراء ترقت همته إلى جمع جميع السوقيين في وطن واحد برسم الإقامة وترك التحول فجمعهم على بئر يقال لها ( تين تلقون) أي ذات المساكين ، فبنى لهم المساجد والمدارس بالأشجار والحشيش ،وألزمهم العكوف عليها والاجتهاد في تجديد ما اندرس من آثار أسلافهم ، فمضت على ذلك مدة ثم بدا له أن ذلك لا يسعهم من جهة المعيشة ، فأذن لهم في التفرق بشرط التزام الجماعة والتعليم والإرشاد لمن معهم من الأهل والجيران والأتباع ، وأذن لبعضهم بفصل الخصومات بشرط التقيد بمشهور مذهب مالك ، والبعض لم يأذن لهم".
[1]انتصر: أي قبيلة كل انتصر.
[1]سلطان قبائل تدمكت بعد أبيه وبعد عمّ أبيه خميكا ثم بعد باش بن انتيقاد. وهو سليل آلّاد جد غالب قبائل تدمكت الذي يذكره المؤلف هنا باسم اللاذ. وتقدم التعريف بقبائل تدمكت في الفصل الثاني من الباب الثاني.
[1] مهمد أك الشيخ أك كاردنّ: أي مهمّد بن الشيخ بن كاردنّ، رابع سلاطين قبائل إولمدن بعد جده كاردنّ وأبيه الشيخ وأخيه أمّ.
[1] بلاد بنبر: يعني أنهم عبروا نهر النيجر إلى الضفة اليمنى حيث تقع بلاد بنبر، وبنبر عَلَمٌ على قبائل الزنوج ماندينغ الذين يسمون أيضا مالينكى ومنها اشتقاق اسم دولة مالي التي تعني أيضا فرس النهر بلغتهم. وهم قبائل كثيرة تتربع على قمة هرمها أسر عريقة في الملك، يعود ملك بعضها وهم: كيتا إلى عهد سحيق. وأشهر ملوكهم صونجاتا كيتا الذي وحّد بلاد البنبرا في القرن الثالث عشر الميلادي واستمرت مملكة مالي بعده في وحدة وازدهار لما يناهز القرنين وكان ملوكها مسلمين وهو إسلام بلاطي لا يكاد يتجاوز إلى عامة الشعب كثيرا. وكان لاستغلالهم مناجم الذهب في منطقة بورى غربي مالي دور كبير في ازدهار ملكهم؛ إذ كانت هذه المناجم المعدن الوحيد للذهب في غربي العالم القديم. ثم ترهل ملكهم وانقسموا إلى ممالك أكبرها: مملكة سيغو في الشرق، ومملكة كارتا في الغرب وعاصمتها مدينة انيورو. وانغمسوا في الوثنية لأربعة قرون، إلى أن تضافرت حركتان دينيتان على نشر كلمة التوحيد: حركة الحاج عمر الفوتي الفلاني التجانية المتوفى سنة 1865م، وحركة الشيخ سيدي أحمد البكاي الكنتي المتوفى سنة 1866م والأخيرة امتداد لحركة صوفية قادرية انطلقت من تلمسان ثم توات.
[1] الطرائف والتلائد، تحقيق يحيى ولد سيد أحمد، دار المعرفة، الجزائر 2011م، بتصرف.



 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضع هنا ما وقفت عليه في (النت) حول مدينة السوق اليعقوبي المنتدى العام 58 01-19-2014 06:33 PM
قراءات في مفهوم الدستور,, عبادي السوقي منتدى الحوار الهادف 6 12-11-2012 12:33 PM
النص الشرعي : مفهومه و فهمه تغارجيه منتدى المصطلحات 3 07-21-2012 12:16 AM
بحث في نظريات نشاة الدولة,, عبادي السوقي منتدى الحوار الهادف 0 04-30-2012 06:10 PM
قصيدة عنوان الحكم - البستي أبوعبدالله المنتدى الأدبي 5 08-26-2010 02:08 AM