|
المنتدى التاريخي منتدى يهتم بتاريخ إقليم أزواد . |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
علاقة "كل اسكن" ببعض القبائل السوقية، قراءة من الواقع
شبه تقديم قرأت قراءة أولية كتاب حبيبنا الغالي "محمد بن احمد الإدريسي السوقي الخرجي" ـ المدارس الأدبية في صحراء الطوارق ـ فوجدته عظيم الأهمية، جميل الطرح، ولسوف يكون له الأثر الجليل في دراسة السوقيين، وآدابهم. تتجلى أهميته في عدة أمور، كمحاولته الجريئة لأول مرة في تصنيف المادة الأدبية المنثورة بين خزائن "كل اسوك"، ويكفيه أنه وضع اللبنة الأولى للسوقيين، كي يواصلوا في تشييد المنظومة الثقافية ل"كل اسوك"، بشكل علمي رصين، وإنها {بداية} ـ بدون مجاملة ـ أفضل من كثير من البدايات، التي اعتدنا منها الخلل، والحاجة إلى التدقيق، والتنميق، في الثقافة الإسلامية عموما، وكون عمله مجرد {انطلاقة} مباركة يشفع له في كل اعتراض سوف يوجه نحوه، وأقل فضائله هو أن يجعل القراء ينقدونه ـ النقد البناء ـ فتثمر شجرته الطيبة بكل نظرة علمية، وتزهو يوانعه بكل إضافة، قام بها القارئ، ومن ذلك ما أنا عازم عليه الآن، من التحدث حول قبيلة من قبائل كل اسوك، "قبيلة كل اسكن"، فاستوجب الذكر، والشكر والتقدير، وقد قدم للجيل القادم أغلى هدية، وترك أثرا به سيعرفونه، ولأجله سيذكرونه، وكل عمل ابن آدم معرض للنقص مهما حاول التنقية، والتصفية، والتدقيق، والتحقيق. ولولا كتاب الخرجي لما تسنى تسجيل هذه الخواطر، ولذلك كان مشاركا حقا في هذا العمل، إن لم يكن كله له، فها هو لم يذكر "علاقة كل اسكن" بأية قبيلة أخرى، على عكس الكثير من القبائل التي حرص على الإشارة إلى"الروابط"، التي تربط بينها موجزا تارة، ومفصلا تارة أخرى، حتى يخيل إلى القارئ أنها من الشكل المنعزل انعزالا كليا خارج الدائرة، وبعيدا عن التغطية، فكان ذلك سببا مباشرا لتناول ذلك الموضوع الهام، فكم طلب مني بعض الزملاء أن أتحدث حول هذه القبيلة، وكم أجبت بأني لا أستعد لذلك، انطلاقا من موقفي الذي يرفض التجزئة، فأقبح شيء لدي أن يكون كل واحد من السوقيين متقوقعا داخل حيزه القبلي، ولا يلتفت إلى غيره، وكأنه وحده في الوجود، وهل يرجو مصلح، ولا طامح حالم أن يتم اتحاد السوقيين ، في الوقت الذي يهم كل واحد منهم أن يعدد فضائل قبيلته، سواء ذكر فضائل الأخرى، أم لم يذكرها، أليس هذا هو المكرس الوحيد لتلك النظرة المسيطرة علينا؟ فكل سوقي يحدد علاقته مع أخيه انطلاقا من علاقة قبيلته بقبيلة الآخر، فمتى نتحرر من هاته النظرة يا ترى؟ ومن أجل هذا أردت إبراز علاقة بارزة أصلا، ولكنها تحتاج إلى من يسجلها، لتوكيد هذا التلاحم بين السوقيين، وأؤكد على الرغبة في توسيع نقاط العلاقات، فلست إذن بهذا العنوان مؤرخا لهذه القبيلة، فكل ما يهمني هنا هو إلقاء الضوء على مختلف العلاقات التي تربطها ببعض القبائل السوقية الأخرى، مع تحليلها وقراءتها، على خطورة ذلك، ومصدري الأول هو الواقع فحسب، ولذا أتعمدا الإتيان بامثال واقعية حية. 1 لقد تأملتها فوجدتها "علاقات اجتماعية، ودينية، وعلمية، وسياسية" بينها وبين هذه القبائل الآتية: "إجدش ـ كل تكرنكت، كل تنقسا، ـ ، كل تبورق، كل تجللت، كل تكرتن، كل تجيدت، ...إلخ، على اختلاف وتفاوت في شكل العلاقة. تشكل قبيلة "كل اسكن"، جزءا لا يتجزأ من منظمة "تلك القبائل"، فكونت معها نسجيا اجتماعيا موحدا، تسوده مظاهر الاحترام، والإجلال، والمودة الصادقة، بل الغريبة، كما سيأتي، وأكبر مظاهر التلاحم بين القبائل هي "النسب والمصاهرة" عموما، والسياسة، والدين والثقافة، والجوار، ولكن قبيلة كل اسكن لها خصوصية لافتة للنظر في هذا المجال، وهي التي سأوضحها بإيجاز على هذا الشكل: ·علاقات اجتماعية: 1 ـ النسب: إضافة إلى أنها تشارك جل تلك القبائل جدها العاشر على الأبعد، لم تزل تربط بينها وشائج النسب، وتتوطد حبال الرحم القوية، فأبدأ بقبائل "إجدش" تلك المنظومة التي تشكل قبيلة "كل اسكن" منها جزءا لا يتجزأ، فقبل ظهور الشيخ العارف "حماد" رضي الله، في قبيلة "كل تبورق"، لم يكن أي فاصل اجتماعي ولا سياسي بينها وبين إجدش، ولكن حادثة "بيعة كل اسكن للشيخ حماد" هددت تلك العلاقة قليلا، فهذا بطبيعة الحال يعد أكبر مخالفة لسلطة "إجدش"، التي لم ترد أن تذعن لطريقة الشيخ حماد، لأن ذلك يشبه نوعا من الخضوع، والخنوع، والتبعية على الأقل ـ الدينية ـ وذلك ما لا يمكن حصوله من قبل "إجدش" لأية قبيلة أخرى. وهنا تمتحن "المودة" الكبيرة بين "كل اسكن" وإجدش"، وتختبر العلاقات كلها، وهنا تعالت أزهار الحب الصادق تفوح، وتتحدى مواثيقه كل الزوابع، وجاءت قصة "الحب" الغريبة، فرغم تلك الفجوة السياسية، الدينية لم تتأثر تلك العلاقة بأية ثلمة تذكر، فقد واصلت الأرحام تتعانق، وتصدر أريج الوفاء، فإلى الساعة تكن كلتا القبيلتين فيما بينها احتراما عجيبا، وكان النسب أكبر معبر عن هذا، ولذا فسوف أمثل بنفسي قبل أي أحد، فإن أم جدي الأول من جهة الأب محمد بن محمد الأمين من بيت الشرف في إجدش، فهي من سليل "سلهو"، كما أن أم جدي الأول من جهة الأم محمد بن معاوية من قبيلة "كل تنقسا"، وهي بطن من بطون "إجدش" المشهورة، فأنا إذن من إجدش أبا وأما. وهذا ما ينقلني للحديث حول بطن آخر من بطون "إجدش" ألا وهو "كل تكرنكت"، وكل ما قلته حول إجدش عموما ينصب عليهم أيضا، فرغم المخالفة المذكورة في السياسة والدين، ظل النسب معشوشب الأغصان، فمن الصعب جدا أن تصادف شخصا من "قبيلة اسكن" ليست أمه، أو جدته، على الأقل من قبيلة "كل تكرنكت". أحب هنا ـ لأمر ما ـ أن أمثل بنفسي دائما: إن والدتنا أم عمي "الرفيع" من تلك القبيلة، وكنت أدركتها عندنا، وأظنها جدتي حقيقة، وقد كانت جدتي حقيقة، فإني لم أر فرقا عندها رحمها الله رحمة واسعة. والحق أن قبيلة "كل تكرنكت" أشد القبائل السوقية اندماجا في قبيلة "كل اسكن" على الإطلاق، فيصح أن نقول: هي قبيلة أمهات أولاد "كل اسكن". وهذا أدى إلى أمر طريف سوف أذكره في هذه السطور. أما قبيلة "كل تبورق" فحدث ولا حرج، فكأن النسب بينها وبين هذه القبيلة يشبه الحالة التي فرغنا من شرحها، إذا عكست القضية، وقلت: إن كثيرا من أمهات أولاد تلك القبيلة هي من "كل اسكن"، فهذا صحيح يشهد عليه الواقع المعيش، فلا يحتاج إلى التمثيل أصلا، ويكفي لقبيلة "كل اسكن" أنها تتشرف حالا بإقامة السيدة بنت الشيخ العلامة الخضر فيها، وما زالت هناك، أطال الله بقاءها، وزاد من عمرها المبارك. أما قبيلة "كل تجللت" فرغم مجيئها في مرتبة متأخرة بعد المذكورة، فيكفي أن جد إحدى الأسرتين التي كانت نواتها الأولى "محمد الإمام" بن عمة "إنلبش" جد "كل اسكن"،وكان يتمازحان ولذلك قصص من أطرفها أنه مر أحد الشيخين ـ وهو الشيخ إنلبوش ـ بقبر الآخر ( الإمام )بعد موته، فعقر عنده ثورا إكراما له ثم أخذ (أغلم)فوضعه عند القبر ممازحةوقد تحجر،رآه شاهد عيان عند قبر الإمام في تيجيرون على حاله الأول عام 1424هـ وكذلك بيت بني همهم،فمعروف عنه شدة محبة كل اسكن ومن آثار تلك العلاقات بين كل اسكن وبين كل تجللت مكاتبة الشيخ حمدا لجدي محمد بن محمد الامين ـ رحمهما الله ـ فقد أرسل إليه عدة أسئلة وأجابه بكتاب مستقل، وما دمت أتحدث من منظار الواقع، فإن من رآى حال العم أمح بن محمود واحتفاءه بعلاقة كل تجللت مع كل أسكن يتضح له ذلك جليا. ومن الواقع ماكفاني مؤونة التمثيل له الشريف الأدرعي أحمد محمد بن محمد الحاج ، إذ علم كل رواد "المنتدى" أنني خاله، وليس وحده في ذلك أيضا، لكنه يكفي مثالا. وكذلك قبيلة "كل تجيدت"، التي يظن من لا يعرف التفاصيل الدقيقة أنها جزء من "كل اسكن"، من شدة الترابط. أما قبيلة "كل تكرتن" فإنها أيضا ـ لا بد ـ قد امتزجت بها، وإن لم يحضر لدي مثال حي أستشهد به، فيكفي "الرضاع" نسبا، ورحما، فهو موجود بالقوة، ولا يفوتني كعادتي أن أمثل بأني شخصيا، خال اليعقوبي في الرضاع، مع أن العلاقات لا تنحصر في النسب فقط، كما سيتضح، فبعض القبائل تقوى علاقة كالعلم بينها أكثر من رابطة النسب. 2 ـ المصاهرة: هذا الجزء لا يحتاج إلى التفصيل بعد ما شرحت الجزء الأول، فمن البديهي أن كل ذلك ناتج عن عامل المصاهرة، وهي لم تزل قديما وحديثا تربط الأوصال، وتذكر بالعهود القديمة، وتحكي قصة "الميثاق الغليظ" بين تلك القبائل المذكورة. 3 ـ الجوار: إذا كان النسب والمصاهرة يعبران عن العلاقة الاجتماعية تعبيرا معنويا، ويكونان مبهمين أحيانا، فإن الجوار مظهر ملموس من مظاهر التجمع، وهو نفسه الاجتماع بالمعنى الحرفي، ولا أقصد بالجوار هنا الحدود الجغرافية، بل الاندماج في بوتقة واحدة، مما يشكل مكونا اجتماعيا واحدا، وهو ما حدث فعلا في قبيلة "كل اسكن"، فهي تتشرف باستضافة أسرتين من "كل تبورق"، وأسرتين من "إجدش"، أو أكثر إذا أضفنا الأولاد، ومن اللغو التذكير مرة أخرى بأن الأمهات في تلك الأسر المذكورة من قبيلة "كل اسكن"، مما يعكس فعلا التلاقح القوي، وكأنها بهذا (ملتقى قبلي)، متعدد الأنواع، وإن كان متقارب الاتجاهات. وهذا من الطريف الذي أشرت إليه، هو أن هذه القبيلة أدت إلى الجمع بين قبائل لم يتوقع اجتماعها هكذا، لكنها آوتها في مظلة واحدة، ولم يقتصر هذا الجمع الذي قامت به على الجوار فقط، بل سببت بنقل الأرحام، والربط بينها في النسب، فمثلا: أن تزف فتاة إلى قبيلة "كل تبورق"، أو "كل تجللت" وأمها أو جدتها من قبيلة "كل تكرنكت"، أليس هذا طريفا؟ وهذا هو ما حدث فعلا، فإن 99%، ـ بدون مبالغة ـ من بنات "كل اسكن" الموجودات في "شرق نهر غاوو" أمهاتهن، أو جداتهن من "كل تكرنكت" مباشرة. وإذا عدنا إلى تأصيل الجوار بالمفهوم القبلي فلا يخفى أيضا أن كل أسكن في عهد الشيخ حماد، قضوا فترة متجاورين مع "كل تبورق" وقد اشار المحمود إلى ذلك في تبره التالد في غير ما موضع ومن تلك المواضع حينما تكلم عما اوتي والده حماد من الهيبة من إخوانه وجماعته إلى ان ذكر أنه مرة جمع اصحابه يسألهم هل ينتقلون إلى جهة الساحل الشرقي والغربي مستشيرا فسكت الجميع فقال له بعضهم ـ ما معناه ـإن أذنت لأحدنا أبدى لك رأيه فأذن للسيد المشقح ، فقال له الساحل الشرقي والغربي لنا، وأي واحد منهما اتجهنا إليه اتجهنا إلى موطننا ولكن ...ثم سرد الجواب . ومعلوم أنه في تلك الفترة أيضا إن لم يتجاوروا مع" كل تجللت " فهم قريبون منهم لأن الجميع لا يريد الابتعاد عن الشيخ . · العلاقات الدينية: إن العلاقة الدينية في نظرهم أقوى من أية علاقة، فهي تتعالى على كل الاعتبارات، وهي أمها، وهي التي شكلت في تاريخ القبيلة منعطفا خطيرا، ومهما، فهي المنعطف الذي خلق بالدرجة الأولى كل العلاقات الأخرى، خاصة مع القبائل الثلاثة "كل تبورق/ كل تجللت/ كل تكرتن"، والجانب الديني هو الذي نقلها من "منظومة إجدش" إلى منظومة تلك القبائل المذكورة، وإن لم يسبب هذا النقل إلى فراق كبير بينها وبين إجدش كما سبق، وهو العامل الذي سبب لها رضا الراضين، وسخط الساخطين، ولكن يبدو أنها اقتنعت برأيها أيما اقتناع، وآمنت به إيمانا لا يضاهيه إيمان، حين بايعت الشيخ حماد رضي الله عنه شيخا للطريقة، فانضمت انضماما كليا على مستوى الروح إلى تلك المنظومة، ومن ثم قبعت الطريقة في وجدان القبيلة، لتخلق امتزاجا، فحلولا واتحادا ـ بالمفهوم الصوفي ـ فهذه العلاقة إذن أكبر العلائق على الإطلاق وضوحا، وأكثرها تجليات، فمن الطبيعي أن تسكن ألقاب المشايخ ضمائر الأطفال، حين ارتشفوها وجدا وحريقا، ورحيقا على يدي الأمهات، اللاتي يتوسلن بهم صباح مساء، فهي علاقة تتسم بالإخلاص، وتنطلق من الإيمان، فتستولي على القلوب، إلى درجة الفداء. فمن نافلة القول إذن التأكيد على أنها كلها مريدون أوفياء لتلك القبيلة، وليس للشيخ فحسب، بل ولكل من له أدنى صلة به: ذكورا، وإناثا،صغارا وكبارا، فضلا عن القبيلتين المتجاورتين معها "كل تكرتن/ كل تجللت"، التين اشتركت معهما في الاتجاه الواحد. فهذه العلاقة الروحية هي التي قد تفسر بأنها خلفت الهوة بينها وبين بقية القبائل الأخرى، فمن العجيب فعلا أن تلك الفجوة لم تتجاوز القشور السياسية، ولم تنعكس على الحياة الاجتماعية، إذ تواصل النسب يزدهر بينها وبين "كل تكرنكت" مثلا. · العلاقات العلمية: هذه من أهم النقاط في تاريخ السوقيين عموما، وهي التي تشتغل بضغطها طاولة النقاش بينهم، وإذا كان يشوبها نوع من التنافس بين جل القبائل السوقية فإنه يبدو أن قبيلة "كل اسكن" لم تفكر في التنافس العلمي قطعا، وإذا كنت أبرر ذلك بشدة تفانيها في حب القبائل الثلاث الأخرى "كل تبورق/ كل تجللت/ كل تكرتن"، بحيث كانت تفتخر بعلماء تلك القبائل، وكأنها علماؤها، وتنتصر لهم في كل قضية علمية أثيرت للنقاش، ولا تريد أصلا أن يصدر منها ما يشبه التنافس مع من تخلص له الولاء، وبالمقابل فإن من رآى توجيه شيخ الجميع العلامة المحمود بن حماد اسئلة إلى العلامة جدي محمد بن محمد الامين يستفتيه ويستنيبه فيها في الجواب عن عدة مسائل رفعت إليه ورآى إجاباته له، فإنه يتأكد تماما أن الجميع واحد، وأن العلاقة العلمية بريئة كل البراءة من التنافس فكيف بالتناسف؟ لاسيما إذا اضفت إليه اسئلة العلامة حمدا بن محمد من كل تجللت له في امور تاريخية ـ والجميع متداول ـ ولئن أوضحت هذا فلا أبرر غيابها عن الساحة، فاكتفت بالمشاهدة، والتصفيق، فلم تسهم كثيرا في دفع الحركة العلمية نحو الأمام، ككل ما يرام، هذا إذا رجعنا إلى دائرة واقعية ضيقة، أما إذا عدنا إلى امتداد التاريخ ، فمن البدهي لقراء السوقيين مكانة ابي هريرة (إنلبوش )عند علماء السوقيين وتداولهم للنقل عنه ، بل تعتبر منظومته في الفرائض ومنظومته في العقيدة من مكونات الأجيال السابقة علميا ـ وهكذا ـ ولن نطيل في هذا لأنه ليس هو وجهة المقال الأساسي . وربما يعود عدم ما ارتجلته من قلة الاسهام في الحركة العلمية لبعدها عن منطقة ذلك المثلث العظيم الذي هو وإياها على نمطية ووجهة واحدة ـ بما أني في هذه الورقات لا أتحدث حول حياتها العلمية، بقدر ما أتحدث حول علاقاتها العلمية فإني أقتصر على أن علاقتها العلمية مع تلك القبائل، وغيرها كقبيلة "تنغاكلي" هي علاقة "الأخذ" أكثر من "العطاء"، للأسف، فأخذها فيما يبدو أكبر من "عطائها"، ولذلك فقد كانوا يتوجهون للأخذ نحو تلك القائل الثلاثة، إضافة إلى "تنغاكلي" هذا، ولئن كانت قبيلة "كل تكرتن" تأتي متأخرة بعد "إجدش" في العلاقة الاجتماعية على مستوى "النسب" فقط فإنها تأتي في مرتبة متقدمة في هذا الجانب العلمي، بدون مقارنة بينهما، فإن الكثير من الذين حفظوا القرآن الكريم، وتعلموا العلوم العربية من قبيلة كل اسكن قد كانوا تخرجوا من محاضرها، وعلى أيدي علمائها تلقوا كتاب الله، فأية علاقة أكبر من هذه ؟؟ وكانت في هذا مثل "كل تبورق/ كل تجللت" تقريبا، ولكن لا ننسى أن كل ذلك يتم بفضل الشيخ الذي يوجد في قبيلة "كل تبورق"، من عهد الشيخ حماد، إلى يومنا هذا فله فضل الإدارة، والتوجيه، وللقبيلتين الأخريين فضل الممارسة العملية التعليمية، والتكوين المخلص. فإن كل طفل يوجه إلى هناك من كل أسكن إنما يقصد كل تبورق، وبالتحديد الشيخ، ولكنه يتعاون مع القبيلتين كما ذكرت، وتارة يحفظ الطالب القرآن عند "كل تجللت" مثلا فينتقل إلى "كل تبورق"، ليواصل دراسته في العلوم العربية والشرعية، وتارة يزيد على حفظه للقرآن الكريم تلقي بعض الكتب، ثم ينتقل إلى "كل تبورق"، كما حدث لي، وتارة أخرى يبقى هناك إلى أن يرجع إلى أهله. ما مضى هو المحدد لما يمكن تسميته تجاوزا ب"السياسة"، المنطلقة من ذلك الفكر الذي يصنف القبائل إلى اتجاهات، يحكمها نوع من الولاء والبراء، ولا شك أن علاقاتهم السياسية تلك قوية الوشائج مع المثلث المذكور أيضا، دون استبعاد "إجدش"، بكل قبائل التجمع. فلا أطيل الحديث هنا.ولكن لا أنسى لفتة مهمة وهي اتحاد الموقف بين "كل أسكن "و "كل بجو" و"كل تبورق"و"كل تجللت" في عهد الاستعمار الفرنسي ، فإن الجميع وقف موقفا واحدا علميا وسياسيا ، ويمثل كل بجو: أجنت أبي إفنفن ،وكل تبورق نوح بن محمد ثم ابن أخيه حماد ،وكل تجللت محمد الصالح بن محمد بن ميد(حاي) وكل اسكن: المشقح ، فموقف هؤلاء جميعا هو عدم اكتمال شروط الجهاد مستدلين بأدلة علمية واضحة، وموقفهم السياسي مصالحة المستعمر تأمينا لرعاياهم.، وهذا الموقف لا يأتي الاتحاد فيه هكذا من فراغ لاسيما بين كتل يطول الحديث عن الوشائج بينها. 2 "كل اسكن" في كتاب ـ المدارس الأدبية في صحراء الطوارق ـ للأستاذ/ محمد أحمدا الإدريسي السوقي. - لعلنا الآن نستطيع ترك القارئ ليحكم على العبارة التي وردت في هذا الكتاب ص 52: { وذكر العلامة الشيخ العتيق بن سعد الدين : أن القبائل التي ساعدت على ذلك التجمع وكانت نواة أساسية لهذا التكامل هي: قبيلة (إقدش ) بني محمد البشير , وكل (تبورق ) , وكل (تجللت) , وكل (تموكسن )}.
ليجيب القارئ: هل القبيلة المذكورة ليست جزءا من هذا التكامل ؟؟؟ تجب الإشارة مرة أخرى إلى أن الأستاذ حرص على التصريح ب"العلاقات التي تربط بين جل القبائل السوقية، كقبيلة "كل جنهان، وكل تموكسن، وكل تبورق، وكل تموكسن، وكل تجللت ...إلخ. بينما لم يشر ولو بالتلميح إلى روابط وعلائق "كل اسكن" بالآخرين. - قال الأستاذ الخرجي عن "مدرسة كل اسكن" ص 90 : { ولهذه المدرسة شعراء في القديم والحديث, ولكن لم يصل إلي من شعرهم أثناء الكتابة شيء, ومتى وجدته أضفته}. أشكره على هذه المجاملة، وأسأل الله أن يجزيه ألف خير عليها، وأقول له : أنا أيضا لم تصلني أخبار شعرائهم، ولا أظنها ستصلني، ولن يتهمني ابن سلام الجمحي بما اتهم به قبيلة قريش، لما رأت أنها ليست عظيمة الشأن في الشعر، فنحلت الشعر العربي، وتزايدت، لأنها ليس لها شعراء كما للقبائل الأخرى، بل لا نعرف لها شاعرا ذا شأن. ولا أرى أن فقر قريش في الشعر ينقص من قدرها، بل العكس، فكم أشاد العالم كله بفصاحة اللغة القرشية. ولذلك لا أجد حرجا في التصريح بأني لا أعرف لقبيلة "كل اسكن" شاعرا، إذا استثنينا "الشيخ حمزة احمد" في شعره الصوفي "شعر المريدين". وهو قليل، والسيد محمد بن صالح ثم محاولاتي المتواضعة. ولكن أقول في الوقت نفسه: إذا كان شعر "كل اسكن" لم يصل أستاذنا، فإن مكانتهم بين القبائل المذكورة قد وصلته في أكثر من نص، وعايشها بكل تجلياتها، فلم غيب ذلك الواقع، وخلق افتراضا لم يقم عليه أي دليل ؟؟؟ ولذا فمن باب الإنصاف، والعلمية أريد من الباحث أن يصرح بأنه لا يعرف لهذه القبيلة شعرا، ولكن يشيد بما تلعبه من دور اجتماعي على الأقل في سطور. وأريد منه أن يصرح بأن هذه المدرسة كما يسميها لم يتخرج منها الكثير من طلبة العلم ـ أقصد الذين يفدون إليها من الخارج ـ مما يدل على تأخرها في هذا المجال، ولكن : يقف وقفة اعتزاز وافتخار أكثر من المرور الكريم، الذي قام به، مع "إنلبش" باعتباره جدا سوقيا عاش في ظرف تاريخي خاص، وقام بمجهودات خرجت حد نطاق "القبيلة" الضيق، ليشارك في التحولات التاريخية العظمى، فيخصص له سطورا لافتة، على الأقل كما فعل مع من جاء بعده من علماء المنطقة. وأريد منه أن ينعى النشاط العلمي في المنطقة مؤخرا، ولكن يذكر على الأقل: بحثين للشيخ/ المبارك محمد، كما فعل مع معاصريه. إلـــــــــــــــــخ. أي: أريد الموضوعية فقط. 3 موقفي الشخصي من "علاقات كل اسكن":
من حق القارئ أن يسألني عن رأيي الشخصي تجاه تلك العلاقات، كما أن التاريخ يطالبني ليس فقط بالتدوين، بل بتسجيل رؤيتي أيضا، ولذلك لا أرى بدا في إتحاف القارئ والتاريخ معا برأيي على جرأته: إنني أبارك كل تلك المواثيق، والعهود التي وطدها الأجداد مع أي أحد، فضلا عن تلك القبائل المذكورة، وأنى لي بالاعتراض؟ بل أعض عليها بالنواجذ، وأعتز بها، وسأتحدى مقاريض الدهر الحادة، التي تقطع أي متصل. ولـــــــــــــــــــــكن ليس على حساب الآخرين، فانطلاقا من موقفي الذي ينظر إلى الحياة نظرة شمولية، ويعارض أية نظرة أنبوبية، تلك التي لا تتيح للشخص سوى رؤية ما تسمح به فتحة الأنبوب أمامه، وهي أحادية مؤسسة أصلا على نفي الآخر، وعدم الاعتراف به، انطلاقا من كل ذلك وغيره أرى أن نظرة "كل اسكن" من هذا الجانب ضيقة الأفق، مع الاحترام الشديد، فإذا كانت انفتحت، وتفانت في حب القبائل المذكورة فإنها ـ و الحق يقال ـ انغلقت، وانطوت على نفسها بالنسبة إلى القبائل غير المذكورة،، وكل هذا ناتج عن خلفية أيديولوجية، تستبعد أي اتجاه آخر، مخالف في المذهب العقدي، وهو خطأ لم تقع فيه وحدها، فكان الدليل الحاضر في وجدانها، والظاهر على سلوكها هو : لا نوالي من لا يشاركنا في اتخاذ "الشيخ". وأرى أن نموذج "كل تجللت" أقوى حضاريا من هذا النموذج، فهي رغم بيعتها، وتفانيها في ولاء الشيخ لم يمنعها ذلك من استقلالها الشكلي، المراعي لخصوصية القبيلة، وبالتالي، فإن لها علاقات طيبة ـ مثلا ـ مع "كل تموكسن"، و"كل تيسي"... أجل، أي عيب في أن يكون لي شيخ، أحترمه، وأتوسل به، وأحبه كما أحب نفسي، ثم أدير سياستي الخارجية انطلاقا من مصالحي الشخصية، طالما لن يضر ذلك ببيعتي له؟ من المؤكد، أن هذه السياسة قد تكون هي التي نصبت لها أعداء بدم بارد، وقدمتها إلى القبائل الأخرى في شكل مليئ بالحسابات والحساسيات. وربما لهذا السبب بالذات سيطرت الأيديولوجية على الكاتب الباحث الخرجي، وذكرها في أخر القائمة، ولم يعطها كل حقها. ولذا أعذره، من جانب، ولا أعذره من جانب آخر. أعذره بصفته سوقيا، محكوما بالسياسة القائمة، ولا محالة، ولا أعذره بصفته باحثا، مؤرخا، يحدث الأجيال، ويتحرى الحقائق. وأظنه أكبر منصف مقارنة بغيره من أمثاله لو كتب في هذا الموضوع الحساس. وأسأل الله أن نرى ذلك اليوم الذي لا ننظر فيه إلى الآخرين بمنظار الآخرين. وهذا فعلا لن يتحقق من طرف واحد.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|