أرجوزة رحلة السوق

بدا لي أن امتعكم هذا اليوم بأرجوزة رحلة السوق ، وهي رحلة قام بها الإخوة الآتي ذكرهم إلى مدينة تادمكة الأثرية عام 1425هـ وقد قدم للأرجوزة أخونا الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الإدريسي السوقي بهذه المقدمة ، ومن نسخته نقلت بعد البسملة والحمد والصلاة ولم أزد عليه إلا بيان أسماء القبائل:

وبعد فهذه أرجوزة هي بمثابة تقرير عن الرحلة التاريخية التي قامت بها مجموعة من الشباب السوقي إلى موطن الأجداد(تادمكة)وكان قائد الرحلة وموجهها الشيخ يحيى إراهيم السوقي (من كل تجش) ويليه محمد احمد السوقي(من كل فامبلج) ثم بقية الشباب أحمد محمد الحاج(من كل تجللت) وحمزة عثمان (من كل تكرتن)وسيدي حم محمد احمد (من كل مرسي)واحمد محمدآيا (من كل أضاغ) وغيرهم ممن سوف يأتي ذكرهم في ثنايا هذه الأرجوزة التي شارك في صياغتها الأربعة الأول فقد يشتركون في البيت الواحد وقد ينفرد واحد منهم ببيت أو بيتين انتهى

قلت :ومن سيأتي ذكرهم هم حسين هندق (من كل تكرنت )وعبدالسلام محمد يحيى (من كل تجشي)والشيخ بن غلس (من إمكلكلن )وعبد الصمد بن موسى (من كل تجش)وحسين بن أنارا (من امغاد) ودليلنا ـ من كيدال إلى السوق ـ موسى
وأنا سألون بالأحمر للقارئ كل الأبيات التي شاركت أنا بها والكلمات التي أتأكد أنها من إنشائي
وبما أنك بدأت بالتمييز فسأميز إنشائي أيضا باللون الأزرق (حمزة عثمان)
والأرجوزة لم تنته بقي منها شيء لم يرد هنا وعسى أن يتيسر لي إكمالها مع إلحاق التقرير .

الحمد لله إلينا أهدى ***نعمه العمى ونعم المهدى
نحمده عز وجل شأنه ***وعم كل العالمين فضله
وهو الكريم البر ذو الإنعام ***قد خصنا بنعمة الإسلام
ثم صلاة الله دوما ابدا ***على النبي الهاشمي أحمدا
وهو الذي قامت به سوق المنن ***فقد أضا بسنن لنا السنن
وآله وصحبه من ساحوا***لكي يكون للهدى اتضاح
وبعد هذي رحلة للسوق*** اكرم به من عاشق معشوق
سوق اقتناص العلم والمعارف ***فليأته الصديان بالمغارف
مهد على مر السنين آوى ***كل عباب مصدر الفتاوى
قد شهدت لهم بذاك الساحه***ووردة الصحرا بهم فواحه
قد جددوا من العلوم ما اندرس*** وما لهم غير فهومهم حرس
فأجملوا وأطلقوا وقيدوا***وكل معتن بعلم ايدوا
جزاهم خيرا إله العالمين ***ويرحم الله امرءا قال آمين
لحفظه قد نشروا الآيات ***لكي ينبهوا الذي قد ياتي
فقل لشاحذ شباة الغض ***من سوقنا لات أوان العض
فإنما الأشبال بالمرصاد***وكلهم إلى افتراس صاد
له شباب فطنا يحمونه ***ومن وراء الظهر لايرمونه
لايشترى لديهم بالبخس *** فدته روحي وفدته نفسي
وكم ترى من سوقنا بضائعا***في العلم ليست عندنا وضائعا
من ساه عن مجده أهلوه ***من قد نماهم الألى حلوه
لذا غدا محطة الشباب ***وقاهم الله من التباب
شقوا إليه ظهر كل سبسب***ليخرجوا من كنزه كل خبي
وامتشطوا نواصي الفيافي *** غليه ناحتين للقوافي
وهل ترى في ذاك من إغراب ***وكلهم غذي بالإعراب
في رفقة ميمونة نبيله ***والسوق منتماهم قبيله
لما اقتضى حالهم نقل الخطى ***إليه كي يفندوا كل خطا .
فصل
نادى فاسمع أبو العباس***فإن تقدمه فما من باس
ذاك الفتى يحيى بن إبراهيما ***من ليس يألوا قومه تفهيما
له جهود ضخمة مشكوره***في كل ناد عندنا مذكوره
فهو الأخ الوفي إن خل جفا***حسبي به أخا كريما وكفى
وصنوه محمد لا ينسى ***وذكره يبعث فينا الأنسا
وهو محمد بن احمد الوفي ***ذو همة وسؤدد وشرف
ذاك أديب السوق من كان انتدب***لجمع ما قد أنتجوا من الأدب
واحمد محمد بن الحاج *** من كان في أسلافنا كالتاج
بدر النجوم فخر آل السوق ***ولفظه كاللؤلؤ المنسوق
كهف الأرامل وفارس القلم ***ومن يشابه أبه فما ظلم
عرج على بحر العلوم حمزه***فهو لوصل المعلوات همزه
ينميه عثمان إلى الفضل المنيف***وذلك المنهاج ما عنه يحيف
سل عنه شرد المعاني وسل ***قوافيا يشتارها كالعسل
ولست انسى في نظامي حمدي***أذكره في هزلي وجدي
فهو لدى الردى كمثل الليث ***وعند منتدى الندى كالغيث
واحمد الفتى حفيد آيا***من في الندى والمجد حاز الغايا
من حرصه دوما على الإصلاح***تأسيسه مدرسة الفلاح
واذكر حسينا إنما حسين ***ذوخبرة بها تقر العين
فإنه الخريت في الصحراء***بغير إشكال ولامراء
إن انس لا أنسى الفتى بدر التمام *** نجل الشموس في الهدى عبد السلام
يدعو ولايخشى ملام الناس ***في قطره مذكرا للناسي
ولن يكون مقولي محبوسا***عن ذكر عبد الصمد بن موسى
المخول المعم من آل الكريم ***حباهم الله بفضله العميم
لله در السائق الإمغادي ***وكان في الرحلة نعم الغادي
الشيخ نجل غلس المكلكلي *** ألقى عليه الخير كل كلكل
واقرن به قرينه الحسينا ***بن أنار طيبا وزينا
فصل
فصل ومن فوائد ارتحال ***رؤيتنا قبر أبي المعالي
أعني به محمد بن يوسف ***يعرفه بالفضل كل منصف
بفضله ربي كل جيل ***لذا استحق صفة التبجيل
ترجمه في الجوهر الثمين *** شيخ الشيوخ نجل سعد الدين
[color="red"]لما نزلنا في اقتفاء الأثر ***في بقعة مملوءة بالحجر
لكنها على خلاف العادة ***من نقشهم على قبور السادة
ولم نجد قط بذاك الرسم ***من معلم غير دقيق الوسم
فرحم الله تعالى الباري *** شيخ الشيوخ وأبا الأحبار
فصل

فصل فكاهي به من يروي ***يشبعنا من أنسه ويروي
ثم رجعنا بعد للمقيل ***من تحت غصن ليس بالظليل
وابتدر القوم إلى الإعداد***للشرب والشاهي وطبخ الزاد
فدارت الكئوس فيها لحظه***وكلهم أخذ فيها حظه
هب إلى تقديمه بعض الشباب ***وهو الفتى الأديب فانهال التراب
لكنه لو اخذ الأوراقا***وقلما أتى بشيء راقا
وبذل الإخوة كالحسين ***جهودهم في الطبخ دون مين
فصل
فصل وقد جئنا إلى كيدال ***وشمسنا تئن لاعتلال
وصادف القدوم كاستئذان ***على المضيف صيحة الآذان
وولج الاقوام بيت قاض ***ما قاله يحمى من انتقاض
وهو ذوفكاهة وهزل ***لكن إذ الجد أتى لم يذهل
وهو ابن حمزة الفتى أحماد***تم به السرور والإسعاد
وآل أمرنا إلى انتقال ***لبيت (أوفن )دونما استثقال
شكرا له شكرا على الترحيب ***وفتحه لصدره الرحيب
وجاء وفد من بني الأعمام ***واستقبلوا بالبشر والإنعام
وتلك منهم عادة مألوفة ***وخصلة مشهورة معروفة
وفي الصباح الباكر ارتاح الرجال ***إلى زيارة الأمير بن البجال
وهو ابن إنتال الفتى محمد***شرفه وفضله لايجحد
من لم يبين فليزره ثم ا ***يلح له بدر كمال تم ا
واستقبل الوفد بوجه رحب ***وحوله كان اصطفاف الصحب
وبعد ذا طاب لنا المقيل ***ودار فيما يستفاد القيل
واقترحوا أن نقصد العباسا ***فقال بعض صحبنا لاباسا
جئناه والبشر على المحيا ***يلتاح فاهتش لنا وحيا
واشكر رجالا من بني فغاسي ***وإن تشد بهم فذا إحساسي
فهم رجال قادة بل شرفا***واصلهم ياقومنا أصل صفا
ألسنة الخلق بذاك ناطقه ***وشمس مجدهم دواما شارقه
كذا وفيهم خصلة الأمانة***ويتجافون عن الخيانه
وفيهم النخوة والشجاعه ***وكرم أخباره مشاعه
وبعضنا بفكرة البيات***كيما نصاحب دليلا ياتي
لكنما الذي إليه ارتاحو***بعد نقاشهم هو الرواح
فاستلم المفتاح للسياره ***حسين السوقي عن جداره
واقتادنا لسوقنا الدريس ***موسى الذي يعزى على إدريس
ثم شققنا البيد نحو الهدف*** لنخرج اللؤلؤ بين الصدف
حتى حططنا الرحل في (إبدقن )***فطبخ الزاد بشكل متقن
وجاءنا بعض رعاة الضان ***بلبن مذاقه أرضاني
ثمت بادرنا إلى البكور***قبل انتباه الطير في الوكور
وقد مررنا بالفتى محمود*** أمير كل أفل بالتحديد
فرحب الشيخ بنا وشيعا***وحقنا عليه ما إن ضيعا
ثم مضى الوفد وما تلكا ***لموطن الاجداد تادمكا
ولهم افئدة من المرح ***تكاد ان تطير من فرط الفرح
وفي قبور لبني أشلم ***كان ابتداء البحث للتعلم
وقد تاكدنا من أن الارضا ***مذ سبعة القرون وارت بعضا
وهم بنوالانصار أي من قد مضى ***ذكرهم وأصلهم أصل أضا
وبعضهم عند قرون أربعه ***من هجرة سهم المنون صرعه
وستة من القرون تؤثر *** هناك إذ دل عليها الأثر
وكم وكم وكم وكم من أثر ***دل هناك عن عظيم مفخر
هناك عاد عيدها الحضاره *** أيام تعلو عودها النضاره
وفي بقايا ما بنوا من القصور *** يدفع عن عزمهم أدنى قصور
كم من صفيح دل بالأماره ***عن انهم معاقل الإماره
أو قلعة فوق هضاب شامخه ***على صخورها نقوش راسخه
فصل
واها له واها له من واد ***تحفه سلاسل الاطواد
جنبا إلى جنب على التوازي ***كالحصن لاتسمح باجتياز
فإن رأيت فرجة فلا تخل ***أن في المجال فرصة لمن دخل
فثم من ورائها اسداد***رست فلا يهتكها استعداد
فهو عرين الاسد جيلا جيلا*** لابدع إما اختار ليث غيلا
وما تراه اليوم من خرابه ***فقلم الأقدار قد جرى به
وكتب أخونا محمد هنا تمت الأرجوزة الشيقة الرشيقة المعاني البديعة في أسلوبها وطرحها حيث إن هذا الشكل من الأراجز الجميلة تعد شيئا جديدا مضافا إلى عالم الرحلات التي كان النثر يحتكر التحدث عنها وكانت هذه الأرجوزة بمثابة تقرير مفصل لم يترك حتى الوصف الجغرافي لموقع مدينة السوق التاريخية وتحدثت الأرجوزة عن بداية الرحلة إلى نهايتها بأسلوب جامع ماتع رشيق .
[/color]