161. السلطان / فِهْرُ بن الإنصار الطارقي :
هو السلطان فهر بن الإنصار بن النابغ بن كاو بن أمّا بن أك الشيخ بن كردنّ الطارقي(1) .
ترجم له الشيخ العتيق فقال : تأمر فهر في حدود العشرين من القرن الرابع عشر بعد ما تفرقت المملكة وتشتت القبائل وانضاف كثير منهم إلى فرنسا وجعلوا منهم أمراء مستقلين عن إمارة إولّمّدن وبقي كثير من القبائل في تبعيتهم ، فسار إلى كَاو واجتمع بالقائد الفرنسي وتصالحا وأمنه الفرنسي وتتابع الناس إلى تلك المصلحة فاطمنت البلاد وأمرعت وسكنت الفتن وعاد إلى الناس كثير من مجدهم وحمد الناس سيرته ، وكان شجاعا شهما بطلا ، ثم ثبتت دار المحكمة الفرنسية في مَنَكَا فحكمت عليه وحكمته في كل من في ذلك البلد من القبائل بعد ما كان جلها تحت أنسنكُ ، وكَاوَ ، ومن الباقين معه تَهَبَنَتْ وأتباعهم ، ثم اختاروا الانحياز إلى أصدقائهم من السودان الذين في أرض تَلاَبِيرِ فغاضبهم حاكم مَنَكَا الفرنسي ، ثم سيرهم إلى أصحابهم الذين اختاروا مجاورتهم فبقوا كذلك إلى الآن ، ومركز حكمهم في أيَرُ آخر أعمال نيجر من جهة مالي ، هذا ولما تمت إمارة فهر على القبائل التي تحكم عليها مَنَكَا حالا مكث أعواما يؤدي يسيرا من الغرامة إلى حكومة فرنسا ، ثم ساء التفهام بينه وبينهم لكثرة السعايات حتى كان آخر أمره أن نقض الصلح بينه وبينهم فتبعه جل القبائل على ذلك وتخلفت فئات داموا على حفظ عهدهم مع بقاء بعضهم على السنة ، ولم يتركوا محاربة النصارى إلا لضعفهم ، وبعضهم لما تخلف عن نقض الصلح كان معهم على إخوانه الناقضين فأضرمت البلاد وامتلأت بالفتن عام 1334هـ ولم يزل الأمير فهر محاربا لهم ولمن يعاونهم وجرت أمور يطول الحديث عليها ، غزا أهل فَلنْك من السودان لكونهم مع فرنسا فهزمهم ، ثم هزمه فرنسا الذين معهم ، ثم رجع إلى منزله بأضَرَنْبُكَرْ فاجتمعت إليه قواد فرنسا معهم العدة العظمى من أنواع السلاح الغريبة المدمرة من بعيد ، وليس مع فهر وحزبه إلا قوة الجأش والصبر والأنفة والسيوف والرماح ، فلما التقوا بالفرنسية أرسلوا لهم الرصاص والبنادق من مسيرة ميلين أو أكثر فهزموهم هزيمة فظيعة كادت أن لا تبقي منهم بقية ، وصار ذلك اليوم يوما يؤرخ به ، فلما هلك من هلك ونجا من نجا طلب الناس من الأمير فهر أن يعاود إلى مصالحة فرنسا ، فقال : لهم لا أعيش في أمانهم أبدا ، فذهب في يسير من عياله وساق إبله أمامه مشرقا ، فلما بلغ أرض أكَنْدُ منتهى الحدود بين طاوَ ، ومَنَكَا فاجأه جيش أهَكَّارْ وكانوا عونا لفرنسا على محاربهم فقاتلهم قتلا شديدا بإرسال الرصاص الخارج من البارود حتى علم بعضهم أن الحديد لا يؤثر فيه فاتخذ بندقة من خشب وجعلها في البارود وصنع لذلك صناعة يعرفها أهلها فرماه بها وأصابته ومات منها وكان آخر سلاطين إولّمّدن الأحرار ، ثم كانوا كسائر الناس الذين تحت حكم فرنسا إذا مات الأمير قام قومه وتخيروا منهم من يقوم مقامه فيأتوا به إلى الحاكم الفرنسي فيمضي فعلهم(2).
وقال فيه الشيخ محمد حب : وهو الذي نقض عهد النصارى بعد أن التزام لهم الناس أن لا يقاتلوهم ولا ينازعوهم في شيء ما ، وأن يؤدوا إليهم الجزية طوعا ، وقاتلهم في بلد يقال له أَضَرْإِنْبُكَرْ فغلبه النصارى بعد ما مات بينه وبينهم خلق كثير وضاعت أموال كثيرة . ولما علم الأمير فهرٌ وتيقن الغلبة لهم وأنه لا قبل له بهم قال لكبراء إِوِلِّمَّدَنْ وعلماء كلسّوكْ إن كنتم تحبون أن تولوا أمركم رجلا غيري فافعلوا فإني لا أكون لكم وآليا أبدا وأنتم تحت حكم هؤلاء البيضان ولا أساكنهم ولا أشاركهم في شيء ما .
فولّوا مكانه الأمير أَكَرَّكُرْ بن أَكولْ(3) .