|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
فصل : في محاسن الأخلاق
من كتاب التذكرة الحمدونية : لإبن حمدون
محاسن الأخلاق الحمد لله الرؤوف بعباده، العطوف على من أناب منهم بعد عناده، الداني منهم برحمته، النائي عنهم بعظمته، العفو عن المذنب المسي، الغفور لهفوة المحتقب الغوي، مقيل العثرات، والمنجي من الغمرات، مسبل القطر عند اليأس، ومنزل الصبر حين البأس، وسعت رحمته، وشملت نعمته، حتى نال حظه منها الملم والمسرف، وأبصر بنورهما فاهتدى المضحي والمسدف، أحمده على صنوف آلائه، وأستدفع برأفته صروف بلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفي عن القلوب غواشي اللمم، وتشفي الأسماع من عوادي الصمم، والصلاة على محمد رسوله المبعوث بمكارم الأخلاق والشيم، والداعي إلى معالم الفضل والكرم، المأثور عنه حسن العفو الجزيل، والمأمور بالصفح الجميل، والمنعوت بالخلق العظيم، وعلى آله أهل التبجيل والتعظيم.
هذه سمة تجمع معاني لو أتيت بها في باب واحد طال فأمل، وبعد على ذي الحاجة إليه مكان ملتمسه، إذ كانت تحوي الآداب والسياسة، والهمة والسيادة، والصدق والوفاء، والجود والسخاء، والبأس والصبر، والقناعة والتواضع، وغير ذلك من خلال الخير والفضائل، وأضدادها من المساوىء والرذائل، فأفردت لكل واحد من هذه وعكسها باباً تطلب فيه، ويسرع إليه تأمل مبتغيه، وأوردت في هذا المكان جملاً من مكارم الأخلاق نهجاً لمن رام تقيلها، ومن مساوئها تنبيهاً لمن أراد تجنبها، والله الموفق للسداد، والهادي إلى سبيل الرشاد. جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتيتك بمكارم الأخلاق: أهل الجنة وأهل الدنيا في ثلاثة أحرف من كتاب الله "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" الأعراف: 199 وهو يا محمد أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك. قال الله عز وجل وقوله الحق "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" فصلت: 34 ووصف نبيه صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه فقال "وإنك لعلى خلق عظيم" القلم: 4. فسروا قوله تعالى "ولباس التقوى" "الأعراف: 26" إنه الحياء؛ ومن أوامره تعالى "وقولوا للناس حسناً" "البقرة: 83" "فقولا له قولاً ليناً" "طه: 44" "وقل لهما قولاً كريماً" "الإسراء: 23" "فقل لهم قولاً ميسوراً" "الإسراء: 28" وقال صلى الله عليه وسلم: من لانت كلمته وجبت محبته. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرني ربي بتسع: الاخلاص في السر والعلانية، والعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمني، وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبرة. وقال صلى الله عليه وسلم من كلام له: ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً الذين يألفون ويؤلفون. وقالت عائشة رضي الله عنها: مكارم الأخلاق عشر: صدق الحديث، وصدق البأس، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والمكافأة بالصنيع، وبذل المعروف، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء. وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا سبحان الله ما أزهد كثيراً من الناس في الخير، عجبت لرجل يجيئه أخوه في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى ناراً، ولا ننتظر ثواباً ولا عقاباً، لكان ينبغي أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها تدل على سبل النجاة، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتينا بسبايا طيء كانت في النساء جارية حماء حوراء، لعساء لمياء عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درماء الكعبين، خدلجة الساقين، لفاء الفخذين، خميصة الخصر، ظاهرة الكشح، مصقولة المتن، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت: لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها من فيئي، فلما تكلمت نسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها، فقالت: يا محمد هلك الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني بنت سيد قومي، كان أبي يفك العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، لم يردد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جارية هذه صفة المؤمن، لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله يحب مكارم الأخلاق. ومن كلام علي عليه السلام: إن الله تعالى جعل مكارم الأخلاق وصلة بينه وبين عباده، فحسب أحدكم أن يتمسك بخلق متصل بالله عز وجل. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. وفي رواية أخرى: فسعوهم ببسط الوجه والخلق الحسن. وقال صلى الله عليه وسلم: أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن. وقال صلى الله عليه وسلم: حسن الخلق نصف الدين. وقال صلى الله عليه وسلم: الحياء خير كله. وقال صلى الله عليه وسلم: صلة الرحم منماة للعدد، مثراة للمال، محبة للأهل، منسأة للأجل وقال صلى الله عليه وسلم: كرم الرجل دينه، ومروءته عقله، وحسبه عمله. وقال صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على الطرق فإن أبيتم فغضوا الأبصار، وترادوا السلام، واهدوا الضالة، وأعينوا الضعيف. وقال صلى الله عليه وسلم: لا عقل كالتدبير في رضى الله، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا حسب كحسن الخلق. ومما يروى عنه صلى الله عليه وسلم: من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره لأهل بيته مد له في عمره؛ ثم قال: وحسن الخلق وكف الأذى يزيدان في الرزق. وقيل ليوسف عليه السلام: أتجوع وخزائن الدنيا بيدك? قال: أخاف أن أشبع فأنسى الجياع. وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل له: لم قلت كذا وكذا? ولكن يعمي فيقول: ما بال أقوام. وقال صلى الله عليه وعلى آله: لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك. كان الحسن إذ ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكرم ولد آدم على الله عز وجل، أعظم الأنبياء منزلة عند الله، أتي بمفاتيح الدنيا فاختار ما عند الله، كان يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض ويقول: إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وكان يلبس المرقوع والصوف، ويركب الحمار ويردف خلفه، ويأكل الجشب من الطعام، ما شبع من خبز بر يومين متواليين حتى لحق بالله، من دعاه لباه، ومن صافحه لم يدع يده من يده حتى يكون هو الذي يدعها، يعود المريض، ويتبع الجنائز، ويجالس الفقراء، أعظم الناس من الله مخافة وأتعبهم لله عز وجل بدناً، وأجدهم في أمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما والله ما كانت تغلق دونه الأبواب ولا كان دونه حجاب صلى الله عليه وسلم كثيراً. وقال أنس: ما بسط رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتيه بين يدي جليس له قط، ولا جلس إليه رجل فقام حتى يكون هو الذي يقوم من عنده، ولا صافحه رجل قط فأخذ يده من يده حتى يكون هو الذي يأخذ يده، ولا شممت رائحة قط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحدث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل غيضة ومعه صاحب له، فأخذا منها مسواكين أراكاً، أحدهما مستقيم والآخر معوج، فأعطى صاحبه المستقيم وحبس المعوج، فقال يا رسول الله: أنت أحق بالمستقيم مني قال: كلا إنه ليس من صاحب يصاحب صاحباً ولو ساعة من نهار إلا سأله الله تعالى عن مصاحبته إياه، فأحببت أن لا أستأثر عليك بشيء. وقال عبد الله بن مسعود: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، فكان علي وأبو لبابة زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانا إذا دارت عقبتهما قالا: يا رسول الله اركب ونمشي عنك، فيقول: ما أنتما بأقوى مني ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما. وعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإلا لم يعبه. وكان عليه السلام يطوف بالبيت، فانقطع شسعه، فأخرج رجل شسعاً من نعله فذهب يشده في نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذه أثرة ولا أحب الأثرة. وقال أنس: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما أرسلني في حاجة قط فلم تهيأ إلا قال: لو قضي كان، لو قدر كان. وقالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة قط ولا خادماً له ولا ضرب بيده شيئاً إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله، ولا خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما حتى يكون إثماً فإذا كان إثماً كان أبعد الناس منه. قال علي عليه السلام: خالطوا الناس مخالطة جميلة، إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم. وقال محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: من أعطي الخلق والرفق فقد أعطي الخير والراحة وحسن حاله في دنياه وآخرته، ومن حرم الرفق والخلق كان ذلك سبيلاً إلى كل شر وبلية، إلا من عصمه الله. وقال ابن عباس: لجليسي علي ثلاث: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأوسع له إذا جلس، وأصغي إليه إذا حدث. وكان القعقاع بن شور أحد بني عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة إذا جالسه جليس فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً في ماله، وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا عليه بعد المجالسة شاكراً حتى شهر بذلك،
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-13-2011, 02:39 PM | #2 |
مراقب عام
|
رد: فصل : في محاسن الأخلاق
أحسنت الإختيار أخي الحبيب الخزرجي نسأله الكريم أن يهدينا إلى مرضاته وإلى مكارم الأخلاق
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|