|
المنتدى الأدبي ميدان للإبداع خاطرة أدبية أوقصة أو رواية أو تمثيلية معبرة أو مسرحية أو ضروب الشعر وأشكاله |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
الأدب الفكاهي
يقول الله ـ تعالى ـ :} و أنه هو أضحك و أبكى و أنه هو أمات و أحيا{ فوضع ـ سبحانه و تعالى ـ الضحك بحذاء الحياة, و وضع البكاء بحذاء الموت, و هو ـ سبحانه و تعالى ـ لا يضيف إلى نفسه القبيح, و لا يمن على خلقه بالنقص, و من ثم كان موقع الضحك من سرور النفس " عظيما, و من مصلحة الطباع كبيرا, وهو شيء في أصل الطباع, و في أساس التركيب؛ لأن الضحك أول خير, يظهر من الصبي, و به تطيب نفسه, و عليه ينبت شحمه, و يكثر دمه الذي هو علة سروره, و مادة قوته".ffice:office" /> و الطباق الحقيقي, بين الضحك و البكاء, أساس لفهم الطباق, بين الفنون المعبرة عن الاسمين الحقيقيين, و ربما كان في مقدورنا أن نقابل بين (الملهاة) و (المأساة), في فنون الأدب تأسيسا على هذا الفهم, حيث تصدر الأولى عن حالة نفسية, تبعث على الضحك في حين تصدر الأخرى, عن حالة نفسية, تبعث على البكاء على النحو الذي يظهر من توازيهما في التاريخ, أو الصيغة بوصفهما لونين ناضجين تماما, من ألوان الأدب. و ربما كان في مقدورنا أيضا أن نفسر ما يقوم عليه الأدب الضاحك, من تضاد, و تطابق في البناء و الوظيفة, و في الإرسال و الاستقبال, حين يجمع بين المتضادين, و حين يراعى التطابق بينه, و بين ألوان الأدب الأخرى, لغة و اصطلاحا, إذ يصبح التطابق لغة موافقة في التوسل بالوسائل الفنية, في الإبداع الأدبي, كما يصبح التضاد أكثر دلالة على جوهر هذا الأدب الذي يصدر عن حالة نفسية, تبعث على الضحك, و تسعى إليه , حتى لنجد في المعنيين المتضادين, كـ (الملهاة) و (المأساة) في الأدب توفيقا و إيقاع توافق, بين ما هو في غاية التخالف, كذكر الإبكاء مع الإضحاك, يقول أبو صخر الهذلي : أما و الذي أبكى و أضحك و الذي ... أمات و أحيا و الذي أمره أمر, مشيرا إلى الآية الكريمة, و جامعا بين المتضادين بالفعلين : (أبكى) و (أضحك) و (أمات) و (أحيا).. و تأسيسا على هذا الفهم, نبدأ في درس الأدب الفكاهي "الذي تغلب عليه المقابلة الاسمية, بين (الضحك) و (البكاء) في كل حالة, بل يدخل فيها, و يحسب منها, في بعض المجالات". وفي تاريخ الفلسفة اليونانية اسمان متناقضان, كان كلاهما مادة من مواد الضحك, و شاهدا من الشواهد التي يسوقها المعنيون بتعريفاته و تقسيماته : الأول: هو الفيلسوف "هيرقليطسheraclitus" المولود في أفسوس, بآسيا الصغرى, و الذي نبغ حوالي سنة 500ق. م, و يلقب بـ (الفيلسوف الباكي)؛ لأنه كان يبكيه ما يراه من شقاء الناس, على العكس من الثاني "ديمقرطيسdemocritus " الذي ولد سنة 470ق.م, و يعرف بـ (الفيلسوف الضاحك)؛ لأنه لم يكن يرى إلا ضاحكا, يضحكه منظر العالم, و أحواله. وقد قال جوفينال الشاعر اللاتيني الساخر: " إن العجب لهيرقليطس, أعظم من العجب لزميله, فإن دوام الضحك ـ صحيحا أو متكلفا ـ لا يشق على أحد يريده, و أما العجب كله, فمن ذلك الفيلسوف الذي يجد في عينه معينا, لا ينضب من الدموع, و يحزن جدا, أو يتكلف الحزن, تمثيلا و لهوا, حيثما وجد مع الناس". و القصة كلها على حد تعبير العقاد " مزدحمة بشواهد الضحك, و معارض البحث عن حقائقه, و أكاذيبه...فمن من الرجال ـ ياترى ـ أدعى إلى الضحك, عند الناظرين إليه ؟ أنضحك من دائم البكاء, أم نضحك من دائم الابتسام, و القهقهة ؟ يخيل إلى الأكثرين أن الرجل الذي لا ينقطع بكاؤه, أدعى إلى الضحك من الرجل الذي لا ينقطع ضحكه و ابتسامه, و أنهما ـ بعد ـ موضوع صالح جدا للدعابة و السخرية, و أول ما يرد على الذهن من أسباب ذلك أن الضحك الدائم, و البكاء الدائم, كلاهما غير معقول". و هنا نذكر: أن التضاد في الأدب الفكاهي, يستهدف إظهار الخلل المنطقي, في مؤازرة المنطق, الذي يسترسل في إظهار هذا الخلل, بدون مفاجاة؛ و لذلك يرد على الذهن أن الضحك " الدائم و البكاء الدائم, كلاهما إفراط, و خروج من الجد إلى ما عداه, و ما عدا الجد, يلتقي بالضحك, و لو في بعض الطريق". و لم يكن الفيلسوفان ـ بطبيعة الحال ـ على الصفة التي تفهم من كلمة : (الفيلسوف الباكي) و (الفيلسوف الضاحك) و إنما تعرضا لهذه الزيادة, في الوصف؛ لأنهما مبالغان, فأراد الناس أن يكشفوا هذه المبالغة منهما, فوصلوا بها إلى غايتها, وو ضعوا لها بذلك الوصف صورة هزلية, تشبه الصور التي يتعمد فيها الرسامون الفكاهيون إبراز الملامح الشاذة, بتكبيرها, و الخروج بها عن جميع مألوفها. و لقد كان (هرقليطس) يترجم عن سخطه أحيانا, بحركات صبيانية, ليست من البكاء, و لا الحزن في شيء, فكان يلعب مع الأطفال؛ ليسأله الشيوخ, فيجيبهم بأن: "الأطفال أعقل منهم في تدبير اللعب؛ لأنهم لم يصنعوا في ألاعيبهم ما صنعه الشيوخ المحنكون في أحق الأمور بالجد و الرصانة" . و كان (ديمقريطس) يسيح في الأرض, من بلاده إلى مصر, و الحبشة, و فارس, و الهند, و كل قطر معمور, و كانت الدنيا على أيامه قائمة قاعدة, تهون فيها مصائب الآحاد, إلى جانب المصائب التي تحيق بالدول و الشعوب . فكان يضحك من أولئك الذين يستسلمون للأحزان و لا يعتبرون بما حولهم من عاديات الزمن و صروفه حيث ارتحل و حيث أقام . و من نوادر جرأته ـ كما يقال ـ هذه السخرية التي اجترأ بها على (دارا) جبار الفرس, و هو يسيح في بلاده . فإن هذا الجبار أحزنه أن تموت له جارية يحبها, فوعده (ديمقريطس) بإحيائها بعد دفنها, و قال له: "إن الأمر لا يتطلب أكثر من كتابة ثلاثة أسماء على القبر, فتعود الجارية إلى الحياة, وسأله (دارا) في لهفة: و ما تكون هذه الأسماء؟ فأجابه الفيلسوف ـ و هو يصطنع الجد ـ : "أسماء ثلاثة, لم يفقدوا أحدا من الأعزاء" و كان هذا هو العزاء. و يميز بين الأدب الفكاهي, و غير الفكاهي, انطلاقا من التمييز بين الهزل, و الجد, فأما الهزل كشارة عامة لفنون الأدب الفكاهي, فهو كما يقول ابن وهب ـ "ما صدر عن الهوى, و الناس في استعماله على ضربين : أما الحكماء و العقلاء, فاستعملوه في أوقات كلال أذهانهم, و تعب أفكارهم؛ ليستجموا به أنفسهم, و يستدعوا به نشاطهم, و يروحوا به عن قلوبهم؛ خوفا من ملالها وكلالها, وأمروا بذلك فقالوا: " روحوا القلوب تع الذكر" وقالوا: " روحوا عن القلوب فإن لها سآمة كسآمة الأبدان" و جاء أيضا في الخبر: " روحوا عن قلوبكم ساعة بعد ساعة فإن القلوب تمل". و من قصد هذا الهزل, فالجد أراد؛ لأنه قصد المنفعة, وما يوجبه الرأي في سياسة نفسه, و عقله, وإجمام فكره, و قلبه. و أما السفهاء, و الجهال, فاستعملوه للخلاعة, و المجون, و متابعة الهوى, و ذلك المذموم الذي قد عاب الله ـ سبحانه و تعالى ـ مستعمله, و مدح المعرض عنه, فقال فيمن عابه: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها و تركوك قائما), و قال ـ سبحانه ـ : ( و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزؤا) و قال ـ عز و جل ـ فيمن مدحه بالإعراض عن ذلك : (و إذا سمعوا اللهو أعرضوا عنه ). و قال ـ تبارك و تعالى ـ : (و إذا مروا باللهو مروا كراما). و بعد ذلك يبين ابن وهب: كيف أن العرب أوصت بتجنب الهزل السلبي, فقالوا: " إياك و المزاح فإنه يجرئ عليك السفلة " و قالوا : " المزاح هو السباب الأصغر" و قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: " من أكثر من شيء عرف به, و من كثر ضحكه, قلت هيبته, و من مزح استخف به". و من ذلك يتبين لنا أن دراسة الأدب الفكاهي, تقتضي التمييز بين الإيجابي و السلبي. و حين نتوجه شطر اللغة العربية, نبحث عن مفهوم الفكاهة, نجد أن من معانيها المزاح, و الرجل الفكه, هو: الطيب النفس المزاح, يقال: " فكههم بملح الكلام, أي: أطرفهم . و الاسم الفكيهة, و الفكاهة. و الدعابة في اللغة: المزاح, و اللعب, و المضاحكة, و المزح, و المزاح: الدعابة, و نقيض الجد, وهو أيضا: المُزاح و المُزاحة, و الهزل, و الهزالة: الفكاهة, و التهكم هو: الاستخفاف و الاستهزاء, و العبث, و السخرية هي: الاستهزاء, و السخرة, و الضحكة. و الدلالة اللغوية تشير صراحة إلى الأغراض التي, يمكن استقراؤها من الأدب الفكاهي, فالكاتب الفكاهي, يختار مادة, و ينظمها, وفقا لغرض خاص, و يركز الاهتمام على الشكل الفكاهي للأشياء, و يومئ بذلك إلى الغرض الذي يوجه الفكاهة, على النحو الذي يحدد طابع هذا الأدب الفكاهي, فلسفيا, من خلال ما يتسم به الكاتب نفسه, من حس فكاهي, و معيار خاص في النظر إلى الأشياء. فكل كاتب فكاهي, لا بد له من معيار ذهني, يصدر عنه فيما يكتب, شعرا أو نثرا؛ فلكي تكشف الانحراف عن المركز, يجب أن يكون هناك مركز, و بتعبير (بوتس) يجب أن يكون هناك مقياس ثابت للشخصية و السلوك. منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــول من كتاب.
قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).
|
05-01-2010, 10:48 PM | #2 |
|
رد: الأدب الفكاهي
رائع جدآ موفق
|
الحياة مليئة بالألوان وهو ما يزدها رونقآوبهاءً.إذآ جرب أن تراها بكل ألوان الطيف ولا تقتصر على ...اللونين .... الأبيض.. والأسود |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تساؤلات......حول الأدب السوقي | محمد أغ محمد | المنتدى الأدبي | 14 | 11-04-2010 02:09 PM |
مقتطفات رائعة من الأدب | الأمبراطور | المنتدى الأدبي | 1 | 06-25-2010 09:06 PM |
نبذة عن الأدب السوقي | alsoque.net | المنتدى الأدبي | 26 | 09-16-2009 04:29 PM |
صور من الإعتداء على الأدب السوقي | أبو ياسر الأنصاري | المنتدى العام | 18 | 07-15-2009 06:06 PM |
الأدب الإسلامي أدب إنساني. | م الإدريسي | المنتدى الأدبي | 0 | 05-19-2009 12:35 AM |