|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
الإنسان والنفس على ضوء القرآن الكريم
بــحـــث الإنسان والنفس على ضوء القرآن الكريم بقلم أبي عاصم محمد بن محمد بن أحمد الإدريسي أصل هذا البحث من عام 1399هـ بسم الله الرحمن الرحيم الإهداء إلى من يعتقد أنه لا يوجد علم نفس إسلامي مع أنه ورد في القرآن والحديث وحكم العرب آداب نفسية على سبيل المثال لا الحصر- قال الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} وقال تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}. وفي السنة النبوية قال عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام (إن أقربكم إلي يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً). وقال أيضاً (أدبني ربي فأحسن تأديبي). ومن الشعر: قول البويصيري: والنفس كالطفل إن تهمله شبَّ على حب الرضــاع وإن تفطمه ينفطم وقال أبو ذويب الهذلي: والنفس راغبـة إذا رغبتـها وإذا تـرد إلى قليــل تقنع وقال شوقي: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخـلاق تستقم وقال أيضاً: والنفس من خيرها في خير عافية والنفس من شرها في مرتع وخم هذا ما أحببت أن أنوه عنه كل قارئ. والله الموفق،، أبو عاصم محمد محمد أحمد الإدريسي الإهداء إلى كل الزملاء الذين درست معهم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية اللغة العربية عام 1399هـ وإلى كل الأصدقاء بحي الخانسة بمكة المكرمة والذين عشت معهم حوالي نصف قرن وكنا منذ صبانا نقرأ الكتب ونتناقش ونتجادل في كل العلوم منذ الطفولة أهدي هذا البحث. والله الموفق،، كاتبه طالب العلم أبو عاصم. محمد بن محمد الإدريسي تم تنقيحه في الرياض عام 1422هـ بسم الله الرحمن الرحيم المقدمـــة النفس الإنسانية دار حولها جدل كثير من حيث طباعها وميولها ولقد تحدث عنها المفكرون محللين ما غمض من أعماقها المظلمة الشائكة وكم هي الدراسات التي حاولت الوصول إلى أعماق النفس البشرية فغاصت في متاهات الجاهلية واستنبطت دراسات وبحوث ومناقشات كلها لا تجزي شيء وليس من دراسة وهبت الإنسان والنفس حكمها بكل صدق وبكل جلاء سوى الدراسات المبنية على أسس إسلامية وما عداها فما هي إلا دياجير مظلمة حالكة دامسة لا بصيص من نور فيها سوى شدة الظلمة التي لا تصل بنا إلا بأغاليط وسفسطات وتهورات تتحلى بثوب النظريات الهادفة أو ما يسمى بعلم النفس الحديث الذي من رواده (فرويد) وكم هي الحقيقة مخجلة حينما نسمي (هستريا وجنون) (فرويد) بعلم النفس فما هو إلا حماقة ودس يهودي يريد أن يدمر الأخلاق والقيم الإنسانية يقول أنور الجندي (في كتابه نظرية التطور حيث صرح في ذلك الكتاب أن نظرية التطور هي التي مهدت لهدم الأديان) ومنها يستنبط فرويد نظرياته في علم النفس وكل النظريات المادية هدفها هدم الأديان يقول أنور الجندي في ص6، 7) (أما المفهوم المطروح في أسواق الفكر الغربي فهو مفهوم فلسفي خطير لم يقم على أساس وقد أخذ منطلقه من نظرية (داروين) في التطور البيولوجي ثم نقل إلى ميدان الاجتماع والفكر ثم يضيف (ولاشك أنه بهذه النقلة أنما يستهدف غاية خطيرة وهي واحدة من أهداف الفلسفة المادية الوثنية التي تحاول أن تسيطر على الفكر البشري كله وتفرغه من مفاهيم الإيمان والأديان والرسالات السماوية وتدفع به بعيداً عن نهاية خطرة نجدها واضحة في برتكولات صهيون ثم يضيف وتشكل هذه المحاولة فلسفة واضحة متكاملة تهدف إلى تدمير قوى الأديان والأخلاق والإيمان بالله ودفع الإنسانية كلها إلى الدمار بتحطيم قيمها ومعنوياتها وتفريغها من كل القوى التي تحملها على التماسك في وجه الغاية الصهيونية البعيدة المدى للسيطرة على العالم). وفي ص8 يقول (ولقد كان القول بالتطور المطلق سبيلاً إلى نزع القداسة عن الأديان والقوانين والقيم والأخلاق والسخرية منها والدعوة إلى التحلل والإباحية وإنكار مقومات المجتمعات والعقائد على النحو الذي كشفت عنه نظرية (فرويد) (ودوركايم وغيرها) أهـ ومع علمنا هذا ولكن نرجع إلى تلك النظريات ونحاول الأخذ منها مع أن الحقائق واضحة فلماذا لا زلنا مغرورين بنظرية (فرويد) في علم النفس الجنوني الإباحي والهدام ونحن إذا أردنا دراسة النفس الإنسانية نرجع إلى المصدر الذي لا يأتيه الباطل نرجع إلى القرآن المنزل من عند الله عز وجل. فإذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أنه تعرض للإنسان والنفس بآيات كثيرة أوضحت حقيقة الإنسان وأزالت كل الأباطيل والخرافات التي روجها المضللون حول الإنسان فأوضح القرآن الكريم ماهية الإنسان أصله ومما خلق وكذلك النفس ذكرت في آيات كثيرة أبانت كينونيتها وما ينتابها من نزعات صالحة وطالحة وما يلازمها من فرح وحزن وغرور وكبرياء وعزة وإيمان وسنذكر ذلك في محله وعندما نرجع إلى كتاب الله عز وجل وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام نجد فيهما البيان الشافي عن الإنسان ونجد القيم النفسية والتربوية الإسلامية والقواعد النفسية التي ربى الإسلام عليها المسلمين ولكن عزوف المسلمين وإغماضهم عيونهم عن الشمس الساطعة لكي لا يروها ومن العجب أن نجد كل الحقائق ذكرت في القرآن الكريم والحديث ومع ذلك نبدي أهمية بتضليل اليهود وأعوانهم من أعداء الإسلام فنزعم مع زعم المضللين أن هناك علم نفس حديث وما هو إلا جنون وتهور ومكيدة لتحطيم العالم وتجريده من الأخلاق ليتم لليهود السيطرة على العالم كله، ومما دعاني ودفعني إلى كتابة هذه الدراسة الرد على مزاعم (فرويد) التي يزعم فيها أن الطفل يرضع أمه من أجل الرغبة الجنسية وفسر كل تحركات الطفل بأنها جنسية وراح يسفسط حتى قال بان هناك عقدة أديب وعقدة إلكترا أي بأن يحب الابن أمه وتحب البنت أباها بنزعة جنسية وسوف نرد على تلك الأضاليل في محلها فبالله نستعين. الباب الأول الفصل الأول (الإنسان كما يصوره القرآن) الإنسان كما يصوره القرآن الكريم وقبل الشروع في ذلك نتحدث عن الإنسان عن اشتقاقه ولماذا سمي الإنسان إنساناً وقد قيلت أقوال كثيرة عن الإنسان وماهيته لو تتبعناها لطال بنا المقام ولكن نختار ما ذكره النويري([1]) في كتابه فنون الأدب([2]). قال (أما اشتقاقه في تسميته فقد اختلف الناس في ذلك هل من الأنس الذي هو نقيض الوحشة أو النوس الذي هو نقيض السكون. أو الإيناس الذي هو بمعنى الإبصار والنسيان الذي هو نقيض الذكر) ثم استشهد ببيت يوافق الرأي الأخير قال الشاعر: وما سمي الإنسان إلا لا نسه ولا القلب إلا أنه يتقلــب أما اشتقاق الإنسان لغة فقال الكسائي([3]) لغة مفردة وهو اسم ألفه منقلبة عن واو واستدل بقول العرب في تحقيره (نويس) وقال على القاري([4]) (أصل الناس إلا يناس فحذفت الهمزة التي هي فاء ويدلك على ذلك الأنس- وإلا ناس فأما قولهم في تحقيره نويس فأن الألف لما صارت ثانية وهي زائدة أشبهت فاعل الخ. ورأي آخر لسلمه ابن عاصم([5]) من أصحاب الفراء قال (الأشبه في القياس أن يكون كله واحد منهما أصلاً بنفسه فأناس من الأنس وناس من النوس لقولهم في تحقيره نويس كبويب في تحقير باب وذهب أبو عمر الشيباني([6]) أنه مشتق من الإيناس الذي هو بمعنى الإبصار ومنه قوله تعالى {إِنِّي آنَسْتُ نَاراً} أي أبصرت نارا. وذهب الكوفيون([7]) إلى أنه مشتق من النسيان وحجتهم أن أصل أنسيان فحذفت الياء تخفيفاً وفتحت السين لأن الألف تطلب فتح ما قبلها ولأن العرب حين صغرته قالت: فيه أنسيان فزادت الياء والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها ولو لم تكن في المكبر لما ردت في المصغر وبه قال أبو تمام الشاعر: لا تنسين تلك العهود فأنمـا سميت أنسانا لأنـك نـاس وأنا أميل ([8]) لهذا القول الذي ورد في البيت فهو أقرب وأوضح من المعنى المشتق وقد أنكر البصريون ذلك لأن العرب صغرت أشياء على غير قياس كما قالوا في تصغير رجل راجل- رويجل. الرأي الثالث قول ابن عباس([9]) أنما سمي الإنسان إنساناً لأنه عهد إليه فنسي) ثم قال صاحب الكتاب بعد أن أورد قول ابن عباس وهذا هو الأرجح وكذلك كاتب هذه السطور يرى ذلك كما ذكرت ذلك آنفاً عند قول أبو تمام والله تعالى أعلم. وأورد النويري([10]) تفسيرات أخرى للإنسان عن أجزائه وتراكيبه العجيبة التي تدل على قدرة الله ووحدانيته. أجزاء الإنسان وتراكيبه العجيبة عند النويري: قال (وجعل عقل الإنسان في دماغه وشرهه في كليته وغضبه في كبده وصرامته في قلبه ورغبته في رئته وضحكه في طحاله وحزنه وفرحه في وجهه وجعل فيه ثلاث مائة وستين مفصل: ويقال إنما لقب الإنسان بالعالم الصغير لأنه مثلوا رأسه بالفلك ووجهه بالشمس إذا لا قوام للعالم إلا بها كما لا قوام للجسد إلا بالروح وعقله بالقمر لأنه يزيد وينقص ويذهب ويعود الخ 1هـ. أما الإنسان كما ورد في القرآن الكريم فقد وردت آيات كثيرة في ذكر الإنسان تصف جميع أحواله من صفات خلقية وصفات معنوية من غضب وفرح وكرم وطمع وقد قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}([11]). وفي هذه الآية يتضح لنا ما عليه الإنسان من صفات وهي متمثلة في الجزع والهلع والشح وذلك إذا كان قلبه خالياً من الإيمان فإن حب المادة يطغى على قلبه وعقله. نقلاً عن السيد قطب([12]) بتصرف في ص 3698 وص3699 ما نصه (آفة النفس الإنسانية الشح الإنسان عند خواء قلبه من الإيمان كما يرسمها القرآن صورة عجيبة وتعبير كامل الملامح عن ذلك المخلوق والذي لا يعصمه إلا الإيمان الذي يصله بمصدر يجد عنده الطمأنينة التي تمسك به من الجزع عند ملاقاة الشر ومن الشح عند امتلاك الخير. ثم يضيف ويقول (ملامح الإنسان نطقت الآيات الثلاث بالسورة ونهضت بالحياة وانتفض من خلالها بحياته وملامحه الثابتة. 1- هلوعا. 2- جزوعاً عند مس الشر. 3- يتألم لنزعته. 4- ويجزع لوقعه ويحسب أنه دائم لا كاشف له. 5- يظن اللحظة الحاضرة سرمداً مضروباً عليه. 6- يحبس نفسه بأوهامه في قمقم من هذه اللحظة وما فيها من الشر الواقع به- ينسى أن هناك فرجاً ولا يتوقع من الله تغيراً ومن ثم ياكله الجزع ويمزقه الهلع فهو الهلع في كلا الحالتين- هلوعاً على الخير والشر وهي صورة يائسة حين يخلو فيه من الإيمان. 7- الإيمان كلمة تقال باللسان لا شعائر تعبدية تقام أنه حالة نفس ومنهج حياة وتصور كامل للقيم والأحداث ويدرك الأشياء بسمعه وبصره وبصيرته) التي توضح له الطريق فيختار أي الطرق يسلك وهناك آيات أخرى تحدثنا عن الإنسان توضح سرعة نسيان الإنسان عن الأمور التي تصيبه فإذا مسه الضر دعا وإذا كشف الله عنه نسى كأنه لم يمسه الضر قبل ذلك قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}([13]). وهذه هي حالة الإنسان في كل العصور وعلى مدى الأيام جحود بالنعمة ونسيان بما أنعم الله عليه وقد ذكر الله تعالى حالة أخرى وهي الكفران بالنعمة واليأس. قال الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ}([14]) وهناك آيات في القرآن الكريم تتحدث عن أنعم الله على الإنسان وتصف الإنسان بالظلم والكفر قال تعالى: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}([15]). ونمضي مع القرآن في تصويره للإنسان من نعوت كثيرة منها المكابدة قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان في كبد" قال الحسن البصري([16]). يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وقال قتادة يكابد أمر الدنيا والآخرة فلا تلقاه إلا في مشقه وقيل منتصباً على قدميه وروى أبي جريج([17]) عن عطاء عن ابن عباس قال يعني حمله وولادته ورضاعه وفصاله ونبت أسنانه وحياته ومعاشه ومماته كل ذلك شده" 1هـ. ومهما حاولنا من سرد الآيات التي وردت في ذكر الإنسان فذلك أمر يحتاج إلى رسالة وكتاب كبير ولكن إتماماً للفائدة نسرد بعض الآيات التي ليست لنا وقفة عندها. قال تعالى: {عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}([18]). قال تعالى: {الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ.عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}([19]). قال تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ}([20]). قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ}([21]). قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}([22]). قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}([23]). والآيات التي وردت في سورة الطارق توضح مما خلق الإنسان أنه خلق من ماء دافق يخرج من الصلب والترائب. والآن لنا عودة ووقفة عند بعض الآيات فيقول الدكتور عبدالكريم عثمان في كتابه([24]) معالم الثقافة ص3. ما نصه: (أن الإنسان في عرف التصور الإسلامي قمة الكائنات الحية التي تعيش على وجه البسيطة وأفضلها وأكرمها قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}([25]) وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ....}([26]) وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}([27]). وسبب للتفضيل أنه تعالى عد الإنسان لخلافته على هذه الأرض ولا عمار هذا الكون بالخير والعمل الصالح". وقد خلق الإنسان لأمر عظيم وهو خليفة الله في الأرض ومهما حاول (دارون وفرويد) من تدنيس قيمة الإنسان وهدم كيانه ولكن ليس ذلك بل لمهمة عظمى أسمى وأشرف مما ذهبت إليه الفلسفة المادية التي تحاول هدم كيان الإنسان([28])- وقد أشار القرآن الكريم عن التصور الإسلامي لحقيقة الإنسان وعند بدء نشئته لا كما تدعى النظرة الدارونية، بأن هناك حلقة مفقودة في حياة الإنسان بينه وبين القردة محاولاً إرجاع أصل الإنسان إلى القردة ولكن نجد الدليل الشافي في القرآن على حقيقة الإنسان منذ نشأته الأولى قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}([29]). يقول عبدالكريم عثمان ص 19 إلى ص20 وبعد ذكر الآية ما نصه "ولكن ما هو كنه الإنسان الذي يتصل من جهة بالحقيقة الإلهية إيماناً وعبادة واتباعاً لشريعته أن الإنسان في تصور الإسلام كائن يتألف من الجسم والعقل والروح وبوجود العقل والروح في الإنسان استحق أن يكون خليفة على هذه الأرض" 1هـ. ويقول السيد قطب بعد ذكر قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}([30]) الحقيقة الرئيسية التي تعرضها هذه السورة هي حقيقة الفطرة القويمة التي فطر الله الإنسان عليها" ويضيف في ص 3933 فيقول "وأن عناية الله بأمر هذا المخلوق على ما به من ضعف وعلى ما يقع منه من انحراف عن الفطرة وفساد لتشير إلى أن له شأناً عند الله" 1هـ. ثم يقول ابن القيم في كتابه التبيان في علوم القرآن ص31 "أنه سبحانه ذكر نعمته على الإنسان بخلقه في أحسن تقويم وهذه النعمة توجب عليه أن يشكر بالإيمان وعبادته وحده لا شريك له فينقله من هذه الدار إلى أعلى علين إلخ([31]). وقد رد السيد قطب([32]) في تفسيره عند تفسيره سورة العصر قال ما هو البرهان الشافي والحجة الدامغة لكل فرية غاوية مضللة فقد أوضح أن الإنسان قد كرمه الله وجعله في أسمى منزلة لا كما أراد أن يدنسه (فرويد) (قال ما نصه- (والاعتقاد بكرامة الإنسان على الله يرفع من اعتباره في نظر نفسه ويثير في ضميره الحياء من التدني عن المرتبة التي رفعه الله إليها وهذا أرفع تصور يتصوره الإنسان لنفسه أنه كريم عند الله وكل مذهب أو تصور يحط من قدر الإنسان في نظر نفسه ويرده إلى منبت حقير ويفصل بينه وبين الملأ الأعلى هو تصور أو مذهب يدعوه إلى التدني والتسفل ولو لم يقل له ذلك صراحة (ومن هنا كانت إيحاءات الدارونيه و الفرودية، والماركسية هي أبشع ما تبتلى به الفطرة البشرية والتوجيه الإنساني، فتوحي إلى البشر بأن كل سفالة وكل قذارة وكل حقارة هي أمر طبيعي متوقع ليس فيه ما يستغرب ومن ثم ليس فيه ما يخجل: وهي جناية على البشرية تستحق المقت والازدراء([33]). وبعد أن وضحنا رأي القرآن في الإنسان فنسرد على القارئ آيات تحدثت عن الإنسان كما يراه القرآن إتماماً للفائدة قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}([34]). ومعنى الكنود: الكفور أو البخيل أو اللوام لربه يعد المصائب وينسى النعم([35]). قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} وهذه الآية تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار وتصف الأمة المسلمة حقيقتها ووظيفتها في آية واحدة هي الآية الثالثة من السورة وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله"([36]). ولو استطردنا لذكرنا آيات كثيرة ولكن نوجز فنذكر بعض الآيات قال تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}([37]) وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى}([38]). قال تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ}([39]). قال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ}([40]). وهذه الآية تصف مدى غرور الإنسان فهو حين ينعم الله عليه يحسب ذلك دليل استحقاق ورضا من الله وعند الابتلاء والامتحان يحسب ذلك عقوبة فيقيس الكرامة والعقوبة بعرض هذه الحياة الفانية فهو مخطئ في كلا الحالتين: ومن الآيات التي تحدثت عن الإنسان أيضاً: قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}([41]) وهي تمثل جحود الإنسان وكفره الفاحش لربه وطغيانه ونسيانه أنعم ربه ولو تدبر فيها لعبد الله حق عبادته. وقبل نهاية هذا الفصل نود أن نوضح أن الآيات التي وردت في ذكر الإنسان كثيرة عددها تقريباً([42]) 63 آية في 43 سورة- ولولا ضيق المجال وقرب الامتحانات لذكرتها جميعاً ووقفت عند كل آية وإتماماً للفائدة نذكر أن الإنسان([43]) من مادة أنس به وإليه أي آلفه وسكن قلبه به وأنسه لاطفه وأزال وحشته. وأنس الشيء أدركه وأحسه ببصره- والإنسان يطلق على الكائن الحر المفكر من بني آدم والجمع أناس...إلخ. .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
04-09-2009, 10:58 AM | #2 |
مراقب عام
|
الفصل الثاني النفس كما يصورها القرآن الكريم النفس لغة يقال تنفست الريح هبت طيبة وتنفس الصبح تبلج وظهر ونفس بالشيء ضن به وبخل. ونفس الشيء نفاسه أي كان عظيم القيمة والنفس الروح ويقال خرجت نفسه أو جاد بنفسه أي مات. وتستعمل النفس بمعنى القلب والضمير يكون فيه السر الخفي كما في قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى}([44]) وقوله تعالى: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ}([45]) والنفس البشرية عظيمة قيمة وكل إنسان له نفس ولكن لكل نفس رغبات وسيئات وحسنات ومتطلبات ومفاهيم وأسس تدور فيها وسنن تتبعها والنفس الإنسانية عظيمة فلذلك أقسم بها الله عز وجل في كتابه الكريم وورد فيها في بعض السور وفي آيات كثيرة وربما السور التي ذكرت فيها النفس جاوزت أربعين سورة ونحن سوف نتحدث عن النفس كما يصورها القرآن وسنورد بعض الآيات ولنا وقفة عندها وبعض الآيات سنوردها على سبيل المثال. فأما الآيات التي تحدثت عن الإنسان وسلوكه وغرائزه وفسرت تلك الأهواء التفسير الإنساني كما فسر فرويد النفس محاولاً نزع القيم عنها وردها إلى أسفل سافلين بل أدنى حتى جعل الإنسان كالحيوان وقبل الشروع في الرد على تلك الأباطيل نتحدث عن النفس كما يصورها القرآن ولعلنا بذلك نبين علم نفس إسلامي مبنياً على القيم الإسلامية كما وردت في القرآن فإن طبيعة النفس الإسلامية الهداية والفطرة السليمة كما ورد في الحديث النبوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبوه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) وهذا الحديث يؤكد لنا سلامة نفس الطفل إذا لم تكدر بشوائب مؤثرة فهو مسلم على الفطرة وقد قال الله تعالى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}([46]) أوضحنا له الطريقين فيختار أي منهاج يسلك. يقول السيد قطب في تفسيره([47]){وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} ليختار أيهما شاء ففي طبيعته هذا الاستعداد المزدوج لسلوك أي النجدين... إلخ. ثم يضيف([48]) وهذه الآية تكشف عن حقيقة الطبيعة الإنسانية وكما أنها قاعدة النظرية النفسية الإسلامية هي والآيات الأخرى في سورة الشمس {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([49]) يقسم الله سبحانه بهذه الخلائق والمشاهد الكونية كما يقسم بالنفس وتسويتها وإلهامها ومن شأن هذا القسم أن يخلع على هذه الخلائق قيمة كبرى في هذا الوجود المترابط المتناسق ثم يضيف بعد ذكر الآيات السابقة {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} قال وهذه الآيات الأربع بالإضافة إلى آية سورة البلد السابقة {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وآية سورة الإنسان {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} تمثل قاعدة النظرية النفسية للإسلام وهي مرتبطة ومكملة للآيات التي تشير إلى ازدواج طبيعة الإنسان كقوله تعالى في سورة (ص) {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} كما أنها مرتبطة ومكملة للآيات التي تقرر التبعة الفردية كقوله تعالى في سورة المدثر {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} والآيات التي تقر أن الله يرتب تصرفه بالإنسان على واقع هذا الإنسان كقوله تعالى في سورة الرعد {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ومن خلال هذه الآيات وأمثالها تبرز لنا نظرة الإسلام إلى الإنسان بكل معالمها ..الخ. قال ابن عباس([50]) كل نفس تلوم نفسها يوم القيامة يلوم المحسن نفسه أن لا يكون ازداد إحساناً- ويلوم السيئ نفسه أن لا يكون رجع عن إساءته([51]).ومن هنا يتضح لنا أن الإنسان مزود باستعداد متساوي للخير والشر وأنه قادر على توجيه نفسه ويعبر القرآن عن ذلك بقوله {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} .........{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} فكل شيء واضح أمام نفس الإنسان وبصيرته وعقله فيختار ما يريد. وقال ابن القيم([52]) عند ذكر آية النفس التي في سورة القيامة وكذلك النفس التي أقسم بها وما سواها وألهمها فجورها وتقواها، فإن من الناس من يقول قديمة لا مبدع لها. ومنهم من يقول بل هي التي تبدع فجورها وتقواها- فذكر سبحانه أنه هو الذي سواها وأبدعها وأنه هو الذي ألهمها الفجور والتقوى- فأعلمنا أنه خالق نفوساً وأعمالها. وذكر لفظ التسوية كما ذكره في قوله {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ.الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} ([53]) قوله تعالى: {سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} ([54]) إيذاناً بدخول البدن في لفظ النفس وكقوله تعالى {هوالَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحدة}سورةالأعراف (189) وكقوله { َفسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ}سورة النور(61 ) وقوله {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} ([55]) وكقوله {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً}(سورة النور(61) ) ونظائره باحتجاج الروح مع البدن تصير النفس فاجرة أو تقية. إلا فالروح بدون البدن لها فجور لها" أهـ القول الثاني([56]) وهو مخصوص قال الحسن البصري: هي النفس المؤمنة وأن المؤمن والله لا تراه إلا يلوم نفسه على كل حاله، لأنه يستقصر في كل ما يفعل فيندم ويلوم نفسه وأن الفاجر يمضي بما لا يعاتب نفسه. القول الثالث([57]): أنها النفس الكافرة وحدها قاله قتادة ومقاتل وهي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على التفريط في أمر الله. القول الرابع([58]): قول ابن تيمية: والأظهر ان المراد نفس الإنسان مطلقاً. فإن نفس كل إنسان لوامة وهذا اللوم قد يكون محموداً أو مذموماً. 1هـ قال السيد قطب عند قوله تعالى في سورة النجم {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ} ومتى انتهى الأمر إلى شهوة النفس وهواها فلن يستقيم أمر ولن يجدي هدى، لأن العلة هنا ليست خفاء الحق ولا ضعف الدليل ثم يقول وهوى النفس ومناها لا يغران ولا يبدلن في الحقائق. إنما يضل الإنسان بهواه ويهلك بمناه وهو أضعف من أن يبدل في طبائع الأشياء وإنما الأمر كله لله يتصرف فيه كما يشاء في الدنيا وفي الآخرة سواء. 1هـ. وهذه لمحة عن النفس كما تحدث عنها القرآن وهناك آيات كثيرة نورد منها ما يلي على سبيل المثال: قال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}([59]) إلى آخر الآية. قال تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}([60]). قال تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ}([61]). قال تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ}([62]). قال تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِد}([63]). قال تعالى: { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً}([64]). قال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}([65]). قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ}([66]). قال تعالى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً}([67]). قال تعالى: { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا}([68]). قال تعالى: { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}([69]) إلى آخر الآية. وهذه الآية تحمل في طياتها قاعدة نفسية لا غنى عنها للإنسان ولو نظرنا إليها بتمعن وتمحيص لوجدنا أنها أتت على أبلغ قول يصور حالة النفس وما تطيقه من تحمل فإن خالق النفس يشرع لنا أن لكل نفس طاقة فلا تكلف نفس إلا بحسب مقدرتها وطاقتها وذلك في القواعد النفسية التي لو أخذنا بها لوفقنا وسلمنا من كل تصور غير إسلامي يحاول النيل من أنفسنا وتعليلها بعلل زائف خاطئة. وقبل أن نختم هذا الباب نذكر ببعض آراء العلماء حول فطرة النفس الإنسانية. نتوقف عند هذه الآيتين في سورة يوسف وسورة الشمس. يقول سيد قطب في تفسيره عند الآية 23 من سورة يوسف ص2004 {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. وفي هذه الفقرة الأخيرة تبدأ المرأة المؤمنة متحرجة تبرئ نفسها من خيانة يوسف في غيبته ولكنها تتحفظ فلا تدعي البراءة المطلقة، لأن النفس أمارة بالسوء- إلا من رحم ربي- ثم تعلن ما يدل على إيمانها بالله ولعل ذلك اتبعاً ليوسف- أن ربي لغفور رحيم- 1هـ- وهكذا نرى النفس الإنسانية بين مد وجزر بين نفس صالحة وطالحة نفس المؤمن تلومه وتدفعه إلى الخير كما أقرت امرأة العزيز لتعلن الحقيقة كاملة، فتقول امرأة العزيز إذا الآن حصحص الحق. أنا راودته عن نفسه. وأنه لمن الصادقين. وهذه النفس المؤمنة صادقة حتى لو كان الأمر ضدها بعكس النفوس الضالة الغاوية الأمارة بالسوء إذن فلا نقيس حالة المؤمن على حالة الكافر فخلل الدراسات النفسية الهابطة الكافرة ونقيس عليها نفوس المؤمنين تلك هي مفارقة عجيبة أوقفنا فيها اتباع سنن من كان قبلنا وأعني اتباع أحفادهم في هذا العصر الذي بهر المسلمين بتفوق أحفاد اليهود والنصارى في الحضارة الغربية في كل مجال إلا مجال الدين والقيم فهم في الحضيض فكيف نقتدي بهم وهم يدسون السم الناقع والمدقع للمسلمين أعياناً وبياناً في وضوح النهار فكيف يغلفونه باسم الفكر وهو التهور والانحدار بذاته. وقال محمود الآلوسي البغدادي في تفسيره روح المعاني ص73 المجلد السابع في الآية السابعة من سورة يوسف آية رقم 53 إشارة إلى أن النفس بطبعها كثيرة الميل إلى الشهوات، قال أبو حفص " النفس ظلمة وسراجها التوفيق فمن لم يصحبه التوفيق كان في ظلمة قد تخفي دسائس النفس إلى حيث تأمر بخير وتضم فيه شراً ولا يفطن له إلا اللوزعي مخالف النفس والشيطان وأعصهما.. وإنهما محضاك النصح فاتهم وذكر بعض السادة أن النفس تترقى بواسطة المجاهدة والرياضة في مرتبة كونها أمارة إلى مرتبة أخرى من كونها لوامة ومرضية ومطمئنة وغير ذلك وجعلوا لها كل مرتبة ذكراً مخصوصاً وأطنبوا في ذلك فليرجع إليه- 1هـ-. يراجع تفسير الظلال وآية {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} المجلد الخامس عشر من تفسير روح المعاني لمحمود الآلوسي ص36-39. (ونفس وماسوها) الآية التي أنشأها وأبدعها مستعدة لكمالها. وذلك بتعديل أعضائها وقواها الظاهرة والباطنة ..إلخ- هذه الدراسة التي أعطت النفس الإنسانية مالها وما عليها لأن الدراسة النابعة من القرآن الكريم هي التي تمحص وتظهر الحق من الباطل. عذب صافي فكيف نروي ظمأنا وهيا منا المنبع الفاسد والذي هو كملح أجاج فجاج عسيره وجرفٍ منهمر ألا وهي دراسات الغرب عن الإنسان والنفس الإنسانية ومن لا يصدق فليرجع إلى دراسات سيد قطب ومحمد قطب عن الغرب منها الكتب التالية في تفسير ظلال القرآن لسيد قطب ومنهج التربية الإسلامية. ودراسات في النفس الإنسانية كلاهما لمحمد قطب. وقال القرطبي في المجلد العشرون في تفسيره سورة الفجر فألهمها أي عرفها كذا روى بن نجيع عن مجاهد أي عرفها طريق الفجور والتقوى. وقاله ابن عباس وعن مجاهد أيضاً: عرفها الطاعة والمعصية، وعن محمد بن كعب قال "إذا أراد الله عز وجل بعبده خيراً ألهمه الخير فعلم به، وإذا أراد به السوء ألهمه الشر فعمل به وقال الفراء "فألهمهـا" عرفهما طريق الخير وطريق الشر، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وروى الضحاك عن ابن عباس قال: ألهم المؤمن المتقي تقواه وألهم الفاجر فجوره، وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ بهذه الآية {فألهمها فجورها وتقواها} رفع صوته بها وقال اللهم آتِ نفسي تقواها أنت وليها ومولها وأنت خير من زكاها...إلخ. يقول الأستاذ عمر عوده الخطيب([70]) ما نصه (تنحرف نفس الإنسان عن الهدى فتغرق في ظلمة الجهل والتناقض والكبرياء وتستبد بها الأهواء وتبهرها المتع الزائلة وتستبد بها الشهوات العاملة فإنها تنفك بذلك عن روح الفطرة الطيبة فيغمرها ركام الشرك الذي يطمس بصيرتها ويدنس طبيعتها ويشوه فطرتها. ثم ذكر قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ}([71]). نعم أن الإنسان إذا خلى من الإيمان يكون ضائعاً ممزق النفس حائر يتيه في متاهات مظلمة حالكة الظلمة بدون عقل أو بصيرة هادية مرشدة إلى طريق الفلاح والقرآن صور النفس الإنسانية في كلا حالتيها حالة اليأس والفرح حالة الإيمان وحالة الكفران فالآية السابقة الذكر أوضحت كل الأشياء التي يمر بها الإنسان. وقد قال الأستاذ عمر عوده الخطيب([72]) بعد أن ذكر الآية السابقة معلقاً عليها (فما أعجب هذا الإنسان حين يتحول إذا فقد الإيمان من خائف ضعيف مرتعد الفرائص وجل القلب ممزق النفس في قبضة الأزمات مغرور مظلم النفس محطم الضمير ثم يضيف([73]) بعد أن ذكر قوله تعالى {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}([74]) إن النفس المنحرفة الضالة لا تستوي حالاً ومالاً ومظهراً ومخبراً مع النفس السوية القويمة حين يملأ الإيمان وجوهها هدى الله. أهـ ونحن إذا تتبعنا القرآن وجدنا فيه آيات كثيرة تعرضت لحالة الإنسان وما يلزم نفسه من خلجات ومشاعر وهموم وحيرة من فوح ويأس ومن غرور وكبرياء وصور النفس في كل حال من أحوالها حين تمردها وحين يتغطرس الإنسان ويتكبر عن الحقائق الناصعة الواضحة ويبلغ به الصلف مبلغ الجدال في الله بغير علم وهذه الأفكار والأيدلوجيات والنظريات المضللة والمذاهب المنحرفة ما هي إلا نوع من المجادلة بغير علم وما هي إلا اتباع الشيطان والهوى أو لشيطان النفس قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ. كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}([75]). ويقول عمر عوده الخطيب([76]) (ولذا فإن البشر حين يحاولون معرفة الحقيقة في غير هذا المنهج الرباني العظيم لا يخرجون بغير أخلاط من الآراء المضطربة والنظريات المتعارضة ولا ينتهون بعد بحوث طويلة ودراسات معقدة إلا إلى متاهات الفلسفة وركامها العجيب ولا يكون التصور الناتج عن هذا إلا تصوراً ناقصاً محدوداً لا يصلح معه التصدي لمحاولة تنظيم الحياة الإنسانية ووضع المنهاج لها لا تدركه العقول البشرية مهما بلغت من الذكاء والعمق في التفكير واتساع المعرفة لا يمكن أن يبلغ حد ادعاء القدرة على اكتشاف الحقيقة الإنسانية وليس يزعم مثل هذا الادعاء إلا من سيطر عليه الغرور واستبدت به عقدة الكبرياء([77]). وقال في ص97 متحدثاً عن الفطرة الإنسانية وما يجوس في أعماق النفس الإنسانية على ضوء القرآن قال ما نصه (في ضوء هذه الحقيقة تتجلى لنا في منهج الهدى الرباني حقيقة هذا الإنسان بسمات حسه وخطرات نفسه ومطالب جسمه وأشواق روحه ويتضح ما ركب عليه في أصل الفطر من ميول ورغبات وما يتحرك في داخله بطبيعة التكوين إلخ أهـ. وبعد أن تحدثنا عن الفطرة النفسية للإنسان كما يراها القرآن نستعرض بعض الآراء القديمة والحديثة حول الفطرة فقد اختلفت الآراء كثيراً وتشعبت حول الفطرة التي جبل عليها الإنسان يقول على حسن العماري في مقالة له بعنوان القرآن والنفس البشرية([78]) (يقول ذهب فريق كبير من العلماء ومنهم الفيلسوف اليوناني (سقراط) أي أن الفطرة خير ونفس الطفل في نظر سقراط وعاء لكل كمال. وذهب فريق ومنهم أفلاطون إلى أن الفطرة شر والنفس في نظره هبطت إلى العالم المادي من عالمها الروحي للابتلاء والاختيار وهي لا تطهر إلا بالرياضة والمجاهدة وعلى هذا الرأي كثيراً من شعرائنا المتشائمين أمثال أبي العلاء المعري الذي يقول: ونحن في عالم صيغت أوائله على الفساد ففي قـولنا فسدوا ويقول أيضاً: والشر في الجسد القديم غريزة فكبل نفسه من عرق ضارب هذا رأي بعض الشعراء وهناك رأي آخر يتحدث عن فطرة نفس الإنسان وأن كان أقل تشاؤما ([79]). قال المتنبي: والظلم من شيم النفوس فأن تجد ذاعفه فلعله لا يظـلم وإذا تتبعنا([80]) العلماء الشرقيين والغربيين منهم وجدنا أن معظمهم متفقون على رأي واحد وهو أن الفطرة مستعدة للخير وللشر ومن هؤلاء أفلاطون الذي يرى أن من الطبائع ما يميل إلى الشر ميلاً شديداً أو منها ما هو على عكس ذلك ميال إلى الخير من تلقاء نفسه وأن الله عز وجل لم يسوي بين الناس في الميول فيما قدر عليهم من ميول- ورأى الغزالي([81]) ما نصه قال العماري (وقد اضطرب رأي الغزالي فرأى في موضع من كتبه أن الإنسان ولد قابلاً للخير والشر ورأى في موضع آخر أن الإنسان ولد قابلاً للخير والشر ورأى في موضع ثالث أن الإنسان ولد وفي طبيعته الشر. وقد ذكر أن ميل الإنسان إلى الحكمة وحب الله ومعرفته وعبادته هو مقتضى طبعه أي كالميل إلى الطعام والشراب. وأن ميله إلى السوء والقبائح غريب عليه خارج عن طبعه إلخ. ورأي حول هذا الموضوع أن الإنسان أي الطفل ميال للخير بدليل الحديث الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه "أن والدي الطفل يهودانه وينصرانه ويمجسانه". والفطرة هي الإسلام- وقال تعالى {وهديناه النجدين} والهداية هنا إرشاده إلى الطريقين وبما له من عقل وبصيرة وبما أعطاه الله من حواس ودركه وميزه للخير والشر وهو بنفسه الذي يختار أي الطريقين يسلك. والفلاسفة الغربيين أخطأوا عندما ذهبوا إلى أن الطفل ليس له حياة أدبية وأن فطرته لا تتناسب لا إلى الخير أو الشر([82]). والقرآن مليء بالآيات التي تدل على سلامة الفطرة عند الإنسان قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}([83]) وهذه الآية تؤيد الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم (ما من مولود إلا يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أو كما قال. وهناك حديث آخر يثبت لنا على صفاء النفوس وفطرتها على الإسلام ففي الحديث القدسي قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه "كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين فأمروهم أن يشركوا بي" ومن هنا يتضح لنا زيف كل ما ذهبت إليه النظريات الهدامة من أن الإنسان ليس له صلة بالأخلاق بل يكبت أو هو ميال للشر دوماً وبعد هذا الإيضاح لأسرار النفس وفطرتها بعد أن غصنا في أعماقها وكينونيتها ونواميسها وتفيأنا بظلال القرآن وسلكنا المنهج القويم المنهج الرباني والمنهج النبوي ليوصلنا إلى أعماق أغوار النفس السحيقة فوصلنا إلى الرأي القويم والطريق المستقيم وابتعدنا عن الطريقة الشائكة التي لوث بها علماء الغرب النفس الإنسانية وأغرقونا في متاهات مظلمة ليس تحتها طائل ولست أدعى في هذه العجالة السريعة أني استقصيت الموضوع ولكن عسى الفكرة التي تحدثت عنها وضحت بعض الشيء |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
04-09-2009, 11:08 AM | #3 |
مراقب عام
|
الباب الثاني
الفصل الأول: الإنسان كما يراه الإسلام الإنسان كما يراه الإسلام إنسان ذو قيمة إنسان مفكر يتدبر آيات الله إنسان لا تدنسه الغرائز الجنسية كما أراد " فرويد" وأعوانه بل هو إنسان رفيع المقام وقد تحدث الدكتور محمد قطب([84]) في كتاب الله دعوة صريحة إلى التأمل في النفس الإنسانية وما تنطوي عليه من أسرار وآيات {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ- وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}([85]). {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ}([86]). والكتاب حافل بالآيات التي تصف النفس الإنسانية في مختلف حالاتها سوية وشاذة ، صاعدة وهابطة خيره وشريره مقبله ومعرضه مؤمنه وكافره لاصقه بالطين أو مرفرفة في عالم النور وأورد هذه الآيات ونورد بعض منها قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([87]). وقال:{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}([88]). {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}([89]). {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}([90]). {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}([91]). {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ}([92]). {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً}([93]). {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً. وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}([94]). {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}([95]). {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}([96]) 1هـ. ونحن إذا تعمقنا في هذه الآيات وجدنا الإنسان بكل صوره وفي كل أحواله عند إيمانه عند كفره وطغيانه عند جهله وعلمه وعند ضعفه وقوته عند ميوله للشر وعند ميوله للخير وعند كرمه وشحه عند حماقته وعند حلمه وجلده عند اليأس والفرح وكل ذلك الأحوال تحدثت عنها الآيات السابقة وأبانت ماهية الإنسان كما يراها الإسلام فالإنسان في الإسلام صورة سامية وراقية وقمة مثل وإيمان وبه يصبح الإنسان وإلا فهو جاحد طاغي يطغى عليه الشر فيحوله إلى كائن سافل لا قيمة له قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}([97]). والقرآن مليء بالآيات التربوية والآيات الموجهة في كل مجال يقول محمد قطب([98]) (أنه كتاب تربية وتوجيه ينشئ النفوس على المنهج المستقيم وهو يؤدي مهمته هذه كاملة دون أن يتعرض لنظريات العلم المختلفة) ولكن أنا كاتب البحث أختلف مع ما ذكره محمد قطب في هذا المجال فنقول أن القرآن وإن لم يتعرض لكل نظرية باسمها وعينها فهو يحمل الرد والحجة الدامغة على كل نظرية باطلة والكاتب نفسه أورد أخطاء الغرب راداً عليها ببعض الآيات ولكن لا أعلم لماذا قال ذلك آنفاً ومادمنا نتحدث عن الإنسان والنفس نورد العيوب التي وقعت فيها دراسات الغرب عن النفس. العيوب التي وقعت فيها دراسات الغرب في النفس: يقول محمد قطب في هذا المجال ([99]) ( إن جعل هذه الدراسات على غير وعي الإنسان المتكامل. الإنسان الواقعي الذي يعيش بحقيقته المتكاملة في دنيا الواقع فانحراف معظمها إلى دراسة أجزاء متفرقة من الإنسان على أنها هي الإنسان الواقعي الذي يعش فحقيقته في دنيا الواقع وترتب على ذلك أخطار كثيرة ... الخ. ثانياً ([100]) أن هذه الدراسات لا تميز بين الصالح والطالح في أحكامها لأنها فقدت المقياس الحقيقي الذي يرشدهم إلى الصواب ومن ثم صار الواقع الضال في الغرب مقياساً لكل النفوس الإنسانية بدون تمييز مجتمع أو مذهب أو بيئة معينة فكل سخافة وجهالة وانحراف عند الغرب يطبقونه على غيرهم بدون تقييم للمواقف وما يلابسها وصار المعيار الوحيد عندهم دراساتهم ونظرياتهم الخاطئة هي المقياس لنفس البشرية السوية والضالة معاً ومهما وصل الغرب من تقدم فإنهم مخطئين أخلاقياً). قال محمد قطب([101]) (ومن ثم فالتقدم الهائل الذي أحرزته علوم الجمادات على علوم الحياة هو إحدى الكوارث التي عانت منها الإنسانية أننا قوم تعساء لأننا ننحط أخلاقياً وعقلياً...الخ. وقد حاول([102]) " فرويد" يصور العقل الواعي هو إنسان مزور لا يمت بسبب إلى الحقيقة. ثانياً([103]) (أن العقل الواعي جزء من بيئة النفس الإنسانية كالعقل الباطن). ثالثاً([104]) (أن المجتمع والميل إليه والخضوع له كلها حقائق نابعة من داخل النفس فليست مفروضة عليها من خارجها. رابعاً: اعتراف أحد رجال الغرب بفساد نظرياتهم حول الإنسان قال ما نصه([105]) كما قال (الكيس كاريل) وينتهي إلى تدمير الإنسان بسبب جهلنا المطبق بحقيقة الإنسان) أهـ. خامساً قال محمد قطب) وعلى أن هناك خطأ في كل المدارس الغربية بلا استثناء هو دراسة النفس الإنسانية والحياة الإنسانية بمعزل عن الله! وهذا الخطأ له في حياة الغرب قصة طويلة تبلغ قروناً من الزمن وقد أورد محمد قطب([106]). أخطاء الدراسة الغربية ملخصة في ثلاث نقاط: أولاً: إغفالهم الدراسات الإسلامية عن الأمم عبر التاريخ. ثانياً: إهمالهم حقيقة كونية وهي تأثر الإنسان بقدر الله المباشر. ثالثاً: إغفالهم أن التأثير الجغرافي والمادي والاقتصادي والاجتماعي هي كلها إطار لقدر الله وليست شيئاً مستقلاً عن إرادة الله. أهـ. والإسلام به قواعد نفسية كثيرة تعتبر من أسمى الأهداف يقول محمد قطب([107]) (أن الإنسان ليس أحادي النزعة في أي شأن من شئون كيانه ومن ألوان الازدواج في طبيعته أن في كيانه استعداداً للاستواء واستعداد للانحراف)([108]) ولا تستقيم الفطرة ولا تتوازن إلا حين يهذب الخطوط كلها ذات الوقت وتغذى بالغذاء الصالح السليم وهذا ما يصنعه الإنسان دين الفطرة قال تعالى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا - ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }([109]). ومن هنا يتضح لنا أن الإسلام هو دين الفطرة السليمة وأن النفس الإنسانية ينظر لها الإسلام إلى نفس مكرمة قيمه ذات مثل ولكن علماء الغرب حاولوا أن يدنسوا كل القيم وخاصة فرويد الذي جعل كل تفسيراته للإنسان وأرجعها إلى الغريزة الجنسية يقول محمد قطب([110]) (ومن هذا أعطى فرويد صورة مزورة للنفس الإنسانية خلاصتها أن الكيان الحقيقي للإنسان هو الطاقة المهمة البحتة ولم يكتف بما فعله في المرحلة السابقة من تفسير الإنسان في كيانه أساس حيواني بحت وأقصاه عن كل عنصر إنساني في كيانه بحجة أنه مفروض عليه من خارج نفسه وليس أصيلاً في كيانه الحقيقي (بل زاد على ذلك أن أعطى هذا الكيان الحيواني لوناً جنسياً صارخاً فلم يتركه حتى كالحيوان الحقيقي يأكل بلذة الأكل ويشرب بلذة الشرب إلخ وجعله يأكل ويشرب ويتحرك ويصارع كل ذلك بلذة الجنس: بالإضافة إلى النشاط الجنسي المتعارف على أنه نشاط جنسي فصار الطفل يرضع للذة الجنسية ويتبرز بلذة جنسية ويحث نحو أمه بدافع جنسي إلى آخر هذا الخلوط الدنس الذي لا يقوم عليه دليل) أهـ. وهناك([111]) مدرسة تجريبية تضع النفس الإنسانية في المعمل فأفسدت كل الحقائق وذلك لكونها تجاهلت النفس وكيانها الأعلى. وهناك عدة تفاسير يراها علماء الغرب وكلها خاطئة لم نجد فيها الحلول الصالحة بل هي أغاليط وسخافات كلها تؤدي إلى انحراف وظلمة دامسة لا توصلنا إلى الضياء والفجر الناصع يقول محمد قطب([112]) (وكل تفسير للنفس الإنسانية بدافع واحد من دوافع الحياة هو تفسير ناقص قصير النظر. تفسير سلوك الإنسان عند الغرب 1- التفسير الجنسي للسلوك البشري الذي قال به " فرويد". 2- التفسير المادي الذي يقول أن تاريخ الإنسان هو تاريخ البحث عن الطعام والذي قال به (ماركس) و(أنجليز) وغيرهم من دعاة التفسير المادي والتفسير الاقتصادي. 3- التفسير السيكولوجي الجزئي الذي يقول أن رغبة البروز هي الدافع الأصيل للإنسان سواء في صورة رغبة التفوق كما أدلى بها (أدلر) أو شعورياً بالنقص ومحاولة التعويض كما أدلى بها (يونج) تلميذ (فرويد) وقد رد محمد قطب على هذه التفسيرات كلها بأدلة دامغة ولم يدع مجالاً لأولئك المضللين قال ما نصه([113]) (كل هذه التفسيرات ترتكب خطأ رئيسياً فاضحاً هو أخذ جانب واحد من الإنسان والقول بأن هذا الجانب هو الإنسان). وكذلك كل تفسير يأخذ في حسابه الدوافع وحدها ولا يعمل حساباً للقوة الضابطة في كيان الإنسان) ولعلنا لو تتبعنا القرآن نجد المنهاج الصادق عن النفس الإنسانية وهناك آيات كثيرة تعرضت للنفس الإنسانية موضحة كل ما يدور حولها من نزعات وهذه الآيات تفيد قواعد نفسية وتعتبر من أهم القواعد النفسية التي يجدر بنا أن نأخذ بها ونضعها نصب أعيننا دوماً فعندها تثلج نفوسنا وترتقي إلى مقام رفيع وتسمو وتصفو صفاءاً مشرقاً فلا تكون في حياتنا أطماع وانحرافات أو دوافع جاهلية حقيرة. والقرآن مليء بتلك الآيات التي رسمت المنهاج للنفس حتى لا تزيغ عن الطريق المستقيم فقد أوضح الله عز وجل في كتابه أماكن القوى في النفس وأماكن الضعف من طموح وشح في حالة الإيمان وفي حالة الكفر. قال الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}([114]). قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([115]). والمسلم([116]) حين يقرأ القرآن يلاحظ قواعد كثيرة تحدثه عن شئون الحياة فيعبد الله عن وعي وفهم وإدراك. ثم أورد محمد قطب هذه الآيات: قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}([117]). والقرآن الكريم أوضح للمسلم كل مجالات الحياة ووضع قواعد فلا صراع ولا أحقاد فكل نصر وكل قوة وعزة هي من عند الله وكل مذلة وضعف فهي من عند الله فلا ينبغي لأي نفس مسلمة أن يخالطها ذلة أو يأس أو ضعف بل تعود إلى خالقها بكل إيمان فعندها تكبح كل هوى وفجور فتسمو وترتقي إلى القيم العالية إلى الإيمان الذي ينقذها من الغرق في متاهات الحياة. ( منهج العزة والرفعة للنفس في الإسلام) قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}([118]). والنفس قد تخاف من الحاضر والغيب والمجهول فتقع في حيرة ولكن القرآن يضع النقاط فوق الحروف ويرشدنا إلى العزة والرفعة للنفس لكي تواجه الحياة بقوة وكرامة مطمئنة إلى قدر الله. قال محمد قطب في كتاب (منهج التربية الإسلامية)([119]) " كذلك الخوف من النتائج المجهولة المبنية على حاضر معلوم ثم أورد هذه الآيات: قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}([120]). قال تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}([121]). قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً}([122]). قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}([123]). ثم أضاف معلقاً على تلك الآيات (وهكذا يتناول القرآن كل المخاوف البشرية الزائفة واحداً فينقضها عن النفس ويرفع عنها أصرها ليطلعها تواجه الحياة قوية عزيزة متمكنة متطلعة مطمئنة (إلى قدر الله) أهـ. وبعد فمهما حاول كل دارس أن يلم بالنفس ويحيط بها ويستقصي ذلك لا يمكنه ذلك إلى على ضوء القرآن الكريم ومهما حاولنا معرفة أسرار النفس فذلك أمر محال لكل كائن وكل عالم قال الله تعالى {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}([124]). قال محمد قطب([125]) بعد أن ذكر هذه الآية قال ما نصه (وما تزعم وما يزعم أحد أن يحيط بكل أسرار النفس ويصل إلى كل أغوارها: وإنما تستجيب في أمر الله حين يقول {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}. وقال محمد قطب بعد ذكر الآية السابقة (فنحاول أن نبصر منها بقدر ما تطيق البصائر والأبصار) أهـ. وقبل أن نختتم هذا الباب نحب أن نورد ما قاله محمد قطب عن " فرويد" الذي بهر العالم بنظرياته الخاطئة وحتى العالم الإسلامي الذي عنده المصدر الذي يصور النفس ويضع لها سنن ومنهاج بعيد عن تلك النظريات المادية والجنسية والنظرة الواقعية التي هي الأخرى تحسب على الإنسان نواياه السيئة وميوله الشريرة أو كما يراها فرويد أن الشيطان هو انعكاس الشر في كيان الإنسان وكذلك العلم يعجز عن تصوير ماهية الإحساس ويعجز عن تفسير أحوال النفس وأصرارها وظواهرها وهذه النظريات والسفسطات الواهية كلها مصدرها أعداء الإسلام من يهود يريدون هدم القيم وخاصة المجنون " فرويد" الذي صرح بجنونه ولا غروي ولا عجب من جنونه ولكنه العجب أن يؤخذ بجنونه وسفاهته وأفكاره الخبيثة ونحتج بها ونجعلها أفكار وقيم صالحة لمجتمعنا الإسلامي وهذه المشكلة هي التي دعتني إلى كتابة هذا البحث فمنذ صغري وأنا اكره كل ما يدرس في المدارس من علم النفس لكونه يرتكز وينبني على نظريات علماء الغرب ومنذ نعومة أظفاري وأنا لا صداق تلك الأفكار قرأت نقد نظريات فرويد في كتاب مصطفى محمود في كتابه أسرار القرآن فعندها أبرزته لزملائي الذي فتنوا بأقوال فرويد وطالما عارضتهم في تلك الأفكار بأن العقل يأبى بأن يكون الطفل عنده عقدة الكترا وعقدة أُديب أي أن يحب الابن أمه وتحب البنت أباها تلك النظرية التي جاءت من دنيا الحيوان وحتى الحيوان يسمو عن ذلك كما قد عرف عن الحصان أنه لا يأتي أمه لا يجامعها ولكن ثبت لدينا جنون فرويد عندما بدأت في هذا البحث وخاصة عند قراءة كتب محمد قطب التي كنت مولعاً بها. جنون فرويد ولقد أشار محمد قطب في كتابه دراسات في النفس الإنسانية ص273 في هامش تلك الصفحة نقل محمد قطب اعتراف فرويد بجنونه قال ما نصه "مجنون يرى العالم مجانين- قال فرويد " أننا جميعاً مصابون بالهستريا إلى حد ما" أهـ حقاً أنك مجنون وكل من يأخذ بنظرياتك سلب العقل فهو مجنون مثلك وبعد فإن النفس الإنسانية لها قيم غير ما يذكر فرويد وقد حاول أتباعه من مفكري اليهود تفسير النفس بالتفسير المادي وبأن القيم غير ثابتة لأنها تستمد من الطور الاقتصادي([126])- وهذا التفسير المادي والصراع على السيطرة والإلحاد والدعوة إلى هدم القيم وهذا ما تريده الشيوعية التي نشأت وتربت في أحضان الصهيونية واليهودية التي كانت السبب في هدم القيم الإنسانية يقول محمد قطب ما نصه([127]) (والتفسير المادي الحيواني للإنسان الذي أقامة دارون من قبل ومن ثم تبعه فرويد وزعم هذا التفسير أنه لا توجد قيم على الإطلاق لنفس الفرد فهو محكوم وبغريزة أبدا وبغريزة الجنس بصفة خاصة في نظر فرويد وأن هذه الغريزة تسعى إلى الحصول على اللذة والهروب من الألم وأن هذه القيمة الوحيدة في كيان الإنسان الفرد ... الخ. ثم أن فرويد كان يرى أن الكبت الجنسي هو المسؤول عن معظم الجرائم ذلك قول باطل يقول محمد قطب([128]) (ثم أن كثيراً من الجرائم والانحرافات التي أصر فرويد على تفسيرها تفسيراً جنسياً تحتمل تفسيرات أخرى لا جنسيه ولكنه في إصراره على تلويث البشرية كلها بلوثة الجنس كان يرفض أي تفسير لا يدخل فيه الجنس) أهـ وأما الدعوة بان الكبت الجنسي هو المسئول عن الجرائم والانحراف فالمعروف أن الصبر لا يولد إلا عقبه حسنة ومن استطاع كبح جماح نفسه كان في أحسن حال والجهاد هو جهاد النفس كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أو كما قال (وعلم النفس الحديث لم يضع في حسابه الإيمان بالله وما يماذج النفس من ضير وحين تفقد الإيمان تكون قد ضاعت في دياجير الظلام. يقول محمد قطب([129]) (كذلك لم يضع علم النفس الغربي في حسابه وهو يشخص الأمراض النفسية أن نقض الاتجاه الروحي وانعدامه هو من الأمراض التي تصيب النفس). وكذلك بعض الأشياء تفسر بالعلم والمنطق ولكن انقلاب القلوب وسرعان تقلبها يعجز العلم عن تفسيره مهما كان فإن ذلك لا نجده في أي علم نفس أو أي دراسة تحليلية والقرآن هو الدواء الشافي لنا فنقول كما قال محمد قطب([130]) ما نصه (أما نحن فلا نترك في هذه الظاهرة إلا ما قال الله سبحانه في كتابه {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}([131]). وكما ورد في الحديث أن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كما يشاء) ([132]). التقدم العلمي لا يستدعي تقدماً في المفاهيم والقيم وكثيراً من الناس يظنون مع هذا التقدم العلمي العظيم قد أوجد أيضاً تقدماً في المفاهيم وهذا خطأ فادح قال محمد قطب([133]) ص284 (أن هناك وهماً صارخاً يستولي على أفئدة الناس في الغرب ويسلك إلى المستعبدين في الشرق فيملأ ما في نفوسهم من تفاه وفراغ أنهم يظنون العظمة العلمية تستتبع حتماً أن يكون الإنسان كله قد ارتقى فلابد إذن أن تكون الأخلاق والعادات والتقاليد الموجودة في عصر الذرة أفضل من مثيلاتها في العصور السابقة.. الخ. ونختم هذا الباب بعد أن أوردنا الأدلة الكافية على التصور الإسلامي الذي أبان حقيقة الإنسان كما يراها الإسلام. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
04-09-2009, 11:20 AM | #4 |
مراقب عام
|
الفصل الثاني
نحو علم النفس الإسلامي لعل هذا الفصل لا نأتي فيه بالجديد فكل الآيات التي تحدثت عن مفهوم الإسلام وعن النفس الإنسانية قد ذكرناها في محلها ولكن ربما نورد بعضها هنا أو لا نوردها ونحن في هذا الفصل سنورد بعض القواعد الإسلامية عن النفس في أحوالها وقد يستغرب البعض من كون الإيمان هو الدواء الشافي لكل حيرة نفسية يقول على حسن العماري([134]) (من مقالة بعنوان القرآن والنفس البشرية ص51 وحسبك أن تقرأ كتاب دع القلق وابدأ الحياة "لمديل كارلنجي" وكتاب العودة إلى الإيمان "لموريس كريسون" فكارلنجي يقول أن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهر القلق والتوتر العصبي). الإيمان يقهر القلق والتوتر العصبي ويقول الثاني (أن المرء المتدين حقاً لا يعاني قط مرضاً نفسياً) ثم أضاف صاحب المقالة ومتى انتصرت النفس الإنسانية على شهوتها وأصغت إلى ضميرها وراقبت ربها أثر عليها سمو ورفعة لما للإيمان من قيم) أهـ. نعم ([135]) إن الإيمان هو البلسم الشافي لداء النفس المعذبة الجريحة المعقدة بمشاكل الحياة ولقد يصل اليأس بالإنسان حتى يرى أن الجهل راحة والعلم عذاب كما صرح بذلك أحد الشعراء وهو من فحول الشعراء وربما صدق حين قال المتبني: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخـو الجهـالة بالشقـاوة ينعم ولكن النفس السعيدة ليست الجاهلة ولا الجاحدة ولا الغنية بما لدى صاحبها من أموال كل ذلك بعيد والنفس السعيدة هي التي عناها الشاعر حين يقول: قال الحطيئة: ولست أرى السعادة جمع مال ولكـن التقـى هو السعــيد والإيمان هو أساس كل دواء للنفس البشرية قال محمد قطب([136]) ( لـو آمن الناس بالله واليوم الآخر لا نصلح حال البشرية وزال ما تعانيه اليوم من القلق والاضطراب النفسي والعصبي الذي لا مثيل له في كل تاريخ البشرية). ابن حزم سبق علماء الغرب في التأليف في علم النفس وفي هذا الفصل الذي يدعو فيه إلى علم نفس إسلامي وجدت أن لابن حزم الأندلسي الذي عاش 356- 384هـ له كتابين يعالجان علم النفس قبل فرويد بعدة قرون الكتاب الأول أخلاق النفس) لم أجده وقد ذكر ضمن كتبه في كتابه (الأخلاق والسير في مداواة النفوس) وهو الذي وجدت فيه ضالتي إذ لابد لهذه الحضارة العريقة أن يكون لها مجال السبق في كل مجال وكان علم الاجتماع مبتكره ابن خلدون وأتى ديكارت وانتحل آراءه وادعى أنه هو المبدع المبتكر) فكذلك ابن حزم سبق فرويد في دراسته علم النفس لكن بدون اتفاق في الأفكار ولعل بعض مفكري الغرب اطلع على هذا الكتاب واستفاد منه كما هي عادتهم. قال ابن حزم عن سبب تأليف كتابه محاولاً مداواة النفس الإنسانية بكل ما أوتي من علم. قال في كتابه([137]) ص 12 (وأنا راجٍ في ذلك من الله تعالى أعظم الأجر لنيتي في نفع عباده وإصلاح ما فسد من أخلاقهم ومداواة علل نفوسهم وبالله أستعين). وقد تحدث ابن حزم عن اتفاق الناس على اختلاف طبائعهم عن اتفاقهم في طرد الهم والناس كلهم متفقون على طرد الهم والشكوى منه قال ص14([138]) (تتطلبت غرضاً يستوي الناس كلهم فيه في استحسانه وفي طلبه فلم أجده إلا واحداً وهو طرد الهم فلما تدبرته علمت أن الناس كلهم لم يستوف استحسانه فقط وإلا في طلبه فقط ولكن رأيتهم على اختلاف أهوائهم ومطالبهم وتباين همهم وإرادتهم، لا يتحركون حركة أصلاً إلا فيما يرجون به طرد الهم) وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان فكل إنسان يبحث عن طرد الهم عن نفسه.. ثم قسم الناس عدة أقسام حسب أهوائهم ورغائبهم: أصناف الناس عند ابن حزم القسم الأول([139]) ص14 من لا يستحسنه إذ في الناس من لا دين له فلا يعمل للآخرة. 2- وفي الناس من أهل الشرف من لا يريد الخير ولا الحق. 3- وفي الناس من لا يريد المال ويؤثر عدمه على وجوده ككثير من الأنبياء عليهم السلام ومن تلاهم من الزهاد والفلاسفة. 4- وفي الناس من يؤثر الخمول بهواه وإرادته على بعض الصيت. 5- وفي الناس من يبغض اللذات بطبعه. 6- وفي الناس من يؤثر الجهل على العلم كأكثر من ترى من العامة وهذه هي الأغراض التي لا غرض لهم سواها وليس في العالم منذ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم ولا يريد طرده عن نفسه) هذه هي نظرة ابن حزم عن هموم الناس قد أوضحها بدون صعوبة تذكر ثم تحدث عن الأسباب الموصلة للسعادة فنجده سبق علماء هذا العصر عن السبب الحقيقي للسعادة أنه سبق صاحب كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) في رأيه السابق عن أن الإيمان وهو الدواء الشافي وأن المؤمن لا يعاني اضطراباً نفسياً- فنجد ابن حزم يقول في كتابه([140]) ص15 (بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلوب للنفس الذي اتفق فيه جميع أنواع الإنسان الجاهل منهم والصالح والطالح على السعي له فلم أجدها إلا التوجه إلى الله عز وجل في العمل بالآخرة) فالعمل للآخرة يطرد الهم وينقي النفس من رغباتها وشهواتها ويجعلها مثقلة من كل شائبة فلذلك دعى ابن حزم إلى العمل بالآخرة أي الإيمان ونبذ كل سراب ونعيم وبهرج للحياة والعودة والسعي فقط للآخرة بدون إفراط أو تفريط لكل منهما- مطالب الناس عند ابن حزم وهو يذكر الأسباب التي دعته إلى قوله ذلك قال في كتابه ص15([141]). أولاً: (فإنما طلب المال طلابه ليطردوا به هم الفقر عن أنفسهم). ثانياً: وإنما طلب الصوت([142]) من طلبه ليطرد به عن نفسه هم الاستعلاء عليها. ثالثاً: وإنما طلب اللذت من طلبها ليطرد به عن نفسه هم الاستعلاء عليها. أقسام الناس وميزه كل فرقة عند ابن حزم أقسام الناس حسب نزعاتهم النفسية قسمها ابن حزم إلى أربع أقسام ووضح ميزة كل فرقة قال (طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة). ثانياً: وطالب الشر متشبه بالشياطين. تفوق البهائم على الإنسان 3- وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع. 4- وطالب اللذات متشبه بالبهائم. ثم أن ابن حزم يرى أن الإنسان الذي يسعى للذات والقوة فإنه كالسباع والبهائم لأنه في أي مجال طلب الشهرة والقوة والسرعة والشجاعة يجد أن الحيوانات تفوقه في ذلك المجال ولكن الإنسان ضابطه ومعياره الذي يسمو به إلى الدرجة العالية الإنسانية الراقية وإلا فهو حيوان في كل تلك المطالب التي يشارك فيها البهائم وذلك ما ذكره ابن حزم في القاعدة الخامسة في كتابه ص18 (فالعاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها السبع وبهيمة أو جماد وإنما يغتبط بتقديمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات وهي التميز الذي يشارك فيه الملائكة وبعد ذلك يذكر ابن حزم الأدلة المقنعة لكل نفس لا تغتر بأي صفة من صفات الجراءة والشجاعة وغيرها فتلك صفات يتشارك فيها الحيوان قال في كتابه([143]) (فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه – وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه ومن سر بحمله الأثقال فليعلم أن الحمار أحمل منه ومن سر بسرعته فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع منه ومن سر بحسن صوته فليعلم أن كثير من الطير أحسن صوتاً منه وأن أصوات المزامير أطرب من صوته- فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه) ولكن من قوى تميزه واتسع علمه وحسن عمله فليغتبط بذلك فإنه لا يتقدمه إلا الملائكة وخيار الناس) قواعد نفسية مستنبطة من القرآن الكريم وراح يدلل على نظريته وأن النفس الصالحة القويمة هي التي تكبح جماح رغباتها وأهوائها وغضبها فعندها تستحق الرفعة. قواعد نفسية جامعة لكل فضيلة من القرآن الكريم قال ابن حزم في كتابه ص19 وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}([144]). جامع لكل فضيلة لأن نهي النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي وعن الطبع الشهواني لأن كليهما واقع تحت موجب الهوى فلم يبق إلا استعمال النفس للنطق الموضوع الذي به بانت عن البهائم والحشرات والسباع). قواعد نفسية مقتبسة من الحديث ثانياً: ما ذكره عن قيم من السنة قال في ص19 قول الرسول صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه (لا تغضب) وأمره عليه السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه جامعان لكل فضيلة وهما أمران يردعان النفس عن هواها عن القوة والشهوة). ثم راح يقسم الناس حسب نواياهم وهو تقسيم منصف يدل على خبرة الرجل بالعلوم النفسية ولعل كل ما ذكره في كتابه يكون مرجعاً في هذا المجال ونعود إلى ما ذكره من تقسيم الناس حسب نواياهم في كتابه([145]) (قسم يتمنى الغلا المهلك لناس والصغار ومن لا ذنب له. 2- والنية الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه وأنهم لو صفوّا نياتهم وحسنوها لعجلوا الراحة لأنفسهم..إلخ. راحة العقل عند ابن حزم فقال في كتابه([146]) أن راحة العقل لا تتم إلا بثلاث أمور- أولاً: طرح المبالاة بكلام الناس. 2- استعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل). 3- من قدرته أن يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون ثم قال([147]) فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات وتعرت من الرذائل والمعاصي والشقى من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي ونفرت من الفضائل والطاعات ..إلخ. وكل هموم لابد لها من عوارض ولكن الهدف الأسمى هو العمل بالآخرة وذلك حين يقول (وجدت للعمل للآخرة سالما من كل عيب خالصاً من كل كدر موصلاً إلى طرد الهم على الحقيقة) ثم أضاف على تلك القاعدة وقال لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلا منها وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل). صفات نفسية قضائية صفات نفسية قضائية ثم يحدثك عن الوجدان والألم فقد ترى الإنسان يبالغ في دعواه ويظهر نفسه مظلوم وآخر لا حجة لديه ولكن المظلوم هو نفسه الذي لا يملك الحجة وهلم جرا ولكن يحذر من ذلك فيقول ينبغي للعاقل ألا يحكم بما يبدو له من استرحام الباكي المتظلم وتشكيه وشدة تلويه وتقلبه وبكائه. غرائب أخلاق النفس 2- ورأيت بعض المظلومين([148]) ساكن الكلام معدوم التشكي مظهراً لقلة المبالاة. 3- فقد يسبق إلى النفس ما لا يحقق النظر أنه ظالم وهذا مكان ينبغي التثبت فيه ومغالبة نيل النفس جملة (وقال في الإنصاف من أراد الإنصاف فليتوهم نفسه مكان خصمه فإنه يلوح له وجه تعسفه وقال في محاسبة الإنسان نفسه مستشهداً بقول الشاعر: لا تنهى عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم وأبدأ بنفسك فأنهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}([149]). نصائح نفسية والكتاب([150]) مليء بقواعد نفسية ونصائح وتقسيم للمجتمع: 1- فيقول (احرص أن توصف بسلامة الجانب 2- وتحفظ من أن توصف بالدهاء فيكثر المتحفظون منك. 3- وطن نفسك على ما تكره يقل همك. 4- طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها. 5- من جالس الناس لم يعدم همه يؤلم نفسه. 6- والعز والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم ثم شبه الناس ومشاكلهم بالنار شارحاً المحاسن والمساوئ فقال([151]) (اجعل الناس كالنار تدفأ بها ولا تخالطها والرأي والقبح والعار عند ابن حزم لا يعلمها إلا من كان خارجاً عنه لا من كان داخلاً فيه. ويتحدث عن علاقة الناس ببعضهم فيقول: 1- استبقاك من عاتبك. 2- إذا تفكرت في الهم بما يعرض للأصدقاء والإخوان من موت وفراق أو غدر من يغدر منهم كاد السرور بهم لا يفي بالحزن الممض من أجلهم أقسام الناس بالنسبة للمدح والذم([152]). 1- طائفة تمدح في الوجه وتذم في المغيب وهذه صفة النفاق من العيابين. 2- وطائفة تذم في المشهد والغيب وهذه صفة أهل السلاطة والوقاحة من العيابين. 3- وطائفة تمدح في الوجه والمغيب وهذه صفة أهل الملق والطمع. 4- وطائفة تذم في المشهد وتذم في المغيب وهذه صفة أهل السخف والنواكة. 5- وأما أهل الفضل فيمسكون عن المدح والذم في المشاهدة ويثنون بالخير في المغيب. 6- وأما العيابين البزئاء من النفاق والغيبة فيمسكون في المشهد ويذمون في المغيب. 7- وأما أهل السلامة فيمسكون عن المدح والذم في المشهد والمغيب. أسباب الذل والمهانة وابن حزم يعلل المهانة والخضوع وخسة النفس بالمجتمع والجشع والطمع فيقول في كتابه 53 (الطمع إذاً أصل لكل ذل ولكل هم وهو خلق سوء ذليل وضده نزاهة النفس وهذه صفة فاضلة مركبة من النجدة والجود والعدل والفهم) ثم يضيف ولولا الطمع ما ذل أحد لا أحد ثم قسم الفضائل إلى أربع أقسام: أقسام الفضائل والرذائل 1- العدل 2- الفهم 3- النجدة 4- الجود وأصول الرذائل أربعة منها متركبة كل رذيلة: 1- الجور 2- الجهل 3- الجبن 4- الشح ولعلنا بهذه اللمحة عن كتاب ابن حزم قد ذكرنا بعض القواعد التي ينبغي أن يرجع إليها الدارسين وأن المسلمين لهم فضل السبق في مجال الدراسات النفسية والقرآن مليء بالآيات التي تعالج حالات النفس الإنسانية من قنوط وفرح وما شابهها ولكن نجد في هذه الأمة من يترك المنبع الصافي العذب ثم يذهب ويرتوي من مشارب منتنة ويا لها من جهالة ونحن كما قال الشاعر: ومن الغرائب والعجائب جمة قرب الحبيب ومـا إليـه وصـول كألعيس في البيدءا يقتـلها الظمـأ والماء فوق ظهورها محمــول فالعلم متوفر عندنا والقرآن مليء بالقواعد النفسية التي تعالج وضع الإنسان ويكفينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم " أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وقوله "أدبني ربي فأحسن تأديبي" وقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه قالت: "خلقه القرآن" وهل ينبغي بعد هذا أن نرجع إلى دراسات الغرب ونظرياتهم الفاسدة أصلاً ونحللها ونطبقها على "أنفسنا ومن ثم ندرسها على أساس أنها علم جدير به قواعد جمة وما هو إلا هزل وجنون وسخافة لا يرضى بها أي عاقل. واستكمالاً للموضوع نجد القيم متوفرة وحث عليها الشعراء أمثال أحمد شوقي حين يقول: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه – فقوم النفس بالأخلاق تستقم. ([153]) وقوله أيضاً: والنفس من خيرها في خير عافية والنفس من شرها في مرتع وخم وقال البويصري والنفس كالطفـل أن تهمله شب – على حب الرضاعِ وأن تفطمه ينفطم([154]) وبعد سرد هذه القواعد النفسية الشعرية من بعض شعراء الإسلام نختم هذا الفصل برؤية إسلامية عن النفس وهي مستمدة هذه النظرة من علم نفس إسلامي من منبع صافي غير ملوث بالنظريات الغربية الهدامة يقول الدكتور/ رمضان محمد القذافي في كتابه علم النفس الإسلامي([155]): أولاً: إبراز الهوية الإسلامية لعلم النفس: فالدارس لعلم النفس أو المتخصص فيه لا يطالع إلا أسماء أجنبية وتعبيرات غريبة عليه أينما ذهب، ولا يصادف ما يشير إلى وجود أسس علمية متينة يمكن أن يقوم عليها "علم نفس إسلامي" ذو طبيعة إسلامية تتمشى مع العقل والمنطق ولا تتعارض مع الدين، ترتكز على مصدر لا يأتيه الشك وهو القرآن الكريم. ثانياً: بيان فضل الإسلام على علم النفس الحديث: إن من يتطلع على مصادر علم النفس الحديث يخرج بانطباع عام مؤداه أن كل ما في هذا العلم هو غربي المنشأ والصياغة والفكر سواء نسبناه لفرويد أو غيره، غير أنه بعد الفحص والتدقيق يتضح لنا أن كثيراً من أفكار علماء الغرب واكتشافاتهم في الإطار العام لعلم النفس هو إسلامي المنشأ قرآني الطابع. فقد تناول القرآن مواضيع النفس، والسلوك، والثواب والعقاب والتعليل والقدوات والاتجاهات والدوافع وأنواع الاضطرابات ومصادرها. وبعض أساليب العلاج النفسي وغير ذلك كثير. أهـ. ثالثاً: معالجة النقص الحاصل في مصادر علم النفس الإسلامي: ثم أضاف غير أنه من الملاحظ أيضاً أن كثير من المراجع التي تحدثت عن الإسلام وعلم النفس الحديث أو الإسلام والعلاج النفسي الحديث أو التربية الإسلامية وقعت في خطأ الخلط بين هذا وذاك فإذا بها غاصة بنظرية التحليل النفسي ومنهج فرويد وفلسفات التربية الإغريقية والمعرفة اليونانية ولا تشتمل إلا على القليل من الأفكار الإسلامية وحرصاً على عدم الوقوع في نفس الخطأ فقد التزمت منذ البداية أن يكون القرآن هو مرشدي ومرجعي الوحيد ومصدر أفكاري، ثم أضاف وأخيراً أقول بأن موضعي من هذا الكتاب هو موضع الباحث وليس المؤلف لأن الأفكار القرآنية التي اعتمدت عليها أنشأها الله عز وجل. أما دوري كباحث فقد تمثل في البحث عن تلك الأفكار في ظلال القرآن وإبرازها وترتيبها في مواضيعها..إلخ ثم قال في الفصل الأول([156]) ص7 ما نصه "النفس بالمعنى العلمي نقصده هي ذلك الجوهر أو النظام النفسي الذي يميز الإنسان عن غيره فيجعله يعقل ويفكر ويدبر، ويتخذ القرارات ويصدر الأحكام، ويدرك المنبهات المحيطة ثم يختار طريقه بإرادته الحرة.. إلخ. وقال([157]) أيضاً في نفس الصفحة السابقة عن طبيعة النفس ما نصه " النفس الإنسانية قادرة على اختيار طريقها والتمييز بين الخير والشر بما منحها الله من قدراته، وتلقي حرية الاختيار على النفس مسؤولية ضخمة هي مسؤولية الالتزام بنتائج ما تختاره من أنماط السلوك والاستجابات المتعددة، ونوعية الجزاء المنتظر بنوعيه إن خيراً فخير وإن شر فشر. أهـ. وهكذا نجد الباحث يبرز الهوية الإسلامية لعلم النفس محللاً النفس الإنسانية على ضوء القرآن الكريم بدون الخوض في متاهات الدراسات الغربية المنحرفة التي دنست الإنسان والنفس حسب النظريات الهدامة وبعد ذلك يمضي الكاتب يتحدث عن النفس مسترشداً بالآيات القرآنية مستدلاً بها على ما يقول مستدلاً بهذه الآيات {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ }([158]) وذكر قوله تعالى {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}([159]). ثم قال([160]) بعد الآيتين السابقتين ومما يلاحظ في هذا المجال أن الله خلق النفس مستقيمة على الفطرة وذودها بالأدوات التي تساعدها على الاختيار وإصدار القرار...إلخ. ثم ذكر هذه الآية {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} وقال في الصفحة الثامنة([161]) "مسؤولية النفس أن كل نفس مرتهنة بعملها ولا تجازى إلا به، فالنفس الإنسانية قبلت الأمانة التي تزعزعت الجبال من ثقلها، وأبت الأرض حملها وسوف تحاسب على الالتزام بها أو التفريط فيها تبعاً لنوعية السلوك والمستوى والعمل. {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}([162]). {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}([163]). {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}([164]). ثم أضاف في نفس الصفحة السابقة ضبط النفس والسيطرة عليها " نعلم بأن النفس الإنسانية مزودة بالأدوات الطبيعية والفطرية التي تساعدها على الاختيار وصنع القرار" ..إلخ. وقال ص9 متحدثاً عن سلوك النفس والرقابة الداخلية الفعالة، قال ما نصه " تستطيع الرقابة الداخلية الفعالة والصارمة أحياناً من قبل الفرد أن تمنع الخطأ وتقي النفس من الشطط أو الزلل أو الانحراف. أما إذا كانت الرقابة ضعيفة أو معدومة فسوف تنساق النفس في نزواتها وتطلق العنان لشهواتها بلا حدود ولا قيود. ويشير القرآن إلى أن من يملك القدرة على كبح جماح نفسه يستطيع السيطرة عليها وأن يوجهها إلى فعل الخير وينهاها عن الشر ومتى فعل ذلك فهو من الفائزين " {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}([165]). {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}([166]) {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}([167]). وبعد ذلك تحدث الباحث عن مراتب النفس في ص9.([168]) يحدثنا القرآن عن مرتبتين للنفس، مرتبة عليا لأهل التقوى الذين يخافون الله ويتمسكون بأوامره وينتهون بنواهيه، ومرتبة دنيا للرافضين لأوامر الله المعطلين لحدوده، ولأهل الضلال المبالين إلى الانحراف وارتكاب الفواحش والمنكرات. ثم تحدث الكاتب الدكتور رمضان محمد القذافي في كتابه "علم النفس الإسلامي" عن مراتب النفس متحدثاً عن أقسام النفس كما ورد في القرآن الكريم وقال إن مراتب النفس تنقسم إلى ثمانية أقسام وتحدث عن كل نفس ذاكراً الدليل من القرآن الكريم ذكر ذلك من ص 10 إلى ص15 ولما لذلك من أهمية ننقل ما قاله بإيجاز أملاً أن تكون مع علم النفس الإنسانية قد بيناها على ضوء القرآن الكريم كما بينها المؤلف في كتابه فقال ما نصه "أن المرتبة العليا النفس ثم عدد مراتب النفس: أولاً: النفس المطمئنة: وهي النفس التي تخاف الله، وتؤمن بلقائه، وترضى بقضائه، وتقنع بعطائه. ويؤدي الشعور بالاطمئنان إلى الثقة بالله وانتفاء المخاوف وزيادة مستوى الثبات الانفعالي. {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}([169]). أهـ ثانياً: النفس اللوامة([170]): وهي النفس التي تشعر بالذنب فتندم على ما فات وتلوم عليه، فهي في مرتبة الضمير الذي يتولى مهمة الرقابة الداخلية على السلوك مما جعل المؤمن يعمل دائماً على مساءلة نفسه ومحاسبتها ومعاتبتها على ما صدر منها من ذلات أو هفوات في قوله أو عمله: قال تعالى: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}([171]). ثالثاً: النفس الزكية([172]): وهي النفس الطاهرة من الخبث والدنس والشرك بالله فهي لا تحنث ولا ترتكب معصية ولا تخالف أوامر الله..إلخ والدليل على النفس الزكية قوله تعالى {أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ}([173]). قال تعالى: {وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}([174]). { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([175]). {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى}([176]). |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
04-09-2009, 01:42 PM | #5 |
مراقب عام
|
ب- ثم ذكر مراتب النفس الدنيا: وهي مرتبة النفوس التي استباحت حرمات الله، وأتبعت هواها، وارتكبت المعاصي، ولم تستجب لداعي الحق، ومنها. أولاً: النفس الحاسدة: وهي التي تكره الخير لغيرها وتتمنى لهم الشر والكاره قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم}([177]). ثانياً: النفس الآثمة: وهي التي لا ترتدع عن فعل الكبائر ولا تنتهي عما نهى الله عنه {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}([178]) {وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ}([179]). {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ}([180]). {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}([181]). ثالثاً: النفس الأمارة بالسوء: وهي التي تدفع صاحبها إلى ارتكاب المعاصي وفعل الرذائل والسعي إلى الفواحش دون مراعاة للحرمات أو تفكير في سوء المصير. وذكر عدة آيات ونذكر منها هذه الآية {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}([182]). رابعاً: النفس الظالمة: وهي التي تنتهي بصاحبها إلى الظلم سواء كان ذلك عن طريق مخالفة أوامر الله وعدم اجتناب نواهيه. أو عن طريق ظلم النفس بدفعها إلى الخطايا أو الذنوب، وقد ذكر عدة آيات نكتفي بواحدة منها قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ به}([183]). خامساً: النفس المخادعة: وهي التي تخطط الدسائس وتتآمر على الآخرين وتتبع الطرق الملتوية في تحقيق أهدافها عن طريق المنكر والخداع وقد ذكر عدة آيات نكتفي بواحدة قال تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً}([184]). سادساً([185]): النفس ذات النوازع الجنسية المحرمة: وهي التي تنقاد لسيطرة الدوافع الجنسية فتستجيب لها بطرق غير مشروعة هي بذلك تنزل بصاحبها إلى مرتبة الحيوان الخاضع لسلوكه الغريزي واستشهد بعدة آيات نكتفي بذكر آيتين {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}([186]) وقال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}([187]). سابعاً: النفس([188]) المستكبرة العاتبة: وهي التي تنخدع بقوتها فلا ترى غير نفسها ولا تتصور من هو أقوى منها مما يجعلها تتمادى في الشعور بالعظمة والتكبر وتزداد عتواً وقد استشهد بعدة آيات نكتفي باثنتين منها قال تعالى: {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً}([189]) {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}([190]). ثامناً:([191]) النفس البخيلة: وهي التي تسعى إلى كسب المال واكتنازه وعدم إنفاقه في الطاعات أو في مصارفه الشرعية. شخصية البخيل من الشخصيات المذمومة في الأديان..إلخ وذكر عدة آيات ونكتفي بهذه الآية {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}([192]). وبعد أن عشنا في هذه المفاهيم النفسية مع الكاتب وقد أضفت هذه الإضافة إلى البحث الذي أعددته قبل إحدى وعشرين عام ولم يرى النور حتى الآن فعسى أن أوفق في طبعه بعد تلك الأعوام المنصرمة والآن إلى خاتمة البحث كما هي- وكما كتبتها منذ إحدى وعشرين عاماً. وقبل الخاتمة إليك بعض الفوائد في منهج التربية الإسلامية وفوائد عن النفس الإنسانية. الفائدة الأولى: يقول محمد قطب([193]) ما نصه "كيف غفلنا عن أن هناك منهاجاً إسلامياً للتربية وأن هذا المنهج موجود في القرآن وأضاف لقد ظللت زمناً أقرأ القرآن دون أن أفطن إلى هذه الحقيقة". الفائدة الثانية: يقول لقد أحسست بطبيعة الحال أن القرآن توجيهات تربوية كثيرة وأن لهذه التوجيهات أثراً في النفس وأن الإنسان حين يتدبرها ويتأثر بها يصبح له سلوك معين وتفكير معين. الفائدة الثالثة: ومع ذلك فلهذا الوعي قيمته وله قيمة أخيراً في مواجهة الفتن بالمناهج الشائعة في الغرب والشرق التي تفتن الناس بأنها "مناهج" مفصلة مدروسة فيغفلون عما فيها من انحراف خطر ويظنونها صالحة لمجرد كونها مدروسة مفصلة ..الخ. الفائدة الرابعة: لقد ظللت زمناً أقرأ القرآن دون أن أفطن إلى هذا المنهج وأضاف لا وحتى حين ألفت كتاب "الإنسان بين المادية والإسلام" وأبرز فيه بوضوح أن للإسلام طريقة خاصة في معاملة النفس الإنسانية تختلف في أساسها عن الطريقة المادية التي يمارسها الغرب المادي شرقه وغربه سواء ..الخ. الفائدة الخامسة: يقول محمد قطب ما نصه "ولئن كان الزمن قد مزق هذه الأمة وشتت كيانها على مراحل بطيئة استغرقت أكثر من ألف عام. فقد كان سبب التمزيق على أي حال البعد عن منهج التربية الإسلامي، ومع المحافظة على بعض المظاهر الخاوية أحياناً والبعد عنها مرة في بعض الأحيان..الخ([194]). الفائدة السادسة([195]): قال الله تعالى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } يقول محمد قطب بعد ذكر تلك الآية ما نصه "والإسلام دين الفطرة" فما من نظام يعالج الفطرة كما يعالجها الإسلام ثم أضاف أنه لا يعطي كل جانب من الإنسان فحسب، بل يعطيه إياه لذلك بالمقدار المضبوط..إلخ. ثم أضاف([196]) ومن ثم ينطلق بمقاديره الصالحة نشيطاً متحركاً على الدوام. وما من نظام آخر يعالج النفس البشرية بهذه الدقة وذلك الشمول([197]). الفائدة السابعة: نظم آمنت بالجانب المحسوس في الإنسان والحياة.. كل ما تدركه الحواس فهو حقيقة. وما لا تدركه فهو غير موجود ثم أضاف ومن ثم راحت هذه النظم تهتم بكل محسوس على الأرض وتهتم بكل محسوس في الكيان البشري محاولة أن تيسر له مأكله وملبسه ومسكنه يسرت له قضاء الشهوات ثم أغفلت من كيانه الروح. أهملت كل ما لا تدركه الحواس. أهملت الله والعقيدة، وما يشع من العقيدة من مثل وأخلاق ..إلخ. الفائدة الثامنة: يقول أحمد محمود البقري ما نصه "وردت كلمة النفس في القرآن 295 مرة مائتين وخمس وتسعين مرة وهي تعني الإنسان في مثل قوله تعالى {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا}. {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}. الفائدة التاسعة: إن النفس كثيراً ما تأمر بالسوء. وفي قوله تعالى {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا}([198]) أي يأتي كل إنسان يجادل عن نفسه ولأن النفس هي الفاعلة حقيقة والأعضاء خدم لها فأصل الحساب لها وعليها يتجادل عن ذاتها. أهـ. الفائدة العاشرة: يقول الله تعالى {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ}([199]). ومن دلالة الآية: 1- أن النفس كثيراً ما تأمر بالسوء وتأمل صيغة المبالغة في "الأمارة " 2- أن بعض النفوس أو النفس في بعض الأحيان لا تأمر إلا بالسوء رحمة من الله للإنسان إلا بذكر الله كثيراً أو يسبحه بكرة وأصيلاً فإنه سبحانه يصلي "عليكم والملائكة". قلت([200]). قال ابن كثير في تفسيره الآية (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) هذا تهييج إلى الذكر أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم كقوله عز وجل (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفس ... إلخ ثم أضاف كثير قوله " والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة حكاه البخاري، وقال غيره الصلاة من الله عز وجل الرحمة" ([201]). وقد يقال لا منافاة بين القولين. والله أعلم. أ.هـ 3- لا أدعي ماذا لو في إذا علمنا طبيعة النفس، فالحق أقوى الطرق لبلوغ الهدف. الفائدة الحادية عشر([202]): قوله تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً}([203]). يقول المؤلف بعد ذكر تلك الآية ما نصه([204]) وكلمة " في نفسك" هي أصل التربية، هي الشعور واللاشعور بحيث يصدر النفس منه قرآنياً أن صلح التعبير وباينا فيها الخير ورجله تسعى إلى الخير ونظره إلى الخير.. وهكذا سائر أعضائه. الفائدة الثانية عشرة([205]): وقد تجد النفس ما يعوقها عن السير إلى الله سبحانه حين تجتمع المفاسد في أمة فيكون الصبر هو الجرعة الواقية للنفس أن يدخلها سموم الشك والطغيان {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}([206]) . وإذا أصاب الإنسان قاذورات الحياة شيء فليستتر بستر الله الذي كتب على نفسه الرحمة ويستغفر الله. الفائدة الثالثة عشر: يقول أحد الباحثين لاحظ شيخ مدرسة التحليل النفسي([207]) أن بعض الناس يظلون في صحة نفسية سليمة حالة الفقر أو مرض جسمي أو في حالة تكن على الهم لا يلبثون أن ينهار .أهـ. من الناحية النفسية ثم أضاف وبعبارة أخرى كلما أصاب أحد هؤلاء نجاحاً أو فرجاً خطر إلى نوع من التضحية قرباناً على مذبح الضمير الغاضب كأن يفسد حياته. وأضاف الكاتب في نفس الصفحة ما نصه "وأوضح من السطور أن الإسلام قد سبق مدرسة التحليل النفسي حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من الناس لا يصلحه إلا الفقر" ويقول الله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ}([208]). الفائدة الرابعة عشر: قال المؤلف ما نصه([209]) "وكنا نحن الوارثين" أي أن الباقي هو الله، ذلك الشعور إذا تمكن من الفرد جماح نفسه فلم تبطر ولم تفرح كثيراً ذلك أن الله لا يحب الفرحين، والفرح مطلوب، ولكن الآية الفرحين بصيغة المبالغة لأنهم قد ينسون في غمرة فرحهم الرزاق الدائم فالفرح هنا بطر نعمة أي تسخير النعمة في غير الأغراض التي سبقت لها..إلخ. الفائدة الخامسة عشر: قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس". نعم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الغنى غنى النفس وقديماً قيل القناعة كنز لا يفنى والمال والأهلون سوف يفنون فالراحة النفسية لا تكون إلا بالقناعة وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم "الغنى غنى النفس" ولو أخذ المسلمين بهذا الحديث وطبقوه في جميع أحوالهم لم تحصل لأي مسلم عقد نفسية أو اضطرابات نفسية ولكن خلو النفس من الإيمان والقناعة وغنى النفس وخلو القلب منها مجتمعة أدى ذلك إلى سقوط النفس في متاهات الشيطان والخسران والسقوط في غياهب الظلام ولو رجعنا إلى القرآن والسنة لسمت نفوسنا واستنارت بنور الوحيين ولاهتدت إلى الصراط المستقيم وبالله التوفيق. خاتمــــــــــــة ( حسن شرقاوي ووسائل تنشئة الإنسان المسلم) وبعد فإنني أختم هذا البحث وأنا لم أكن راض تمام الرضى عنه لكوني لم استقصى كل المراجع وحتى بعض الأشياء التي كتبتها حذفتها خوفاً من التكرار والمشكلة التي واجهتني ضيق الفترة وقرب الامتحانات. ثانياً عند مناقشة البحث رأيت من الزملاء تهاون وتثبيط وعدم تشجيع على كتابته أخافوني بقولهم هذا بحث ماجستير أو دكتوراه ولكن بالعزيمة والتصميم ومراودة هذه الأفكار لي سابقاً هما اللذان دفعان دفعاً فكان لي الحافز الذي شجعني وقوى من عزيمتي وأنا لا ادعي أنني أتيت بجديد ولكن كل ما أريد أن أوضحه أن نظريات فرويد في علم النفس ورفاقه كلها باطلة ولا يمكن أن تطبق على كل المجتمعات وعلى كل بيئة وهناك فوارق وقيم وأخلاق وطباع تحول من تطبيق مدرسة الجنون وهستيريا فرويد على كل البشر فهو أقام دراسته على مجانين مع التصميم على هدم القيم الإنسانية لأمر ما في نفسه. وأن فرويد ومن وراءه من الصهيونية كان قصده هدم القيم وإلباس نظرياته ثوب العلم ولكن ليس ذلك بل قصده لم يخف على أحد إلا أولئك الجهلاء الذين هم كالأمعة مقلدين في كل شيء. (الصهيونية والحرية الفوضوية) يقول الدكتور حسن شرقاوي([210]) في مقالة له بعنوان "وسائل تنشئة الإنسان المسلم" يقول ما نصه (وقد عملت الصهيونية العالمية على ترويج شعارات اللامبالاة والحرية الفوضوية حتى تنهار القيم والأخلاق ومن ثم يمكن السيطرة المادية والاقتصادية على العالم وجعله منقاداً لأفكارها التدميرية.. ولهذا فقد جندت بعض أعوانها من العلماء الغربيين للترويج لكل فكر فاسد ومذهب منحل ونظرية كاذبة وقد فضح كل ذلك كتابهم (برتوكولات حكماء صهيون) فتقرأ فيه دعاويهم المغرضة وأهدافهم الرخيصة ثم أضاف نقلاً عنهم:(الصهيونية وانهيار الأخلاق والتقليد الأعمى) 1- يجب أن نعمل على انهيار الأخلاق في كل مكان من العالم لتسهيل سيطرتنا عليه أن فرويد منا ونحن منه) وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب ثمة شيء مقدس.. وليصبح كل همه إرواء شهوته الجنسية.. لقد روجنا لفرويد ورتبنا وليصبح كل همه إرواء شهواته آرائهم ولاشك أن الأثر الهدام الذي تحدثه علومه في الفكر اليهودي واضح لنا بكثير). وفي نفس المقال أكد صاحبه أن هدف الصهيونية القضاء على الإيمان لدى المسلمين والمسيحيين في قلوب أبنائهم ليسهل السيطرة على العالم وتقويض عرى الدين وإفساد الأخلاق. والدكتور الشرقاوي يحذر من التقليد الأعمى لمناهج الغرب بدعوى أنهم سبقونا وذلك زعم باطل لأن القرآن نبع فياض وشامل كامل جامع كل ما يحتاج إليه المرء في حياته وآخرته ولم لهذا الموضوع من فائدة واستحساني له لأنه وضع النقاط على الحروف وأوضح ما تعانيه هذه الأمة من اتباع مناهج الغرب من نظم تربوية فاسدة لا ينبغي لنا وضعها أمام الناشئة ولا دراستها أو تدريسها لأبنائنا وأنا أختم بحثي هذا ببعض ما جاء في تلك المقالة قال ما نصه (ولكي لا نشعر بهذه العقدة التي تنمو في بعض العقول مثقفينا الذين لم يتبعوا أنفسهم بمقارنة المنهج الإسلامي بالمناهج الوضعية والنظم البشرية أقول لكل لا نشعر بهذه العقد علينا أن نتدارس علومنا القرآنية وتراثنا الإسلامي العظيم وسنجد مما لاشك فيه كل ما نصبوا إليه من النظم التربوية والأخلاقية والاقتصادية وسنعثر على ضالتنا فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية والحياتية. وأن النظريات التربوية والأخلاقية التي أتى بها الغرب في هذا العصر تسمم أفكار شبابنا، وتعبث بمقدساتنا وتظهر لإنصاف المثقفين أنها يقينية ومؤكدة.. والحقيقة أن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب المقيم أن علينا أن نرجع إلى تراثنا وان نسعى لربط ديننا بعلومنا الحياتية والإنسانية وعلينا أن نقتدي بإمامنا وهو رسولنا صلى الله عليه وسلم فقد كان خلقه القرآن وأن في تربيته وأخلاقه وسيرته ما يغنينا عن استيراد المذاهب الغربية والشرقية في التربية وأهمية القوة إنما في الاختيار تتبع ذلك مرحلة المحاكاة والتقليد فإذا كان الاختيار طيباً كان ثمرته طيبة) وفي الختام عسى أن نكون وفقنا إلى مقصد نبينا وأن أريد إلا الإصلاح وفق منهجنا القرآني وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وفقنا الله لاتباعه إلى يوم الدين وصدق الله عز وجل {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}([211]). ومن وجد عيباً فليصلحه والله الموفق. إضافة أخيرة حول النفس الإنسانية وقد اطلعت أخيرا في المجلد الثاني من طبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان ..... من نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري طبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان عام 1424هـ تحقيق مفيد قميحة ود/ حسن نور الدين : قال في ص17 ج2 ( وقيل ما السور ؟ قال إدراك الحقيقة واستنباط الدقيقة ) ثم أضاف ( وأما النفس الغضبية فهم صاحبها منافسة الأكفاء الأعلام عن السرور ) وننقل هذا باختصار فقال : ( وقيل إقبال الزمان وعز السلطان ) ثم أضاف متحدثا عن النفس فقال : ( والنفس البهمية فهم صاحبها طلب الراحة وإنهاك النفس على الشهوة من الطعام والشراب والنكاح وعلى هذه الطبيعة قسمت الفرس دهرها كله فقالوا يوم المطر للشراب ويوم الريح للنوم ويوم الدجن للصيد ويوم الصحو للجلوس ) ثم أضاف ( وقيل لما بلغ خالويه ما قسمته الفرس من أيامها قال : ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } الآية 7 من سورة الروم ) ثم أضاف ( ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم جزاْ نهاره ثلاثة أجزاء : جزء لله وجزء لأهله وجزء لنفسه ، ثم جزاء جزأه بينه وبين الناس فكان يستغني بالخاصة على العامة ويقول أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغي فإنه من أبلغ حاجة من لا يستطيع أمنه الله يوم الفزع الأكبر ) إهـ . ثم أضاف في نفس الصفحة يتحدث عن طبايع الإنسان فقال : ( والطبيعة البهمية هي أغلب الطبائع على الإنسان ، لأخذها بمجامع هواه إيثار الراحة وقلة العمل ) وأضاف النويري ( ومن ذلك الرأي نائم والهوى يقظان وقولهم الهوى إلــه معبود .... إلخ ) ثم ذكر أقوال الشعراء وبعض الفضلاء وآرائهم عن السرور ومن أراد الاستفادة فليراجع الكتاب من ص17 إلى 20 من المجلد الثاني للمؤلف شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري القرشي البكري التيمي من سلالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو من علماء القرن الثامن وتوفي عام 733هـ وقد ترك هذه الموسوعة الكبيرة في أربع وثلاثين جزء وقد تحدث عن النفس ببساطة بدون تعقيد أو فلسفة أو سفسطة بكل وضوح أبان حقيقة النفس وهكذا نجد علماء المسلمين قد سبقوا الغرب في التحدث عن النفس أمثال ابن حزم والغزالي على سبيل المثال كما أوضحناه في محله في هذا البحث . والله الموفق كتبه أبو عاصم محمد بن محمد بن أحمد الإدريسي مكة المكرمة حي الخانسة وقع الفراغ منه يوم الأحد 18 / جماد الثاني / 1429هـ تم تـنقيحه يوم السبت 21/11/1428هـ بمكة المكرمة كتبه طالب العلم " أبو عاصم / محمد محمد أحمد الإدريسي" . ولكم جزيل الشكر |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي ; 05-12-2009 الساعة 05:55 PM
|
04-09-2009, 01:47 PM | #6 |
مراقب عام
|
[hide]
تخريج الأحاديث الحديث الاول (انما بعثت لأتمم مكارم لأخلاق) رقم الصفحة _أ_ رواه البيهقي في سن الكبرى ج10ص191احمدورجاله رجال الصحيح23 واحمد. وفي مجمع الزوائد للهيثمي قال : رواه احمد ورجاله ورجال الصحيح 23 مكارم الأخلاق والعفو عمن ضلم. الطحاوي في مشكل الاثار. وذكر محقق الكاتب عدة من اخراجه وهو شعيب الأنؤط. الحديث الثاني (ان من اقربكم الي يوم القيامه احاسنكم اخلاقا) رواه الطبراني في حديث طويل يسندين ورجاله احدهما ثقات، المرجع مجمع الزوائد باب ماجاء في حسن الخلق ج3ص371 الحديث الثالث (ابني ربي فأحسن تأديبي) قال شيخ الاسلام في مجموع الرسائل مجلد 2ص336معناه صحيح لكن لايعرف له اسناد ثابت وخرجه السخاوي والسوطينراجع كشف الخفاء ج1ص70والحديث ضعفه الاباني في الضعيفة رقم 72 المجلد الاول. والحديث سنده ضعيف من كتاب تذكرة الموضعات ضعيف جدا معناه صحصح وكذا جزم ابن الاثير بحكايته في خطبة النهاية وغيرها في تاريخ أصفهان لأبن نعيم بسند ضعيف ايضا من حديث ابن عمر المرجع المقاصد الحسنة للسخاوي. قال السخاوي. رواه العسكري في الأمثال وان اقتصر شيخنا على الحكم عليه بالغرابة في بعض فتاويه ولكن معناه صحيح. وفيض القدير. قال الزمركشي معناه صحيح لكن لم يأت بطريق صحيح. ورواه ابن الجوزي في الواهيات الحديث الرابع (كل مولود يولد على الفطرة)....ص13 رواه مسلم باب معنى كل مولود يولد على الفطرة ج4ص2047 وابن حبان في كتاب الأيمان .وابو داود. والبيهقي في سننه، والترمذيج6ص203 وعبد الرازق في مصنفه. الحديث الخامس (خلقت عبادي حنفاء كلهم وانهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم).. ص34 رواه مسلم باب الصفات التي يعرف بها الدين رقم الحديث 2865 المجلد الثاني ص79. وابن حبان في صحيحه المجلد الثاني ص426، ةاحمد في مسنده المجلد الرابع ص162 حديث عايض بن حمار المجاشعي، والزار ما روى عياض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والطحاوي في مشكل الاثار 9/490 وغيرهم مراجع التخريج للاحاديث. 1) صحيح البخاري .[/align]
2) صحيح مسلم 3) سنن اليهقي 4) مجمع الزوائد للهيثمي 5) مشكل الاثار الطحاوي 6) مجموع الرسائل لأبن تيميمة 7) كشف الخفاء للعجلوني 8) الصحيحة للا لباني 9) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة..... 10) للمقاصد الحسنة للسخاوي 11) فيض القدير للزركشي 12) سنن الترمذي 13) سنن ابي داود 14) سنن الترمذي 15) الموطألابن مالك 16) صحيح ابن حبان 17) مسند ابن حبل 18) سنن البزاز |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي ; 05-17-2009 الساعة 10:50 PM
|
08-18-2009, 09:33 PM | #7 |
|
ايها الاخوه في الموقع اشكركم على نشر الموضوع وارجوا التعاون فيما يرقى بالمنتدى حتى يصبح شامخ مرموق وان كان هناك عتاب عليكم وهو من اجل المحبه وقد قيل استبقاك واحبك من عاتبك واريد من كل من يقرأ هذا الموضوع او يطلع عليه ان يساهم بالنقد والرد واهداء الملاحظات من كل الجوانب فأني استغرب منذ عدة شهور من نشر الموضوع في الموقع لم اجد ردا او تعليق ؟1! واكرر الرجاء من كل الاخوه الرد والتعليق وشكرا للجميع على حسن التعاون
اخوكم ابو عاصم محمد محمد احمد الادريسي السوقي المرسي |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة فتى مرسي ; 08-19-2009 الساعة 10:21 AM
|
08-18-2009, 09:57 PM | #8 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
بحث مفيد.
بسم الله الرحمن الرحيم مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه يا أباعاصم.
قدسعدت بمشاركتك, والتي عنونتها(بالانسان والقرآن) , وننتظر منك المزيد خاصة في الردود والتعليقات الجميلة التي عودتنا بها, في ليالي السمر تحت القمر. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-18-2009, 10:11 PM | #9 |
مراقب القسم الإسلامي
|
من محمد أداس بن أحمد السوقي إلى فتى مرسي - أبي عاصم - تحيتي الخالصة .
أكتب لك هذه الأسطر ، بعد قراءة شيء من موضوعك عن النفس ، ولست أهلا لتقييم موضوع في علم النفس ؛ لأني لست من متذوقيه ،وإنما كتبت لك هذه للتسليم عليك، وأن تحس بحضوري وتقبل خالص تحيتي |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
08-20-2009, 03:00 PM | #10 |
مشرف منتدى الحوار الهادف
|
كل الشكرلشيخنا وعمنا أبو عاصم على هذا البحث الثري والمفيد والذي تناول فيه الإنسان والنفس في القرآن وهو بلا شك عنوان كبير يحتاج إلى دراسات معمقة اكرر شكري وتقديري لهذا المجهود الذي بذلته في إنجاز هذا البحث وبدوري أضع هنا إضائة على علم النفس يتكون الانسان من ثلاثة عناصر : الجسم والنفس والروح وكل منها يعيش في عالمهاالخاص ولكنها مترابطة ولا يكون الإنسان إنسان إلا بهما النفس: تطلق على الروح وعلى كيان الشخص كله، النفس : هي حقيقة الانسان وشخصيته الخاصة التي تجعل منه فردا مميزا علم النفس الحديث قسم علماء النفس النفس الى ثلاثة اقسام الانا الانا العليا النفس المشتهية الأنا The ego هو أحد الجوانب اللاشعوريةمن النفس الأنا الأعلى The super ego القسم الثالث من الشخصية، ينمو تحت تأثير الواقعويمكن النظر إليه على أنه سلطة تشريعية تنفيذية أو هو الضمير أو المعايير الخلقيةالتي يحصلها الطفل عن طريق تعامله مع والديه ومدرسيه والمجتمع الذي يعيش فيه والأناالأعلى ينزع إلى المثالي لا إلى الواقعي، يتجه نحو الكمال لا إلى اللذة. Frustration الإحباط يقصد بالإحباط في علم النفس، الحالة التي تواجه الفرد عندمايعجز عن تحقيق رغباته النفسية أو الاجتماعية بسبب عائق ما Projection الإسقاط حيلة من الحيل الدفاعية، يلجأ إليها الفرد للتخلص من تأثيرالتوتر الناشئ في داخله. ومن أشهر مدارس علم النفس مدرستين المدرسة السلوكية في علم النفس مؤسس هذه المدرسة هو ج. واطسن (1958-1875) الذي عرف السلوكية بأنها توجه نظري قائم على مبدأ أن علم النفس العلمي يجب أن يدرس فقط السلوك القابل للملاحظة ،و قد أقترح واطسن عام 1913 على علماء النفسأن يتركوا للأبد دراسة الوعي و الخبرات الشعورية و التركيز فقط على السلوكيات التينستطيع ملاحظتها مباشرة و قد تمسك بهذا المبدأ بناءا على اقتناعه بأن قوة الطريقةالعلمية قائمة على كونها قابلة للفحص أي أن الابداعات العلمية يمكن اما فحصها أورفضها و ذلك عن طريق القيام بالملاحظة المطلوبة مدرسة التحليل النفسي بدأت مدرسة التحليل النفسيعلى يد العالم النمساوي سيجموند فرويد Sigmund Freud ، وكان فرويد طبيب عصبي يبحثفي التشريح للأدمغة ومما تتكون وكيفية علاجها بالعقاقير الطبية ، ومن خلال مراجعاتالمرضى لعيادته في فيينا ، لاحظ فرويد ظاهرة ، وهي مايسمى قديما بالشلل الهيستيريوالذي تغير اسمه إلى العصاب التحولي Convesion Hysterya ويعتبر علم النفس منالعلوم الحديثه التي تم إنشاؤها وإدخالها لأول مرة في المختبرات في عام 1879 على يدعالم النفس الألماني فيلهيلم فونت ، وقد استخدم فونت Vont طريقة الاستبطان أوالتأمل الذاتي لحل المشكلات وكشف كارل جوستاف يونغ وضع كارل جوستاف يونغ بنية رباعية خاصة بالنفسالإنسانية، انطلاقا من أربع وظائف نفسية، تحدد و تميز مختلف الأنماط البشرية وهي: التفكير، الحدس، العاطفة، و الإحساس. وهذه الوظائف الأربع تكون أداة بها يمكنللفرد أن يستغلها في سبيل تطوره و تغيره أو تحوله.التسمية
ويرى العلماء ان جذور علم النفس تأتي من موضوعين هيالفلسفة والفسيولوجيا ، وكلمة سيكولوجية (نفسية) تأتي من الكلمة اليوناينة Psycheisoul والتي تعني الروح و Logos وتعني دراسة العلم ، وفي القرن السادس عشر ،كان معنى علم النفس هو العلم الذي يدرس الروح او الذي يدرس العقل ، وذلك للتمييزبين هذا الإصطلاح وعلم دراسة الجسد ، ومنذ بداية القرن الثامن عشر ، زاد إستعمالهذا الاصطلاح "سايكولوجية" وأصبح منتشرا. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالله ; 08-20-2009 الساعة 03:41 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فتش عن نفسك في القرآن. | السوقي الخرجي | المنتدى الإسلامي | 6 | 08-11-2010 01:12 AM |
الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تصدر "اعرف حقوقك" "حقوق المتهم | السوقي | منتدى الحوار الهادف | 1 | 07-02-2009 01:41 PM |
مادة النظر في القرآن الكريم | الأيوبي الأنصاري | منتدى المكتبات والدروس | 5 | 06-29-2009 12:06 AM |