عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 01:51 PM   #2
مراقب عام


الصورة الرمزية السوقي
السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-10-2024 (05:36 PM)
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: كتاب الشفا في الصحراء المغربية



و قد عرفت إفريقيا و منذ منتصف القرن الهجري الماضي مختلف التيارات الفكرية و فشت فيها النحل المستوردة ، و بدأ دعاة البدع و الأهواء و مروجو الشبه يشيعون مقالاتهم و يفشون ضلالاتهم←
دعوة الحق، س.22، ع3/مايو 1981 ص 64
حتى بلغت الجرأة بأحد المنتمين للعلم و قد فقد رشده و صوابه أن يتعرض على أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم، و يطعن في خصوصيته على سائر الأنبياء الكرام، غير عابئ بمحكم القراءان و صحيح السنة، و إجماع السلف و الخلف.
فما كان من شيخ الإسلام إلا أن بادر بالرد على هذه المقالة الشنيعة، و ألف فيها كتاب ( نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله و هدى ).
و هو كتاب قيم يشير في مستهله إلى أفضليته صلى الله عليه و سلم، فيقول :
« الحمد لله الذي فضل بعض النبيئين على بعض و رفع بعضهم فوق بعض درجات، و جعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضلهم كلا و كلية. و مقامه فوق المقامات فهو بالنص و الإجماع أفضل و أكمل المخلوقات، و سيد ولد آدم و رحمة الخلق حتى أرباب النبوات و الرسالات، و على آله و صحبه و أمته خير أمة أخرجت للناس بنص الذكر و الآيات ».
و بعد هذا الاستهلال يأتي بمقدمة يذكر فيها أسباب تأليف الكتاب فيقول :
« أما بعد، فإني منذ عدة سنوات أسمع مقالا ينسب لبعض أهل الملة الإسلامية، و جعلته في عداد الخرافات، و عزمت ألا أبل قلمي برد تلك الترهات، حتى شاع و ذاع، و أكثر أهل العصر أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ، و ما زخرف لهم رؤساؤهم من الغي و الضلالات، و المقال أنه ما ثم دليل على أن محمدا صلى الله عليه و سلم أفضل من جميع الأنبياء أرباب الحقائق و المعجزات، فخفت أن يصغي العوام الجهلة إلى تلك الخزعبلات ، فقيدت لهم جوابا مختصرا قدر همم أهل العصر، و ما اتصفوا به من قلة المبالاة، فقلت أن التفاضل بين الأنبياء مذكور في القرءان العزيز، و محمد أفضل الأنبياء و المرسلين، وهذا أوضح من النهار، و لا يحتاد للدلالات.
قال :
فكيف يصح في الأذهان شيئ
متى احتاج النهار إلى دليل
و حيث أن المخاطبة مع غبي من الأغبياء، نكتب مجاراة مع غباوته، بنصب الدلائل و الآيات فنقول :
نص القرءات أن محمدا رحمة للعالمين، و صح أن الشفيع فيهم يوم القيامة و سيد ولد آدم، و آدم فمن دونه تحت لوائه يوم القيامة، و أنه خاتم النبيئين و إمامهم و دينه أفضل الأديان و أمته أفضل الأمم و كتابه أفضل كتاب نزل من السماء، و أنه أول من تنشق عنه الأرض، و أول من يدخل الجنة، و له الوسيلة، و عظمه الله بما له و أذهب الرجس عن أهل بيته، و أسرى به و أقسم بحياته و عصره و بلده و أعطاه الكوثر، و بقيت آياته مستمرة و نسخ دينه الأديان و بعث إلى كافة الخلق ».
و بعد هذه المقدمة الموجزة المستقاة من الكتاب و السنة، و التي تكاد تكون كل كلمة فيها تلخيصا لفصل مستتفيض من فصول كتاب الشفا، يشرع في دحض المقالة الشنيعة و يبدأ في استعراض الأدلة النقلية و العقلية، و البراهين التي لا تدفع على أفضليته صلى الله عليه وسلم و خصوصيته على سائر الأنبياء و الرسل عليه و عليهم صلوات الله تعالى و سلامه.
و قد اعتمد فيما اعتمد من كتب الحديث و التفسير و نقول الأئمة كتاب الشفا.
و هكذا نجده في بداية حديثه عن أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم و استعراضه الأدلة العقلية و النقلية، يفتتح ذلك بالمقارنة التي عقدها القاضي عياض في كتاب الشفا، و التي تتلخص في أن مقام الخليل هو الطمع في المغفرة لقوله : « و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين »، و الحبيب مقامه في ذلك « إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر »، و الخليل مقامه الطلب، لقوله : « و لا تخزني يوم يبعثون » ، و مقام الحبيب الإعطاء من غير طلب، « يوم لا يخزي الله النبيئ و الذين صدق في الآخرين »، وة الحبيب قيل له : « و رفعنا لك ذكرك » و الخليل قال : « و أجنبني و بني أن نعبد الأصنام »، و الحبيب قيل له : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا »، و الخليل قال : « إني ذاهب إلى بي ←
دعوة الحق، س.22، ع3/مايو 1981 ص 65
سيهدين »، و الحبيب قيل فيه : « سبحان الذي أسرى بعبده ليلا » الآية.
و بعد هذه المقارنة التي ذكرها القاضي عياض في كتاب الشفا، يضيف شيخ الإسلام مقارنة أخرى بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و بين موسى عليه السلام، مشرا إلى أن مقام موسى عليه السلام المجيئ إلى الميقات، و محمد صلى الله عليه وسلم مقامه الإسراء بجسده و روحه، و مناجاة الكليم عند الطور ، و مناجاة الحبيب فوق العرش و فوق الفوق، و كلام الله لموسى كان وحيا منه تعالى إليه، و كلامه لمحمد صلى الله عليه وسلم كان عيانا، و جواب موسى في طلب الؤية ( لن تراني ) ، و النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه تعالى : « ما كذب الفؤاد ما راى »، و قال تعالى عن موسى : « و خر موسى صعقا »، و قال عن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم : « ما زاغ البصر و ما طفى »، و حكى الكلام الذي كلم به موسى فقال : « و ما تلك بيمينك يا موسى »الآية.
و كتم مناجاة الحبيب و أبهمها بقوله : « فأوحى إلى عبده ما أوحى ».
و يأبى شيخ الإسلام إلا أن يختم هذه المقارنة بالحديث الذي أورده القاضي عياض في هذا الصدد حيث يقول عن ابن عباس، قال : ( جلس ناس من الصحابة بتذاكون فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثهم فقال بعضهم عجبا إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، و قال آخر ما ذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما، و قال آخر عيسى كلمة الله و روحه، و قال آخر آدم اصطفاه الله ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و قال قد سمعت كلامكم و حجتكم أن إبراهيم خليل الله و هو كذلك، و موسى نجي الله و هو كذلك، و عيسى روح الله و هو كذلك ، و آدم اصطفاه الله و هو كذلك، ألا و أنا حبيب الله و لا فخر، و انا حامل لواء الحمد يوم القيامة و لا فخر، و أنا أول شافع و أنا أول مشفع و لا فخر، و أنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح لي فأدخلها و معي فقراء المومنين و لا فخر، و أنا أكرم الأولين و الآخرين ولا فخر.
و قد ورد اسم القاضي عياض مرتين في هذا الكتاب، الأول في شرف نسبه صلى الله عليه وسلم حيث يقول، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
( و أما شرف نسبه وكرم بلده و منشئه، مما لا يحتاج إلى إقامة دليل و لا بيان، مشكل و لا خفي منه فإنه نخبة بني هاشم و أفضل سلالة قريش و صميمها و أشرف العرب و أعزهم نفرا من قبل أبيه و أمه، ومن أهل مكة أكرم بلاد الله على الله و على عباده ) أ هـ.
الثانية في ذكر أخذ الميثاق على الأنبياء و الرسل أن يومنوا به و يتبعوه و قد ذكر فيها أنه كثيرا ما ينقل عن كتاب الشفا حيث يقول :
( و أما ما عهد الله له من قدم نبوته و ذكره فقد روى القاضي عياض رحمه الله من ذلك في كتاب الشفا أخبارا كثيرة، و كثيرا ما أنقل منه ) أ هـ.
و أشير هنا إلى أن صنيعه في هذا الكتاب، أن ينقل بعض ما في فصول كتاب الشفا، و يتبعه بعدة نقول و بحوث هامة لا تترك مقالا لقائل.
تلك شخصيات علمية ذات نفوذ روحي و شهرة واسعة في الصحراء، تحملت مسؤولية الدعوة و أدت دورا تاريخيا في نشر العلم و المعرفة و محاربة البدع و الأهواء و الضلالات معتمدة في ذلك على الكتاب و السنة و كتب الدعوة التي عنيت بإقامة الأدلة و البراهين على صدق الرسالة المحمدية و نبل غايتها و مقاصدها و ما خص الله به صاحبها من دلائل النبوة و عجائب المعجزات، و ما امتاز به صلى الله عليه وسلم من سيرة لم تتوفر لغيره من الأنبياء و الرسل الكرام عليه و عليهم جميعا صلوات الله و سلامه.
و كان لكتاب الشفا في هذه الكتب مكان الصدارة فاعتد به علماء الصحراء، و خاضوا به معركة الجهاد و الدعوة و درسوه و عقدوا له المجالس و رجعوا إليه و استناروا به في منهجية التوجيه و الإرشاد.
و لسي ما اشتمل عليه هذا البحث من أسماء العلماء و التآليف المتأثرة بالشفا إلا نماذج و أمثلة تعطي للقارئ الكريم لمحة عن الدور الذي لعبه هذا الكتاب في تاريخ الدعوة الإسلامية في الصحراء.
و هو موضوع تستحيل الإحاطة به في مثل هذه الدراسة المقتضبة.
http://www.almashhed.com/showthread.php?t=71904


 
 توقيع : السوقي

من حكم المتنبي
ولم أرى في عيوب الناس عيبا = كنقص القادرين على التمام


رد مع اقتباس