عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2009, 02:01 AM   #6
عضو مؤسس


الصورة الرمزية م الإدريسي
م الإدريسي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي خافية طاوس



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السوقي الخرجي مشاهدة المشاركة

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وبعد:

فإننا وعدنا رواد المنتدى الأدبي أن نطوف حول كعبة الإنتاج الأدبي لدى السوقيين فيما يخص الخط واهتمامهم به وتنافسهم في إجادته وإتقانه فما دام أننا تحدثنا في الحلقة السابقة عن القلم فمن اللائق أن نعزز الموضوع السابق بالمكانة التي يتبؤها الخط عند القوم ومن هنافإنني أنبه إلى أمرين هامين ألا وهما:
1- أننا إذا تعمقنا في الوضع الإجتماعي للسوقيين فسنجد أنهم ليسوا خطاطين وكتابا بالمعنى المهني للكلمة بل نجد أن الغالب من الخطاطين المهرة في المجتمع السوقي عبارة عن علماء ربانيين لهم من الإلتزامات العائلية والأسرية والتعلمية ما يجعلهم أبعد مايكونون عن امتهان مهنة الخط من أجل العيش بها, هذا في الأعم الأغلب وإن وجد من خالف هذه القاعدة فهو من الندور بمكان .
2- أن الخط السوقي كوفي بوجه عام إلا أن السوقيين أدخلوا فيه تعديلات وتحسينات وتقويمات أحدثت جانبا من التميز لهذا الخط عن غيره فهو خط كوفي متطور.
ويليق بنا أن نستمع إلى وصف هذا الخط عند الشاعر الشيخ والشيخ الشاعر المحمود بن يحيى الأنصاري إذ يقول:
:
فنخط الحروف خطا أنيقــا لم يقرمط مجودين ارتصاعــه
فنمد المدود منها ونــوفي كل حرف حقوقه وطبـاعـه
سائل الرق حين نسطوعليـه بالمزابر هل نجيد اصطناعــه
لاترى الألفات تشكو اعوجاجا لاولا الميم تشتكي الطمس ساعة
أسطر تستوي كأسنان مشـط قومت أسهما كذاك الصناعـه
يشعر القارئ لهذه الأبيات بأن الشاعر لم يكتف فقط بالجانب الوصفي للخط بل تعدى ذلك إلى كيفية أسلوبهم في الكتابة بشكل جميل رائع فبدأ بالحروف وأنهم يعطونها حقها من الأناقة وعدم القرمطة, ومد الممدود منها وأخذ كل حرف مكانه في السطر دون أي بخس لحقه.
ثم جعل جعل الشاعر الورق في مقام الشاهد وطلب منه الإدلاء بشهادته, ولم يكتف بذلك فقط بل تحدث عن الألفات والمكانة التي تتبؤها في الكتابة وأنها مستقيمة غير معوجة ولامهزوزة, وأن الميم لاتشتكي الطمس والطمس هوداء يعتري قلم الخطاط غير الماهر وهذا يعرفه الخطاطون, ثم ختم بالأسطر وأنها مستوية كأسنان المشط إلى غير ذلك من المعاني الوصفية الجميلة التي أودعها في قصيدته ولنا عودة بإذن الله قريبا.

************************************************** ************
بسم الله الرحمن الرحيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
لقد وفقت يا أبا عبد الله في اختيار موضوعك الجديد ,كما وفقت في اختيار السابقه , وما دام القلم عند السوقيين بالمنزلة التي ذكرتها , فبالله قل لي : ما ذا سيكون الخط ؟.
الخط عند السوقيين قد وصل درجة عالية من الاهتمام بحيث أصبح محل اعتزاز وفخر وحتى صار مما يمدح به , ويحضرني حاليا بيتان من سينية محمد بن يوسف الإدريسي التي لبى بها عينية إغلس بن اليمان الإدريسي , أحد البيتين يعتز فيه بملكة الخط عند جماعته عموما , والثاني يشيد فيه بمهارة ابن عمه المخاطب بالقصيدة في إجادة الخط .
الأول يقول فيه :
تخال إذا ما رقشوا الرق رقهم بتائك ريش من خوافي الطواوس
يقال: رقشت الكتاب رقشاً ورقّشته إذا كتبته ونقطته، قال طرفة:
كسطور الرق رقشه ... بالضحى مرقش يشمه
أشعار الشعراء الستة الجاهليين - (1 / 144)

و"الرَّقُّ" بالفتح الجلد يكتب فيه والكسر لغة قليلة فيه وقرأ بها بعضهم في قوله تعالى "فِي رَِقٍّ مَنْشُورٍ"
المصباح المنير- العصرية - (1 / 123)
والبتائك جمع بتيكة ( فعيلة بمعنى مفعولة )من بتك بتكا ,والبتك: القطع. وقد بتكه يبتكه ويبتكه، أي قطعه. وسيف باتك، أي صارم. والبتك أيضا: أن تقبض على الشئ فتجذبه فينبتك. وكل طائفة منه بتكة (1) بالكسر، والجمع بتك. ومنه قول الشاعر (2):

* طارت وفى كفه من ريشها بتك .
الصحاح للجوهري ( موافق للمطبوع ) - (5 / 260)
. ابن دريد : البِتْكَةُ والبَتكَة وجمعها بِتَكٌ : القطعة من كل شيء . صاحب العين : أن تقبض على شعر أو ريش أو نحو ذلك ثم تجذبه إليك فينبَتِكَ من أصله أي ينقطع أو يَنْتَتِف ، فكل طائفة من ذلك صارت في يدك فاسمها بِتْكة ، وفي التّنزيل : ( فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأنْعام ) .

المخصص ـ لابن سيده موافقا للمطبوع - (4 / 24)
والريش معروف , وَخَوافِى الرّيِش قَوَادمُهُ الوَاحِدُ خَافَيِةٌ وَقَادمةٌ . قال الشَّاعُر :

... خَوَافِى رِيشِ بُزَّ عَنْهُنَّ مَنْكِبُ
غريب الحديث للحربي - (2 / 849).
والطاووس أيضا معروف.
ومعنى البيت أن خط الممدوحين بهذا البيت إذا لمحت الورق المكتوب به حسبته قطعا أو نتفا من قوادم ريش الطاووس , وهذا وصف وتشبيه في غاية الروعة والجمال , ولا سيما عند من يعرف مخطوطات القوم , فلا مبالغة في هذا التشبيه إذا اطلعت على نسخ تفسير الجلالين أو صحيح البخاري أو الشفا للقاضي عياض أو البهجة المرضية للسيوطي , وهذه من أكثر المخطوطات توفرا بالخط السوقي وهي كما وصفها وشبهها الشاعر .
البيت الثاني -وهو الذي يمدح فيه قرينه بإجادة الخط -يقول فيه :
فقالت نماني ابن اليماني ومن تطب مغارسه يطب بطيب المغارس
فتى كـــــــــــلما قرت على الرق كفه أقر له بالرق كـــــــــــل ممارس
وهذان البيتان خاتمة مقاولة , تخيلها الشاعر محمد بن يوسف بينه وبين قصيدة الشاعر إغلس ابن اليماني , يستفسرها فيها عن نسبها , كبنت يحاول التعرف عليها , فيقول لها : ممن أنت ؟ أمن أهل كذا أم من أهل كذا ؟ ويجيب على لسانها بإجابات مضللة ومغالطات إلى أن قال :
فقلت لها سبحان منك !! تنسبي فقالت : ومنك , إنني بنت هاجس
أي من بنات الفكر , ولكنه لم يكتف بذلك فقال لها : أي الهواجس ؟
فحددت له صاحب الفكر الذي صاغها على هذا النمط الذي تعجب منه الشاعر بقوله :
سبحان منك !!!
وصرحت بأنها تنتمي إلى ابن اليماني , واستدلت بذلك على طيبوبتها ؛ لأن منبتها طيب والبلد الطيب لن يكون نباته إلا طيبا : ومن تطب مغارسه يطب بطيب المغارس
وغرضنا من هذين البيتين أن الشاعر أو ذاته الداخلية التي مثلها بابنة اليماني اعتبرت حسن الخط أول وصف سارع أو سارعت في إطلاقه على هذا المغرس الطيب ( أبيها ) بعد الفتوة التي تعني عند العرب كل معاني الكمال في الرجل, فوصفته بأنه كلما ثبتت أنامله على الورق يعترف كل من يمارس الكتابة بالعبودية له في هذا المضمار, فهو السيد ومن سواه هم العبيد الأرقاء , وهذا مع أنه يشمل الكتابة بمعناها الأعظم , فإنه أيضا شامل لإجادة الخط بالدرجة الأولى.
وقد فسر بعض المفسرين قوله تعالى :
( يزيد في الخلق ما يشاء )بأنه حسن الخط.
ونشكرك على هذه الإثارة ياأبا عبد الرحمن.



 
 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).


رد مع اقتباس