عرض مشاركة واحدة
قديم 02-14-2009, 06:14 PM   #2
مراقب عام


الصورة الرمزية السوقي
السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 04-24-2024 (09:15 AM)
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أضواء على مماليك غرب إفريقيا



أضواء على مماليك غرب إفريقيا وعلاقاتها ببلاد المغرب

(1)
الكاتب : د.حسن الصادقي / معهد الدراسات الافريقية الرباط

--------------------------------------------------------------------------------

عرفت القارة الإفريقية عبر العصور وجود حضارات متعددة ودولا قوية سطرت وجودها في التاريخ.وسنسلط في هذه الورقة بعض الأضواء على الأقطار الإفريقية جنوبي الصحراء الكبرى، فيما يعرف ببلاد السودان أوالسودان الغربي وعلاقتها بالمغرب.

لقد شهدت هذه المنطقة قيام ممالك مزدهرة حضاريا وقوية اقتصاديا، ومتفتحة خارجيا على الأقطار الإفريقية الواقعة شمالي الصحراء الكبرى. وتأتى لها هذا الانفتاح والقوة بفعل وجود شرايين الطرق العابرة للصحراء، ومراكز تجارية مقصودة من طرف التجار. ورواج تجاري لمواد صلبة أو معدنية تمثلت في الذهب والملح والنحاس بالإضافة إلى الرقيق.

1 ـ مفهوم بلاد السودان وإطاره الجغرافي

ليس من شك في أن البشرية تسعى منذ القدم للاتصال فيما بينها، رغم وجود عقبات طبيعية كأداء، كالصحراء الإفريقية، التي تفصل شمال القارة عن جنوبها. ورغم ذلك وجدنا عبر العصور تسربات لمؤثرات بشرية من الشمال إلى الجنوب، وهي الغالبة، ومن الجنوب إلى الشمال، وكان ذلك خلال مسالك تخترق الصحراء التي تفصل بين بلاد الشمال الإفريقي والبلاد الواقعة جنوبي الصحراء، أو ما يعرف ببلاد السودان عند المؤرخين العرب. الذين ربما أطلقوا هذا الاسم على المنطقة نظرا لأن سكانها لهم بشرة سوداء.[1]

وتشمل بلاد السودان منطقة واسعة في غرب إفريقيا تنحصر بين الصحراء في الشمال، والغابات الاستوائية في الجنوب، وتمتد شرقا إلى حدود مرتفعات الحبشة، وغربا إلى المحيط الأطلسي.[2]

وعليه نرى أن حدود المنطقة حدودا طبيعية، وتتميز تضاريسها بالاستواء العام فهي عبارة عن هضبة متوسطة الارتفاع، تتخللها بعض المرتفعات الجبلية الماندينكا (400م إلى 780م). كما نجد تداخلا بين الصحراء والهضبة، خاصة عند تاودني.

يجري بالمنطقة نهران رئيسيان هما نهر السنغال، ونهر النيجر،الذي سماه الرحالة والجغرافيون العرب أحيانا نهر النيل أو بحر النيل، نظرا لأنه يغمر مناطق شاسعة وقت الفيضان، وبه جزائر صغيرة، وفروعا، ودلتا، خاصة في مجري النيجر الأوسط. كما تتميز المنطقة بوجود مستنقعات وأدغال.

وقد درج الباحثون على تقسيم المنطقة إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : السودان الغربي ويشمل حوض نهر السنغال، ونهر غامبيا والمجرى الأعلى لنهر الفولتا والحوض الأوسط لنهر النيجر.

القسم الثاني : السودان الأوسط ويشمل حوض بحيرة تشاد.

القسم الثالث : السودان الشرقي يشمل الحوض الأعلى لنهر النيل جنوب بلاد النوبة، وهذا القسم الأخير غلب عليه عند العرب فيما بين القرن 9 و12 اسم بلاد الزنج.[3]

وقد تغلغل الإسلام في منطقة السودان الغربي التي عرفت قيام ممالك إسلامية ، نسجت علاقات متعددة مع بلاد المغرب، خاصة التجارية منها، إذ يجلب من المغرب الملح الذي يُحتاج إليه بكثرة وكذا الحبوب والتمور والثياب والأواني، ويجلب من منطقة السودان الذهب خاصة والعاج والعبيد.

و استطاعت بلاد السودان أن تغتني من تجارة الذهب و الملح بالدرجة الأولى،مما خول لها شهرة طبقت الآفاق، الشيء الذي جعل الرحالة العرب يتجهون إليها ليشاهدوا ويعاينوا ما يحكيه التجار وليسجلوا في كتاباتهم وشهاداتهم، ما اعتمده الأوربيون في معرفتهم لذلك العالم المجهول عنهم حتى القرن 19م.

وبلغت شهرة السودان مستوى عالي إلى درجة أن الخرائط الأوربية صورت ممالك ذهبية وسط الصحراء.

وجعلها هذا الغنى محط أطماع الطامعين سواء المحليين أو الأوربيين أو سكان شمالي الصحراء وتبلور هذا في نشأة عدة ممالك سودانية أشهرها غانة ومالي وفي مجيء الأوربيين لكي يصلوا إلى مصادر الذهب وكذلك في تغير العلاقات بين المغرب والسودان، بعد سعي السعديين للسيطرة على هذا الغنى، ضاربين بذلك هدوء العلاقات التجارية والثقافية والسياسية الودية، التي كانت بين المنطقين.

2 ـ الإطار التاريخي لبلاد السودان

أ ـ ممالك السودان حتى بداية ق 16

من الثابت تاريخيا أن منطقة السودان عرفت حياة اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية منظمة تمثلت في وجود ممالك قوية حكمت السودان ونظمت التجارة وعقدت الاتصالات مع الدول الواقعة جنوبها والدول الواقعة شمالها. وأهم هاته الدول التي حكمت السودان :

1 - غانـة

تعد من الممالك السودانية التي كسبت الصيت والثراء بعد أن أقامت حكما مركزيا محل القبلية الصرفة، وأنشأت مركزا لتجارة الذهب والملح.

وتتضارب الأقوال حول تاريخ قيام هذه المملكة،إذ يذهب البعض إلى أنه القرن الثاني الميلادي والآخر القرن السابع الميلادي، ومن المرجح أنها قامت في القرن الثالث الميلادي.[4] عاش أمراؤها في مدينة كومبي في إقليم يعرف باسم واكادو أو غانة واتخذوا من الألقاب سوننكي وغانة، وأطلق هذا الأخير على الدولة، وأطلقه العرب على العاصمة كومبي فسموها مدينة غانة.

تكونت هذه المملكة في المنطقة الممتدة شمالي منحنى النيجر الأعلى ومنابع نهر السنغال، وامتدت أيام عظمتها (نهاية القرن 10 وبداية القرن 11م) فأصبحت حدودها تحادد الصحراء في الشمال، ونهر السنغال في الجنوب، ونهر النيجر في الشرق، وكان امتدادها على حساب ممالك سودانية صغيرة مثل مملكة التكرور (جنوب نهر السنغال) ومملكة صوصو (على نهر النيجر).

وترجع قوتها وتوسعها إلى استعمالها للحديد قبل غيرها من القبائل السودانية، وتنظيمها للتجارة خاصة تجارة الذهب والملح وفرض الضرائب على القوافل التجارية حسب السلع،مما وفر لها مداخل مالية مهمة، فقد ذكر البكري "أن لملكهم على حمار الملح دينار ذهب في إدخاله البلد وديناران في إخراجه وله على حمل النحاس خمسة مثاقيل وعلى حمل المتاع عشرة مثاقيل".[5]

وقد ترك لنا البكري وصفا للعاصمة كومبي، التي كانت مدينتان تبعد إحداهما عن الأخرى بستة أميال وكانت إحداهما مخصصة للسكان المسلمين وبها مساجد يتجمع فيها الفقهاء البارزون. بينما الأخرى يطلق عليها غابة الوثنيين بها بلاط الملك، وكانت معظم مساكن العاصمة "كومبي" عبارة عن أكواخ من الطين مسقفة بالقش.

ويذكر عن البلاط أن الملك كان يجلس في ديوان تحف به الخيول تكسوها حلل مذهبة، ويقف وراء الملك عشرة من الأتباع يحمل كل واحد منهم درعا وسيفا مقبضه من الذهب، ويقف عن يمينه أبناء الأمراء عليهم ملابس رائعة، وتحرس مدخل مقصورة الملك كلاب على عنقها قلائد ذهبية وفضية.[6]

ويصف الجغرافي الإدريسي قصر ملك غانة أن "له قصر على ضفة النيل قد أوثق بنيانه وأحكم إتقانه وزينت مساكنه بضروب من النقوش والأذهان وشمسيات الزجاج […]. له في قصره لبنة من ذهب وزنها ثلاثون رطلا من ذهب تبرة واحدة خلقها الله تامة من غير أن تسبك في نار أو تطرق بآلة، وقد نقر فيها ثقوب وهي مربط لفرس الملك وهي من الأشياء المغربة التي ليس عند غيره[…] وهو يفخر بها على سائر ملوك السودان".[7]

ويظهر من خلال وصف البكري والإدريسي عناية ملوك غانة بصنع حاجياتهم من الذهب، وهي سياسة نهجوها للتحكم في تجارته وكمياته المعروضة في السوق مخافة هبوط أسعاره. ويقول البكري بصدد ذلك : "إذا وجد في جميع معادن بلاده الندرة من الذهب استصفاها الملك وإنما يترك منها للناس هذا التبر الدقيق ولولا ذلك لكثر الذهب بأيدي الناس حتى يهون".[8]

ولم تستفد غانة وحدها من تجارة الذهب بل استفادت منه كذلك البلاد الواقعة شمالها والتي كانت تستبدل الملح بالذهب، وأخذت القبائل المقيمة في الصحراء، حظها من هذه الثروة نتيجة فرضها الإتاوات على القوافل التجارية نظير مراقبتها للطرق الصحراوية.

وعرفت هذه القبائل أن مصدر غنى غانة هو الذهب والتجارة، مما جعلها محط أطماع جيرانها وقد تغير الحال في القرن 5 هـ / 11 م بعد ظهور دعوة عبد الله بن ياسين والحركة المرابطية، باتحاد قبائل مسوفة وجدالة ولمتونة، التي اكتسبت القوة والمال، من وفرة عددها ومن مراقبتها للطريق التجاري سجلماسة غانة، والطريق المحادد للبحر.

وسعى المرابطون في إطار دعوتهم للإسلام إلى السيطرة على مصادر ثروة غانة، وهاجموا مدينة أودغشت في سنة 1055م وهي من أعمال غانة وتعد مخزنا لذهب السودان المتجه إلى سجلماسة،وهناك شكوك حول استيلائهم على العاصمة كومبي سنة 106م،[9] لكن بعد موت أبي بكر بن عمر سنة 1077م ظهر التنافر بين المرابطين فعاد ملوك غانة للحكم من جديد، ولكن في منطقة ضيقة لأن كل الممالك الأخرى خرجت عن نفوذهم ومنها قبائل صوصو التي استولت على عاصمة غانة ودخلت في نزاع مع منافسين آخرين وهم قبائل الماندينك التي تغلبت على قبائل صوصو سنة 1235م ،مكونة بذلك مملكة مالي التي ورثت أملاك غانة بالاستيلاء على عاصمتها سنة 1240م
منقول


 
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي ; 02-15-2009 الساعة 01:54 PM

رد مع اقتباس