عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2012, 01:06 PM   #7


الصورة الرمزية عبادي السوقي
عبادي السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 05-02-2024 (09:53 AM)
 المشاركات : 386 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: خمسون عاماً على إبطال الرقيق: قصة تجارة العبيد في الحجاز [1855 -1962م]



علاقة عدالة الكون الإلهي بالقانون العالمي لحقوق الإنسان والحرية البشرية
كان من الضروري علينا كبشر ، أن نبحث و نتمعن في دائرة القرار العالمي ،الذي دعا عموم البشرية ، إلى سن قوانين وأنظمة ، تصون للإنسان حريته ، وتحفظ بها حقوقه ، وتكفل حمايتها ، وعلينا لهذه الغاية ، أن نأخذ في الاعتبار، علاقة هذه القوانين والأنظمة ، بقانون العدالة الكونية الإلهية العامة ، لنعرف من الذي دعا كل هذه المجتمعات البشرية ، في صفحة الكون العريضة ،المنفصلة جغرافياً ، والمنتمية إلى أمم متعددة ، وديانات مختلفة ، وحضارات ، وثقافات متمايزة ، إلى القبول بمثل هذا النداء العالمي ، والعمل به ككل اجتماعي .
إن قانون حقوق الإنسان ، وحفظ الحريات وحمايتها دولياً ، والمعاهدة الأوربية ، والإعلان العالمي عنها، الذي أقرته الجمعية العمومية لحقوق الإنسان للأمم المتحدة عام 1948، وجميع نظم العدل ، والقوانين ، المنادية لتحقيق العدالة في الأرض ، بين سائر البشر ، بمختلف أديانهم و أجناسهم وأعراقهم وثقافاتهم، أمام ميزان العدل والإنصاف، تعتبر أحد قيم العدالة الشرعية ،المرتبطة بالعدالة الإلهية العامة، التي تدير موازنة عموم الأشياء ، ولاختصاص شرائع الدين بالمجتمع البشري ، فقد أسند أمر تنفيذها إلى الإنسان ، قال الله تعالى( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ..) (52 ) ، لتحقيق العدل بين الناس، وفق أوامر الشرع ،وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذه سنة الله ، طالما بقي الوجود البشري على الأرض، قال تعالى( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (53 ).

ولما وضعت البشرية لنفسها نظماً اجتماعية ناقصة ، يستهجنها العقل والمنطق ، والتي تحددت في ظروف يسودها الظلم والبغي، لاعتمادها على معايير، الجنس والدين والعرق ، كان الأثر السلبي بالغاً على الحياة الاجتماعية لتلك المجتمعات ، لتولد الفوضى العارمة، وحدوث المشاكل الاجتماعية ، ونشوء الأزمات التي أقلقت مجتمعاتهم ، وما ذلك إلا نتيجة ، لتعارض معايير تلك النظم والقوانين ، مع معايير النظم والقوانين الإلهية ، ما أفقدها القدرة على إيجاد التفسيرات الحقيقية ، للأسباب التي أدت إلى حدوث تلك المشاكل والأزمات، وعجزها من تقديم الحلول الجذرية للقضاء عليها ، وما ذلك ، إلا لإخلالهم بموازين العدل الشرعية ، المرتبطة بالعدالة الكونية العامة ، لأن منهم من ربط النظام الديني الشرعي الخاص بالرق والاستعباد ، بالنظام السياسي ، ومنهم من ربطه ، بالضرورة الاقتصادية ، ومنهم من جعله ناظما طبيعياً ، ومنهم من جعل سببه الفقر ،أو الحاجة ، أو الدين، أو الجريمة أو الخطف، أو الاستغلال الجنسي ، وفي هذا كله مخالفة لما يمليه نظام العدالة الإلهي ، وبالتالي لا يملك هذا النظام ، أية صلاحية للبقاء شرعياً، وما من شك من أن من يعمل به يؤثم ، لأن فيه انتهاك جائر للحرية البشرية ، وحقوق الإنسان ، لفئة من البشر ، شاءت مشيئة العدل الإلهية ، أن يكونوا أحرارا ، وهذا هو مبدأ العدل الإلهي ، الذي نصت عليه جميع شرائع الأديان السماوية ( اليهودية والمسيحية والإسلامية ).

ففي الديانة اليهودية (العبرية)، دون في الأجزاء الأخير في عهد النبوة الكبرى لها ، أن أنبيائهم لما شرعوا لأقوامهم الدين ، أقاموه على أساس وحدانية الألوهية، التي لا تتزعزع ، حيث تملي إرادة الله سن النظم والشرائع لكل الجنس البشري ، و قد أكد أنبياء العبرانيين بلغة حازمة على الالتزام بشريعة الله ، على شريعة الحكام والشعوب على حد سواء ، وذكروا أن لا نظام بشري يسمو على نظام الله ، وأن الله سيوقع العقاب على الذين يعصون أوامره ، كما ورد في شريعة نبي الله موسى ، والتوراة مليئة بقصص العقوبات الزاجرة ، التي أوقعت على الملوك والشعوب ، الذين اجتروا على انتهاك شريعة ونظم الله ، لمصالحهم لخاصة ، أو لمصلحة آلهة أخرى، أو أنماط حياة غريبة .
ومما لا يلزم إغفاله ، أن العبرانيون خاصة ، كانوا من أكثر شعوب العالم القديم أثراً ، في إبراز التعارض بين قوانين العدل الإلهية والبشرية ، بأساليب وطرق أثرت على الفكر القانوني الغربي ، منذ ذلك الحين حتى الآن ، ورفضوا كل أنظمة التعدد الإلهي ، والحكام الإلهيين ، وأن أي قانون، أو نظام، ينص على ما يخالف قانون العدل الإلهي ، يعتبر باطلاً ، ويجب تجاهله مهما كان الثمن ، كما اعتبروا أن العدل مهما كان معناه ، إلا أنه نفسه قيمة خلقية ، أي أنه إحدى الغايات التي يسعى إليها الإنسان لتحقيق حياة هنيئة ، ولئن كانت الغايات الأخلاقية للإنسان تصنف بأنها خيرة ، فإن فكرة العدل هي أحد الأمور الخيرة ، التي تسعى الأخلاق لتحقيقها للجنس البشري ، وهذا الخير قد يعمل كوسيلة أو كغاية في حد ذاتها ، فقد تعتبر السعادة مثلاً غاية في حد ذاتها.وتعتبر الحرية وسيلة لتحقيق السعادة ، لا شيء خير في ذاته ، وبعبارة أخرى ، قد تصنف الأمور الخيرة المختلفة ، أو قيم مجتمع إنساني ، في مسلسل ، بحيث يكون بعضها مجرد وسائل، لتحقيق قيم أسمى ، وجميعها يهدف إلى الخير المطلق ، وهو مسألة اختيار لا تطبيق ، و بمقدورنا وإذا شئنا أن نضع العدل في هذا المقام .

ولذلك ، فعلى أتباع الديانة اليهودية في هذا العصر ، أن يرقوا إلى نظام العدل الإلهي ، الذي انبثق منه دينهم الحق ، وجاء به أنبيائهم ، ذلك الدين ، الذي يرفض النظم والقوانين الدينية والاجتماعية ، التي وضعها ملوكهم السابقين ، والكهنة والحاخامات ، الذين زعموا أنهم يتمتعون بالقداسة ، وجعلوا التوراة تمتلئ بكثرة الشكوك والغموض ، واستغلوا سذاجة الناس ، لأنها نظم قامت على أساس الظلم ، و التعصب ، والعنصرية ، والفوضى ، والخلاف ، ليدرؤوا عن أنفسهم الصدام مع الغير، وليحققوا التسامح والإصلاح الديني والاجتماعي والأخلاقي ، مع أنفسهم ، ومع غيرهم من المسلمين و المسيحيين الفلسطينيين بصفة خاصة في أرض فلسطين، أو مع غيرهم من أتباع الأديان السماوية من مسلمين ومسيحيين وغيرهم ، والأجناس البشرية الأخرى بصفة عامة ،على كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، لينعموا بدنياهم كما أراد الله .
أما في الديانة المسيحية ، فقد دعا نبي الله عيسى عليه السلام ، بما أخبره به الله تعالى ، إلى المساواة بين الناس ، وقد أوصى تابعيه أن يعاملوا الناس بمثل ما يحبون أن يعاملون به ، وقد تفرق حواريه من بعده في الأرض ، يبشرون بدعوته ، وانتهى المطاف ببعضهم إلى روما ، عاصمة الإمبراطورية الرومانية ، ومهد الوثنية ، وقد جذبت دعوة العدل الإلهية هذه ، الكثير من أصحاب الفطر السليمة إليها ، ورأى المثقفون المسيحيون فيها إشراقاً روحياً ، خلت منه الوثنية ، كما استبشر بها المستضعفون ، حباً في العدل و المساواة ، غير أنها أخذت منذ القرن السادس ، ولأسباب مادية ، تدعو أن المسيح عيسى عليه السلام ، إنما جاء ليحرر المسيحيين أو المتنصرين فقط ، وفي هذا تعدي على الحريات الدينية للغير ، بإكراههم على اعتناق دين المسيحية ، ومعاذ الله أن يكره المسيح عيسى عليه السلام أحداً ، على اعتناق دين ، وإنما مثله ، كمثل محمد صل الله عليه وسلم ، عندما خاطبة ربه ، بقوله تعالى ، في النص القرآني الكريم (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (54 ).

وإن حصل تحريف ، فهو وبلا أدنى شك ، من صنع الباباوات والأساقفة ، التي تعود أسبابه إلى أمور مادية ، أو لمصالح خاصة ، لأن المسيحية واليهودية والإسلامية ، جميعها أديان حق وعدل سماوية ، جاءت من عند رب واحد ، قانونه العدل.

أما في الديانة الإسلامية ، فلم تختلف نظم وقوانين العدل الإلهي ، عن نظم وقوانين الديانة اليهودية والمسيحية الحق ، التي جاءت من عند الله، بشأن العدل بين البشر ، وحماية حريتهم، وحرمة الاعتداء عليها ظلماً ، وقد ذكر الله تعالى، في الحديث القدسي ، صورة من الوعيد الشديد لمن يتعرض لها ، قال الله تعالى (ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ ، وذكر منهم : ورَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ) (55 ).
وموقف العدل الإلهي هنا واضح وجلي ، فهو لم يساير الأهواء ، التي استغلت حريات البشر دون وجه شرعي ، ونزعتها باسمه ، ونعتتهم بالأرقاء ،ثم بيعوا على أنهم عبيد وجواري ، وإنما جاء الرد الإلهي الحاسم ، الذي يثبت حريتهم ، ويخرج تلك الأنفس ، من ظلمات العاهات، والعادات الاجتماعية والقبلية الهمجية ، التي لم تبقي لقوانين الدين ، التي أخبر بها محمد صل الله عليه وسلم ، وضوابط الشرع ، التي رسم الدين الإسلامي حدودها ، في مجال العلاقات الاجتماعية بين البشر، إلا كومة من طين ، تعجن وتلبس لباس الدراويش.
وهذه هي مشيئة سلطة العدل الإلهية ، المنسوبة إلى إرادة الله، التي دعت إلى سن قوانين و نظم العدل ، وإقامة الإصلاح الاجتماعي على الأرض ، وهي السلطة ذاتها ، التي أخضعت الأمم ، وستخضع الكثير من المجتمعات المنتمية إلى أمم مختلفة، وأديان سماوية متعددة ، إلى نبذ النظم التي تنتهك حرية البشر ، وتنال من حقوق الإنسان ، دون وجه شرعي ، وقد شاءت هذه المشيئة الإلهية ، أن تعود الحريات التي سلبت من أصحابها ظلماً وعدوان ، وذلك في صورة ثورات اجتماعية ، أو قرارات أممية ، نادت بحرية الإنسان .
فأما ما جاء في صورة ثورات ، فإن أقدم ما عرف عن الثورات ، التي قامت دفاعاً عن حرية الإنسان ، وعن حقوقه التي انتهكت ، هو ما حصل في العهد الروماني ، الذي يعتبر مسرحاً دامياً لتلك الثورات ، ففي عام 185 قبل الميلاد ، ثار مجموعة ممن سلبت حرياتهم ظلما وعدوان في أتروريا ، وتتابعت ثوراتهم بعد ذلك في أقاليم أخرى ، وكان أهمها ثورتان : ثورتهم في صقلية ، والأخرى في مدينة كابوا ، وفي عام 131 ق . م انتهز مجموعة ممن نزعت حرياتهم ظلماً وقهراً في صقلية ، اشتغال الجيوش الرومانية في صد هجمات القبائل الرومانية ، وثاروا واحتلوا مدن الجزيرة ، وانظم إليهم الفقراء ، ثم أن الدولة أرسلت أربعة جيوش لقمع ثورتهم ، ولكن مشيئة العدالة الإلهية ، قضت أن تدمر تلك الجيوش واحداً بعد آخر ، ثم انتقلت صقلية إلى يد أولائك المقهورين لبضع سنين .
وكذلك الحال في العهد الإسلامي والبلاد الإسلامية ، التي لم تخل هي الأخرى من نشوء الثورات ، بسبب الانتهاك الخاطئ للحرية البشرية ، فقد حدثت ثورات ، قام بها ، مجموعات ممن سلبت حريتهم ظلماً ، ومن أبرز هذه الثورات ما حدث في أيام مصعب ابن الزبير ، عندما جلب مجموعة من أفريقيا إلى العراق لاستصلاح الأراضي الزراعية ( السباخ) .
ومن ضمن هذه الثورات أيضاً ، هو ما حصل في العهد العباسي ، في زمن المعتمد على الله . هذا ما يخص صور الثورات.
وأما ما جاء في صورة قرارات ، ومنظمات عالمية ، فهو ما جاءت به المعاهدات الأوروبية ، و القرارات العالمية ، التي أقرتها الجمعية العمومية لحقوق الإنسان للأمم المتحدة منذ عام 1948 ، التي نادت بقانون حقوق الإنسان ، وطالبت بضرورة سن قوانين تحفظ بموجبها حريته، بشكل عالمي، لتعمل المجتمعات البشرية ، في صفحة الكون العريضة ككل اجتماعي ، وقد عمل العالم الغربي ، و مجتمعات دول أوروبا كذلك ، بدئاً بالدنمارك وفرنسا وبريطانيا ثم تبعتها أمريكا .
وقلة هي المجتمعات العربية ، والإسلامية التي قبلت ،وعملت بتلك النظم والقوانين ، وقلة هي الأخرى التي عارضت ذلك ، وتمسكت بحق وجود الرقيق كما يقولون ، وقد كان من ضمنها ، المملكة العربية السعودية ، لجزمها أن الاستعباد (الرق ) مذكور في تشريعهم الإسلامي ، وأن القرآن الكريم قد نص عليه ، وهذا صحيح ، ولكن بعد النظر إلى شرعية وصحة ما كانوا عليه ، أتضح أن ما جاء به التشريع الإسلامي ، ونص عليه القرآن الكريم شيء ، وأن ما كانوا عليه من فهم ، وتصور، وممارسة شيء آخر ، لأنهم مارسوا ، قضية الرق على أناس أحرار ، لا تجري عليهم قواعد وأحكام الرق ، ولا تتوفر فيهم الشروط الشرعية الموجبة للاستعباد ، وبعد هذا الاستيعاب ، حصل الإلغاء ، لتلك الانتهاكات ، التي طالت رقاب الأحرار باسم الدين ، كما فرضت العقوبات على من يمارس ذلك في السر والعلن. وقد كان ذلك على يد المغفور له بإذن الله ، الملك فيصل بن عبد العزيز ، والحق يقال أنه رجل دين وعلم ومبدأ ، رسخ بموجب هذه العوامل ، مفهوم " وحدة أصل البشرية " ، في المجتمع السعودي ، وقد مكنته هذه العوامل أيضاً ، من استنباط مقاصد الشريعة الإسلامية لظاهرة الرق ، واكتشاف وتلمس مواطن الخلل ، لتلك المخالفات الشرعية ، فضلاً عن اكتشافه لها ، من خلال الشكاوى التي تقدم بها بعض ممن غرر بهم ، و تم استدراجهم ، ثم بيعوا على أنهم أرقاء .وهذا ما أكده الشيخ عبد الرحمن الجبرين رحمه الله ، الذي وضح بعض الأمور حول أولائك (56 ).

ومن بعض ما ذكره الشيخ ما يلي نصه :

" في القرن الماضي، في أول القرن الرابع عشر وفي آخر القرن الثالث عشر كان هناك أناس يسرقون بعض الأطفال، ويبيعونهم على أنهم مماليك، يأتون إلى بعض البلاد التي فيها شيء من الجوع ونحوه، كالسودان أو الحبشة، وتلك البلاد، ثم يستدعون بعض الأولاد الذي في سن العاشرة والحادية عشر، ويختطفونه يطعمونه ويكسونه، ويقولون: اذهب معنا ونحن نطعمك ونعطيك ونحو ذلك، يذهب معهم ويعتقد أنهم سوف يحسنون إليه، فيأتون إلى هذه البلاد ويبيعونه على أنه مملوك ".

يتبع نص الشيخ :

" وكثر بيع هؤلاء الذين ليسوا مماليك؛ وإنما هم أحرار، فلما كثر بيعهم وقَلَّ أو انقطع الجهاد من عشرات السنين رأت الحكومة في هذه البلاد أن أكثر هؤلاء المماليك ملكيتهم ليست صحيحة، وأنهم مظلومون، وأنهم قد بِيعُوا وهم أحرار، فرأتْ الحكومة تحريرهم في سنة ست وثمانين، وصدر الأمر بتحرير كل الرقاب الموجودين في المملكة، وتعويض أهاليهم عنهم، ولو كان عند أحدهم عشرة أو عشرون إذ دفعت الحكومة قيمهم وتحرروا، ولم يبقَ في هذه البلاد أرقاء، ولكن إذا حصل قتال مع الكفار، ثم حصل الاستيلاء على سبيهم فإن الرق يعود، وهذا هو الأصل؛ لأن أصله الاستيلاء على سبي المشركين؛ أطفالهم ونسائهم ونحو ذلك" ،انتهى كلامه .

وتجدر الإشارة إلى إن أغلب أولائك من المسلمين الفقراء من أفريقيا و آسيا ، في زمن توقفت فيه الفتوحات الإسلامية ،و خفت فيه الصرامة والرقابة على الشروط الإسلامية ، في كثير من المجتمعات الإسلامية.

أما يدعيه ويردده الكثيرون ، ممن لا يدركون المعنى الصحيح ، لمفهوم الرق الشرعي في الإسلام ، أو ممن لا يجيدون قراءة مسلسل أحداث الأمور بموضوعية وإنصاف ، بأن المغفور له بإذن الله هو من حرر العبيد ، وأن قبوله بذلك القرار ، كان بضغط دولي غربي ، بقيادة أمريكا ، و دول أوروبا ، فهذا إدعاء يجانب الصواب .

لأنه لو كان الأمر شرعياً كما أراد الله ، ومرتبطاً بعدالة الكون الإلهية العامة ، المتمثلة بالعدالة الشرعية ، لبقوا عبيداً ، حريتهم بيد غيرهم، لتحقق مقتضى سنن شرع الله في ذلك المجتمع ، لأنه لا قانون ، ولا نظام بشري ، يسمو و يقوى على قانون العدل ، و نظام الله سبحانه . ولأن المسألة مسألة عدالة ربانية بحتة ، لتحقيق العدل المرتبط بالحرية البشرية ، والحقوق الإنسانية ، لفئة بشرية سلبت حريتها ، وحقوقها ظلماً وجهلاً، فقد جاء الخضوع الأممي ، لمعظم مجتمعات شعوب العالم ، ابتداءً بالمجتمعات الأوربية والغربية ، التي مرت بمراحل من الإصلاح و النضج ، وصولاً بالمجتمعات العربية ،وغيرها من المجتمعات البشرية في دول العالم الثالث .

ولعل المتأمل والباحث ، أن يلحظ ويلتمس مضي واستمرار هذه العدالة قدماً ، بقيادة رجال الدين ، والحقوقيون المنتمين للمنظمات ، والمراصد الحقوقية ، والناشطين في هذا المجال ، والكتاب ، والأكاديميون ، والباحثون المختصون ، نحو الدول التي مازالت مجتمعاتها البشرية ، تعاني من انتهاك الحرية البشرية ، و حقوق الإنسان ، واستمرار ممارسة نظم الإرغام الاجتماعي ، و القصري على فئات بشرية حرة ، لتلبسها قهراً وظلماً رداء الرق والاستعباد ، مثل موريتانيا واليمن والمغرب والجزائر والسودان وغيرها ، لتحقيق غاياتها وأهدافها السامية.

ومن هنا أخي الكريم قارئ هذه الدراسة ، كان لا بد لنا نحن بني الإنسان ، من ضرورة إعادة اعمار فكرنا البشري ، تجاه قضية الرق والاستعباد ، وفق الأسس والنظم الشرعية ، التي جاءت ضمن منظومة تعاليم شرائع الأديان السماوية الصحيحة، ( اليهودية ، المسيحية ، الإسلامية ) ، لندرك مفهومه الصحيح ، الذي تدرك به غاية العدل الإلهية ، التي لا مراء فيها ولا جدال . ولعلنا أدركنا هذا ، من خلال هذه الدراسة المتواضعة .
باحث إسلامي


 
 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له


رد مع اقتباس