عرض مشاركة واحدة
قديم 04-13-2009, 10:08 PM   #2


الصورة الرمزية اليعقوبي
اليعقوبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-20-2020 (12:54 AM)
 المشاركات : 668 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي المقطع الأول من القصيدة



قال الإمام الباقلاني رحمه الله تعالى: فإذا شئت أن تعرف عظم شأنه (يعني القرآن)، فتأمل ما نقوله في هذا الفصل لامرئ القيس، في أجود أشعاره، وما نبين لك من عواره على التفصيل وذلك قوله:
قفا نَبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزل*** بسِقطِ اللوى بن الدَّخول فحومَلِ
فَتُوضِحَ فالمِقْراة لم يعفُ رسمُها***لما نسجَتها من جَنوب وشَمـأَل

_ الذين يتعصبون له، أو يدعون محاسن الشعر، يقولون: هذا من البديع؛ لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى، وذكر العهد والمنزل والحبيب، وتوجع واسترجع، كله في بيت، ونحو ذلك.. وإنما بينا هذا، لئلا يقع لك ذهابنا عن مواضع المحاسن إن كانت، ولا غفلتنا عن مواضع الصناعة إن وجدت.
- تأمل أرشدك الله، وانظر هداك الله: أنت تعلم أنه ليس في البيتين شيء قد سبق في ميدانه شاعراً، ولا تقدم به صانعاً.. وفي لفظه ومعناه خلل.
1) أول المآخذ في قوله قفا نبك من ذكرى حبيب:
- فأول ذلك: أنه استوقف من يبكي لذكرى الحبيب، وذكراه لا تقتضي بكاء الخلي، وإنما يصح طلب الإسعاد في مثل هذا، على أن يبكي لبكائه، ويرق لصديقه في شدة برحائه، فأما أن يبكي على حبيب صديقه، وعشيق رفيقه، فأمر محال.
- فإن كان المطلوب وقوفه وبكاءه أيضاً عاشقاً، صح الكلام {وفسد} المعنى من وجه آخر، لأنه من السخف أن لا يغار على حبيبه، وأن يدعو غيره إلى التغازل عليه، والتواجد معه فيه.
2) تعداد الأماكن الكثيرة ليس ضرورياً:
ثم في البيتين ما لا يفيد من ذكر هذه المواضع، وتسمية هذه الأماكن، من: "الدخول" "وحومل"، "وتوضح"، "والمقراة"، "وسقط اللوى"، وقد كان يكفيه أن يذكر في التعريف بعض هذا، وهذا التطويل إذا لم يفد كان ضرباً من العي.
3) عفاء الرسم أدل على الوفاء للعهد:
ثم إن قوله: "لم يعف رسمها"، ذكر الأصمعي من محاسنه أنه باق، فنحن نحزن على مشاهدته، فلو عفا لاسترحنا، وهذا بأن يكون قد مساويه أولى: لأنه إن كان صادق الودّ فلا يزيد عفاء الرسوم إلا جدة عهد، وشدة وجد، وإنما {فزع} له الأصمعي إلى إفادته هذه الفائدة خشية أن يعاب عليه، فيقال: أي فائدة لأن يعرفنا أنه لم يعف رسم منازل حبيبه? وأي معنى لهذا الحشو? فذكر ما يمكن أن يذكر، ولكن لم يخلصه بانتصاره له من الخلل.
4) امرؤ القيس يكذب نفسه:
ثم في هذه الكلمة خلل آخر، لأنه عقب البيت بأن قال: "فهل عند رسم دارس من معول?"، فذكر أبو عبيدة أنه رجع فأكذب نفسه، كما قال زهير:
قف بالديار التي لم يعفُها القدمُ****نعم وغيرها الأرواحُ والديمُ

5) في البيت تناقض:
وقال غيره: "أراد بالبيت الأول أنه لم ينطمس أثره كله، وبالثاني أنه ذهب بعضه، حتى لا يتناقض الكلامان: وليس في هذا انتصار، لأن معنى "عفا ودرس"، فإذا قال لم يعف رسمها ثم قال: قد عفا فهو تناقض لا محالة، واعتذار أبي عبيدة أقرب لو صح، ولكن لم يرد هذا القول مورد الاستدراك كما قاله زهير، فهو إلى الخلل أقرب.
6) تعسف لما قال لما نسجتها:
وقوله: "لما نسجتها"، كان ينبغي أن يقول" لما نسجها ولكنه تعسف فجعل ما في تأويل التأنيث لأنها في معنى الريح، والأولى التذكير دون التأنيث، وضرورة الشعر قد دلته على هذا التعسف.
7)كان الأولى أن يقول لم يعف رسمه:
وقوله: "لم يعف رسمها"، لأنه ذكر المنزل، فإن كان ذلك إلى هذه البقاع والأماكن التي المنزل واقع بينها فذلك خلل، لأنه إنما يريد صفة المنزل الذي نزله حبيبه بعفائه، أو بأنه لم يعف دون ما جاوره، وإن أراد بالمنزل الدار حتى أنث فذلك أيضاً خلل، ولو سلم من هذا كله ومما نكره ذكره كراهية التطويل لم نشك في أن شعر أهل زماننا لا يقصر عن البيتين، بل يزيد عليهما ويفضلهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: السياق كله للإمام الباقلاني، اللهم إلا الملون بالأحمر فإنه من زيادات من المحقق كما لا يخفى. ومابين معكوفتين {هكذا} مما ظهر أن فيه تحرفا واضحا فأصلحته


 
 توقيع : اليعقوبي

[align=center]قال تعالى: { وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ } (أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.{ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ } أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضا.{إِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَانِ}أي كان لآدم وذريته{ عَـدُوّاً مُبِيناً}أي ظاهر العداوة ).

صفحتي في الفيس بوك
https://www.facebook.com/nafeansari

التعديل الأخير تم بواسطة اليعقوبي ; 04-14-2009 الساعة 12:54 PM

رد مع اقتباس