الترصيع
إن مما ينبغي على الكاتب أن لا ينسى تاريخ أهل عصره، لأنه همزة وصله به للأجيال القادمة.
وما من ناقل نقلا معتبرا تاريخ أي أمة خلت، إلا عن طريق نقل أخبارها عن المعاصرين لها ـ منتهى السند.
لذا فإني عندما أنوه بفضل من التقيت به من أهل الفضل، فذلك من قبيل تدوين ما ظهر لي من فضله، وإن نوهت على فضله أحيانا بأدبيات، فالغرض بيان فضله بتلك الأدبيات، لا غير ـ ولله الحمد والمنة على أن من علي بالاطلاع في مناهج من هو لي أسوة في ذلك من بعض المؤرخين أرباب ذلك النهج، من تذويق العبارة، في ذكر مناقب السادة...
وحينا آخرا أنهج نهج من يعرض مآثر فضلاء عصره، بذكرها على ما يؤدي المقصود لفظا ومعنى...
وعلى كل حال: والعود أحمد.
فإن عمدة النقل ـ بين يدي هذه السيرة لأحد السادة ـ هو السيد الشهير، السيد أتا أغ هود ـ نجل السادة المشاهير.
فهو سيد فاضل نبيل، وشخصية سيادية واجتماعية ذو مقام جليل.
شهرته أغنت عن التعريف به، وهو ممن يصدق عليه قول من قال:
كانت محادثة الركبان تخبرني***عن جعفر ابن فلاح أصدق الخبر
لما التقينا فلا والله ما سمعت***أذني بأحسن مما قد رأى بصري
وذلك أني كنت ممن غزته سمعته السيادية الشهيرة، ولم أحظ بلقاء معه، حتى تيسر لي زيارة مواطن سيادته، وبالخصوص مدينة: تغارست، التي كان هو العضو البرلماني لها آنذاك.
فتشرفت بزيارة منزله الكريم، وكان منزلا ذا هيبة سيادية قديما وحديثا.
فاستقبلنا محفوفا بحرس خاص به، وبوأنا مبوء كرم، وفضل وأنس وسعادة...
كما أننا قمنا بزيارته في مقرة سيادته في مدينة تغارست نفسها، ومد في الانبساط على موائد المجد والمؤانسة...
عند ذلك عرضت عليه أن يكرمني بما بلغه عن والده وقبيلته من تاريخ مجيد، فتفضل علي بذلك تفضل السيد النبيه ذي المقام الحميد.
بل وقد مدني ببعض الوثائق التاريخية من المستعمر الفرنسي الخاصة بتاريخ مجتمعات تلك المنطقة وساداتها، وقد توجت تلك الوثائق بسيادة قبيلته ـ قبيلة: إقودرن، أهل بيت السيادة خاصة في منطقة تغارست، وما يتبعها.
فقرأها علي بعض مدراء إدارته الحكومية بأمر السيد أتا نفسه ـ حفظه ورعاه، وشكر له ـ وترجمها لي باللغة الطارقية...
لذا فإن تاريخ أفقنا موجود شيء منه كثير ـ ولله الحمد ـ وإنما يحتاج من الجميع البحث عنه خاصة في مظانه بجد واجتهاد...