عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2009, 12:16 AM   #5
عضو مؤسس


الصورة الرمزية م الإدريسي
م الإدريسي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تبسيط الأمثال السائرة 2




بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الأفاضل , هذه هي الحلقة الثانية من مسلسل ( الأمثال السائرة ) وستأتيكم الحلقات المتبقية تباعا - بإذن الله-.

من 23-49إبداء موقف الشيخ الشاعر في مسألة الحج على الطائرة ودعم رأيه .

23-ساءلت عن غير جهل كي يشرفنا=منك الخطاب بذاك اللؤلؤ الأدبي

24- والله يغفر إن بادلت ذا ذهب=صاف وواف وعلي ما وفى ذهب ي

25- لو كنت تأذن ما كلفت عارضتي=نظما وقلت لعل الصمت أجدر بي

26- أما وقد سمتنا صوغ الجواب ولي=فكر يمد بحول الله فلأجب

27- حج الصرورة فرض باستطاعته=كما علمتم وعند العجز لم يجب

28- دعيمة أسستها الرسل عالية =فروعها فوق أصل أي مرتسب

29- والاستطاعة إمكان الوصول بلا =كبير جهد على أمن من الرهب

30- في كل حال بوجه ما فما سبب=أولى به إن عداه الحظر من سبب

31- وما أتى من حديث الزاد مشتهرا=ضعيف أو خارج في مخرج الغلب

32- وإن تشأ قلت في معنى الرواحل ما=حملت رحلا ولو لوحا من الخشب

33-فالفلك والموبلات والخطوط لدى=ظن السلامة كالأقدام والنجب

34- فأية ما بها أيسرت طائرة=أولا فحتم عليك الحج فلتثب

35- لا جائز لا ولا مما تناوله=نهي ولا هو مندوب لمنتدب

36- وريض الوحش كالطيار ندخله=تحت العموم ومن يخرجه لم يصب

37- بذا وذلك فحوى الفقه تؤذن من=راض المسائل بالتفتيش والدأب

38- ورب أصل به يقضي ومقتنص=بالفهم تحت عبارات الشيوخ خبي

39- أما النصوص فلا منصوص يوضحه=بتا ويقصم ظهر المنكر الشغب

40- لا هم إلا عمومات تكنفها=شتى أمائر تجلو شبهة الريب

41- ومطلقات عرت مما يقيدها=في الذكر أو في حديث صفوة النخب

42- كأمر ( لله حج البيت )أنزله=ربي ونادى به المختار في الصحب

43- فلم يقيد بحال لا ولا زمن=ولم يقل فوق سرج أو على قتب

44- فما لنا عن خطوط الجو نخرجهااللفظ يدخلها في مقصد الطلب

45- إن لم تكن ألفت قدما فآمرنا=بها عليم وعنه الغيب لم يغب

46- ألم تشع فهي في التعميم داخلة=ككل نادرة في منتقى النجب

47- من ثم في مذهب عم السباق على=ذي الخف فيلا ولم يركب على غلب

48- فليأخذ السبق الفيال معتمدا=قول الشوافع إن جارى به فحبي

49- ثم الطوائر في عصر العجائب قد=شاعت وذاعت فإطلاق الندور أبي

القاموس اللغوي :

23- اللؤلؤ واللآلئ : جمع اللؤلؤة وهي : الدرة.

24- بادلت : من البدل , والمبادلة المعاوضة .صاف : وصف للذهب , والذهب الصافي يوصف بأنه عيار 24 قيراطًا.واف : وصف للذهب أيضا , والوافي : الذي بلغ التمام , وتوفية الشيء بذله وافيا تاما .علي : لغة في لعل وللعرب فيها لغات .

25- تأذن : أذن له في الشيء يأذن إذنا : أباحه له. عارضتي : يقال : فلان قوي العارضة ذو جلد وصرامة وقدرة على الكلام وذو بديهة ورأي جيد .الصمت : السكوت , ويفرق بينهما بأن السكوت هو ترك الكلام مع القدرة عليه، بخلاف الصمت فلا تعتبر فيه .أجدر : أفعل تفضيل من الجدارة وهي الأهلية للشيء وهو جدير بكذا بمعنى حقيق .

26- سمتنا : يقال سُمْتُه حاجةً أَي : كلفته إِياها وجَشَّمْتُه إِياها .صوغ : الصوغ والصياغة : تهيئة الشيء على مِثَالٍ مُسْتَقِيمٍ .فكر : الفكر جنس من النظر الذي هو سبب العلم .يمد : يعان ويقوى من المدد . الحول: القدرة على التصرف .

27- الصرورة : الرجل الذي لم يحج يقال : رجل صرورة وامرأة صرورة اذا لم يحجا .

28- الدعامة : عماد البيت الذي يقوم عليه . أَسَّسْتُه تأسيسا : جعلت له أَسَاسًا . الفروع : ما يتشعب من أصل الشجرة .مرتسب : الرسوب الذهاب سفلا , وأصل استعماله في الذهاب في الماء .

29- الجهد : الإبلاغ في الطاقة والمشقة في العمل . الأمن : عدم توقع مكروه في الزمان الآتي .الرهب : الخوف , رَهِبَ الشيء، رَهْبا ورَهَبا ورَهْبَةً : خافه، والاسم الرُّهْبُ، والرُّهْبَى: والرَّهُبُوتُ، والرَّهَبُوَتى.

30- الحظر : جمع الشيء في حظيرة , والمحظور الممنوع .

31- حديث الزاد : إشارة إلى حديث ابن عمر الآتي .مشتهرا : المشتهر : الظاهر المعروف المذكور , وفي مصطلح أهل الحديث درجة بين التواتر والآحاد .ضعيف : ضعف الشيء ضعفا : هزل أو مرض وذهبت قوته أو صحته , وفي مصطلح أهل الحديث هو الخبر الذي لا يرقى إلى درجة الاحتجاج به .خارج في مخرج الغالب : تعبير أصولي يقصد به كون النص لا يدل بمفهومه على شيء .

32- الراواحل : جمع راحلة , وهي : المركب من الابل، ذكرا كان أو أنثى. اللَّوْحُ: كل صفيحة عريضة من صَفائح الخشب. وكل عظيم عريض لَوْحٌ، الخشب : ما غلظ من العيدان .

33- الفُلْكُ ، بالضّمِّ : السَّفِينَةُ .الموبلات : جمع موبيل ( السيارة ).

34- الحتم : الواجب . النهي : طلب الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب . المندوب : ما طلبَ الشارعُ فعله طلباً غيَر جازم .أيسر فلان: صار ذا غنى. الحتم : الواجب , حتمت عليه الشئ: أوجبته . الحج هو : القصد أصلا , وقد غلب على قصد الكعبة للنسك المعروف اصطلاحا .فلتثب : اللام : لام الأمر . تثب : من الوثوب وهو القفز وثب يثب وَثْبًا : قفز .

35- الجائز : ما شرع فعله وتركه على السواء . المندوب لغة : المدعو إليه , واصطلاحا ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه , ويرادفه السنة والمستحب والنفل والتطوع .منتدب : من انتدب للأمر : استجاب له وأسرع إليه .

36- الريض, بتشديد المثناة تحت المكسورة : المذلل المؤدب .الطيار : الطائرة . العموم لغة : الشمول ,وفي الأصول انتظام اللفظ لعدد من الألفاظ والمعاني العموم :دلالة اللفظ الواحد من جهة واحدة على شيئين فصاعدا. لم يصب : الإِصَابَةُ : الوِجْدَانُ . يُقَالُ : أَصَابَهُ : رَآه صَوَابا ، وَوَجَدَه صَوَاباً .

37- فحوى الخطاب : مفهوم الموافقة إن كان أولى من المنطوق . ( الفحوى ) فحوى القول : مضمونه ومرماه الذي يتجه إليه القائل .تؤذن : الأذان في اللغة : الإعلام مطلقا .راض : ذلل . التَّفْتِيْشُ والفَتْشُ : طَلَبٌ في بَحْثٍ . الدأب : إدامة السير والعادة المستمرة على حالة واحدة .

38- الأصل في اللغة:أسفل الشيء, ومنه أساس الحائط أو ما يبنى عليه غيره.وفي الاصطلاح : الدليل والقاعدة , والراجح , والمستصحب , والغالب في الشرع , والصورة المقيس عليها . يقضي : يحكم .مقتنص : مصطاد , القَنَص: الصَّيْد. قَنَص يَقنُص قَنَصا وقَناصَةً.الفهم : تصور المعنى من لفظ المخاطب , واصطلاحا : ملكة للنفس يقتدر بها على الانتقال من الملزومات إلى اللوازم بلا فصل ماكث . العبارة : ما استفيد من لفظ وغيره مع بقاء رسم ذلك الغير .الخبيء : ما خُبِىءَ وغابَ كالخَبِيئَةِ .

39- النصوص : جمع نص وهو : ما ازداد وضوحا على الظاهر بمعنى من المتكلم لا في نفس الصيغة , مأخوذ من قولهم نصصت الدابة إذا استخرجت بتكلفك منها سيرا فوق سيرها المعتاد .المنصوص : مفعول منه . التوضيح هو رفع الإبهام الناشئ في المعرفة بسبب تعدد الوضع . البت : القطع والجزم بالشيء .القصم : الكسر مع الإبانة .المنكر : الإنكار : ضد العرفان , وأصله أن يرد على القلب ما لا يتصوره , وذلك ضرب من الجهل .الشغب : اسم فاعل من الشغب , وهو : تَهْيِيجُ الشَّرّ كالتَّشْغيبِ .

40- لاهم : لغة في اللهم , والميم بدل من حرف النداء .تكنفها : أصلها : تتكنفها : تسترها وتحف بها وأصلها من الكَنيف وهو: حَظيرة من خشب أَو شجر تتخذ للإبل لتقِيَها الريح والبرد سمي بذلك ؛ لأَنه يكنِفُها أي يسترها ويقيها .شتى : متفرقات , الشتيت المتفرق وقوم شتى ومسائل شتى وأشياء شتى وجاؤوا أشتاتا أي متفرقين .أمائر : جمع أمارة ,وهي لغة : العلامة واصطلاحا هي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول كالغيم بالنسبة إلى المطر .تجلو : توضح , الشبهة : الالتباس , الريب : جمع ريبة وهي : التهمة والشك .

41- المطلق : اللفظ المفيد لشيوع مدلوله في جنسه .عرت : خلت .يقيدها : يضيق من إطلاقها والمقيد : مقابل المطلق , فهو :ما دل لا على شائع في جنسه .الذكر : القرآن . الصفوة : خالص كل شئ . النخب : جمع نخبة وهي المختار من كل شيء .

42- لله حج البيت : إشارة إلى آية الحج ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ).

43- السرج : للفرس بمنزلة الرحل للناقة . والقتب: إكاف البعير.وقيل: هو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير. ُ

44- خطوط الجو : الطائرات .

45- ألفت : ألفه - إلفا وألفا وإلافا: أنس به وأحبه.ويمكن أن تكون بالتشديد من التأليف أي : صنعت . القدم : من أسماء الزمان يقال : كان كذا قدما في الزمان القديم .

46- تشع : الشياع : الانتشار .النادرة : التي يقل وقوعها .المنتقى : المنتخب المختار . النجب : جمع نجيب , والنجيب الخير المبارك الصحيح الرأي .

47- الغلب : اسم بمعنى الغالب .

48- الفيال : صاحب الفيلة .الشوافع : أتباع المذهب الشافعي .جارى : سابق .حبي : أعطي .

49- الطوائر : جمع طائرة .العصر : الزمان والدهر .شاعت : انتشرت . ذاعت : اشتهرت .أبي : منع من الإباء وهو المنع .

القاموس الأصولي :

الفرض :ما طلب الشارع فعله طلبا لازما . و الفرض والواجب عند الفقهاء مترادفان يعني كل واحد منها يدل على الآخر . هذا على مذهب الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله تعالى. فكل من الفرض والواجب عندهم يطلق على الآخر. والحنفية رحمهم الله تعالى يفرقون بين الواجب والفرض باعتبار الدليل المثبت للحكم. فإن كان دليلا قطعيا فإننا نسميه فرضاً, وإن كان ثابتاً بدليل ظني فإننا نسميه واجباً.. وعلى هذا عند الحنفية (الفرض عندهم آكد من الواجب ).
الاستطاعة :الاستطاعة هي عرض يخلفه الله تعالى في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية وبالنسبة للحج هي : القدرة على تحمل نفقات السفر ذهاباً وإياباً، ونفقات المأكل والمشرب والإقامة، وكذلك نفقة أسرته حتى يعود ان كان ممن يعول.
وقد قرر الشافعية أن الاستطاعة نوعان: استطاعة بالنفس واستطاعة بالغير.
العجز : أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر أي مؤخره , وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشيء , وهو ضد القدرة . ذكره الراغب .
وقال أهل الأصول : العجز صفة وجودية تقابل القدرة تقابل العدم والملكة .
قال أبو البقاء : العجز الضعف , وإنما يوصف به الحي , فلا يقال للجبل : عاجز .
المحظور : المحرم وهو المعاقب على فعله .
الضعيف :ما نزل عن درجة الحَسَنِ .
خرج مخرج الغالب :مصطلح أصولي مفاده : أن المفهوم َإِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً إجْمَاعًا . و إذَالَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ كَانَ حُجَّةً عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ .
وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّقْيِيدُ غَالِبًا عَلَى تِلْكَ الْحَقِيقَةِ وَمَوْجُودًا مَعَهَا فِي أَكْثَرِ صُوَرِهَا , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا مَعَهَا فِي أَكْثَرِ صُوَرِهَا فَهُوَ الْمَفْهُومُ الَّذِي هُوَ حُجَّةٌ .
النص لغة :الظهور والارتفاع , واصطلاحا : الدال على معنى واحد من غير احتمال لغيره .
المطلق :اللفظ المفيد لشيوع مدلوله في جنسه .
الأمر لغة :نقيض النهي, من أمره يأمره أمرا ً، والجمع أمور , ويقال : ائتمر أي : قبل أمره . يقال : أمره به، فأتمر. أي : قبل أمره, تقول العرب : أمرتك أن تفعل ولتفعل وبأن تفعل .
واصطلاحا : طلب الفعل بالقول ممن هو دونه .
تبسيط الأبيات :
23- بدأ الشاعر يطوي من جناحيه ؛ ليزدلف إلى الموضوع الأساسي وهو الجواب عن تساؤلات الشيخ الكنتي حول الحج بالطائرة , نافيا ما ادعاه الكنتي لنفسه تواضعا , من كون الجهل دافعه الأساسي إلى زف هذه البنت لزيارة المهرجان العلمي الأدبي السوقي , عازيا الأسباب إلى رغبة أخيه الكنتي في تشريف المهرجان بزيارة ابنته الفائقة الجمال ؛ لتزيد لمعان المهرجان بتلألؤ حليها الفاخر , ويستمتع الحاضرون بأدبها الجم .
24- معتذرا له في تقصير متوقع في فعاليات الاستقبال ومستغفرا خالقه إن كان قد أقدم على صفقة ربوية , ببيع الذهب المتفاضل , واصفا اللؤلؤ الذهبي الذي عرضه الكنتي بأنه يوفي على التمام , وبالغ درجة الكمال في الصفاء , متخوفا من قصور العيار الذي في كفته عما تشتمل عليه الكفة الكنتية .
25- ومعرضا باحتمال تجميد الصفقة , لو تم صدور إذن موقع من قبل نجل الطيبين ,يسمح بذلك ويبيحه , فإنه رغم بديهته الوقادة , وقدرته على صياغة الكلام المستقيم يرى أن اللياذ بالصمت أولى وأحق من خوض هذه المغامرة , إذ لا رأي لساكت كما يقولون .لا سيما وأن موقفه في القضية واضح بلسان الحال وهي أفصح من لسان المقال , فإن الحج في الطائرة أمر حلب الشاعر أشطره قبل القصيدة بسنين .
26- ولكن نزولا عند رغبة أصحاب السمو وإصرارهم على إمضاء الصفقة رجح الشاعر التوقيع عليها , متجشما ما كلف به ثقة بنظره العلمي المعان بقوة القوي المتين وعزم على التنفيذ .
27- فبدأ يتحرر من أسر عاطفته تجاه أخيه الكنتي وابنته التي سيطرت عليه فيما سلف من أبيات القصيدة , حيث نراه ينقض على الموضوع الأساسي بكامل ثقله وينوء بكلكله لا مرخيا سدوله بل مسلطا أضواءه على القضية موضوع البحث ألا وهي ( حكم الحج بالطائرة ) فلا بد لليلها أن ينجلي , فاستفتح المجال باصما بعشره على القاعدة المتفق عليها من وجوب الحج وفرضيته على كل من لم يسبق له أداء هذه الشعيرة من المسلمين بشرط الاستطاعة محيلا الكنتي إلى علمه في الاستدلال لهذا ؛ لأنه محل اتفاق مبدئي , ثم أعقب بالتصريح بمفهوم الشرط من عدم وجوب الحج على العاجز.
28- وأكد هذه الحقيقة واصفا الحج بأنه دعامة وركن من أركان الإسلام وعمود من أعمدة هذا الدين التي اتفقت الرسالات السماوية على إرسائها وأن ما يتفرع ويتشعب عن هذه الدعامة سيبقى له حظه من القوة لقوة أصله ورسوخ جذوره .
29- ثم انتقل إلى ترديد تعريف الاستطاعة معرفا إياها بإمكان الوصول إلى البيت الحرام بدون عناء كبير يقهر الطاقة إضافة إلى أمن الطريق من توقع أي مكروه يثير الخوف عند السالكين .
30- مضيفا على الكنتي أن هذا الإمكان لا يتقيد بحالة دون أخرى ولا بطريق دون آخر ولا فرق بأي وسيلة حصل الوصول , المهم أن تكون مما لا تتناوله أدلة التحريم في الشرع المطهر , وخارجة عن حظيرة نصوص النهي . وهذا تجاوز منه لمنطقة الاتفاق وتهيئة منه للأذهان لتقبل رأيه في الترجيح من كفتي القضية المطروحة.
31- مستطردا بحديث لم يذكره الكنتي ولكن لعله قد سمعه من بعض المانعين ألا وهو حديث ابن عمر الذي رواه النسائي : ان النبي –صلى الله عليه وسلم فسر الاستطاعة في قوله –تعالى-: ( من استطاع إليه سبيلا ) فقال : الزاد والراحلة . فقدح في الاستدلال به من وجهين : الأول : أن الحديث ضعيف .وهذا حتى يتأكد خلو المسألة من النصوص كما سيصرح به ؛ لتبقى مسألة اجتهادية يسع الاختلاف فيها . الثاني : حتى لوقيل بصحته أو بحسنه وصلاحيته للاحتجاج , فإنه يمكن حمله على أنه لا مفهوم له , وإنما خرج مخرج الغالب ؛ لأن الراحلة في زمن الوحي هي الوسيلة الغالبة في التنقل .
32- بل حتى لو قلنا بصحة وروده وصحة دلالته فإننا ندخل في معنى لفظ الراحلة كل ما يمكن حمل الرحل فوقه واستخدامه في التنقل ولوكان صفيحة عريضة من الخشب أو الحديد أو الفولاذ , كلها رواحل ؛ لأنها ترتحل وحينها يكون الحديث عاما لمحل الخلاف فيسقط الاستدلال به للمانع ويصبح من نصيب المجيز .
33- واستنتج من هذا أن السفن البحرية والسيارات ( الموبلات )والطائرات ( الخطوط ) إذا غلب على الظن السلامة فيها فلا فرق بينها وبين السير على الأقدام أو السفر على نجائب الإبل فكلها تودي إلى الغرض المطلوب وهو أداء فريضة الحج , وكلها رواحل ؛ لأنها ترتحل .
34- ثم خاطب الكنتي وغيره مصرحا بالفتوى الواضحة بأن الحكم الشرعي للحج على من استطاع الوصول إلى البيت الحرام سواء براحلة طائرة أو غيرها هو الوجوب الحتمي , فلا عليك -يأيها الكنتي , ويأيها السامع- إلا أن تسارع إلى النهوض , وتقفز على قدميك بكل رضا ونشاط ؛ لأداء هذه الفريضة.
35- وأن الخيارات التي طرحها المخالفون كلها ليست واردة فإن حكم الحج ليس هو الإباحة ولا التحريم ولا الكراهة ولا الاستحباب والتطوع , وإنما هو الوجوب , الوجوب الذي لا مناص منه .
36- ثم أجاب الكنتي عن إلزامه بصحة الحج على الحيوانات المتوحشة إذا تم ترويضها وتذليلها , مثل الفيلة والأسود , فالتزم بذلك , وأكد أنها أيضا داخلة تحت العموم , وأن من أخرجها لم يحالفه الصواب .
37- ونبه إلى أن الفهم الثاقب للدلائل الفقهية يوحي بهذا مباشرة , ولكن من الذي يستوعب تلك الإشارات الفقهية ؟ إنه الذي نجح في ترويض المسائل وتذليل صعابها بالبحث والتنقيب , فإنها أيضا لها وحوش وأوابد , كما للأنعام .
38- واستكثر القواعد التي تقضي بما رجحه , بجانب الكنوز المدفونة تحت عبارات المشائخ , من الاستنباطات الدقيقة التي هي أيضا قوية الدلالة على هذا المنحى .
39- ثم اقترب من الكنتي ؛ ليوافقه عل أن النصوص التي لا تقبل الاحتمال ليست واردة في هذا الموضوع , فليس هناك نص قطعي الورود والدلالة يوضح وجوب ركوب الطائرة ؛ لأداء فريضة الحج , ولا شيء يمكن أن يقطع ظهر المجتهد المخالف , بحيث لا يلتفت لقوله سوى نص من هذا النوع , وهذا رعاية منه لمشاعر الطرف المخالف , وإن كان قد لمح إلى أنهم من فرقة المشاغبين .
40- اللهم إلا أن هناك عمومات في الشريعة تلتف بها عدة أمارات وقرائن تدحض تلك الشبهات التي تثير الارتياب في تناولها لهذه القضية .
41- كما توجد أيضا دلا ئل مطلقة لم يرد ما يقيد إطلاقها . وهذه العمومات والمطلقات مابين آيات من الوحي المنزل أو أحاديث من سنة المصطفى من الأخيار صلى الله عليه وسلم .
42- ومثل للعمومات في القرآن بقوله –تعالى-( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ولم يمثل في السنة .
43- ونبه إلى أن النبي –صلى الله عليه وسلم-تلا هذه الآية في جماهير من أصحابه ولم يقيد عموم الناس ولا إجمال الاستطاعة لا بحالة معينة ولا بزمن معين , كما أنه لم يحدد وسيلة معينة , ولم يحصر المركوب في الخيل -وكنى عنها الشاعر بالسرج- ولا بالنياق -وكنى عنها بالقتب- .
44- وهنا تساءل الشيخ المحمود متعجبا ومستنكرا لقول من أخرج الطائرة في عموم الاستطاعة , مذكرا بأننا لايحق لنا أن نخرجها , مادام أن اللفظ الوارد عن الشارع يشملها .
45- أما وصفكم لها بأنها من الغرائب , فإنه وصف طردي لا يتعلق به حكم شرعي , فإن الآمر بالحج لم يزل عليما , ولم يغب عنه شيء , ويعلم بأن الطائرة مما سيتجدد لدينا , فكونها لم تكن مألوفة عند القدامى وصف غير مؤثر في الحكم أيضا ؛ لأنه طردي .
46- أضف إلى ذلك أنها أصبحت من الأمور الشائعة فدخلت في التعميم كما هو المختار عند كثير من النخب العلمية في جميع الصور النادرة ( أنها إذا كثرت وشاعت يشملها العموم) .
47- ولذلك فإن حديث : ( لاسبق إلا في خف ...) قد عم السباق على الفيلة , فهي من ذوات الخف -مع أنه صورة نادرة عند الأقدمين-؛ لأنها لا تركب في الغالب .
48- ولكن الشيخ الشاعر يأمر الفيال بأخذ سبقه إذا شارك بفيله في المسابقة وأعطي السبق , مرجحا لمذهب الشافعية في ذلك , وعلى هذا حكم كل صورة نادرة بعد ما يشيع وقوعها .
49- ثم أضاف أن الطائرة أصلا لم تكن صورة نادرة , فلم يكن له وجود قبل هذا العصر ( عصر العجائب )وبعد ما تم اختراعها أصبحت من الشيوع والشهرة بحيث لا يصح إطلاق وصف الندور عليها ؛ لأنه يمنعه الواقع المشاهد . وللأمثال السائرة بقايا وأستودعكم الله .


 
 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).

التعديل الأخير تم بواسطة alsoque.net ; 06-21-2009 الساعة 07:21 PM

رد مع اقتباس