عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2010, 02:38 PM   #2


الصورة الرمزية ابن الوادي
ابن الوادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  Nov 2008
 أخر زيارة : 03-04-2018 (09:47 PM)
 المشاركات : 93 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )



المطلب الخامس في ذكر الأقوال على سبيل التفصيل وأدلة كل ومناقشتها

القول الأول :
ذهب الجمهور - وهم الإمام مالك وأكثر أصحابه والشافعي وأكثر أصحابه وأحمد وأكثر أصحابه ونقل عن أبي الحسن الأشعري في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة - إلى أن مفهوم المخالفة حجة(9) واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية :
1 ـ قوله r - وقد سئل عما يلبسه المحرم من الثياب - " لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا البرانس "(10) الحديث . فلو لم يكن تخصيص المفهوم بالذكر دالا على إباحة لبس ما عداه لم يكن جوابا للسائل عما يجوز للمحرم لبسه
2 ـ فهم الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ذلك وهم من فصحاء العرب والقرآن قد نزل بلغتهم , وهم أعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله rفعن يعلى بن أمية أنه قال لعمر بن الخطاب : ( ما لنا نقصر وقد أمنا وقد قال تعالى ) فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً ( ) ووجه الدلالة أن يعلى بن أمية قد فهم من تخصيص القصر بحالة الخوف عدم القصر عند عدم الخوف ولم ينكر عليه عمر رضي الله عنه بل قال : قد عجبت مما عجبت منه فسألت النبي r عن ذلك فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته "(11) فلم ينكر عليه النبي r هذا الفهم فكان ذلك دليلا على اعتباره .
ولما روى أبو ذر قوله r" يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود و والمرأة"(12) قال له عبد الله بن الصامت ( ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض) ووجه الدلالة أن عبد الله بن الصامت فهم من تخصيص الكلب الأسود بالحكم نفي هذا الحكم عن غيره ولم ينكر عليه أبو ذر راوي الحديث هذا الفهم
بل قال : يا ابن أخي سألت رسول الله r كما سألتني فقال : " الكلب الأسود شيطان " ولم ينكر عليه النبي r ذلك والنبي r أفصح العرب ، وأبو ذر وعبد الله بن الصامت من فصحاء العرب .
وقد منع ابن عباس رضي الله عنه توريث الأخت مع البنت مستدلا بمفهوم المخالفة(13) من قوله تعالى ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ([النساء : 176] ففهم من توريث الأخت عند عدم الولد عدم توريثها مع البنت لأنها ولد وهو من فصحاء العرب وأفقه الناس في الدين وأعلمهم بالتأويل وترجمان القرآن ولم ينكر عليه الصحابة رضي الله عنهم ذلك الفهم بل احتجوا عليه بالسنة ولو تتبعنا الوقائع التي نقلت عنهم في مثل ذلك لبلغت حد الاستفاضة فكيف يدعى عدم فهمهم ذلك ؟ !
ورد بأن ما استدللتم به من الأحاديث وفهم الصحابة إنما هو أخبار آحاد وخبر الواحد إنما يفيد الظن ولا يفيد العلم والظن لا تثبت به قاعدة أصولية ولا لغة تقطع بمراد الله ومراد رسوله r , مع قيام الاحتمال بأن يعلى بن أمية وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما إنما تعجبا من كون القصر مباحا على خلاف الأصل وعدم وجود شرط الإباحة وهو الخوف فما الذي قام مقام الخوف في إباحة القصر ؟!
وفهم ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قد يكون من قبيل الرأي والاجتهاد وليس نقلا عن أهل اللغة . ومع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال .
وأجيب بأن القواعد التي تثبت بأخبار الآحاد ظنية الدلالة كما هو الحال بالنسبة إلى مصادرها فمتى ألغينا حجيتها ألغينا حجية مصادرها , ومتى ألغينا حجية مصادرها ألغينا قدرا كبيرا من الشريعة ؛ لأن غالب أحكام الشرع إنما ثبت عن طريق أخبار الآحاد , فعلم بذلك أن ظنية الدليل لا تسلبه الاستدلال ,
ومع تعدد الوقائع وعدم اطلاعنا على المعارض ترتقي بذلك إلى الإجماع السكوتي فكيف يزعم عدم صلا حيتها للاستدلال ؟!
وأما احتمال أن يعلى وعمر إنما تعجبا مما قام مقام الخوف في إباحة القصر على خلاف الأصل فاحتمال بعيد لا يقوى على معارضة المتبادر إلى الذهن ولا سيما أن استدلاله بالآية بعد قوله وقد أمنا يشعر بأنه فهم أن عدم الشرط يفيد انعدام الحكم المعلق به , ولو كان كل احتمال يسقط الدلالة لم يبق دليل يمكن أن يعتمد عليه ؛ إذ ليس ثمة دليل إلا وترد عليه عدة احتمالات ولكن الفقيه الفطن يقدم الاحتمال القوي المتبادر إلى الذهن على غيره .
3 ــ أنه روي عن الإمام الشافعي القول به وهو ممن شافه العرب وأخذ عنهم من غير واسطة
وروي عن أبي عبيد(14) - القاسم بن سلام - أنه لما سمع قوله r " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته "(15) قال : إن من ليس بواجد لا يحل عرضه وعقوبته(16) ، وري عنه أيضا أنه لما سمع قول النبي r " مطل الغني ظلم "(17) قال : مطل غير الغني ليس بظلم(18) فأبو عبيد وهو من فصحاء العرب ومن نقلة اللغة قد فهم من تعليق الحكم بصفة نفي ذلك الحكم إذا انتفت تلك الصفة عنه ،
وقيل له في قوله r " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا"(19) المراد به الهجاء , أو هجاء النبي r فقال : لو كان كذلك لم يكن لذكر الامتلاء معنى لأن قليله كذلك(20) .
ورد بأن ذلك ليس نقلا عن جميع أئمة اللغة بل خالفهم في ذلك بعض أئمة اللغة كمحمد بن الحسن الشيباني(21) والأخفش وهما من أئمة اللغة كذلك فلا يكون كلامهم حجة على غيرهم مع احتمال أن يكون ذلك من قبيل الاجتهاد وليس نقلا عن أهل اللغة فأقل ما فيها أن يقال تكافأت الدعاوى وليس ثمت مرجح فوجب التوقف .
ويجاب عنه بأن النقل عنهما إنما يعضد ما قدمناه من الوقائع التي فهم فيها الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ذلك الفهم , ولا يعترض عليهما بمخالفة غيرهما من أئمة اللغة ممن لم يكن لهم سلف في ذلك إلا مجرد العقليات , وإن سلمنا جدلا تساوي الدعاوى فالمثبت مقدم على النافي , ومن حفظ حجة على من لم يحفظ كما قرره المحققون من الأصوليين .
4 ــ أن النبي r امتدح بالاختصار بقوله r " أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا " فإذا لم يفد قوله " في سائمة الغنم الزكاة " غير ما أفاده الإطلاق عند عدم ذكر السوم لحمل الكلام على الإطالة من غير فائدة .
ورد بأنكم مخطئون في قولكم لا فائدة لتعليق الحكم بالصفة الخاصة إلا وجوب المخالفة في الحكم .
وأجيب عنه بأننا نسلم أن ثمة فوائد تنقدح في الذهن غير المخالفة في الحكم
إلا أن فائدة المخالفة في الحكم أقوى منها ظهورا وانقداحا في الذهن , فقدمنا ما هو أقوى ظهورا وسبقا إلى الذهن .
5 ــ أنه لو قال العربي لوكيله اشتر لي حصانا أسود لفهم منه عدم شراء الأبيض ، ولو أنه اشترى أبيض لم يكن ممتثلا .
ورد بأن عدم شراء الأبيض لم يكن من قبيل مفهوم المخالفة لعدم تعرض اللفظ له وإنما خرج بناء على النفي الأصلي .
ويجاب عنه بأن صفة السواد هي المخرجة لما عداها من الصفات لا ما زعمتموه من النفي الأصلي فإن قريشا أبت أن تنطق بكلمة التوحيد لعلمها بلازم ذلك وهو نفي الإلهية عن معبوداتها ؛ لذلك قالوا ) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ( [صـ : 5] فدل ذلك على أنهم فهموه من دلالة اللفظ لا من النفي الأصلي لأنه مصادم لاعتقادهم

القول الثاني :
عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة وهو قول جمهور الحنفية وعزاه الباقلاني إلى كثير من المالكية , وابن سيرج والقفال والرازي من الشافعية ,
وقال به أبو الخطاب وأبو الحسن التميمي من الحنابلة ،
ونسب إلى الشافعي ، وأبي الحسن الأشعري . (22)
واستدلوا على ذلك بما يأتي .
1 ــ أنه لو كان حجة لم يثبت القول به إلا لغة أو توقيفا أو ما يقوم مقام ذلك من استقراء لكلامهم يعلم به قصدهم اضطرارا ولو كان عندهم في ذلك توقيف لنقل تواترا أو آحادا والأول محال مع جحد أكثر الناس ذلك وأخبار الآحاد لا تثبت بها لغة يقطع بها على كلام الله عز وجل وكلام رسوله r .
ويجاب عنه بأن اصطلاح {مفهوم المخالفة} حادث كغيره من المصطلحات العلمية لا تعرفه العرب بهذا اللفظ فكيف يطلب منهم التنصيص عليه , فإن أبطلناه بسبب ذلك أبطلنا غيره من المصطلحات العلمية ولم يقل به أحد .
فإن قيل كيف توصلتم إلى دليليته ولم ينص عليه أحد من أهل القرون الثلاثة المفضلة ؟
قلنا تتبعنا كلام العرب فوجدناهم إذا خصوا الشيء بذكر صفة من صفاته فإنهم يعنون حصر الحكم في تلك الصفة , وانتفاؤه عند انتفائها , وكذلك إذا خصوا بالذكر عددا محددا , أو غاية محددة , وأما الشرط والاستثناء فنفي المخالف فيهما واضح حتى قيل أنهما من قبيل المنطوق , وأما إثباتها بأخبار الآحاد فتقدم الكلام فيه فلا نطيل بإعادته .
2 ــ حسن الاستفهام لمن قال : ( إذا ضربك زيد عامدا فاضربه ) أن يقال له فإن ضربني خاطئا أضربه أم لا ، وكذلك إذا قال لك ( لا تقتل ولدك خشية إملاق ) و ( زك السائمة من ماشيتك ) أن يقال له : أفأ قتله إن لم أخش إملاقا وأزكي المعلوفة أم لا ، وحسن الاستفهام عن الشيء دليل على صلاح تناول الخطاب له في حقيقة أو مجاز .
وأجيب عنه بأن الاستفهام إنما يرد لأزالة الشك , والاتساع في الفهم ؛ لأنه ظني الدلالة فحسن إذن .
3 ــ أننا نجدهم يعلقون الحكم بالصفة تارة ويكون حكمهم في ما خالف تلك الصفة كحكمهم فيها فانتفى الاستقراء حينئذ .
أجيب عنه بأنه خارج عن محل النزاع لاتفاقنا على عدم اعتبار دلالة المفهوم إذا ظهرت فائدة لتخصيص المنطوق بالذكر غير نفي المخالف .
4 ــ أن تعليق الحكم بالصفة بمثابة الخبر عن ذي الصفة ببعض الأفعال وقد اتفق على أنه إذا قيل ( قام أو انطلق أو خرج الأسود ) لم يدل على نفي ذلك عن الأبيض .
والجواب عنه أنه من الضعف والركاكة في الاستدلال بمكان حيث لا يحتاج إلى الرد ؛ إذ كل من له أدنى نظر يعلم أن قولنا { قام الأسود } لا ينفي قيام الأبيض وإنما ينفي أن يكون هذا القائم أبيض , أو هذا الأسود قاعدا أو مضطجعا , وذلك هو ما نعني بمفهوم المخالفة , لا نفي الخبر عن الأجنبي عنه .
5 ــ اتفاق الكل من أهل اللغة والمعاني أن الغرض بوضع أسماء الأعلام والأسماء التي هي النعوت والصفات تمييز من له الاسم ممن ليس له سواء كان مفيدا صفة فيه أو علما وأنهم إذا علقوا الحكم بالاسم فقصدهم إثبات الحكم له فلو دل تعليقه بالاسم والصفة على المخالفة لدل تعليقه بالعلم واللقب المحض على ذلك .
والجواب عنه أنه قياس فاسد لأنه قياس مع الفارق ؛ لأن الغرض من ذكر أسماء الأعلام إمكانية الإسناد إليها وتعليق الأحكام بها , فلو لم تذكر لاختل نظم الكلام , وانعدمت فائدته بالكلية , بخلاف الأوصاف فإنها لو لم تذكر لم يؤثر ذلك على نظم الكلام , فدل على أن تخصيصها بالذكر لا بد له من فائدة وهي تقييد الحكم بها – أي وجوده بوجودها , وانعدامه بانعدامها - وقد قيل : الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى .


 
 توقيع : ابن الوادي

[img3]http://pv2qqw.bay.livefilestore.com/y1p0ITUxHGlenHQKidjsgCjGg18L9lPV0yLSPK3i5oKvsjqqxZ m0eOuJCOrGsm4D0ppSAe7oxyj1JE[/img3]

التعديل الأخير تم بواسطة ابن الوادي ; 02-20-2010 الساعة 02:50 PM

رد مع اقتباس