عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2009, 02:50 AM   #5


الصورة الرمزية أمح محمد أحمد
أمح محمد أحمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 74
 تاريخ التسجيل :  Apr 2009
 أخر زيارة : 08-09-2010 (09:34 PM)
 المشاركات : 16 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مختطفات من الإخوانيات في الأدب السوقي (بحث تخرج)



[size=5]]المبحث الثاني : دورهم في نشر الثقافة العربية والدعوة الإسلامية
وتحته مطالب :
المطلب الأول : التعليم عند السوقيين
المطلب الثاني : العلاقة العلمية معهم ومع غيرهم
المطلب الثالث : الخط السوقي
[/size]

سبق أن أشرنا إلى دورهم الدعوي والإرشادي عبر تعاقب السلطنات ، والقادة من عهد (إولمدن) إلى دولة (سنغاي) إلى فترة الإحتلال الفرنسي ، ولم يزل ذلك الدور متواصلا بحمد الله ، وبهذا الصدد يقول صاحب الجوهر الثمين في سياق حالتهم مع ســـلطنة (إولمدن) في عصرها الذهبي : ( وأما السيادة من جهة التمسك بالعلوم والقيام بالوظائف الدينية ، واتخاذ المساجد ولمدارس ونصب القضاة والوعاظ ، فهي في جيل أهل السوق ) (1)
قال شاعرهم العالم ، محمد الحاج بن محمد أحمد السوقي في وصف جهدهم في ذلك
ولهم في نشر دين الله في *** قطرهم دور إذا عد يطول


وناهيك من مطابقة البيت للواقع ، فالحفرة الوحيدة والوظيفة الخاصة ، والسمة المشهورة لديهم ، هي التعلم والتعليم ، والدعوة ، كما قال الشيخ المرتضي بن محمد والشيخ الكبير الكنتي في أبياتهما السابقة [/align] وقد شقوا طريقهم في أداء هذه الوظيفة وتحت راية الإخلاص إن شاء الله ، من تاريخ وصول أجدادهم إلى بلاد التكرور ، حتي الآن ، بل مهارتهم العلمية ، وخبرتهم الدعوية مهدتا لهم الطريق حتى زالوا حرفة التعليم وأنيطت بهم مهام الدعوة ونشر العلم في بلاد عربية بما فيها بلاد الحرمين الشريفين ، فشخصياتهم العلمية هنالك مشهورة حتى في دار الإفتاء والقضاء، كالشيخ إسماعيل بن سيدي محمد الأنصاري وغيره. [/align]
التعليم عند السوقيين :

لا نعني هنا بذكر مناهجهم التعليمية ، ولا شرح أساليبهم بدرجة وافية ، فعلى من يرغب في الاستزادة مراجعة كتبهم ذات العلاقة بالموضوع ، كاللؤلؤ المنسوق في تعاليم آل السوق للشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد ، والجوهر الثمين للشيخ العتيق بن سعد الدين ، واسرع الزوارق للأستاذ محمد أحمدا فلعلها موجودة في جناح التراث في جامعة ساي بالنيجر ،
وسنختصر هنا بالإشارة إلى مادة واحدة من المواد التي تشكل منهجهم ، كمثال نموذجي على بقية المواد ألا وهي مادة النحو ،
فالصبي،(1) بعد حفظ القرآن ودراسة العقيدة ، وتحديدا مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيروان، يقرأ الأجرومية بإتقان ، فيميز بين الاسم والفعل والحرف ، بحفظ علامات كل ، ويحفظ إعراب الأمثلة ، حتي يكمل الأجرومية ، تحت مراقبة أستاذه ومناظرة زملائه ، حتي يصبح ماهرا فيه ، ثم يواصل دراسة النحو على الترتيب الآتي بعد الأجرومية :
- ملحة الإعراب للحريري أو قطر الندي لإبن هشام أو هما معاً.
- الألفية لابن مالك فلامية الأفعال له فهذا هو المستوى الأدنى عندهم في مادة النحو، ومن لم يصل إلى هذا المستوى لا يناقش في المجالس ، ولا يزاول من مهام التعليم ، إلا تحفيظ القرآن
- الكافية لابن مالك ، ومنهم من يتوسع في المطولات بعد ذلك ، فهذا هو المستوى الأعلى عندهم


واهتمام السوقيين بالنحو ظاهرة أفرزها تضلع أسلافهم في العلوم ، مما ساعدهم على إدراك أن النحو وسيلة إلى إتقان العلوم الأخرى بكل سهولة ، وفي وقت قصير ، كما دفعهم مستواهم النحوي إلى استهجان اللحن في الإعراب ، ولذلك لا يجترأ أحد منهم ، ولا من غيرهم على قراءة الكتاب في مجلسهم إلا إذا كان معه ، رصيد نحوي يتفادى به الأخطاء في القراءة ، وكدليل على اهتمامهم بالنحو ومعرفتهم به وتحصيلهم له في سن مبكر، نقدم قصة ذلك الطفل السوقي2 الذي وجد نفسه بين أقرانه ، في يوم عيد وهم يمرحون ، في ثيابهم الجديدة ولم يجد لنفسه ثوبا جديدا من القماش ، ولكنه وجد ثوبا فاخرا من مادة غير القماش وهي مادة النحو، فانبرى يبرد الحرقة التي انتابته آن ذاك بقوله :

ثيابنا إعرابنا هذان
في (إن هذان لساحران) (3)


إدراكا منه لحقيقيتين ، الأولى ، أن التنافس عند السوقيين لا يكون بالثياب الكتانية بل بالثياب العلمية ، الثانية أنه يعرف أن إعراب هذه الآية ، لا يتقنه ، ولا يتقصى جوانبه ، ووجوهه المتعددة إلا مستحق للاعتزاز به في موقف يعتز به غيره بالخيوط الكتانية ،


وعلى كل حال فلسان حالهم دائما يرفع عقيرته منشدا :
النحو زين للــفتى *** يكرمه حيث أتى(1)

من لم يكن يحسنه *** فحقه أن يـــــــسكتا


واهتمامهم بالعلوم الأخرى الدينية ، واللغوية والتاريخية ، على المستوى نفسه والدقة والكيفية
يقول الأستاذ أحمد محمد بن الحاج الأدرعي السوقي ، من عرف حال السوقيين فيما مضى ، أيقن أن مجاراتهم العالم ، ليس لتوفر الوسائل ، بل كان تلقيهم ومنادمتهم للعلم في معاناة مريرة لا يكاد يصدقها إلا من رآها ، ومع هذا ، فهم بحور الصحراء ، ولا يراهنهم على مكانة التحصيل والإفادة إلا علماء شنقيط (2) .
العلاقة العلمية معهم ومع غيرهم
قال صاحب الجوهر الثمين : ( مقتضى ما وقفت عليه(2) من أخبار المدينة (تادمكة) في المدة ما بين القرنين الأول والحادي عشر الهجريين ، أنها لم تزل دار علم ، وعز ، واتصالات لأمهات المدن في السودان والمغرب ، فقد ذكر عياض في المدارك في الكلام على مختصر ابن المواز أنه أخذه عنه بتمامه قوم من تادمكة وكذا ابن فرحون ذكره في ديباجه ، وقد افصحت المصار بوجود علاقة علمية معها ومع مصر ، حيث شهدت المخطوطات السوقية بمعاصرة الشيخ ، أبي الهدى الأدرعي ، للشيخ السيوطي ، وأخذه عنه بلا واسطة ، ومرافقته له في الحج ، وأبو الهدي هذا عاش في القرن التاسع ، وأدركه العاشر ، وهو معاصر لمحمد بن عبد الكريم الغيلي التلمساني ، وأخذ عنه أيضا ، وإشارة إلى ذلك قال الشيخ إسماعيل بن محمد الصالح :
وأبي الهدى هو ثامن الأجداد في *** خط لأقربهم إلي محمد
وهو الذي تدري المسائل أنه ****علم الدراية مشهدا عن مشهد
من حج وهو مع السيوطي مرافق *** لهم المغيلي أخو التقى والسؤدد(3)


ولها علاقة علمية في تلك الفترة مع علماء إغديز كمحمود البغدادي ، فقد أخذ عنه الشيخ أبو الهدى المذكور ، والشيخ محمد بن يوسف الأنصاري ،
أما علاقتهم العلمية مع الشعوب المجاورة بعد خراب تادمكة ، فواسعة جدا ، ولا سيما قبيلة كنة ، فعلاقتهم العلمية لا تحصى ، فبينهم تبادل علمي ،



كبير ، طيلة حياتهم ، وجوارهم في الصحراء الكبرى وصلت تلك العلاقة إلى ترابط اجتماعي أدي إلى اندماج عائلات كنتية في السوقيين ، حتى شملهم لقب السوقي ، وقد جرت بينهم مباحثات علمية ، وأشعار ، ورسائل ، يطول ذكرها ، وهناك روابط علمية أيضا بينهم وبين علماء مورتانيا سنشير إليها إن شاء الله في فصل بالإخوانيات معهم ومع غيرهم ، وكذلك علماء سكتو ، فهناك أبيات لغز وجهها أحد من عائلة عثمان بن فودي إلى السوقيين في صورة سؤال حيث قال :

إني سائل فحول الــزمان الـ *** مهتدين وهو ثقاة نجاب
وأقول لهم فما أمة تخــــــــــ***لف مالكها وذاك صواب
وهي وارثه له دون أخت *** فليصل منكم إلينا جواب (1)

فأجابه أحد من عائلة أحمد بن الشيخ السوقي بقوله :
سنجيبكم بحق جلي *** فاسمعوا وليقل منكم عتاب(2)
إنها صلة تعاقب (أل)في *** حكمــــها ولها عليها مناب
أحرزت حركات إعرابها من *** دون من أختها فذاك الجواب


ومن ذلك أن أحد(2) أبناء عثمان بن محمد بن فودي ، أرسل سؤال لغزيا أيضا إلى محمود بن أحمد بن هماهما السوقي الإدريسي ، فقال :
الا يا ايها المجلي التعامي *** تكون به الخواطر في وثاق(3)

فما تحليق إبهام بتلو *** وبسط وفرق هاتيك البواقي
ومن يدر الثلاثة ينل مناه *** ويوق بها الدواهي والبواقي


فأجابه بقوله :
أقول الله فرد لا يكون *** له شرك بذا نفي الوثاق(4)


بيان اللغز أن الإبهام إذا حلق بالسبابة ومدت الأصابع الثلاث ، يشبه ذلك خط لفظة الجلالة ، كما أن السبابة إذا رفعت وحدها ، فذلك إشارة إلى التوحيد .

الخط السوقي :

عرف السوقيون بالمهارة في الخط ، حيث تمكنوا من تطوير الحرف العربي والإستقلال بخط خاص بهم منذ القرن الثاني عشر الهجري ، ويتميز خطهم بالأناقة والتناسق ، وبتقويم الحروف واستواء السطور واستقامتها بدون استخدام المساطر ، مما مكنهم في نسخ كميات هائلة من الكتب ، حتى أصبحت مكتباتهم مكتظة بالمخطوطات القديمة والجديدة، القيمة النادرة والثمينة ، التي تدل على تقدمهم وتفننهم في هذا المجال ،
ولا يحسن هذا الخط إلا أبناؤهم أو من تعلم منهم ، ولهم أساليب خاصة في الكتابة ، فالمداد متعدد الألوان ويتخذ بشتى ألوانه من مواد بدائية ( أحجار ، وأوراق الأشجار ) وعلى طريقة خاصة ، وهناك كتب تنسخ على مستوى راق في الجودة ، حتى تبدو مزركشة منمقة مرونقة باستخدام الألوان العديدة ، كالمصحف الشريف ، وتفسير الجلاليين ، والشفاء لعياض وتضاف إلى الأخيرين أطرار في الهامش في غاية من الدقة ، وروعة الصناعة ، تحتوي على معلومات تتعلق بالموضوع ، ولكنها منقولة من كتب أخرى ،(1)
وحول الاهتمام بتحسين الخط ، والتمسك بالعلم ، أنشأ الشيخ محمد إغلس بن اليماني الإدريسي السوقي قصيدة يحرض فيها شباب السوقيين على التمسك بتراثهم الإسلامي ، وعدم نبذ الدواة والقلم ، ومطلع القصيدة :

حيثما كنت باريا لليراعة *** ومليقا للنون مجت براعه(2)



إلى أن قال
إنما الخط أس كل أســـاس *** يحفظ الدين بل يقل بعاعه(3)
ربب راو في الخــــــــــــــــط يروي متونا *** لو تتـــبعتها أطلت بقــــــــاعه

فأجابته طائفة منهم بقصائد تفيد عدم إهمالهم لتعلم ولا للدواة والقلم ، منهم الشيخ المحمود بن يحي الأنصاري ، ومطلع قصيدته
فاجأتكم إحدى بناة قضاعة *** فاقبلوها وجنبوها الإضاعه(4)

إلى أن قال :
فنخط الحروف خطا أنيقا *** لم يقرمط مجودين ارتصاعه(5)
ونمد الممدود فيهونوفي *** كل حرف حقوقه وطباعه
لا ترى الألفات تشكوا اعوجاجا ***لا ولا الميم تشتكي الطمس ساعه
اسطر تستوي كأسنان مشط *** قومت أسهما تمام الصناعه

فإذا كان هذا الخط إضافة سوقية ، واسهاما منهم في التراث العربي ، بصورة رائعة وفائقة في الجودة فإنه يستحق بكل جدارة أن يصنف ضمن الخطوط العربية ، تحت اسم (الخط السوقي) لأنه يتمتع لا محالة بخصوصية واضحة ، ويتسم باستقلالية تامة ،

[[aldl]b]نموذج من الخط السوقي (1)[/b][/aldl]


الصورة : لا يمكن عرضها

وبعد أن رفرفنا بك في هذا التعريف وتعمقنا في أخبار هؤلاء وما لهم من المآثر والتشريف ، وقبل الانتقال إلى جانب من تراثهم الثري الطريف ، مما أبدعه من أعلامهم كل مصقع ظريف ، لنقتبس من سواطع أفكارهم الوقادة ، ونقتطف من يوانع ثمار قرائحهم النقادة لا الرقادة ، فلنشد معا هذين البينين
وإذا السعادة لاحظتك عــــيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان(4)
واصــــــــــطد بها العنقاء فهي حبالة *** واقتد بها الجــــــــوزاء فهي عنان
[/size]



الفصل الثاني : الإخوانيات
وتحته مباحث :
المبحث الأول : تعريف الإخوانيات لغة واصطلاحا
المبحث الثاني : الإخوانيات في الأدب العربي
المبحث الثالث : الإخوانيات في الأدب السوقي
المبحث الرابع : الإخوانيات بين شعراء السوقيين
المبحث الخامس : الإخوانيات بينهم وبين غيرهم
أخوكم أمح محمد أحمد السوقي]


 

رد مع اقتباس