عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2012, 02:19 PM   #5


الصورة الرمزية التنبكتي السوقي
التنبكتي السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 54
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 10-07-2014 (02:58 PM)
 المشاركات : 93 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: كتاب البرابيش (بني حسان)




وقد قام أولاد سليمان الذين قسموا علىقتل الرحالة ، والذين أصابهم فزع شديد ، بتشكيل وفد رسمي ذهب لزيارة (( البكاي ، وطلبوا منه المعذرة لإهمالهم له ورجوا منه أن يدعوا لهم بالخير )) . وقد أرسل الشيخ المسمى أحمد ولد عبيدة رسولا إلى الرحالة بارث يؤكد له بأنه لن يتعرض له بأي أذى ولن يعطل سفره . ومن ذلك اليوم أظهرت مدينة تمبكتو كثيرا من الود اتجاه الرحالة .ومع ذلك فإن بارث الذي كان مغتبطا بموت غريمه المفاجئ وبالتفسيرات التي أعطتها العامة لها، لم يكن مطمئنا كثيرا ،فقد أصيب بفزع شديد عدة أيام بعد ذلك عندما شرب لبنا في حضرة
البكاي قده له أحد أتباعه البربوشيين ،حيث تصور لأول وهلة أن الألم الذي شعر به كان ناتجا عن سم دسه البربوشي في الحليب . فقد أصبحوا في نظره مصدر الأذى له. وعن طريقة معلومات بارث ،نرى أنه في ذلك التاريخ (بداية 1854م) كان التأثير الديني لكنتة ما يزال قائما بين البرابيش والبكاي الذي كان عليه أن يتحصن ضد عدوان محتمل عليه من قبل إفلان ماسينا الحماة السياسيين لتمبكتو ،استنجد بحلفائه الطوارق من ايلمدن . وأرسل له هؤلاء قوات ،لكنها تأخرت عن موعدها، وعند ما اقتربت أصاب أفخاذ البرابيش الفزع ، فالتجئوا إلى حلة البكاي لحمايته ،وبوصول (طابور) ايلمدن ، تفرق الجميع باستثناء ((القوانين الكحل الذين كانوا يخشون كل حكيكان )). والعجيب أن الطوارق الذين يسببون هذا الفزع لم يكونوا مسلحين إلا بالرماح ، بينما كان البرابيش ((مسلحين جميعا تقريبا ببنادق ذات طلقتين من الصناعة الفرنسية )) استوردها من السنغال.
---------------- الصفحة 39 ---------------------
وبعد وفاة علي الابن الأكبر لأحمد في الظروف التي مرت بنا ، فتح باب الصرع على خلافة أحمد في قيادة البرابيش ، وكانت من نصيب ابنه الأصغر امهمد . وهو والد الشيخ الثائر حاليا، سيدي محمد، ولهذا يعرف لدى العامة بولد أمهمد .وكان لأحمد عدة أبناء آخرين هم :محمد ودحمان الذي هو والد محمد الرئيس الحالي للبرابيش ، ثم بوبه ، والبكاي ، والولي. ولم تتميز قيادة امهمد التي انتهت بموته سنة1880،بأي حدث سياسي يستحق الذكر. أما في المجال الاقتصادي ، فقد تحققت للبرابيش السيطرة على نقل الملح. وكان نقل الملح الدائم بين تاودني وتمبكتو ، يعرض القوافل سواء كانت للبرابيش أو لكنتة أو لإيفوغاس إلى أعمال النهب التي يقوم بها غزاة الصحراء .وكان أكثرهم خطرا ، الهكار(1)القريبين منهم ،والقادرين على مفاجأتهم . لهذا كان هؤلاء وأولئك ، يعقدون سلسلة من الاتفاقيات مع هذه القبيلة الطارقية المسلحة القوية ، ويدفعون لها سنويا أتاوة من الإبل لضمان سلامة الطريق ، وقد ذكر بارث في أيامه هذه الاتاوة . وكانت تقدر بأربعين مثقالا من الذهب وعند وصولنا [ يعني الفرنسيين ] إلى المنطقة ،كان البرابيش لا يزالون يدفعون هذه الغرامة في شكل جمال ، وملابس
ـــــــــــــــ
(1) الهوقار : عشيرة طارقية (المعرب)
-------------------الصفحة 40 --------------------
من النيلة(1) الى امنوكال (2)الهوقار .ومع احتلالنا للبلاد ألغيت هذه الاتاوة . وكان ذلك بسبب غزو قام به الهوقار في بداية 1896م، ضد البرابيشالخاضعين لسيطرتنا وكن البرابيش على علاقات طيبة دائمة مع ترمز الذين انفصلوا عنهم حوالي 1850م، وشكلوا قبيلة مستقلة تعيش على ضفاف فاكيبين وفي المنطقة الصحراوية التابعة لها . وحتى اليوم يقر حمّ رئيس ترمز بصداقته لسيدي محمد ولد أمهمد وابنه الخليفة مبديا أسفه على تمردهم [هجرتهم] راجيا أن يطلبوا الآمان ويعودوا إلى أرضهم . وفي سنة 1880م، حل ابن محمد البكر وهو سيدي محمد محله ، وكان هو الرئيس عند وصولنا الى عاصمة العقفة (ديجمبر 1893،م) وسنرى فيما بعد فقرة عن ذلك وتقول الأخبار الشفهية أنه بطلب من الطوارق ،أرسل البرابيش مجموعة مقاتلة من الفرسان ، للانضمام إلى القوات التي كان عليها أن تهاجم [الضابط] كارون عندما ينزل إلى البر من النهر (1888) . ولكن الضابط عاد أدراجه ، قبل أن يصل الى تمبكتو ، وفعلالبرابيش مثله، واتجهوا الى أزواد بارتخاء ، ولكنهم نهبوا
ـــــــــــــــــ
(1) هو قماش أسود يصبغ جلد لابسه بلونه ، وتلبسه النساء كلحاف لهن ، كما يستعمله الرجال كعمائم . وأسمه مشتق من الشجر الذي يصبغ من ورقه ، وأسمه النيل . وشكل قديما بضاعة التبادل أساسية بين الأوروبيين ، والسكان المنطقة قبل الاستعمار . وما يزال يستعمل إلى اليوم حيث أقمت له مصانع في البلاد المجاورة . (المعرب)
(2) الرئيس باالطارقية (المعرب)
---------------الصفحة 41 -------------------------
بعض الشيء تجار المدينة . وقد شكا المتضررون إلى حماتهم من مسلحي الطوارق تنجريجف ، وجرت مواجهة بينهم وبين البرابيش قريبا من شمال تمبكتوا . وقد تمت إعادة السلام بينهم بفضل جهود السلسبيل امينوكال تنجريجف ، وسيدي محمد رئيس البرابيش . وقد استقبل البرابيش احتلالنا لتمنبكتو باللامبالاة ، ولم نسجل أي رد فعل لديهم ومن الحق أن نقول إن هذا الاحتلال ، كان مفاجأة لهم فلم تبلغهم الأخبارالا متأخرة ، بسبب تشتتهم في الأراضي الواسعة وقد احتلت المدينة بقوة ، وتحطمت المقاومة الأولى دون أن يسنح الوقت لأي تدخل . وإذا ما نظرنا إلى الوضع الجديد وآثاره عليهم ، نرى أنه في مجمله يصب في صالحهم : فلم نطلب منهم أي شيء ، وشجعنا قوافلهم التجارية ، ولم نأخذ جبايات لا على الإيراد ولا على التصدير . وقام رؤساء المدينة من الرماة ، وهم يحيى الكاهية ، وحميديا ، واخوتهم ، باللجوء الى أروان ونواحيه ، طالبين استضافة البرابيش بموجب العلاقات التقليدية ، ولم يكن باستطاعة تلك الأحياء رفض ذلك . وخلال أسابيع بدأ هؤلاء وأولئك يتقربون من الفرنسيين . فالرماة طلبوا الآمان وعادوا إلى تمبكتو . وأعلن سيدي محمد رئيس القبيلة لمن يريد أن يسمع أنه يريد العيش هو وذووه مع الفرنسيين في جو من الإحترام . وهذا كل ما كان باستطاعتنا أن نطمح إليه في ذلك الوقت . وأبرم اتفاق للسلام على هذه الأسس في 18 فبراير 1894 م. ولم يكن يحتوي على دفع ضريبة سنوية ، ولكنه كان مفهوما ضمنيا ومقبولا أن يدفع التجار ضريبة – حسب عادة البلاد – على البضائع التي ينقلونها إلى تمبكتو وهي عبارة
------------------الصفحة 42 --------------------
عن رسم جمركي معروف بأسم العشر .
ورفض سيدي محمد الحضور إلى تمبكتو في هذه الظروف . ولم تدم هذه الحلة ، فقد كشف النقاب سنة 1895 م ، عن ضرورة دفع العشر بل وزيادته ، وشدد من وطأة هذا الإجراء رفع الضريبة على الحبوب المصدرة . وأخيرا وفي سنة 1896 م ، فرضت ضريبة جديدة ، وهي خمسة فرنكات على قطعة من القماش الواردة من الشمال . والضريبتان الأخيرتان أصابت البرابيش في المقتل ، فألا ولى هددت وجودهم عندما جعلت الحصول على الزرع أمرا صعبا ، والثانية أضرت بتجارتهم التي هي المصدر الأساسي لرزقهم . وقد اشتكوا من ذلك بمرارة ، وجاء رسلهم يسألون في تمبكتو لماذا يراد لهم أن (( يأكلوا الأعشاب )) ؟ . ومن ذلك الوقت أصبحت أذانهم صاغية للآراء غير السديدة . وكانت زيارة رئيسي : ايلمدن جمرة وفتشو مضرة من وجهة النظر هذه . ومن جهة أخرى كان للمتمردين [ المجاهدين ] التابعين لكلنتصر وكونتة ، أثر سلبي ضدنا لدى عدد من مخيامات الكوانين – الذين اظهروا كثيرا من سوء النية اتجاهنا منذ البدء – بالتحالف مع انغونا . وأبلغ أحد رؤسائهم ، وهوالمختار ولد الخليفة في أغسطس 1895 م هذا الأخير بمغادرة كتيبة اينبرت التي كانت تريد مهاجمته على حين غرة في تاتاكينت . ورغم أن المفاجئة لم تحصل ، فإن حي انغونا قد نهب بقضه وقضيضه . وقد فشلت جزئيا عملية أخرى قمنا بها ضد المختار ولد الخليفة نفسه ، وذلك أيضا بسبب سوء طوية الأدلاء . وتمكن فقط من الاستلاء على قطعان الإبل .
-----------------الصفحة 43 ---------------------
وبعدئذ أعلن الكوانين خضوعهم ، مما عرضهم إلى غزوة من كنتة والهوغار المتمردين ، بينما كانت أحياؤهم قريبة من تمبكتو . وقد ساءهم الكوانين بقيادة رئيسهم محمد ولد هيمة ، في عملية أكنكان الجيدة ( 16 من مارس 1896 م ) . وفي يوليو 1897 م ، قام طابور من كل تاموليت بالإغارة على البرابيشالخاضعين ، على بعد عدة كيلومترات شمال شرق كبرا وقتلوا منهم عشرة رجال واستولوا على مواشيهم . وقام النقيب بيبيرو ، ومعه مجموعة من البرابيشبملاحقتهم ، فقطعوا النهر وكبدوهم هزيمة نكراء بأغلال في 30 يونيو 1897 م ، إذ بقي في المعركة ستة عشر رجولا موتى ، وأسر مائة آخرون . وأختتم هذا النصر بسلسة من العمليات الناجحة ضد الطوارق العقفة ، مما حملهم على الخضوع . وتعرض البرابيش بعد ذلك بقليل ، إلى حملة من الهوغار ، سلبتهم ألفا من الإبل ، لم يعد إليهم منها إلا النزر القليل . وانتهى الأمر بسيدي محمد إلى إعلان التمرد علينا ، رغم أنه كان دائما ينصح انغونا بطلب الآمان ، وكان من المفروض أن تعززه في هذا الموقف ، النهاية المفجعة للزعيم الطارقي (1898 م ) . وكانت نتيجة الغزوة التي شنتها عليه كتيبتنا في ديسمبر 1899 م ، سببا في هربه من المنطقة مع أتباعه ، وخضوع القبيلة جميعها ، وتوحيدها برئاسة محمود ولد دحمان بن عم سيدي محمد (20 ميه 1900 ). وأصبح برابيش الشمال خاضعين من يومها إلى عشر سنوي ، يتمثل في دفع جملين مبرزين ،ثم أصبحوا ثمانية جمال في عام
-----------------الصفحة 44 --------------------
1901 . أما برابيش الجنوب (غورمة) فبدءوا بدفع ثلاثمائة رأس الضأن ، أرتفعت بعد قليل إلى خمسمائة . وهم مجتمعون كانوا يدفعون زيادة على ذلك ، أربعين من الإبل كمساهمة في مجهود الحرب . ومن هذه الفترة أصبح كسب ثقة البرابيش أمرا يحتاج إلى نفس طويل ، كما أن سلطة الرئيس الجديد محمود ولد دحمان ، كانت بطيئة السيطرة . وفي أكتوبر 1900 م إبان عملية استطلاعية قام بها الملازم بيشون ، أنفض جمع القبيلة أمامه في نواحي أروان ، وكان من أصعب الأشياء اللحاق بهم والحصول على عدة جمال منهم . وفي سنة 1906 م ، استقبلوا بآذان صاغية وغبطة أحداث شمال موريتانيا المشيرة إلى ثورة شاملة [ضد الفرنسيين] . ولكنهم لم يذهبوا إلى أكثر من ذلك ، لأن تجارتهم كانت ستتضرر خاصة أنهم يضعون مصالحهم فوق اندفاعهم الديني . وفي المقابل ابتعدوا عن تمبكتو التي قضت عدة أشهر دون أن تطأها قدم بربوشي . وكانوا بذلك يقدمون ما يستطيعون من الضمانات للجهاد . وهذا المسلك لم يحصنهم من أن يكونوا عرضة لغزوات من أهل الشمال ففي أول نوفمبر 1906 م قام غزو من الرقيبات بالاختباء عند بئر عثمان من أهل البرابيش ، وعند وصولهم هاجمهم ، فقتل سبعة رجال وجرح أربعة واستولى على 400 من لإبل ساقها إلى الشمال الغربي . وفي هذه الأثناء ، عاد سيدي محمد من تمرده نهائيا صحبة الأفخاذ التي رافقته وبذلك عادت القبيلة إلى وضعها الأول ، والتأم
-----------------الصفحة 45 ---------------------
شملها . وتوج الصلح بزواج محمود ولد دحمان بإحدى بنات سيدي محمد . غير أن الوئام لم يطل كثيرا ، فقد اضطرت أحوال قافلة الشتاء لنقل الملح بسبب الخلاف بين الرئيسيين البربوشيين . وقد دعيا إلى تمبكتو ، لكن جهود السلطات العسكرية لإصلاح ذات البين بينهما لم تكلل بالنجاح . وكان من الملّح إعادة النظر في الأسس التي ينبغي أن تتركز عليها القيادة الجديدة ، خاصة أن الفوضى بدأت تدب في القبيلة وخلال اجتماع الجماعة في نهاية 1907 م ، أكدت رئاسة محمود لفخذه ، وأعطت القيادة العامة لسيدي محمد . ولم تسوّى الأمور كلية بهذا الإجراء ، مما أدى إلى اجتماع جديد للجماعة في فبراير 1909 م. وقد أختار جزء من البرابيش هم : رقان والسكاكنة ، وأولاد إيعيش وأولاد عمران ، والكوانين ، وترمز ، ولد أمهمد (سيدي محمد) رئيسا لهم .أختارت بقية البرابيش أولاد سليمان ،وأولاد غيلان ، وأولاد غنام وأولاد أدريس ، وأولاد إيعيش ، محمود لرئاستهم . وفي سنة 1910 م ، هاجر سيدي محمد متمردا مع عدد من أفخاذالبرابيش ، وأتجه إلى أقصى جنوب المغرب . وقد عاد بعد ذلك العديد منهم للخضوع ، نتيجة البؤس الذي حل بهم في غربتهم ،ثم الصراع المسلح الذي جرى بين أفراد غزو مسلح يضم كنتة والبرابيش المتمردين سنة 1910 م، وأخيرا الصراع
-----------------الصفحة 46 ------------------
العنيف مع أبرابير جنوب المغرب (1) . وطلبوا الأمن إلى مركز تبلبالت التابع للإدارة الجزائرية في بداية 1911 م، ثم وجههم إلى الجنوب فوصلوا إلى تمبكتو ، وبنيبا وبوريم ، وكانوا في وضع يرثى له من جراء هذه المغامرة القاسية التي عانوا منها (ميه1911 م ،) .وكان من اللإزام أعفاؤهم من غرامات مالية لفقرهم وتم توزيعهم بين مخيمات محمود ومسعود . ومن ذلك الوقت أقتصر تاريخ البرابيش على عمليات أنهب التي يقوم بها أبناء عمومتهم المتمردون [المجاهدون] ، بقيادة الخليفة الابن الكبر لسيدي محمد ، الذي أصبح طاعنا في السن ، وعاجزا عن قيادة الغزو . وكان قطاع الطرق من وادي درعه ، والساقية [الحمراء] ، والميدر ، وتافيلات ينضمون إليهم . وكان البرابيش الخاضعون لا يقاومون الغزاة . كما أن قوتنا العسكرية التي كانت في طور تكوين فرق هجانتها المطاردة لم تقدم لهم الحماية الكافية ، لهذا فقدوا الكثير من الإبل . وكان يقود هذه الغزوات ، الخليفة ولد سيدي محمد ولا يعني ذلك أن البرابيش كانوا لا يقومون أحيانا بمقاومة غزو أعدائهم ففي ربيع 1912 م ، وصلت إلى نواحي تمبكتو ، حركة كبيرة من أولاد جرير والرقيبات ، واشتبكت كتيبة منها مع الملازم للورين ، مما أدى إلى هزيمة الكطارة المؤلمة (24 ميه) . وهاجمت كتيبة أخرى إيدنان ، وقتلت رئيسهم الأخضر الموالي لنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان الفرنسيون في بداية هذا القرن ، يطلقون على قبائل جنوب المغربي ، وجزء من القبائل العربية في الغرب الجزائري هذا التعبير العام . والحقيقة أن تلك القبائل عربية . (المعرب)
----------------الصفحة 47 ----------------------
واستولت على أعداد من قطعان الماشية(18 ميه) . وقام القسم الثالث بمهاجمة المناطق الجنوبية الغربية ، مما غرضه إلى الصدام مع مسلحي البرابيش الذين نظموا الدفاع . واحتدمت معركة شديد ، كانت خسائر الطرفين فيها مرتفعة ، حيث فقد البرابيش وحدهم 35 قتيلا . وبعد ذلك بعدة أسابيع ، نجح البرابيش _ بمساعدة قوات المهارى الفرانسية بأروان _ في طرد غزو من أولاد أجرير إلى أوديكة بعد معركة جرت في عين الركزة وفي أكتوبر 1912 م، كان غزوان كبيران يجوبان أزواد وأدرار إفوقاس وتيمتقين ، دون أن ينغص عيشهما أحد ، وذلك بسبب القضاء على كتيبة تمبكتو ، وقوم كنتة [من قبل الثوار ] ، بينما ما تنازل كتيبة كيدال المحمولة في طور التكوين . وقامت أولى هذه العصائب وهي برئاسة الشعانبي (1) المتمرد [المجاهد] ، علي بن قدور ، ومكونة من أغلبية من أولاد عبد الواحد ، بسلب سكان منطقت أبنيبا من كنتة ، وإدنان ، أتجهت إلى الشمال سالبة أموال البرابيش . وعن طريق أشوراط أتجه علي ولد قدور إلى تكابرت ووادي تجنوت ، حيث تجد مواشيه المسلوبة المراعي والمياه والأمن من الخطر وانضمت مجموعة الغزو الثانية التي كانت تعمل في آدرار إفوقاس ، بقيادة حمّ ولد [الشيخ] عابدين ، بالانضمام إلى غزو علي ولد قدور في عرق تجنوت ، وقاد ضابط الصف غوتيي من كتيبة
___________
(1) نسبة إلى قبيلة الشعانبة العربية المتواجدة في الجزائر وجنوب المغرب .(المعرب)
----------------الصفحة 48 ----------------------
المهاري التابعة لتيدكلت ، بمباغتة الغزو في 14 نوفمبر . وخلال المعركة مات علي وعشرة من أصحابه ، وهزم الغزو تاركا عددا من منهوباته . وكان من سوء طالع بقية الغزو أن اصطدمت بالنقيب شارل عند بير الزميلة في 29 من نوفمبر ، حيث قضى عليهم جميعا . وكان من جملة القتلى رئيس أولاد عبد الواحد أسويلم ولد القويني ، والشيخ ولد باشا ، قاتل ساليكون أمينوكل ايفوقاس . وكان لهذه الإنتصارات وقعها المدوي في منطقة تمبكتو ، غير أن الرقيبات الذين ساهموا في عملية الكطارة لم يكتفوا بالنصر العسكري .ففي بداية 1913 م، دخلوا أزواد عن طريق القصيبة وأونان وأستولوا على 400 من ابل البرابيش في بلدة غير . وبعد مطاردتهم من قبل مهارى أروان التحقوا بسرعة بجنوب المغرب عن طريق القصيبة .وقد أصيبت القبيلة بالحيرة والقلق من جراء هذه الغزوات المتكررة ، وذلك بسبب خسائر الإبل التي من أسبابها أيضا فقدان بعض القوافل ، وأستخدمنا جمال القبيلة لغرض تموين مراكزنا العسكرية في الشمال . أضف إلى ذلك أن القيادة الأهلية كانت بلا قاعدة ، وينقصها الحزم . فبعد أن هاجر سيدي محمد ولد أمهمد ،وعائلته والوجهاء أختل توازن القبيلة ، وأصبحت في حاجة إلى قيادة . وجمعت الأفخاذ عندئذ لتكون تحت قيادتين مستغلتين : قيادة محمود ولد دحمان ، ومحمد محمود ولد محمد الذي لا يوثق بسلطته . وقد جاء حادث سلّط الضوء على حالة الفوضى هذه ، ففي شهر أغشت 1913 م، بتحريض من أربعة رجال ، قام عشرون من
-----------------الصفحة 49 ---------------------
الشباب ، مسلحين ببنادق من صنع 1874 بنهب أموال أحياء على بعد مسيرة يوم من تمبكتو ، وبعد مطاردتهم ، اتجهوا إلى الشمال حيث اشتبكت معهم وحدة المهاري في 29 أغشت عند بلدة غٍير ، وأطلقوا النار عليها ، ثم فروا تاريكن خلفهم 10 قتلى . وهذا الحادث بالرغم من طابعه المحلي ، احدث اضطرابا عميقا في القبيلة . وهكذا تتأكد اليوم صحة الوصف القاسي الصادر عن الشيخ سيدي المختارالكبيرالكنتي في نهاية القرن الثامن عشر ، والذي ينقله كتاب الطرائف كما يلي : ( إن البرابيش ليس لهم حس سياسي ، وهم عاجزون عن التفاهم على رئيس وتأييده . وهذا الوضع زاد خطورة عندما أصبحوا تحت سيطرة الطوارق )) . وإذا ما أحللنا الفرنسيين اليوم محل الطوارق ، يكون الوصف منطبقا تماما . وابتداء من شهر سبتمبر من هذه السنة (1913م ) ، انتقل البرابيش وكل أروان ، إلى مناجع جنوب أزواد ، بالقرب من تنغ الحي للابتعاد عن الغزاة المرتكزين في لقصيبة ، والذين يهددون مناطق الحوض وفاكبين ، دافعين بالطلائعهم إلى تمبكتو باحثا عن أكبر عدد من إبل البرابيش . وفي ليلتي 14و 15 من نوفمبر ، انقض قوم ترمز على غزو يضم ما بين 150 رجولا و200 ، حيث كانوا في غفلة من أمرهم جعلهم يفرون بسرعة باتجاه لقصيبة ، تاركين خلفهم جزء من لإبل المنهوبة . وفي 22 منه ، نجح محمود ولد دحمان على رأس 30 من أنصاره ، في إعادة 200 من لإبل كانت قد نهبت من أهلها شرق
-----------------الصفحة 50 ---------------------
تمبكتو ، لكن غزو بإمرة الخليفة نجح في الاستلاء من جديد على هذه القطعان غير أنه بعد ذلك فقد 50 من أصحابه في معركة لمغيطي . وكان لأخبار هذه المعركة أثرها الطيب في البلاد : إذ أنها أول مرة تتمكن قواتنا من اللحاق بالخليفة ، الذي نجح لعدة سنوات في غزو سكان أزواد وسلبهم دون عقاب . وكانت الحالة أكثر طمأنينة سنة 1914 م . إذ أن الحادث الوحيد الذي سجل فيها ، هو استيلاء غزو من 50 رجول على 180 جملا للبرابيش في أنشاي كانت مخصصة للنقل قواتنا من مركز لقطارة . وهذا الحادث المنفرد لم تكن له تبعات وفي سنة 1916 م ، قامت ثورة الطوارق كل أولي ، وهاجموا عدة مرات قوارب نهر النيجر ، مما اضطر سلطات تمبكتو إلى إرسال طلائع مسلحة إليهم ، برآسة النقيب رشوسا 25 يونيو – 18 يوليو ) . وصحبه فريق من قوات البرابيشالمساعدة يضم 60 رجولا مسلحين ببنادق 1874 . ولكن فعالية فريقهم لم تكن على مستوى حسن استعدادهم فخلال المعركة ضد المتمردين – الذين انهزموا في موقعة أغيار ( 2 يونيو) تشتتوا فارين مطلقين النار في كل اتجاه ، مما شكل خطر على الكتيبة والمتمردين على حد سواء وبعد المعركة أعطيت الأوامر لهذه القوة المساعدة ، بمطاردة الثوار الذي لجئوا إلى الغابات المجاورة فتبعوهم حتى وصلوا إلى أول شجرة ، ثم عادوا بعد ذلك معلنين أن المطاردة مستحيلة . وقد أصيب منهم في المعركة 7 رجال ، مات أحدهم الليلة التالية . وباختصار ، فإن هذه القوات المساعدة ، بسبب فقدانها للكوادر ، ولانضباط والتدريب العسكري ، لم تكن لها فائدة تذكر . وكاد البرابيش أن يكونوا مثل قضية كونتة المؤسفة في القطارة .
---------------------الصفحة 51 -----------------
وفضلا عن ذلك يبدوا أن البربوشي – كذلك الكنتي أيضا _ هو مقاتل عندما يكون الخطر الذي سيواجهه في أدنى مستوياته ،بينما تنقصه صفات المحارب الحقيقي . فهو بعيد عن أن تكون له ((جرأة)) جنودنا ، أو حتى جرأة الطوارق . وإذا كان له دهاء هؤلاء ومكرهم ، فليست لديه صفات الإقدام ، والحماسة والبسالة الضرورية للقتال ولا يعطيه واجب الدفاع عن ماله ، وأحيانا عن نفسه الحافز الضروري . وهو بكل خيلاء ببندقيته ، مستعملا إياها عند الحاجة ، ولإطلاق أعيرة نارية هنا وهناك ، محدثا الكثير من الأصوات ، ولكنه عندما يتلقى الأمر من عدو صارم بالتخلي عن سلاحه ، وعن قطيعه ، أو حتى السير خلف ذلك العدو ، فهو يطيع بسهولة عجيبة ( كذا ! ) . خلال شهر أبريل 1914 م قام غزو من الرقيبات قوامه 250 رجلا ، بمهاجمة قافلة الصيف التي لم تكن مصحوبة بقوات حماية . واستولوا على 23 بندقية من صناعة 1874 ، كانت عند أصحاب القافلة 1250 جملا أغلبيتها للبرابيش . وكانت حالة قواتنا العسكرية تمنعنا – ويا للآسف – من أية محاولة لتعقب النهابين وردعهم . وعلى الاثر ، وبفضل سهولة السلب وعدم خطورته ، كانت المنطقة عرضة لعدة غزوات صغيرة ، كلها قادمة من تافيلالت ، وتمكنت من الاستلاء على العديد من الإبل والخدم . وكانت إحداها مؤلفة من 80 رجلا من الرقيبات . وقد استولت على 700 من الإبل ، في شهر يوليو عند فاكيبين ، وهربت بها في اتجاه الغرب .
------------------الصفحة 52 --------------------
وأخيرا جاء إلى الحوض سنة 1916 م ، غزو كبير من الرقيبات يتألف من 400 إلى 500 رجل . وتوزع على عدة فرق متساوية العدد ، وجال وصال في المنطقة ، ما بين خاي ، وتمبكتو لسلب الإبل التي تملكها القبائل المنتجعة في المنطقة . وهاجم فريق منه في 10 من ديسمبر 1916 ، حيا من البرابيش على بعد 50 كيلو مترا شمال تمبكتو . ودفعنا ذلك إلى إرسال قوة عسكرية من تمبكتو لملاقاة قافلة الشتاء وحماية طريق أروان . وتعزيز إجراءات الأمن . أما الفريق الغازي ، فبعد أن قام بفعلته أقترب من زملائه الذين كانوا في المنطقة الشرقية . وكان عرضة لمطاردة وحدات المهاري التابعة لولاية تيشيت ، والتي لحقت به ، مما أدى إلى خسارة عدد من رجاله ومن الحيوانات المنهوبة واضطر لترك أكثرية الإبل المسلوبة .


 
 توقيع : التنبكتي السوقي


أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياة مثاليه أمتلك المعرفة

فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له



عندما انتهيت من بناء سفينتي جف البحر


رد مع اقتباس