عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2009, 06:59 PM   #3
مشرف منتدى الحوار الهادف


الصورة الرمزية أبوعبدالله
أبوعبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-14-2024 (09:47 AM)
 المشاركات : 1,679 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: وهم ثبات معاني بعض المصطلحات



أشكرك أخي أداس على تواجدك في هذه الصفحة ومشاركتي بعض إهتماماتي وهذه بعض الأمثلة التي شرح بها الدكتور وجهة نظره لعلها تسهل علينا إستعاب الموضوع رغم ثرائه

عن أيّ أسرة نتكلّم ؟

مثال ذلك ما يحدث عندما نتكلّم عن أمور الأسرة و مشاكلها، فنرى كل واحد ينطلق من قاموسه الخاص، و معنى الأسرة الذي يعنيه، فلا نصل إلى نتيجة ما . مصطلح " الأسرة "، يكون له معناه الخاص، وفقا لنوع المجتمع السائد : زراعي، أم صناعي، أم معلوماتي .
في المجتمع الزراعي، الذي ما زالت الكثير من رواسبه باقية في حياتنا، ربّما في بعض أعماق الريف، كانت الأسـرة كبيرة الحجم تضمّ عدّة أجـال من الأبناء و الأحفـد و الأقارب، وتعمل كوحدة إنتاجيــة استهلاكية . كانت الأسرة تتكفّل بجميع احتياجات أفرادها، التي كانت محدودة و تنحصر في
توفير المسكن و الطعام و التعليم و الرعاية الطبّية، و تنظيم العلاقة بين أفرادها وفقا للقيم السائدة .
عندما بدأ زحف عصر الصناعة منذ حوالي قرنين و نصف، شعرت الأسرة بضغوط التغيير، و تلقّت السلطة الأبوية ضربة محسوسة، و تغيّرت العلاقة بين الآباء و الأبناء . و مع تحوّل الإنتاج الاقتصادي الأساسي من الحقل إلى المصنع، لم تعد الأسرة الممتدّة كبيرة العدد صالحة للحياة الجديدة . لقد تطلّب المجتمع الصناعي من العامل في المصنع أن يكون قادرا على الانتقال من مكان لآخر، وفقا لحاجة العمل الصناعي، و مع الانتقال إلى المدن تحت وطأة الاضطرابات الاقتصادية المصاحبة للتغيير، تخلّصت الأسرة من الأقارب، و وصل بنا الأمر إلى " الأسرة النـووية "، و التي تتكوّن من الأب و الأم و عدد قليل من الأبناء .
و لكي يتفرّغ العامل لعمله في المصنع، نشأت مؤسّسات متخصّصة للقيام بالمهام التي كانت توكل تقليديا للأسرة، فأوكل تعليم الأطفال و الصغار إلى المدارس، و الرعاية الصحّية للمستشفيات، و الاهتمام بكبار السن و رعايتهم إلى الملاجئ و بيوت العجزة . مع كل هذه التغيّرات، كان لابد أن تتغيّر القيم الأسرية التي كانت سائدة في عصر الزراعة، لتحلّ محلّها قيم جديدة نابعة من احتياجات و عقائد عصر الصناعة .
و اليوم، و نحن ننتقل من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات، يتأسّس شكل جديد للأسرة، غير الذي عرفناه في عصر الزراعة أو الصناعة . فيصبح للأسرة شكلها الجديد و قيمها الجديدة، الأمر الذي سيكتمل، عندما يتم التحوّل إلى مجتمع المعلومات ..
المهم، عندما نتكلّم و نتناقش حول الأسرة، يكون علينا أن نحدّد عن أيّة أسرة نتكلّم .


انقضاء أجل ديموقراطية التمثيل النيابي

و نحن أيضا نتناقش و نتحاور حول الديموقراطية، دون أن نحدّد أيّة ديموقراطية نعني ..فعلى مدى التاريخ تغيّر مضمون و شكل الممارسة السياسية مع تغيّر الأسس المجتمعية السائدة .
البعض يقول ديموقراطية، و هو يعني الشكل الديموقراطي الناقص الذي كان سائدا طوال عصور الزراعة، و الذي لم يكن يتجاوز " الشورى "، مع بقاء صلاحيات صناعة القرار عند الحاكم أو الوالي أو الشيخ .. و التي عبّرت عنها قصص ألف ليلة بعبارة " دبّرني يا وزير .." ! .
لقد كانت الشورى هي الحدّ الأقصى للديموقراطية على مدى عشرة آلاف سنة، هي عمر عصر الزراعة .
و البعض الآخر، عندما يقول ديموقراطية، فهو يعني الشكل السائد حاليا في عديد من الدول، ديموقراطية التمثيل النيابي، التي ابتكرها المجتمع الصناعي، لسدّ جانب من احتياجات اتّخاذ القرار التي تضخّمت مع دخولنا إلى الحياة الصناعية .
ديموقراطية تقوم على تجميع الجماهير في أحزاب، و قيام الفرد بتوكيل من ينوب عنه في عملية المشاركة في اتّخاذ القرار، هذه الديموقراطية البرلمانية التي لم تعد تحقّق أحلام البشر، في الدول النامية و المتطوّرة معا .
و يندر أن تجد من يفهم المعنى المعاصر للديموقراطية، النابع من احتياجات و طبيعة الحياة في مجتمع المعلومات .. يندر أن تجد من يتحدّث عن ديموقراطية المشاركة، أو الديموقراطية التوقّعية، ممّا نوضّح معانيه و طبيعته فيما يلي من حديث .
المهم، أن الحديث عن الديموقراطية يجري في اللقاءات دون الاتفاق على الحد الأدنى من الفهم، نتيجة عدم الانتباه للتغيّرات التي تطرأ على مفهوم الديموقراطية، من عصر إلى عصر .






 
 توقيع : أبوعبدالله


العقول العظيمه تناقش الافكار , والعقول المتوسطه تناقش الاحداث , والعقول الصغيره تناقش الاشخاص



رد مع اقتباس