عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-21-2011, 06:29 PM
عضو مؤسس
م الإدريسي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل : Mar 2009
 فترة الأقامة : 5525 يوم
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : م الإدريسي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي كيف تبحث مسألة فقهية؟



كيف تبحث مسألة فقهية مستقلة؟

كيف تبحث مسألة فقهية مستقلة ؟
سعيد بن سعد آل حماد *
26/04/1429
لقد اطلعت على الكثير من كتابات بعض طلبة العلم الذين بحثوا مسألة فرعية في أحد الأبواب الفقهية سواء في كتاب أو على مواقع الشبكة العنكبوتية , فظهر أنهم يعرضون سبب بحث هذه المسألة , ثم يحشدون أقوال الفقهاء المتناثرة في الكتب حول هذه المسألة مبتورة عن سياقها في تلك الكتب أو تتوافق مع مذهبهم, ثم يجمعون معها الأدلة ثم يأتي الترجيح بدون النظر في المعاني و القواعد العامة و المقاصد الكلية ومالآت الأحكام , وهذا قد أحدث خللاً , وفتح باب الخلاف المستنكر على مصراعيه.
ولا يبعد عنهم الذين يكتبون في الإعجاز العلمي حيث ينظر في كلام علماء الطبيعيات في هذا العصر ثم يرجع إلى القرآن ليبحث عن آية تؤيد هذه النظرية ثم يحشد أقوال المفسرين ثم يناقشها بما يتوافق مع هذه النظرية ولو بتر النصوص وتأول ألفاظ المفسرين ونحوه , وليس عنده شيء من علوم القرآن و اللغة و نحوها.

ولذا فعندما يريد الفقيه إصدار حكم شرعي على مسألة واقعة مستجدة أو غير مستجدة , فلا بد فيما يظهر لي أن يمرّ بالمراحل التالية:

1ـ دراسة الباب الذي هذه المسألة أحد فروعه , مع النظر في النصوص العامة في الباب الذي تبحث فيه المسألة , وفهم وجهة هذه النصوص ومآخذ الأحكام المتعلقة بها,فإذا أردت أن تبحث مسألة زكاة الحلي فادرس دراسة عامة و مجملة لباب الزكاة كله, ولبحث مسألة تعدد الزوجات لا بد أولاً من معرفة أحكام النكاح و لمعرفة حكم بيع التقسيط لا بد من معرفة أحكام البيع و الربا مطلقاً و هكذا . وأما أن تقبل على مسألة زكاة الحلي وتعدد الزوجات وبيع التقسيط من غير المرور على أبوابها العامة فسيورث بتر هذه المسألة عن منظومة الباب الذي هذه أحد مسائله كما سيجعلك تعتمد ظواهر الألفاظ من غير معرفة روح الشريعة في المسألة.ويجعلك تضطرب لو بحثت مسألة أخرى في نفس الباب ولو بعد حين ولا تطرد وهذا خلل.
2ـ بعد التصور العام و استحضار الأدلة و الأحكام العامة ننطلق إلى النصوص الخاصة بالمسألة المراد بحثها , و ننظر في ألفاظ النص و نتعامل معها من حيث دلالات الألفاظ و استعمالاتها من حيث الألفاظ مفردة أو مركبة و معرفة دلالات السياق , كما تدرس الألفاظ من حيث معانيها اللغوية و الشرعية و العرفية ,كما تدرس طريقة القياس مع معرفة مسالك العلة الخاصة بهذه المسألة ولو قدح عليها بقادح وكيفية الرد على دعوى هذا القادح من منع أو نقض أو معارضة ونحوها, لابد من دراستها أولاً بغض النظر عن الواقعة التي سننزل عليها الحكم لأننا لو درسناها و أمام أعيننا الواقعة التي نريد إصدار الحكم عليها سيجعلنا نتأول النصوص لتتوافق مع الواقعة خاصة لو جعلنا في أذهاننا من البداية ترجيح القول الذي أنا عليه قبل البحث , وهذه مشكلة.ويأتي له مزيد توضيح بإذن الله. عندما تتعارض الأدلة في فهم الفقيه فلا بد من حل التعارض و الجمع بينها أو الترجيح بأوجه الجمع أو الترجيح التي ذكرها الأصوليون.
3ـ عند النظر في الأقوال والمذاهب التي تتحدث عن حكم المسألة فلا بد من معرفة مآخذ العلماء في المسألة بناء على أصولهم ولا بد من معرفة مصطلحاتهم و ماذا يريدون بهذا المصطلح عند ذكره سواء عند الإطلاق أو عند التقييد ؟ فما زل الكثير في هذا الباب إلا في مثل هذا. كما لا بد من معرفة مظانّ هذه المسألة في كتب العلم فهناك مراجع أصلية و هناك مراجع وسيطة داخل المذهب , وهناك مراجع خارج المذهب سواء من كتب المذاهب الأخرى أو من كتب المحققين من أهل العلم في الفقه أو التفسير أو الحديث أو كتب عامة , وهناك الكتب الموسوعية التي تحتاج إلى تيقظ عند النظر إليها.
4ـ دراسة علة هذا الحكم أو قل هذه المسألة سواء كان منصوصاً عليها أو مستنبطة , و مدى مواءمتها للعلل العامة في الباب فلا تكون تلك العلة نشازاً عن علل الباب , كما ينظر في مدى اندراجها ضمن مقاصد الشريعة العامة.و هناك أدلة مختلف فيها لا بد أن يراعيها الفقيه عند البحث في المستجدات كالقياس وسد الذرائع و عموم البلوى و المصالح المرسلة و نحوها.
5ـ دراسة الواقعة بتجرد دراسة شمولية فلا نندفع وراء المادحين لها و لا المحاربين لها و لا ننظر لها من زواية دون بقية الزوايا أو ننظر من حيث قائليها أو فاعليها , و لا ننظر لها من حيث تاريخها و نشأتها . و لا ننس أن دراسة الواقعة نوع من تصوير المسألة فقط. و لكننا بعد الدراسة المجردة لإصدار الحكم ننتقل لمعرفة بقية المؤثرات السابق ذكرها بشرط ألا تجرّ الفقيه إلى الاندفاع أو الإحجام أو إلى التخوف أو التهوك في إصدار الحكم الشرعي.
6ـ كما لا نبدأ ببحث المسألة وعندنا قناعة بالراجح مسبقاً فإن هذا يجعلك تتعسف النصوص لتتوافق مع ما بيّتّ ترجيحه مسبقاً وهذا ظاهر فيمن ألف في بعض القضايا الفقهية التي تحمل في طياتها بعض الحساسية الواقعية كإسبال الإزار والتأمين وأخذ ما زاد على القبضة من اللحية و كشف وجه المرأة ونحوها , سواء من المبيحين أو من المانعين , وهنا يضعف التجرد عند الترجيح.وليس معنى هذا التجرد الكامل الذي يطلبه البعض لأنه من المستحيل ذلك , فإنك لم تبحث هذه المسألة إلا بسبب ترسبات في الذهن وتراكمات ثقافية و فقهية وإشكالات واقعية ونقاشات من بعض الفقهاء أو من منتسبين للعلم وأهله دفعتك لبحث هذه المسألة فأي تجرد يطالبوننا به , ولكن التجرد عند المقارنة بين الأقوال و البحث عن الراجح.
7ـ عند دراسة الواقعة لا بد من تفصيلها و تفتيتها إلى أجزاء كل جزء يوضع له حكم واحد فقط.ولكنني أنبه إلى أنه لابد من تفتيت الواقعة إلى مسائل جزئية قدر الإمكان لا تحمل تلك الجزئية في طياتها إلا مسألة واحدة لا تنفك إلى مسائل تحتها حتى يسهل التخريج و البحث , ثم النظر إلى مجموعها. ثم يتم إصدار الحكم بأحد الأحكام التكليفية أو وضع ضوابط و قيود للحكم.
8ـ تنزيل الأحكام و النصوص على تلك الواقعة و لنحذر من تنزيل الواقعة على تلك الأحكام ,لأن الشرع يحكم و لا يحكمه غيره, و إذا احتجنا إلى تخريجها على بعض المسائل في كتب الفقهاء فلا بأس.
9ـ عند مناقشة الخصوم لا نناقشهم بأصولنا نحن بل نناقش أدلتهم بناء على أصولهم هم فلا نلزم الظاهري بالقياس لأنه لا يرى بالقياس ,ولا الشافعية بقول الصحابي لأنهم لا يرون بقول الصحابي و هكذا , وإذا كان الخلاف في الأصول فناقش الأصول معه أولاً فإذا أقنعت القاريء ولو من الخصم بقاعدتك فانطلق إلى المسألة.
10ـ معرفة ثمرات الأخذ بالقول الذي رجحناه والمفاسد الناتجة من الأخذ بهذا القول و مثله ما لو أخذنا بقول آخر و هو ما يسمى بالنظر في المصالح و المفاسد.
منقـــــــــــــــــــــــول




 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).

رد مع اقتباس