عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2010, 02:24 PM   #7
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أكنوا الطير على وكناتها



المعلقة السادسة:
همس المدبين، من: همسات كتاب تاريخ وأدب السوقيين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي يقص الحق وهو خير الفاصلين، الحكم العدل المهيمن المتين.
والصلاة والسلام على إمام المتقين، خير من نصح النصح المبين، محمد بن عبد الله النبي المجتبى، والرسول المصطفى ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير من تواصوا على الحق بالحق.
أما بعد أيها الأخ الكريم، اليعقوبي ـ حفظكم الله ـ نعمت الهدية التي أهديت لموقعنا الحبيب، وهي هدية النصيحة، نعمت الهدية هي، ولقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على أهمية النصيحة، وعظم أمرها، وبيان سننها، وآدابها، والتواصي بها، بل: الدين النصيحة.
فإنني لما قرأت تلك الهدية الغالية، أردت شكرها لك، عموماً وخصوصاً.
لأننا معشر أبناء مدينة السوق، طلاب علم نتكلم في مواضع علمية نظماً ونثراً، نحتاج إلى النصيحة الحقيقية فيها دائماً، سواءً فيما يتعلق بأدائها على الوجه الأكمل ـ حسب تهادي البعض ما ينقص صاحبه، إن كان لديه علم بذلك.
فضلا عن أمور قد يخالف أحدنا الوجه المشورع فيها وهو لا يعلم ـ حسب إحسان الظن فيه.
وقد تنبهت لبعض ملاحظات في بعض المشاركات أرى أن أصحابها لهم فيها وجه الجواز في مطلقها، وكنت أريد أن أجد فرصة كهذه للتلميح إليها، فالآن آن إيرادها تلميحا ابتداء من هذه الهمسات المشكورة.
أولاً: همسات كتاب تاريخ وأدب السوقيين؟.
ولنا معه وقفة إضافية ـ بإذن الله.
ثانياً: عدم تناول الهمسات موضوع المداخلات عموماً وخصوصاً؟.
علماً أنه من لم يقرأها بعين الرضا، وكان كاتباً ناصحاً كان أجدر بالبدء بها من غيرها لكثرتها، وتنوع معانيها على تفاوت في كيلها..؟.
ثالثاً: عدم عموم النصيحة في جميع المشاركات ليس المداخلات فحسب؟.
قلت، إن موضوع: هماست كتاب تاريخ وأدب السوقيين؟.
موضوع تتعلق به وقفات نصحية أخرى.
النصيحة الأولى: إفرادك: كتاب التاريخ وأدب السوقيين؟.
أقول: الأولى بك عدم إفرادهما أولاً، بل العموم أجدر، على سنن من قال: ما بال أقوام..
ثانياً لما أفردتهما كان ينبغي بك أن تدلي بدلو النصيحة المبينة حقاً، على نهج الملاحظات، لا معرض المستحسنات.
إلاّ من أراد أن يجعل نهجاً له يتمذهب به غيره، وهو حر في ذلك.
النصيحة الثانية: أنواع التراجم أكثر من أن يحصيها موضوع الهمسات.
فما ذكرته ما هو إلاّ ضرب من ضروب التراجم، الفقير إلى التفصيل أيضاً.
النصيحة الثالثة: وسم ما تناولته الهمسات بالترجمة العاطفية.
ففيه تفصيل إن كان الإنسان يتكلم عن نفسه فهو أدرى بنفسه، وإن كان يتكلم عن الغير فهو ضرب من ضروب الرجم بالغيب. ولا يعلم الغيب إلاّ الله. أو تحكم محض فبابه واسع..
وهذا الشوكاني يقول عن بعض الأعلام: هو فائق في جميع صفات الكمال..قائم بأعمال الدنيا والدين أتم قيام، وهو حال تحرير هذه الأحرف حاكم ببندر اللحية..كتاب: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع.
للإمام الشوكاني. 1/323. ط:مطبعة السعادة..
هذه رؤيته فيه وفي كمال صفاته، وليس الشوكاني وحيد دهره في ذلك، من ذكر المؤرخ من يترجم له بما يعلمه هو، لا عبرة بظن الآخرين في ذلك سوءاً.
فمن حق كل واحد أن يذكر ما يعلمه، وإن كان لدى غيره خلافه، فليأت به على ضوء قوله تعالى: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
ولنكن واعين حق الوعي لقوله تعالى: ولا تلبسوا الحق باطل..
هذا أمر، وأمر آخر: فقد نزل كل واحد تراجم أعلام قبيلته، من غير تعرج إلى أعلام القبائل الأخرى، ومع ذلك فلا يلامون، لأنهم أدلوا بدلو ما يعلمونه ويتقنونه.
وشكرهم الحال قبل لسان المقال، لأنهم أسهموا في إبراز بعض ما لديهم من أعلام سلفنا البار آل السوق.
علماً أن من ذكر علماً من أعلام السوقيين فإنه ينبغي أن نقدم له الشكر والتقدير، لأن هذا من واجب الجميع الذي لا يكتمل إلاّ بمثل ذلك.
ولا سيما، الاستفادة من المثل المشهور: أهل مكة أدرى بشعابها.
فليس من المنطق السليم أن نقابله بالتشكيك في حسن صنيعه إلى اتهام سريرته بما لا يعلمه إلاّ عالم السر وأخفى.
فمن نظر في أخيه بغير الظن الحسن فقد ضلّ ضلالاً مبيناً.
وسيحاج بحديث: هلا شققت قلبه.
حتى يتبين لنا في صنيعه برهان مبين، لا يقبل التأويل لوضوحه، فعند ذلك الظالم لنفسه مبين.
ولله الحمد أما أنا فإنه ما كتبت شيئاً في مواضع أعلامنا السوقيين إلاّ ومهدت له بتمهيدات تعانق مجد السوقيين بالعموم، ثم أتناول الخصوص بترجمته ـ حسب سنن المؤرخين..
هذا وإن فتح باب الظنون السيئة، والطعن في المصادر، فإنه يقودنا إلى هاوية المهاوي، بل ذلك من الحالقة التي لا تبقي ولا تذر، ولا يرضاه الجميع لموقعنا الموقر.
فإن الطعن بالمصادر يتناول طعن الجميع بمصادر الآخرين المنقولة والشفوية، وكل ذلك باطل، الذي لا يرد به باطل فضلاً عن حق.
فلتحترم المصادر إلاّ في معرض النقد العلمي الرصين البناء، حسب منطوق الخطأ لا غير.
النصيحة الرابعة: إشارة: إلى تحري الحق والعدل أسس شرعية..
هذه نصيحة موجهة إلى كل كاتب ناقد ومنقود: وإذا قلتم فاعدلوا.
النصيحة الخامسة والأخيرة ـ بإذن الله ـ على وجه الاختصار.
إن من الواجب على الهمسات، أن تتناول بيان ما موقع من: كتاب التاريخ وأدب السوقيين؟.
من الأخطاء إن كانت، من باب النصيحة، ولا سيما إذا توغلت في معاني الجرح، الذي سنن له أرباب النقد الحقيقي قواعد، منها:
قول الإمام النووي ـ رحمه الله:ولا يقبل الجرح إلاّ مبين السبب..
قال السيوطي في شرح هذه الجملة المحكمة: لأنه يحصل بأمر واحد ولا يشق ذكره، ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح والتعديل بناءً على اعتقاده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه لينظر هو هو قادح، أولا. كتاب: تدريب الراوي ـ قبول الجرح والتعديل، واشتراط ذكر السبب.
فإن كانت الهمسات تناولت لمس كساء المبالغات، فلتبينه أيضاً بالتفصيل، لأن باب المبالغة أشبع أقوالاً للعلماء بين مجيز ومانع، من ذلك ما قاله أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني ـ رحمه الله:
باب المبالغة:
وهي ضروب كثيرة، والناس فيها مختلفون، منهم من يؤثرها، ويقول بتفضيلها، ويراها الغاية القصوى في الجودة..
ومنهم من يعيبها، وينكرها، ويراها عيا وهجنة في الكلام..
فأما الغلو فهو الذي ينكره من ينكر المبالغة من سائر أنواعها، ويقع فيه الخلاف، لا ما سواه مما بينت، ولو بطلت المبالغة كلها، وعيبت لبطل التشبيه، وعيبت الاستعارة، إلى كثير من محاسن الكلام.
كتاب: العمدة في صناعة الشعر ونقده. 2/658-661. ط: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.
قلت: وما زال العلماء سلفاً وخلفاً يتناولون ضروباً من محاسن الكلام، من ذلك هذا النقل المقول فيه: وقد سمعت عليّ بن محمد بن مهْرُوَيه يقول : سمعت هارون بن هزاري يقول : سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول : مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى رجلٍ خُلقَ من الذَّهب والمسك فليَنْظُر إلى الخليل بن أحمد [ المزهر في علوم اللغة وأنواعها - السيوطي ]
قلت: وباب المبالغة أيضاً ليس منحصراً في كتاب التاريخ والأدب، بل يعم حكمه من يتناول المنثور والمنظوم على حد سواء، والمعنى في بطن الشاعر.
قال العلامة المناوي: عند شرحه حديث: إن من البيان سحرا.. وإن من الشعر حكما..
فقال ما نصه: فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح، وكل كلام ذو وجهين بحسب المقاصد.. فيض القدير..2/525.ط: دار المعرفة.
لذا فالأمر كما قلتَ وأوافقك عليه: إن القراء أذكى بكثير مما يتصوره الكاتب..
فختاماً إنه من أراد أن يعوم في بحر الإيغال والإيهام، في أعرض الآخرين، فإنه سيقتحم بابا حرمه شرعنا المطهر، وزجر عنه..
وليلعم أن الأمر كما قاله الإمام الشافعي:
فمن رآني بعين نقص رأيته بالتي رآني.
فالحمد لله على ما من علينا من مننه التي لا تعد وتحصى قديماً وحديثاً، فمن يتكلم فليتكلم في حدود النصيحة إن ظهر له من أخيه ما يوجب النصيحة.
على الوجه الذي قيل لمبصر شمسه: فعلى مثلها فاشهد.
فليظهرها لأخيه بيضاء نقية.
وإنني لم أزل أكرر الأثر المشهور: رحم الله من أهدى إلي عيبي..
ولله الحمد لقد قابلنا نصائح قددا بالشكر والتقدير، علماً أني لي مستندي فيما أورده، ومع ذلك أتقبلها، لا تقبل إمعة، بل أضعها في سجل البحث بين مصادري، وبين مصدر من أهداها إليّ، فمتى ظهر لي رجحان الراجحة، قبلت الحق، والحق أحق أن يتبع.
فما أحسن قول من قال: لأن أكون ذنباً في الحق أحب إليّ من أكون رأساً في الباطل.

هذا وللكلام ـ بإذن الله ـ بقية..

وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

أبو العباس يحيى بن إبراهيم السوقي.
بتاريخ
24/4/1431هـ



 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 04-09-2010 الساعة 02:56 PM

رد مع اقتباس