عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-07-2010, 04:30 PM
اليعقوبي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 46
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 فترة الأقامة : 5546 يوم
 أخر زيارة : 07-20-2020 (12:54 AM)
 المشاركات : 668 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : اليعقوبي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي همسات لكتاب تاريخ وأدب السوقيين



همسات لكتاب تاريخ وأدب السوقيين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد فإنه من المهم التنبيه إلى أمر بالغ الأهمية وهو لغة صياغة التراجم، ولا أقصد باللغة المفردات ولا الأسلوب وإنما أعني بها طريقة تناول السيرة الذاتية للمترجم، فإن لذلك طرقا معروفة، منها:
الترجمة التحليلية: حيث يأخذ الباحث نبذا من سيرة المترجم ويربط بها أمورا أخرى من محيطه أو غيره أو من مصادر ثقافة الكاتب.
الترجمة السردية: حيث يذكر الباحث ما بلغه من أخبار المترجم سردا كما تلقاها من مصادره.
وكلا جانبي هرشى طريق جادة موطأة مسلوكة ...
وأما مرادي فإنها الترجمة العاطفية: من المعلوم أننا نكتب عن قبائلنا وأعمامنا وأخوالنا، وقومنا ... ولا شك أن للإنسان عواطف تجمح به عن مسار الموضوعية جماحا له آثار سلبية إضافة إلى التبعات الشرعية للموضوع...
وبما أني أحدث طلاب العلم وأتجاذب معهم موضوعا يهمنا جميعا فلأؤصل منع ما سميته بالتراجم العاطفية، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالت الأنصارية إنه يعلم ما يأتي في غد ــ نبه على أن ذلك غير صحيح..
أنتزع من هذا الحديث عدم جواز المبالغة في وصف المترجم بما ليس من صفاته وإن كان من المتصفين بالكمال البشري.. إضافة إلى أن تحري الحق والعدل والإنصاف أسس شرعية تمنع من الترجمة العاطفية..
إذن فلنعد لآثارها السلبية :
أولا: آثارها على الكاتب: إن القراء أذكى بكثير مما يتصور الكتاب، فكم من لفظ نطلقه لا نريد به إلا أمرا معينا يحلب منه القراء أطنان المعاني المبسترة والطازجة .. ومن هنا وجب الحذر من الكتابة مطلقا وقالوا: من ألف فقد استهدف، ووجب علينا أن نحافظ على مصداقية ألفاظنا أمام بعضنا قبل الآخرين.
فتخيلوا لو عرفتم أني أبالغ في الأوصاف لمن أذكرهم، أو أتمدح بعض من تعرفونهم بخلاف الواقع.. هل يكون لكلامي وزنه كما هو الشأن لو علمتم أني أضع النقاط على الحروف.
ثانيا: آثارها على التاريخ: إن كتابة التاريخ والأدب بهذه الطريقة تنتج تاريخا لا مصداقية له .. ولن نعدم يوما من الأيام ناقدا يزيف ما كتبناه ويكون شاهدا من أهلنا على عدم موضوعية كتاباتنا ونحن نرى ونشاهد ذلك عن أيماننا وشمائلنا.. إضافة إلى أنه في الأخير تشويه للتاريخ إذا اعتبرنا تاريخنا مشرقا كما كان فالتحريف العاطفي فيه ظلم وعدوان.
ثالثا: آثارها على علاقاتنا: إننا أمة قبائلية تطرينا المجاملة وتجفينا النقدة.. حيث نعتبر الصديق هو من يصدق لك كل نبواتك ويصفق لك على كل أنشوداتك.. ويرقص لك على حقك وباطلك...
وهذا باطل .. طريقته أن يكتب كل منا في عزلته .. أما إذا اجتمعنا فكما تقدم فإنه صعب على النفس المكابرة بابتلاع دلافين المبالغات العاطفية والوصفية على أنها تراجم موضوعية.. وهذا قد يسبب حساسية بيننا قد ينقلها بعض ضعاف النفوس إلى المجتمع.. وأنا هنا أضرب مثالا...
لو وصفتُ عمي المحمود بن محمد أُلاغ الناحي بأنه أمير الشعراء.. أو وصفت خالي المرتضى بن محمد الشاعر بأنه شيخ النحاة .. ثم علق الشيخ أبو حفص على ذلك بما هو الحق أن ذلك مبالغة لا أساس لها من الموضوعية فقد يفهمه بعض سفهاء عشيري بأنه يتنقص فلانا أو فلانا.. وفي هذا فتح لأبواب من الفتن.. السكوت خير منها.. لا تقل لي ليسكت أبو حفص عن نقدك وليكتب عن الشيخ أداس أنه قاضي قضاة تمبكتو .. فأقول: لنقل الحق معا.. ولنسكت عن الباطل معا.. فالحق أبلج يجمع والباطل لجلج يفرق..
وهذا الحديث كله منصب على التاريخ ..
وإذا تحدثنا عن مؤلفاتنا أو قصائدنا فإن البعض قد يقفز فوق الخيال فيقارن أدبنا وإنتاجنا بما يجعل الناقد والأديب يصغر أدبنا بالمقارنة به.. مثلا لو قارنت أدبنا بالأدب الشنقيطي فلم تبعد؛ لأن بينهما أشباها متعددة.. لكن إذا جئت تقارن أدبنا بمدارس أو أدباء حفر العالم بئرا من الرقص لهم فإنك تضع نفسك وأدبك موضع السخرية...
وكذلك عندما نصف أدبنا بالرائد والرائع وال وال ونقف عند هذا الحد دون أن نقدم نماذج هي كذلك.. أو نقدم وصفا علميا أو أرقاما مبهتة أو قصصا واقعية ــ عند هذا نجعل من أدبنا سلطة من الضحك والسخرية أمام النقاد ...
أذكر أخيرا بأن كل ما تكتبون من مجدي .. وأني أدعي أن الموضوعية نبهتني إلى أن بعضنا خرج منها وكاد آخرون .. فإن كنت خارجا عن تغطيته فنبهوني بارك الله فيكم ووفقكم ورعاكم.



 توقيع : اليعقوبي

[align=center]قال تعالى: { وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ } (أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.{ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ } أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضا.{إِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَانِ}أي كان لآدم وذريته{ عَـدُوّاً مُبِيناً}أي ظاهر العداوة ).

صفحتي في الفيس بوك
https://www.facebook.com/nafeansari


آخر تعديل م الإدريسي يوم 04-07-2010 في 11:34 PM.
رد مع اقتباس