يا أهـل يثْـربَ أدْمَـتْ مقلتـيَّ يـدٌ * * * بـدريـةٌ تسـأل المصـريَّ جـدواه
الـدِّيـن والضـادُ مـن مغنـاكم انبعثا * * * فطبَّقـا الشـرْقَ أقصـاه وأدنـاه
لسنـا نمـدّ لكـم أيمـانَنـا صِلـةً * * * لكنمـا هـو دَيْـن مـا قضينـاه
هـل كـان دِيْـن ابنِ عدنانٍ سوى فلَقٍ * * * شقَّ الـوجـودَ وليـلُ الجهـل يغشاه
سـلِ الحضـارةَ ماضيهـا وحـاضـرَها * * * هـل كـان يتَّصـلُ العهـدان لـولاه
هـي الحنيفـةُ عيـنُ الله تكلـؤهـا * * * فكلما حاولـوا تشـويههـا شاهـوا
هـل تطلبـون مـن المختـار معجـزةً * * * يكفيه شعـبٌ مـن الأجـداث أحيـاه
مـن وحَّـد العـرْبَ حتى صار واتِرُهم * * * إذا رأى ولـدَ المـوتـور آخـاه
وكيـف كـانوا يداً فـي الحرب واحدةً * * * مـن خـاضهـا بـاع دنيـاه بأُخـراه
وكيـف سـاس رعـاةُ الأبـل مملكـةً * * * ما ساسها قيصـرٌ مـن قبْـلُ أو شـاه
وكيـف كـان لهـم علـمٌ وفلسفـةٌ * * * وكيـف كـانت لهـم سُفْـن وأمـواه
سنّـوا المساواةَ لا عُـرْبٌ ولاعجَـمٌ * * * مـا لإمـرئ شـرَف إلا بتقـواه
وقرَّرتْ مبـدأَ الشـورى حكومتُهـم * * * فليـس للفــرْد فيهــا مـا تمنـاه
ورحَّـب الناسُ بالإسـلام حـين رأوا * * * أن الإخـاءَ وأن العــدلَ مغـزاه
يا مـن رأى عمـراً تكسـوه بردتُـه * * * والزيـتُ أُدْمٌ لـه والكــوخُ مـأواه
يهـتزُّ كسـرى على كرسيِّـه فرَقـاً * * * من بأسـه وملـوكُ الـروم تخشـاه
سـل المعـاليَ عنــا أننــا عــرَبٌ * * * شعارنـا المجــدُ يهوانــا ونهـواه
هـي العروبـة لفـظٌ إن نطقـتَ بـه * * * فالشـرْقُ والضـادُ والإسـلامُ معنـاه
استرشـد الغـرْب بالماضـي فأرشـده * * * ونحـن كـان لنــا مـاض نسينـاه
إنـا مشينـا وراء الغـرب نقبسُ مـن * * * ضيائــه فأصابتنــا شظايــاه
بالله سـلْ خلْـف بحـر الروم عن عرَبٍ * * * بالأمـس كانـوا هـنا ما بالهم تاهوا
فـإن تراءت لك الحمـراءُ عـن كثَـب * * * فسائـل الصـرْحَ أين المجـد والجـاه ؟!
وانزل دمشـقَ وخاطبْ صخْرَ مسجدها * * * عمـن بنـاه لعـلَّ الصخـرَ ينعـاه
وطُـفْ ببغـدادَ وابحـثْ في مقابـرها * * * عـلَّ امرءاً مـن بني العبـاس تلقـاه
هذي معـالم خُـرْسٍ كـل واحـدةٍ * * * منهـن قامـتْ خطيبـاً فاغـراً فـاه
إنـى لأشْعـرُ إذ أغشـى معالمهــم * * * كأننـي راهـبٌ يغشــى مُصـلاه
الله يعلـمُ مـا قلَّـبتُ سيرتهَـمْ * * * يومـاً وأخطـأ دمـعُ العيـن مجـراه
أين الرشيـدُ وقـد طـاف الغمـام به * * * فحيـن جــاوز بغـدادٍ تحـدَّاه
ملـْكٌ كملـك بـنى "التاميز" ماغَرَبت * * * شمـسٌ عليـه ولا بــرقٌ تخطـاه
مـاضٍ تعيـش علـى أنقاضـه أمــمٌ * * * ونستمد القِـوى من وحْـي ذِكـراه
لا دُرَّ درُّ امــرئ يَطْــري أوائـلَه * * * فخراً ويطـرقُ إنْ ساءلتَـه مـا هـو
ما بـال شمل شعـوب الضـاد منصدعاً * * * ربـاه أدرك شعــوب الضـاد ربـاه
عهـد الخلافـة فـي البسفور قد درستْ * * * آثـارُه طيَّــبَ الرحمـنُ مثــواه
تـاج أغَـرّ علـى الأتـراك تعرضـه * * * مـا بالنـا نجـد الأتـراك تأبـاه
ألـم يـروْا: كيـف فـدّاه معاويـةٌ * * * وكيـف راح علـيٌّ من ضحايـاه
غـالَ ابـنَ بنـت رسـول الله ثم عدا * * * على ابن بنتِ أبى بكـر فـأرداه
لمـا ابتغـى يدَهـا السفـاح أمهـرَها * * * نهـراً مـن الدمِ فوق الأرض أجراه
مـا للخلافـة ذنـبٌ عنـد شانئهـا * * * قد يظلمُ السيفَ من خانتـه كفاه
الحكـمُ يسلـسُ باسـم الديـن جامحُه * * * ومـن يرمُـهْ بحــدِّ السيـف أعيـاه
يا ربَّ مـولى لـه الأعنـاقُ خاضعـةٌ * * * وراهـبُ الدّيـر باسم الدين مـولاه
أني لأعتـبر الإســلام جامعــةً * * * للشــرق لا محـضَ ديـنٍ سنَّـه الله
أرواحنـا تتلاقـى فيـه خافقــة * * * كالنحـل إذ يتلاقـى في خلايـاه
دستـوره الوحـي والمخـتار عاهلُـه * * * والمسلمـون وإنْ شتّـوا رعايـاه
لا هُـمَّ قـد أصبحـتْ أهواؤنـا شيَعاً * * * فامنـنْ علينـا بـراع أنـت ترضـاه
راعٍ يعيــد إلـى الإسـلام سيرتَـه * * * يرعـى بنيـه وعيـنُ الله ترعـاه