بسم الله الرحمن الرحيم

بينما أنا أتصفح الصفحات .. وأجول في ميادين المنتديات .. إذا بي أفاجأ بذلكم العنوان الملفت للأنظار .
فقلت في نفسي يا للعجب.. ويا لشأن الأدب .. مدينة ضاربة في أعماق التاريخ .. لم يبق فيها رسم ولا طلل ولا أنيس .
ما الجدوى من تذاكرها ، والتباكي على أطلالها ، والحنين إليها ؟!
..ألم يقض على أهلها مر الليالي وتعاقب الأيام ؟
أما هجرها الأهل والخلان ؟!
ألم يبدلنا الله خيرا منها ؟! كلأ ومرعى .. آبار وأنهار تستقى .. أسواق هنا وهناك تجلب وتنتقى .. مدارس تثقف ، ومساجد تدعو وتعرف ، وآلاء لا تعد ولا تحصى.
فلم كل هذا الضجيج ؟!!!
فقالت لي النفس :
عجيب أمرك يا فتى أما تستجيشك تلك العظام.. التي أودعت في ملاحدها ؟
أما استوقفك ذلك الإشعاع المعرفي الذي أضاء ربوع الصحراء وسهولها؟
أما تساءلت عن سبب تسميتها بتاد مكة التي تعني في لسان أهلها ( هذه مكة ).. ما يشير إلى وجود حركة علمية ثقافية ذات ثقل واضح يؤهلها لتبوء تلك المكانة العالية .. حتى تضاهى بمكة المكرمة مهوى أفئدة المسلمين كافة !
فقلت :
حسنا .. حسنا .. صدقت ، ولكن ألا ترين في هذا تقوقعا وانزواء عن الآخر، وديننا الحنيف جاء لنبذ العصبيات الجاهلية وتفاخرها بالآباء .
فقالت :
انظر ما تقول فهل هذا من قبيل العصبيات المقيتة .. ما المانع من ذكر الشخص لآثار سلفه الصالحة ، أليس هذا ضرب من ضروب البر.. الذي أمرنا به تجاه الآباء ، وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها (علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).. ألا تريد جريان هذا الأجر لسلفك وآبائك ؟
بلى بلى ..
وتواصل قائلة : وأما ما ذكرت من أمر التقوقع والانزواء فعلى العكس تماما..
ألم يأمرنا الإسلام بوحدة الصف ( المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا )
( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )
فهل يعقل أن يأمر الإسلام بالتوحد مع الأباعد ويهمل شأن الأقارب ؟!
كلا ألم يجعل العصابة سببا من أسباب الإرث .. ألم يجعل ولاية المرأة في عصبتها الأقرب فالأقرب .. ألم يجعل شيئا من الدية على العاقلة .. ألم يذكر القرآن حق القرابة في غير ما من آية ؟!!!
حسبك كفى .. كفى
ثم ألا ترى أننا في عصر التكتلات.. والتجمعات.. والتحالفات..
وأنت إن لم تتحالف.. وتتواصل مع إخوانك الذين تجمعك معهم مصالح مشتركة .. وأهداف موحدة ، فستضطر إلى عقد تحالفات مع أطراف خارج نطاق مجتمعك.. لا تربطك بهم أي صلة ..
وربما استخدموك لأغراضهم الخاصة ؛ ولم تخرج بشيئ يذكر ..
أو أنك تعيش خارج الدائرة .. لا تأثير لك.. أو عليك.. فانظر أي الأمور تختار .
وقعت في حيرة من أمري أقدم رجلا وأأخر أخرى .. أجدني مضطرا لقبول تلك التفسيرات والتبريرات ؛ التي تجليها لي النفس بعزم وثبات .. بل وتزين لي خوض غمار البحث والتنقيب .. ولكن أمرا ما يدعوني دائما إلى الإحجام .. وترك التعرض لمقامات الأئمة الأعلام .. فأنى للسهى أن تعكس ضوء الشمس للأنام.. وكيف يستطيع اليراع التعبير عن كل ما في النفس ، فالأوصاف تتسارع والكلمات في ازدحام .. حتى ليحار الفكر في أيها يختار..!!!
وكيف يتسنى لطويلب مثلي جمع آثار وأخبار قوم مضوا منذ أحقاب بعيدة..!
والقلة القليلة الباقية منها يضن بها أصحابها لا سيما مع تباعد الديار.. وتشتت الأهل وانتقال الأطوار..
ولكن همس من بعيد أحس به يناجيني قائلا :
ما ضر الشمس أن عكس شعاعها بدر الدجى.. بل كان له الشرف إذ استمد منها الضيا..
أما البحث والتنقيب .. فلا يعدم من كل بيت نقيب .. هو أعلم بما فيه من كل مرعى خصيب.. فصاحب البيت أدرى بما يحويه .. والبناء إنما يتم بتكاتف الأيدي العاملة فيه ، ويزداد حسنه بالإتقان والإخلاص .
هنا تقوت العزيمة .. وزال كل ما كان يدور في الخاطر من وساوس وهواجس تدعو إلى الراحة والكسل .. وأيقنت أن المرحلة الراهنة في حاجة إلى مزيد من البذل والعمل .. فمددت يدي إلى إخوتي رواد المنتدى علهم يقبلون بي كي أتشرف بخدمة ذلكم التراث النفيس .. ولنهتف بالعلامة ابن اليمان مبشرين :
هذي بناة بنات المجد والدين عادوا لديدنهم بالجد لا الهوني
هذي جموعهمُ قد أقبلت ولها سورمن العزم بالإخلاص تغريني
لبيكمُ معشرالإخوان وافرحي بتي الجهود فهل بالباب تدنوني