مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن حاجتنا لأدب الحوار ليست حاجة نظرية تجريدية، فالأديب المسلم داعية والداعية الناجح يتمسك بأسباب النجاح، ولا يخالفها، ومثلنا الأعلى القرآن الكريم والتطبيق العملي لأدب الحوار في السنة المطهرة. والحديث عن آداب الحوار في القرآن الكريم والسنة المطهرة يحتاج إلى مؤلفات وكتب لا ندوات، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه!! وأدب الحوار يعني أدب تجاذب الحديث عمومًا، أما معنى [تحاوروا]: تراجعوا الكلام بينهم. والمحاورة: الجواب ومراجعة النطق. وبالتأكيد فإن هناك فروقًا بينة بين الحوار والنقاش والجدل والمراء، وحسبنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن المراء: [[لا تماروا في القرآن، فإنه مراء فيه كفر]]. أهمية الحوار للحوار أهمية كبيرة فهو وسيلة للتفاهم بين البشر على أن يكون الحوار حرًا لا حدود تقف في طريقه إلا حدود الشرع. أما عوائق الحوار فهي كثيرة ومنها: الخوف، الخجل، المجاملة، الثرثرة، الإطناب، اللف والدوران، التقعر، استخدام المصطلحات غير المفهومة مثل الإنجليزية، أو الفرنسية أو غيرها أمام محاور لا يفهم معانيها، رفع الصوت من غير موجب، الصراخ، التعصب، إظهار النفس، وعدم الرغبة في إظهار الحق. ويقول الإمام الشافعي في هذا: ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه. أنواع الحوار أ- الحوار من حيث الشكل قسمان: - حوار هادئ عقلاني مبدئي. - حوار متشنج يعتمد على الصراخ. ب- من حيث المضمون: 1ـ الحوار المتفتح، وعكسه المتزمت وهو القائم على المهاترة لا الرغبة في الفائدة. 2ـ حوار العلماء وحوار طلاب الشهرة، وفرق كبير بينهما. وينتج من حوار العلماء فوائد عظيمة للناس لأنه يقوم على احترام الذات والآخرين وتقبل الرأي الآخر ما دام لا يمس الثوابت في العقيدة، والإدراك أن للحوار هدفًا يراد تحقيقه بعكس حوار طلاب الشهرة الذين يريدون الانتصار للذات. ج- الحوار من منظور الأشخاص ومنه: 1- الحوار بين العاقل والجاهل فلابد من حلم العاقل ليعلّم الجاهل. 2ـ الحوار بين الشيوخ والشباب، فينبغي مراعاة المراحل العمرية، واختلاف الأعراف، والعلاقة بين خبرة الحياة عند الشيوخ، وجدة علم الشباب. 3- الحوار بين المتخصصين وغير المتخصصين. 4ـ الحوار بين الحاكم والمحكوم، وينبغي فيه احترام عقول الآخرين، واحترام قدر الحكام دون التنازل عن الموضوعية وإخلاص النصيحة بين الطرفين. قواعد الحوار ينبغي أن يكون للحوار بين جانبين منطلقات مشتركة ليكون مجديًا، وأهمها: 1ـ الاعتماد على أسس مشتركة للحوار كالتحاكم إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة عند المؤمنين بهما، أو التحاكم إلى قواعد المنطق والقياس عند غيرهم. 2ـ التسليم ببدهيات المعرفة، وبدهيات السلوك، فكيف نتحاور مع من لا يرى في الصدق فضيلة، وفي الكذب رذيلة مثلاً؟! 3- اللياقة، واحترام الحوار، وإن لم تحترم خصمك. 4ـ الرغبة في الوصول إلى الصواب والحق؛ لأن التفكير في الوصول إلى الغلبة يلقي بصاحبه في لجاجة الجدل العقيم. * للمحاور صفات أهمها: 1- علمه بما يحاور. 2- قدرته على التعبير. 3- حلمه وسعة صدره. 4ـ سرعة البديهة، واستحضار الشواهد، والذكاء، ويجمعها: [الحكمة]: العلم والفهم والتعبير، ومثال ذلك حكمة نبي الله إبراهيم عليه السلام في حوار النمرود إذ ألزمه الحجة: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258]. آداب الحوار للحوار آداب كثيرة نقف عند أعظمها تأثيرًا وفائدة للمتحاورين أو المستمعين من الجمهور: 1ـ احترام شخصية المحاور، وتعني ملاطفة المحاور، لنتجنب عداوته أو نخفف من حدتها، وألا نستهين به ابتداءً لأن الاستهانة تضعف الحجة وتثير الخصم. كذلك يجب الانتباه له، وعدم الانصراف عنه أثناء حديثه، وأن نفسح المجال له لإبداء رأيه. 2ـ المرونة في الحوار وعدم التشنج، فينبغي مقابلة الفكرة بفكرة تصححها أو تكملها، وقبول الاختلاف، والصبر على فكرة المحاور حتى لو اعتقدنا خطأها منذ البداية، وهذا يؤدي إلى التواضع وعدم الاستعلاء على الخصم وفكرته. 3- حسن الكلام: أ ـ التعبير بلغة بسيطة غير ملتبسة ولا غامضة، ومن أحسن الكلام ما يعبر عن حقيقة ما في قلبك دون ستر للحقيقة وبثوب لفظي لطيف. ب ـ ومن حسن الكلام الرفق في الكلام: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طـه:44]. جـ ـ التأدب في الخطاب: {... وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا...} [الأنعام: 152]، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنا} [البقرة: 83]. د ـ طرح اللغو, واللغو فضل الكلام وما لا طائل تحته، فلا يخوض المحاور فيما لا يثري المحاورة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:3]. وفي الحديث الشريف: [[طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه]]. والابتعاد عما لا يفيد في الحوار يحفظ هيبة المحاور، ويحفظ وقته، وأوقات الآخرين. هـ ـ ومن حسن الكلام في الحوار توضيح المضمون باستخدام ما يفهم من التعابير دون تقعّر أو تكلف، وفي الحديث الصحيح: [[هلك المتنطعون]] وكذلك: [[إن أبغضكم إليّ وأبعدكم عني مجلسًا الثرثارون والمتفيهقون والمتشدقون]]. 4ـ الموضوعية في الحوار، ونعني بها اتباع المنهج العلمي، والحجة الصحيحة، وقبول الرأي الآخر إذا كان مقنعًا، والاعتراف للخصم بالسبق في بعض الجوانب التي لا يسع العاقل إنكارها، والتحاكم إلى المنطق السليم. 5 ـ حسن الصمت والإصغاء في الحوار، والصمت إجراء إيجابي، ومن فوائده: أ- أنه خطوة نحو الكلمة الصائبة لاختيارها. ب- يزيد العلم ويعلم المرء الحلم. جـ - الصمت بريد السلامة: [[رحم الله امرءًا قال خيرًا فغنم أو سكت فسلم]]. أما الإصغاء فهو أدب عظيم، وتقول العرب: رأس الأدب كُله الفهم والتفهم والإصغاء إلى المتكلم. معاول هدم جسور الحوار: أما العوامل التي تحول دون تواصل الناس ومد جسور الحوار بينهم فهي: 1ـ التعصب للآراء والمذاهب والأفكار والأشخاص. والتعصب ظاهرة قديمة، موجودة في مختلف المجتمعات البشرية، وفي مختلف مستوياتها، وهي ظاهرة تمثل انحرافًا مرضيًا، حينما لا تكون ذات مضمون أخلاقي، كالانتصار للحق أو لدعاته، والتعصب ينشأ عن اعتقاد باطل بأن المرء يحتكر الحق لنفسه. والمتعصب لا يفكر فيما يتعصب له، بل يقبله كما هو فحسب، لذا فلا يمكن لمتعصب أن يتواصل إلا مع من يردد نفس مقولاته. 2ـ المراء المذموم واللجاجة في الجدل، ومحاولة الانتصار للنفس ولو على ذبح الحقيقة. والجدل خلق مذموم، ينبغي للإنسان أن يبتعد عنه، وإذا اضطر إليه فيجب أن يكون بالتي هي أحسن، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} [النحل: 125] ومعنى ذلك أن يتجنب الإنسان الجدال العقيم والفاحش والبذيء، وإذا أراد أن يجادل فلابد أن يجادل بالحسنى، وإذا وجد أن النقاش يقود إلى طريق مسدود، فينبغي أن يتوقف عنه لأنه يصير عند ذلك عبثًا لا خير فيه، فكما قال صلى الله عليه وسلم: [[أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا]] رواه أبو داود بسند حسن. [[فما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل]] رواه الترمذي وصححه. وترك الجدل يتبعه أمران: أولهما: أن نعترف بأخطائنا إن كنا مخطئين، والاعتراف بالخطأ فضيلة. ثانيهما: أن نحترم آراء الآخرين. 3ـ التسرع في إصدار الأحكام، إذ إن التسرع في إصدار الأحكام دون روية، مع عدم وضوح الرؤية، يوقع في أغاليط وأخطاء. ويدفع إلى التسرع عوامل عدة منها: - الغرور بالنفس، والاعتداد بسرعة البديهة. - الكسل الذهني وعدم الرغبة في إجهاد الفكر للتعرف على الحق. - الانفعال النفسي، كالغضب والخوف والطمع وطيش الهوى. - الحاجة الملحة ومدافعة الضرورة الطبيعية. ولقد انتقد القرآن بشدة لاذعة الذين يقفزون عند السماع الأولي للمشكلة إلى إصدار الأحكام وإشاعتها، دون السماع لها بالمرور بمنطقة السماح الداخلي، والتفاعل مع القدرات العقلية وتبادل التحليل والاستنتاج. ويصف القرآن هذا الأسلوب المتسرع بأنه تلقٍّ للمعلومات الأولية باللسان، دون الصبر عليها حتى تمر بالأذن، وتصل إلى منطقة الوعي، {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15] ويتهدد القرآن الفاعلين لذلك بالعقوبة الإلهية، لما يترتب على هذا الأسلوب في الحكم من أخطاء، {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور:17]. 4ـ التفكير السطحي، الذي لا يغوص في أعماق المشكلات، ولا يدرك أثر العلاقات ببعضها، ولا يستوعب تأثير المتغيرات، بل يتوقف عند الأسباب الظاهرة للمشكلة، التي غالبًا ما تكون أعراضًا للمشكلات وليست جواهرها، والتفكير السطحي هو الذي يغيب العقل، ويهمل العلم، ويغفل العمل، ويجافي سنن الله في الآفاق والأنفس. ومن سماته أيضًا: إرجاع المشكلات والظواهر إلى عامل واحد، مع إغفال أن تعقيد المشكلات لا يستوعبه سبب واحد، كما أن إرجاع المشكلات إلى سبب واحد يصاحبه قدر من التبسيط يتنافى مع عمق التجارب الإنسانية. أستميحكم عذرا مرة أخرى على هذه الإطالة لكن وجدت أنه حري بمكان أن تذكر إذا أردنا حوارا حقيقة حوارا جادا هادفا مبنيا على أسس قوية... ولعلنا نجد من إخواننا من يثرينا ايضا بمداخلاته. منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــول |
شيخي الأدريسي المغترب بهذه المواضيع الغنية والجادة نستطيع أن نحاور الآخر وأن نتقبل المخا لف لنا في وجهة النظر بشرط أن نلتزم بالحوارالهادئ العقلاني ونتجنب التشنج والأحكام المسبقة على خلفية معرفة المحاور وأن يكون الحوار حول الفكرة وعدم إغفال الجوانب الإجابية فيها دمت أخي موفقا إيجابيا في طرحك وفي إختياراتك |
بشارة
أبشركم أيها الإخوة الأعزاء أن مشكلتي مع المنتدى تم التغلب عليها ولا أستطيع الإفصاح بمدى فرحتي بذلك وسوف تفد عليكم مشاركاتي لاحقا إن شا ء الله وأبشركم أيضا أن ترجمة العم فرغت منها اليوم وأرسلتها عبر بريد الأخ الشريف الأدرعي مع تحيات أخيكم ومحبكم في الله أبي تراب
|
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
4ـ الحوار بين الحاكم والمحكوم، وينبغي فيه احترام عقول الآخرين، واحترام قدر الحكام دون التنازل عن الموضوعية وإخلاص النصيحة بين الطرفين.
قواعد الحوار ـ الرغبة في الوصول إلى الصواب والحق؛ لأن التفكير في الوصول إلى الغلبة يلقي بصاحبه في لجاجة الجدل العقيم. * للمحاور صفات أهمها: 1- علمه بما يحاور. 2- قدرته على التعبير. 3- حلمه وسعة صدره اخي محمد الفاروق الادريسي وبعد اشكرك على هذا الموضوع الشيق الانيق المدقق بمنطق انيق وحجج دامغه فقد ابدعت واجدت وقلت مااريد قوله فاالله درك فقد اوضحت أهمية الحوار للحوار أهمية كبيرة فهو وسيلة للتفاهم بين البشر على أن يكون الحوار حرًا لا حدود تقف في طريقه إلا حدود الشرع ومما تقدم يتضح معنى الحوار الذي يريد البعض ان يقيده بسلاسل واغلال ؟فلما هذه الطريقه نعامل بعضنا بتلك القيود التي يعافها وينبذها الفكر الحر فديننا يدعو بالمجادله الحسنه قال تعالى (ادع الى سبيل ربك باالحكمه والموعظه الحسنة وجدلهم بالتي هي احسن ان ربك هوأعلم بمن ضل عن سبيله وهوأعلم بالمهتدين)سورة النحل اية 125 وبعد يااخوتي الرجاء النقاش والمجادله كما ورد في الايه ولا نجعل من انفسنا طغات جاحدين لي حقيقه والغمط والاقصا وتغيب المعلومات والحجب ليس هول السبيل لى الحوار الصريح بل هوا سعي الى حوار قبيح ومغالطة انفسنا بتغيب المعلومات عن الاخريين هبوا اصحو العالم اصبح قريه واحدا لا مكان لتغيب المعلومات في الاوديه والكهوف المضلمه فتلك خدعه كبرى ضد نور المعرفه والاشعاع والعلم الى متى سامدون بين اوهامكم؟ابوعاصم محمد محمد الادريسي السوقي المرسي مكه المكرمه حي الخانسا شرفة عقيل الثلاثا ء28 4 1431 |
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
شكرا لكم راع جدا ومفيد جدا لكم مني الشكر والتقدير على الرواع الادبية
|
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
شكرا لأخي الفاضل البارع م الإدريسي على هذا الموضوع الرائق الفائق، المفيد النافع لرواد المنتديات، التي كانت أهم أسبا نشأتها الحوارات الهادفة البناءة.
والذي يقرأ ماسطرته يتضح له أهمية معرفة الشروط والضوابط التي تقود إلى الحوار الهادف، وتصرف عن الحوار العبث الهدام المتشنجش الملي باللجج والخصام. ويبدو لي أن ملاك ذلك كله يرجع إلى الإخلاص لله تعالى وغمط النفس وكبح حقوقها وجماحها، وما أجمل ما أثر عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله- : (والله ما حاورت أحداً إلا وسألت الله أن يجري الحق على لسانه) فما هذا التجرد الخالص من هذا الإمام العظيم- وفي ذلك فليتنافس المتنافسون-أكرر شكري وتقديري لك أخانا المبجل. |
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
شكرا لك على النقل وحسن الإختيار ......موفق ان شاء الله.
|
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
الحوار الهادف مبتغانا مشكوووووووووووووووووووووووور على التوضيح
|
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
م الإدريسي، قرأت واستفدت وتبين لي الفرق الشاسع بين ماذكرت ومحاوري زماننا، وفقكم الله ونفع بكم الإسلام والمسلمين. |
رد: مدخــــــــــــــــــــــــل لا بد منه
قرأت وأستفدت من الحوار الهادف وتبين لنا معن حورنا نرجو منك المزيد والمعلوم
|
الساعة الآن 03:19 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir