ترجمة الشيخ محمد البشير والد الشيخين سَلَهُ وأمَّتَّالْ :
ترجمة الشيخ محمد البشير والد الشيخين سَلَهُ وأمَّتَّالْ :
هو شيخ الشيوخ في وقته وقاضي القضاة في وقته وأبوا القضاة المشهورين الذين لم يزل العلم متسلسلا فيهم يأخذه الأصاغر عن الأكابر ولا يرحلون بأي جهة في طلبه وقد كان بينه وبين معاصريه من أجدادنا علاقات وعهود ومبادلة التعظيم والاحترام يبجلونه لما نال من عزة العلم والعمل وعزة النسب الأنصاري الذي ينتسب إليه فكان يرى بر أسلافنا الدغوغيين من أقرب القربى إلى الله ورسوله تمسكا بقوله تعالى { قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } وما ورد من الأحاديث الآمرة ببر أهل البيت وتعظيمهم وله في ذلك قصص مشهورة ورثها عنه أولاده من بعده من ذلك أن بعض المنتمين إلى البيت العلوي أراد أن يوصيه ببنيه فقال له الشيخ لا قدرة لي على أن يكون الشريف تحت حجري بل أنا تحتهم في كل شيء ، ومثل ذلك من تعظيم أهل البيت الذي ينقل عنه كثير ومن ذلك أن جدنا محمد أحمد المعروف باسم هَمَّهَمَّ وإخوته إذا أتوا إلى مجلس درسه بدأ بحاجتهم من التعليم حتى يفرغ منها ثم يقبل على من سواهم ، ومنها أنه لا يؤم أحدا منهم ويقول قدموا قريشا ولا تقدموها . وأما أسلافنا فيعترفون له أيضا بما حاز من الفضائل وعامل أبناءهم أبناءهم بمثل ذلك ويرون محبته أهل ذلك البيت من الإيمان لما ورد من ( أن علامة الإيمان حب الأنصار ) ويقال إن عم أجدادنا تَبَّلَ هو الذي تولى خطة قاضي القضاة أولا من سلطان إكَدَزْ الذي تولى منه كَرِدَنَّ الإمارة على بلاد تَادَمكة وأعمالها فآثر بها الشيخ محمد البشير لشدة محبته له ولما يرى فيه من أهلية القيام بذلك المنصب الجليل ،وقد قام بها أحسن قيام ، ومن قيامه بها ما مر من تفتيشه عمن بعُد عنه من القضاة بعزلهم ويرشد غير المغزول إلى الصواب ، ولا يقدح في ذلك خلاف الرواة فيمن سن سفرة القضاة هل هو أو والده لأنه إن كان والده هو الذي أسسها أولا فلا شك أنه بنى بعد تأسيس أبيه وأن أولاده من بعده شيدوا ذلك البناء . أما آثاره العلمية وأخلاقه المرضية فقد تواترت في البلاد يأخذها الأخلاف عن الأسلاف . وأما العلمية فلم أقف على شيء منها لا نظما ولا نثرا ، وحدثني بعض أصحابي أن له أثرا منظوما ولم يطلعني عليه وكذلك وفاته لم أر من أرخها ولا شك أن ابنه سَلَهُ عاش بعد ألف ومائتين فيشبه أنه عاش في أوائل القرن الثاني عشر . أما ثناء الناس عليه وعلى أهل بيته فكثير ، وممن أثنى عليه من غير أهل بلده شاعر من قبيلة إدَوْعَلِي من قبائل موريتانيا وقفت على قصيدة له في قرطاس بال سقط منه بعض المسطور ومن سواقطه اسم الناظم واسم قبيلته موجود ، وأنشد قصيدة في مدح أعيان السوقيين الذين وفد عليهم فأكرموه وقال في محمد البشير ما لفظه مشيرا إلى ناقته : فأعملتها بالسير حتى أنختها ... بباب كريم صادق القول وآف محمد البشير قاضي مهذب ... كثير رماد البيت ضخم الأثافي فقيه نبيه محسن متواضع ... تردى بأخلاق حسان نظاف ومن أحسن ما عبر به عن حالتهم مع أهل بيتنا الدغوغيين من تبادل التعظيم والتبجيل والإكرام قول عالم الشعراء وشاعر العلماء محمود بن محمد الصالح يصف حالهم مع أهل بيته ويستبعد أن يصدر منهم في جانبهم خلاف المألوف وهو : أنصار دين الله لا أعداؤه ... نزهون مأمونون لا غدار هم ما هم هم سادة هم قادة ... سلفت لنا بوصالهم أعصار وجرت مجالس في النصيحة بيننا ... وكرامة وزرناهم أو زاروا متعاقدين على المودة بيننا ... حلفا قديما شاده النجار كنا نقدمهم على أهلية ... فينا بها لجميعهم إقرار إذ لم نزل في كل دور تظهر الـ ... أقمار من أفلاكنا الأقدار مر إلى أن قال : منهم غيوث هاطلات ديمة ... تسقى بها الانجاد والأغوار وأسود بأس في الندى فياضة ... من دأبها التذبيح والتنحار وفتى يفيد ويستفيد فتضبط الـ ... ألفاظ عنه وتؤثر الأخبار ومناظر متبحر ومدرس ... علم البيان فدأبه التفسار وفتى بما يفتى به يفتي ولا ... يقضي بذي ضعف فسل هل جاروا وفتى وجيه أيد تعنو له الـ ... أشرار والدعار والشطار سجد الزمان لما يقول مهابة ... وبرشد ما يأتي له أخبار انتهى الغرض منها وهي كافية في الشهادة بما لهم من المفاخر والمآثر وما كان بيننا وبينهم من الاتصال والتواد في الماضي والحاضر . *** من كتاب الجوهر الثمين لشيخنا العلامة الشيخ / العاتيق ابن سعد الدين الأدريسي السوقي حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية ونفعنا بعلمه . |
الساعة الآن 04:05 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir