منتديات مدينة السوق

منتديات مدينة السوق (http://alsoque.com/vb/index.php)
-   المنتدى الأدبي (http://alsoque.com/vb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   أرى الناس خلان الكريم ولا أرى****بخيلا له في العالمين خليل (http://alsoque.com/vb/showthread.php?t=245)

ابن الزهراء 04-25-2009 11:40 PM

أرى الناس خلان الكريم ولا أرى****بخيلا له في العالمين خليل
 
بسم الله الرحمن الر حيم
مقـامَــــة الـبخــلاء
(وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ )
إني نزلت بكذابين ضيفهم****عن القرى وعن الترحال مردود
جود الرجال من الأيدي وجودهموا****من اللسان فلا كانوا ولا الجود


البخيل نذل ، والبخل خلق رذل ، وحسبك أن الرسول، استعاذ من البخل ، وليت البخيل إذا علا مات ، لأن له على بخله علامات ، فمنها أن يفقد الصواب ، إذا طُرق الباب ، ويُكثر السباب ، عند رؤية الأجناب ، وإذا رأى الضيف ضاق صدره ، والتبس عليه أمره ، فتعلوه قشعريرة ، ويقع في حيرة ، ومنها أن يكثر الأعذار ، ليخرج نفسه من هذه الأخطار ، وإذا قام بضيافة ، نوّه بها وهوّ لها كأنه تولى الخلافة .
يذم الأجواد ، ويمدح الاقتصاد ، يتفجع إذا رأى طعامه يغرف من القدر ، تفجع الخنساء على أخيها صخر ، أوصى بخيل ولده ، وقد قطع بالإنفاق كبده ، فقال يا بني ما هذا الإسراف ، يا أيها المتلاف ، أما تخشى أما تخاف ، ما تؤثر فيك النصائح ، ولا تخاف الفضائح ، أين من كان يقتصد ، ويحفظ ماله ويجتهد ، كان أحدهم رحمه الله يضع ماله في صُره ، لِئلا يؤخذ على غِرّة ، ثم يُخرج الصرّة ، في كل سنة مرّة ، فيقرَأُ عليها المعوذات ، وأعوذ بكلمات الله التامات ، كان الرغيف يسد رمقه من الصباح إلى الليل ، لأنه يعلم أن الدهر أبو الويل ، فخلف من بعدهم خلف ، فيهم كل مسرف جلف ، يأكل في اليوم ثلاث وجبات ، ولا يتفكر في مصارع الأموات ، ليرتدع من هذه الزلات.
أما أخبار البخلاء ، فقد جمعها بعض الأدباء .
فمنها أن بخيلاً دخل بيته ونسي أن يغلق الباب ، فدخل على إثره فقير ممزق الثياب، فناوله البخيل قطعة خبزة ، ثم أخذ حبلاً وربطه وحزّة ، وقال والله لا أتركك تخيف مسلماً هذه الليلة ، أو تروع مؤمناً بكل حيلة .
وقدّم بخيل الطعام لضيوفه ، ثم جلس مهموماً محسورا ، وقال : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا ، وطرق فقير باب بخيل ، وقد أظلم الليل ، فلم يفتح البخيل بابه ، ولم يرفع حجابه ، فصاح الفقير بصوت كسير : أين من كانوا يفرحون إذا رأوا أضيافا ، فرد البخيل بقوله : ماتوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا .
وأعطى أحد الوزراء بخيلاً مائة ألف دينار ، حتى أصبح بها من الأغنياء الكبار ، فقال له جيرانه ، هنيئاً لك المبلغ الكبير ، فقال : والله ما هو بكثير ، وعندي زوجة وطفل صغير ، فإذا أراد أن يخرج منها دينارا ، قبَّله مرارا ، وقال : بأبي أنت وأمِّي ، ما أطيبك حيّا ، وما أطيبك ميتا .
وقال فقير لبخيل أعطني درهماً فقط ، فقال هذا غلط ، وجور وشطط ، لأن الدرهم مع الدرهم ، مائة درهم ، ثم يزيد إلى ألف ، ثم إلى مائة ألف ، فتريد أن تهدم مالي ، وتجوع عيالي بسؤالي ، وافرض أنني أعطيت درهما ، فلن ألبث حتى أصير مثلك معدما ، فأنت تريد أن تغشنا فارحل عنا ، ومن غشّنا فليس مِنّا .
ودخل رجل أكول على بخيل فقدم له غداءه ، وجلس حذاءه ، وقال له يوصيه ، اجعل ثلث بطنك للغذاء ، وثلثاً للماء ، وثلثاً للهواء ، قال الأكول : بل كلها للطعام ، يا سيد الكرام ، لأن الماء سوف ينش ، والهواء سوف يفش ، فقال البخيل : أنا منذر محذر ، ومن أنذر فقد أعذر .
واعلم أن البخيل كثير الأعذار ، دائم الإنذار ، فإن جئته مبكراً قال : مالك تقدمت، وإن أبطأت قليلاً قال : هداك الله تأخرت ، إذا حل به ضيف نسي الترحيب ، وقال : هذا يوم عصيب ، وإن طرق بيته طارق ، رآه كأنه سارق ، وإذا دخل عليه الضيف قلل الكلام ، وأكثر على أهله السب والخصام ، ولا يسأل الضيف عن أخباره ، بل تراه كثير القيام والقعود بداره ، وتراه لا يترك في البيت صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فهو يعرف ما له علاقة بالنفقة قد ضبطها ووعاها ، إذا نقص دينه ذكر المعاذير ، وأن الإنسان لا يسلم من التقصير ، فإذا أراد أحد التعرض لشيء من ماله ، أنكر بقلبه ويده ولسانِه ، وأظهر الحمية والأخذ بالثأر ولو من إخوانه ، قد هيأ العذر لكل حاجه ، وإلاّ لَمْ يَجِدْ استعمل الغضب واللجاجة ، فإن أتاه طالب ، ووفد إليه راغب ، قال الحقوق كثيره ، والحاجات كبيرة ، ويعيد عليك متن خير الناس ، من لا يحتاج إلى الناس ، وأفضلهم من كف عنه الباس .
ومن وصايا البخيل : عليكم يا إخوان بحفظ المال ، فإنه لا يعلم أحد بتغير الأحوال، والدنيا من حال إلى حال ، ولن ينفعك إلا مالك ، ولن يقف معك أعمامك وأخوالك ، واذكروا يا إخوان تقلب الزمان ، وقلة الأعوان ، فرحم الله من أمسك ديناره، وأغلق داره، ولم تخدعه الدنيا الغراره ، فعليكم بالاقتصاد ، فإنه مذهب الأجواد ، فقد أدركنا أقواماً من الصالحين ، كانوا يكيلون الطحين ، ويقتصدون حتى في شرب الماء، لِئلا تذهب أقوالهم هباء ، ومنهم من كان يفترش التراب ، وينام على الأخشاب ، ومنهم من كان يكتفي بوجبة ، في اليوم واحدة ، ليغيظ بجمع المال حاسده ، ثم يقول : وقد أدركت قوماً من الأولياء ، ينامون بلا عشاء ، ويكتفون بالفطور عن الغداء ،وكان أحدهم إذا حدثته نفسُه الأمارة بالسُّوء بشراء طعام ، لامها أشد الملام ، وخطمها عن شهواتها بخطام ، وزمّها عن رغباتها بزمام ، ولقد أدركت عبداً من الأبرار ، وولياً من الأخيار ، حدثته نفسه الأمارة ، بشراء خيارة ، فرجع على نفسه بالتوبيخ ، وأقسم لها لن يعطيها هواها ولو أرادت قطعة من البطيخ ، لأن القوم لما صحت منهم العقول ، تركوا الفضول ، وحفظوا أموالهم من كل مسرف جهول ، ولقد أدركنا مريم العابدة ، المقتصدة الزاهدة ، وكانت تبيع الفصفص ، ولها في ذلك علم وتخصص ، فإذا اجتمع لها ريال ، وضعتها وراء الأقفال ، وأقسمت بالله لا يزال حتى تزول الجبال ، وكانت رحمها الله ، إذا ظمأ الحمار ، ابطأت عليه بالماء ولو كان الماء في الدار ، لتعوّده التحمل والاصطبار ، وكانت تأخذ النخالة من الشعير ، فتجعلها كالخبز الفطير ، وكانت تمشي بين القرى ، تجمع قطع الفرى، وكلما وجدت عوداً أخذته ، وإذا مرت بحب جمعته ، فلا يأتي المساء ، إلا وقد أدركها الإعياء ، لكن يهون التعب ، ويذهب النصب ، إذا تذكرت صروف الأيام ، وطول الأعوام ، قال : وقد أدركت شيخاً كبيرا ، كان بالأيام بصيرا ، بقي عليه ثوبه عشرين عاما ، حتى أصبح الثوب ألواناً وأقساما ، فكلما انخرق الثوب خاطه برقعة، حتى صار مائة بقعة ، ثم جاء قوم من المبذرين ، لا يحبّون المنذرين ، يفني أحدهم ثوباً كل عام ، ولا يخاف العذاب والملام ، قال : ولقد أدركت حامد المقتصد ، وكان في حفظ المال يجتهد ، بقيت معه حذاؤه عشر سنوات ، وكان يمشي حافياً في الفلوات ، وربما حمل حذاءه بيده الكريمة ، خوفاً من العواقب الوخيمة ، فإذا نام جعلها تحت رأسه ، حرصاً عليها من غدر السارق وبأسه ، فانظر حرصهم رحمهم الله على حفظ المال ، وعدم اغترارهم بلوم الرجال ، فأين حالنا من حالهم ، ولذلك لا يقارن مالنا بمالهم ، ثم بكى حتى كادت أضلاعه تختلف ، وأخذ يقول ما أحسن أخبار من سلف، وما أكثر إسراف هؤلاء الخلف .


تحياتي إلى المشرفين على قسم الأدب، وإلى المشاركين في قسم الأدب. أرجو أن تكون هذه المشاركة قد نالت إعجابكم، فقد أردت تسليتكم بها لا غير. وسأبذل جهدي بإذن الله أن تكون مشاركاتي طيبة يسر بها المنتدى. مع تحياتي الخاصة لأستاذي القدير: الشريف الأدرعي الجلالي أرجو أن يتقبلها بحب صادق، وصدر واسع.
مع تحيات: ابن الزهراء
أحمد عبد الله موسى

السوقي الخرجي 04-26-2009 12:51 PM

أحسنت الاختيار
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مشاركة جميلة واختيار رائع يابن الزهراء

الشريف الأدرعي 04-26-2009 01:02 PM

زهراء بنت ابن الزهراء
 
والله ياحبيبي أحمد لأنا في نشوة عاطفية طبيعية لا خيالية لما قرات ورأيت حسن اختيارك ، فإن أقل لك أحسنت فما أضفت جديدا لأنك أحسنت قبل قراءتي لإحسانك
فما ذا أقول لك ؟ أقول لك تقدم إلى الأمام ونحن معك ،
حبيبي أحمد كم أنا سعيد بمشاركاتك القيمة
وأنا أقول لك قول الشاعر
كن كيف شئت فما لي عنك من بدل ***أنت الزلال لقلبي وهو ظمئان
وهنيئا لي بتميزكم وتفوقكم وللسوقيين عموما

ابوهاشم11 08-29-2010 04:51 AM

رد: أرى الناس خلان الكريم ولا أرى****بخيلا له في العالمين خليل
 
فقط للتصحيح
ولو أن المعنى يؤدي الغرض ...
أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى ـــــــــ بخيلا له في العالمين خليل

ودمتم في سلام

أبوراضي السوقي 08-29-2010 05:55 AM

رد: أرى الناس خلان الكريم ولا أرى****بخيلا له في العالمين خليل
 
أهلا وسهلا بالحبيب الغالي وأفيدك بأن من المتصفحين في المنتدى من أضعف غياب الأحبة مثلك أنظارهم حبذا لوكبرت الخط في الزيارات القادمة ولكم تحياتي المرفقة بتهنآتي بهذا الشهر الفضيل ودمتم موفقين

أداس السوقي 08-29-2010 07:22 PM

رد: أرى الناس خلان الكريم ولا أرى****بخيلا له في العالمين خليل
 
تحياتي الحارة لك يا ابن الزهراء ، وإن كانت متأخرة.
والشكر جزيل لمن أظهر المشاركة، واسمحوا لي فقد كبرت الخط قليلا
.


الساعة الآن 09:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010